يكذب الكذبة ويريدني شاهدًا عليها!!!

تاريخ النشر: 23/07/15 | 8:39

نستمع إلى هذا أو ذاك وهو “يؤلف” أحداثًا وبطولات وأقوالاً قالها، وأفعالاً فعلها، وكلها من زخرف فيها ومن كذب، يتخرص في أحاديث ملفقة “ليست بذات نبع ولا غرَب”، وأنت مضطر أن تستمع إليه، وتهز رأسك، وقد لا تجرؤ أن تشيح برأسك، أو تترك مجلسك، فإذا بقيت مستمعًا فصبر جميل والله المستعان!
ولكن البلاء هو أنه يستشهد بك أي يجعلك شاهدًا عدلاً!!
..
تحاول أن تنبهه بأسلوب لطيف أنه قد “زادها” حتى يتدارك ويهذب ادعاءه، لكنه يمضي على نهجه، وإذا كان هذا ذا سطوة فربما تتلقى منه إهانة لأنك تبدي بعض الحركات غير المتساوقة المسايرة.

..
يمضي صاحبنا في كذبته فيصدقها لكثرة ما كررها، ويكون شأنه شأن جحا الذي كذب على الأطفال في أن هناك عرسًا يقيم الولائم، وأن هناك دعوة مفتوحة، فما كان من الأطفال إلا أن أسرعوا نحو هذه الولائم الموعودة، فلما تأخر الأطفال عن العودة راح جحا يعدو نحو العرس الموهوم، قائلاً في نفسه “ربما كان الأمر صحيحًا، فمن يدريني؟”.

.. الكذب يستلزم جرأة ممزوجة بالقِحة والخِسّة، ولا يمكن أن يقوم به رجل كريم النفس أو شجاع أصيل، فإباؤه يحول بينه وبين ذاك، وصدق القول المأثور:
“اثنان لا يجتمعان- الكذب والمروءة”.

يمضي الكذوب في ادعاءاته و”إنجازاته” وصولاته وجولاته، سواء في الحياة الاجتماعية أو السياسية، على الدين، وفي التحصيل العلمي، بل في الحياة اليومية، وكأن الكذب أصبح عمودها الفقري.
ينسى أو يتناسى الكذاب الأشِـر أن حبل الكذب قصير، وأن كثيرًا من مستمعيه يعرفونه، فإذا سألت أحدهم:
“كيف عرفت أنها كذبة؟
قال: من عظمها”
..
لكن سرعان ما يهوي الكاذب، ويقع فيما يكشفه ويعرّي كذبته، ويصدق فيه قول أكثم بن صيفي “الصدق منجاة، والكذب مهواة”.
في هذا السياق يقول شاعر:
بالصدق ينجو الفتى من كل معضلة ******* والكذب يزري بأقوام وإن سادوا
….

يقول الشريف العقيلي:
لا يكذب المرء إلا من مهانته *** أو عادة السوء أو من قلة الأدب
فليختر الكاذب سببًا واحدًا منها ليبرر بهتانه!
وصدق رسول الله في تحديد آية المنافق، فجعل إحداها: “وإذا حدّث كذب”، لكن اللفظين الآخرين- “خان، و”أخلف” يصبان في مجرى الكذب.

….

ملاحظة استثنائية: أجيز “الكذب” في أمور منها ما يهدف إلى الصلح بين الناس وإلى التوفيق بين الأزواج، كما ورد في حديث أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ وَيَقُولُ خَيْرًا وَيَنْمِي خَيْرًا) رواه مسلم.

إذا أحببت أن تسجل كذبة كاذب فدوّنها لنفيد منها.

ب. فاروق مواسي

faroq

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة