وقفة تحليلية مع قصيدة " الشاعر احمد فوزي".. "الذي لم يعد…."

تاريخ النشر: 18/02/13 | 5:50

قصيدة نثرية للشاعر احمد فوزي ..جديدة في ثوبها اللغوي ..بسسيطه اللغه والفردات بغير ما عودنا عليه احمد…بلا نصوص وتعابير قرآنية..لكنها قصيده خارقه بقوتها صاروخيه بسرعة انفعالها .ذرية بكم الطاقة النفسسية الكامنة فيها…انها جبل من الذكريات المحشوة بقوه ،بفعل واقع اضطراري سرقه لفترة ليكون في المكان الارقى تقنيا..لكنه الادنى سياسيا واخلاقيا….

تجتمع فيه شحنات الذاكره المولودة في رحم الشيزوفرينيا الرباعية…رباعية لان الطفل اليافع الشاب المراهق…احمد..لظروف ما انخرط في الجو التل- ابيبي..الأسرائيلي..العبري…كباحث عن لقمه عيش كريمة..وهو في صميمه عامري (نسبه لمرج ابن عامر)..المزاج – سالمي العجين- زلفاوي الخلق-فحماوي الاصالة…فلسطيني حتى النخاع…عروبي اللغة والمزاج…فرقص بين الهويات الأربع…الفلسطيني والاسرائيلي…العربي واليهودي…التل- ابيبي..والعامري..في داخله اخلاق الفتى العربي الشرقي المحافظ واما عينيه آخر صرعات الثور ه الجنسية التي غمرت تل ابيب وشوارعها من ديزنغوف وبن يهودا واللنبي الى طرومبلدور والمحطة المركزيه القديمة….وكشاب يتمتع بثقافة راقيه كان لا بد له من التماس مع انتاج الثقافة الإسرائيلية المشوه..من روك وبوب مطربيها والتماس ومع ما تعرضه دور السينما….

القصيده حاله نفسيه حادة حين يخاطب بها احمد العائد لقريته بعد "صحوه"..احمد التل- أبيبي…لتاخذ الشيزوفرينيا الأبداعيه التفاعلية مستواها الرابع…

انه الصراع المزمن بين الحالات…أحمد العائد وأحمد التل -ابيبي…..الفلسطيني والإسرائيلي..القروي والمدني المحافظ والمتدمن…الحامل لحشوه تفجيريه من الذاكرة المتراكمة لسلوكيات الفرد في المدينة العصرية…شعر طويل و"شورط "عصري…وكبكاب عصري..سينما واغاني..فلافل وغازوز..وعيون لا تختفي من امامها النساء…وكيف له ان لا يتعايش الحالة…ان حاصر نفسه ازداد وجع روحه..وان افرط ،جلده ضميرة وازداد شعوره بالذنب..فيكون التوتر ما بين الصراعات افضل حاله ليحافظ على توازنه حتى يحصل على لقمه عيشه…فكان لا بد من الصراع ان يتفجر…ان تستمتع باغاني شلوم ارتسي هذا لا يعني ان تقبل ان تسمع اسما عربيا لجروه الجاره ايريت..ففكر في الأنتقام من عنصرية ايريت بالتخيل ان يتخلص من الجروة….وكيف له ان لا يتمتع باكلة الفلافل الفلسطيني المسروق بيدي طباخ عراقي اتقن سرقه وصفه الفلافل والمناقيش الزعترية ليصنع منها اموالا……وكيف له ان لا ينتقم منه بطريقته..ان يحشوا اقراص الفلافل في رغيفه بعد ان يبتلع "اطنان " من السلطات المجانية المنوعة من اعشاب وخضار ارضنا الفلسطينيه المسروقه…..تعويضا عن ما سرقوه منه….وكيف له ان يتسال كيف ولما احترقت سينما موغربي الشهيرة…ام بيوت السينما في الشرق الاوسط…خصوصا ان مقابلها ارتكنت سينما زامير بعرض الصور الدعائيه لأفلامها الخليعة تهاجمك في عينيك رغما عن غض الطرف فتدخل ذاكرتك الشابه المشتعلة….ويعود…لقريته..ليسال عن حبيبته التي تنظره فيتزوجها…وهو يعلم ان من انظرنه عريسا تعبن الانتظار فتزوجن….وما غير الارض التي تركها له جده الا ان تصبح عنوانا لروحه ومستقبله ليستردها من نسيان "احمد التل –أبيبي " لها….متابعه الحاله ولو بقانون القصور الذاتي قائمه هنا بحده ..فرغم البعد الجغرافي يعلم احمد العائد ان ثكنه العراقي الحرامي تحولت لزجاجه فدوكا كبيره تروي سكارى تل ابيب في حانه ماكسيم في المحطة القديمة…انها متابعه تراكم الحدث في مكان ترك فيك اثر..هوو لك شرعيا لكن قانونيا لا صله لك به…انها حده التوتر والاغتراب القاتلين.

الحوار المتوتر بين الشخصيتين يصل لقمته ليس صدفه…ففي تل ابيب العاهرة وبرغم ثقل الحاله الاضطرارية للتعايش معها تبقى يافا بلدا يرد الروح ويعيد احمد الى اصالته….فطبيعي ان تكون الصرخة الأخيره بين الأحمدين…."الا زلت تعشق يافا.." انها حاله تاكيد لما هو مؤكد حرصا عليه….حرصا على اغلى ما يمكن ان تحفظه الذاكرة الانسانية الفلسطينية الفردية والجماعية رغم اعاصير الثورات التقنيه والجنسية والحربية وكل محاولات مسح الذاكره والشخصية الفلسطينيه…انها تحسس لماده الوعي السياسي ألانتمائي…تحسسها بالسؤال الأخير في قصيدته…كما يتحسس اب ابنه الرضيع في نومه الهادي….

فتبقى يافا ببرتقالها وأحيائها وناسها السؤال الأقوى والمسألة الاكبر…

يافا هي الصمود والعودة..يافا هي الوطن الذي لم يتحول الى حاله تل ابيبية..

انه الوطن الفلسطيني العامري الذين يعيش فينا….

انه احمد العائد….لقريته سالم سالما روحا وجسدا وعقلا وذهنا وقلما وهوية….يافا شيفرة "الانا" وال "نحن " الجماعية…سافا الوطن الباقي….فينا وفي التاريخ رغم الشيزوفرينيا…والجنون….والجنوح والبكاء والنوح….

موقف شامخ اراد ان يقوله لنا الشاعر احمد فوزي..فقاله شعرا بابداع…قصيده متميزه…اعتبرها قمه جديده من قمم الشاعر السامقة.

تعليق واحد

  1. تحليل موفق لقصيدة جيدة.. وقلت رأيي في أكثر من مناسبة بأني أرى بعزيزي أحمد أنه أحد الشعراء الشباب الجيدين، واستشرافي في الأدباء لم يخني بعد. أحمد يتمتع بالكثير من صفات الشعر الحديث والجيد، وسيكون له المكان والمكانة ان شاء الله.. وما زلت عند وعدي ولكن ضيق وقتي وجهدي يحول دون الوفاء بوعدي حاليا.. لأن شعرك لا يستسلم من القراءة الأولى.
    وأما عزيزنا د. زياد عرفتك شاعرا ودكتور جسم وها أنت تطبيب نفس.. ولكن أخاف أن يربطوا القصيدة بإيران والنووي. جزاكما الله كل الخير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة