العلاج بالتخيل
تاريخ النشر: 18/05/15 | 18:58كثير من الناس لديهم قابلية أو قدرة على التخيل وخلق صور معينة في مخيلتهم. والتخيل بشكل عام عبارة عن عملية عقلية مقصودة، تقتصر على الإنسان، تتدفق فيها موجات من الأفكار التي يمكن للإنسان رؤيتها أو سماعها أو استشعارها أو تذوقها، أو تكون مجرد أفكار معينة، وهو بطبيعة الحال تعبير داخلي عن التجارب والخبرات أو الأوهام، ومن ثم يمكن فهمه على أنه أحد الأساليب التي يقوم من خلالها المخ البشري بتشفير وتخزين المعلومات وترتيبها والتعبير عنها، كما أن التخيل لغة راقية للعواطف و»الأنا» الأكثر عمقاً، حيث يسمح التخيل البصري أو التصور، للخيال بالانطلاق وامتلاك مساحات أوسع وأرحب للأمور، بينما تركز الحواس على خلق الحالة المرغوبة من الاسترخاء داخل العقل وهو ما يعرف «بإعادة البرمجة العصبية»، ومن ثم تتأتي فكرة العلاج بالتخيل.
إن التصور، هو اللغة الأساس بدواخلنا، ويرى المعالجون بهذه الوسيلة العلاجية أنها تعمل على تنمية القدرة على التخيل في اتجاه التخلص من الأمراض والآلام، فالتخيل هو اللغة التي يستخدمها العقل ليتصل بالجسد، وهو اللغة الأكثر أصولية التي نمتلكها، فإن سألت أي شخص عن أول ذكرى له عن والديه فلن تكون في شكل محادثة، بل مجرد صور تخيلية، فنحن على الأرجح نتذكر صوراً وليس كلمات، والتخيل عبارة عن تدفق موجات من الأفكار التي يمكنك رؤيتها أو سماعها أو استشعارها أو تذوقها فنحن نتفاعل عقلياً مع كل شيء عبر الصور، والصور ليست فقط بصرية، ولكنها قد تكون رائحة أو ملمسا أو «مذاقاً» أو «صوتاً»، بل هي تعبير داخلي عن تجارب الإنسان وخبراته وأوهامه ومخاوفه، إنه أحد الأساليب التي يقوم من خلالها المخ بتشفير وتخزين المعلومات والتعبير عنها، وهو الأداة التي تتفاعل بها عقولنا مع أجسادنا.
والشخص العادي تعبر ذهنه قرابة عشرة آلاف فكرة في شكل صور يومياً، ونصف هذه الصور على الأقل ذات طابع سلبي! كما يتأثر العقل والجسد بالصور والتخيل تأثراً كبيراً، فالتخيل هو الصلة البيولوجية بين العقل والجسد، وكما أن وجود صورة خيالية قوية لأحد الأمراض هو أمر كافٍ للتسبب في ظهور أعراضه، فإن تحفيز الصور الخيالية للشفاء يتسبب بالفعل في الشفاء، فقوة الخيال تعد عاملاً عظيماً في الطب لا يمكن إنكاره، إذ قد تسبب الأمراض وقد تشفي منها، لكن كيف يتم ذلك؟
تقوم فكرة العلاج بالتصور على إعادة برمجة العقل الباطن كي يجلب الراحة والشفاء بدلاً من الخوف والقلق، وكل ما على المريض فعله هو أن يستحضر صوراً ذهنية تعزز فكرة الشفاء وتغذي الشعور بالاطمئنان عوضاً عن صور الخوف والقلق التي تثبط من عملية الشفاء، فالعقل الباطن يعمل «تحت الطلب»، إذ يستجيب للرسالة التي تصدر من الإنسان، فإذا آمنت بقدرتك على الشفاء والتغير للأفضل وأتقنت فن صناعة الصور الذهنية الإيجابية، فإن العقل الباطن يستقبل هذه الرسالة ويقوم باتخاذ إجراءاته لتحقيق هذه الآمال بدلاً من قتلها بمزيد من القلق واليأس! لأن المشاعر تتبع الأفكار، فإذا انشغل الذهن بالمرض والخوف والقلق فلن يتبع ذلك إلا الاكتئاب والتعاسة، والعكس صحيح، وكلما كانت الصورة مليئة بالعواطف والأحاسيس كانت أكثر تأثيراً في صفاء النفس وعلاج اضطرابات الجسد».
إذا أمكن للشخص أن يستبدل بالصور السلبية التي تضعه في حالة تأهب غير ضروري وغير مفيد صورة أخرى إيجابية، كما في لحظة استرخاء على شاطئ البحر أو صورة له وهو يلعب مع أطفاله فإن هذه الصورة الإيجابية بدلاً من أن تطلق الأدرينالين في الجسم تطلق المهدئات الطبيعية التي تجعل التنفس يهدأ والقلب يتمهَّل والتوتر ينخفض والجهاز المناعي يقوى وينشط، فالصور تكون في جزء من المخ يدعى «الجهاز الحوفي»، وهو جزء مختص بالعواطف والانفعالات والإحساس بالألم أو البهجة، ولكن إدراك الصورة المتكونة يتم في المستوى الأعلى من المخ ويعرف بالقشرة، وهو الجزء المختص بالذاكرة والتفسير والتبرير وبدونه تظل الصورة بلا معنى».
ثمة دليل قاطع على أن استخدام التخيل يمكن بطريقة مثيرة أن يحسن نوعية الحياة، وفي بعض الحالات أن يطيل التوقعات العمرية»، فمرضى السرطان، على سبيل المثال الذين استخدموا التخيل أثناء تلقيهم العلاج الكيميائي شعروا بأنهم صاروا أكثر استرخاء، وأكثر استعداداً للعلاج وأكثر إيجابية فيما يتعلَّق برعايتهم من أولئك الذين لم يستخدموا هذه التقنية، وتوحي دراسات متعددة بأن التخيل يمكن أيضا أن يعزز قذرة الجهاز المناعي.
ويبقى أن نؤكد أن هذه الطريقة العلاجية كغيرها من طرق الطب البديل لا يمكن تعميمها على جميع المرضى، إذ تناسب بعض المرضى ولا تناسب غيرهم، كما تختلف استجابة كل إنسان عن غيره؛ فليس من الممكن معالجة جميع الحالات المرضية بواسطة التصوير الذهني، لكن يمكن أن يساعد التصوير الخلاق والاسترخاء في تعزيز خطة العلاج».
إلى أن هُناك أربعة عناصر للتخيل البصري، من شأنها أن تحفز العقل اللاواعي
وهي الحيوية، والاستمرار، والحدة، والتكرار فالحيوية، تعني مدى الوضوح الذي يمكن للإنسان أن يرى بها هدفه
والاستمرار، يشير إلى طول الفترة التي يمكن من خلالها الاحتفاظ بالصورة الذهنية، وكلما كانت أطول كلما تُعمِّق برمجة هذا الهدف داخل العقل اللاواعي.
والحدة، تشير إلى مقدار العاطفة والانفعال الذي يمكن مزجه بالصور العقلية، فكلما زادت الرغبة بالحصول على الهدف كلما سارع العقل اللاواعي بالعمل لصالح الإنسان.
أما التكرار، فيشير إلى مدى تكرار التخيل البصري للهدف، فحينما يرغب الإنسان في أمر ما فإنه تفكر بشأنه طيلة الوقت، وكلما تكرر تخيل الهدف وكأنه قد تحقق بالفعل كلما تحسن بذلك أداء العقل اللاواعي، وسارعت بجذب الهدف إلى حياة الإنسان».
مِنْ شَرَائِطِ الْمُرُوءَةِ :
أَنْ يَتَعَفَّفَ عَنْ الْحَرَامِ، وَيَتَصَلَّفَ عَنْ الْآثَامِ، وَيُنْصِفَ فِي الْحِكَمِ، وَيَكُفَّ عَنْ الظُّلْمِ، وَلا يَطْمَعَ فِيمَا لا يَسْتَحِقُّ، وَلا يَسْتَطِيلَ عَلَى مَنْ لا يَسْتَرِقُّ، وَلا يُعِينَ قَوِيًّا عَلَى ضَعِيفٍ، وَلا يُؤْثِرَ دَنِيًّا عَلَى شَرِيفٍ، وَلا يُسِرَّ مَا يَعْقُبُهُ الْوِزْرُ وَالْإِثْمُ، وَلا يَفْعَلَ مَا يُقَبِّحُ الذِّكْرَ وَالِاسْمَ.