الاسترخاء هو أفضل علاج للضغوط النفسية…
تاريخ النشر: 19/03/11 | 2:05نعيش اليوم تحت وطأة كم هائل من الضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية والعائلية والمهنية. فهي تلاحقنا في كل مكان، في البيت، في العمل، في الشارع، في المدرسة، في الامتحانات، في البنك، في المستشفى، في الحافلة في القطار، في الطائرة، وفي مختلف مناحي الحياة الأخرى
وفي شكل عام يمكن القول إن هناك نوعين من الضغوط: داخلية، أي تنشأ من داخل الشخص نفسه، وخارجية مصدرها من خارج الجسم. والضغوط، على مختلف أشكالها وألوانها، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأحداث التي نتعرض لها يومياً, والضغوط، سواء كانت خارجية أم داخلية، عبارة عن مثيرات نرد عليها بردود فعل مختلفة، وفقاً لنوعية هذه الضغوط وكميتها وشدّتها من جهة، وطبيعة الشخص من جهة أخرى. وردود الفعل قد تكون إرادية (مثل إغلاق النوافذ عند الشعور بالبرد)، أو لا إرادية (مثل احمرار الوجه عند مواجهة موقف حرج)، أو عضوية، أو نفسية. وإذا تراكمت الضغوط الداخلية مع الخارجية على رأس أحد فكان الله في عونه.
لكن هل من علامات تشير إلى هذه الضغوط؟
إن الضغوط تبعث في البداية بإشارات، أو في شكل أدق بإنذارات قد تكون عرضية تمر مرور الكرام، أو قد تلازم صاحبها لفترة طويلة فتفضي في النهاية إلى حالات مرضية، ومن هذه الإنذارات:
– اضطرابات في الجهاز القلبي الدوراني.
– اضطرابات في الجهاز التنفسي.
– اضطرابات في جهاز الهضم.
– اضطرابات عصبية ونفسية مثل الغضب لأسباب تافهة والكآبة والقلق والشك من دون مبرر.
– الفهم الخاطئ للآخرين.
– التعب السريع من دون سبب واضح.
– الشد العضلي المستمر.
– تصلب النقرة، وآلام في الظهر.
– الإصابة بالأمراض.
– التعرض للحوادث.
إن الضغوط تؤدي الى قلاقل قد لا يسلم منها أي عضو من أعضاء الجسم، وتولد مواقف صعبة ومجهدة للجميع من دون استثناء، وإذا ترك لها الحبل على غاربه، فإنها تزرع فساداً في النفوس وفي الصحة، لذلك يجب العمل على تصريفها بالتي هي أحسن والأفضل قبل حلولها، وبهذا نستطيع إعادة التوازنات الضرورية إلى الجسم.
ويـعـتبر الاسترخاء خير مـعـين لتـفـادي الـضـغـوط، وتحاشي نتائجها. إن الاسترخاء يعمل على تنمية قوة التحكم بالذات ويعجّل برحيل التوترات النفسية والانفعالية، ويؤدي إلى حدوث نوع من التوازن الانفعالي والعاطفي في العقل والجسم. ويمكن الحصول على الاسترخاء عبر الوسائل الآتية:
– التأمل. وهو يعتبر من أنجح الوسائل التي تخفف من عبء الضغوط وتعزز الصحة الجسدية والنفسية، فهو يساهم في تهدئة الأفكار الداخلية، وفي إبعاد مشاعر العجز واليأس والعزلة وفي جلب الراحة النفسية والطمأنينة، وفي إرخاء العضلات، وزيادة الوعي وصفاء الذهن، وتحسين المزاج، وترتيب الأفكار وتسلسل الأولويات، وفي علاج الأرق، وفهم ماهية العلاقة العميقة مع الآخرين، خصوصاً تلك المتعلقة بالحياة اليومية. والتأمل يحسّن من سريان الدم في دهاليز المخ، ويحد من طرح كميات فائضة من هورمونات الغضب التي تقف وراء زيادة ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم. كما يساعد التأمل في إدارة الآلام المزمنة وفي عملية التكيف معها.
كيف يتم التأمل؟
يتم التأمل بأشكال عدة أبسطها استدعاء مشهد مشرق إلى الذاكرة، بحيث يتم التركيز عليه حصراً وفي شكل كلي وكأنه ماثل أمامنا. ويحتاج التأمل إلى مكان هادئ بعيد من الضوضاء، ومناخ مناسب في حرارة معتدلة وهواء نقي، وحبذا لو مورست تمارين التأمل على وقع الموسيقى الناعمة.
– التنفس العميق. إن الشخص المتوتر الذي يعاني وطأة الضغوط يكون تنفسه سريعاً، وهذا ما يحرمه من كميات لا بأس بها من غاز الأوكسيجين، ويؤدي بالتالي إلى تراكم غاز ثاني أوكسيد الكربون السام في الجسم. إن التنفس العميق يسمح بقلب هذا المعادلة، إذ يعطي الشخص فرصة لملء رئتيه جيداً والحصول على مقادير أوفر من الأوكسيجين، وطرح كميات أعلى من غاز ثاني أوكسيد الكربون.
ويتم تمرين التنفس العميق بالجلوس بإسناد الظهر على الكرسي مع مد اليدين في شكل مستقيم إلى جانبي الجسم، وإرخاء الكتفين إلى الوراء، ومن ثم التنفس بعمق وببطء من خلال الأنف مرات عدة لتعبئة الرئتين جيداً بالهواء.
– التدليك، وهو يعد وسيلة ممتازة للتخفيف أو حتى للتخلص من التشنجات والتوترات من خلال تنـشـيـط الـدورة الدموية وحفز الجسم على الاسترخاء وإشاعة الراحة النفسية، وهناك من يؤكد أن سر فائدة التدليك يكمن في إطلاق عقال مركبات كيماوية مثل السيروتونين والأندورفينات الدماغية المضادة للألم والقلق والاكتئاب. وطبعاً يجب الامتناع عن التدليك في بعض المناطق التي توجد فيها إصابات مثل الدوالي، أو الكسور أو الحروق وغيرها.
– الرياضة البدنية، فهي مفتاح الشباب الدائم، كونها تحرض على ترتيب وظائف أجهزة الجسم لتعمل في تناغم إيجابي يساهم في تخفيف الإجهاد والتوتر، وزرع الهدوء في العقل والجسم من خلال ضبط إيقاعات الجسم ورفع الناحية المعنوية والنفسية. وتعتبر السباحة الأفضل، لأن البقاء في الماء يساعد على استرخاء الجسم والعقل معاً. > ممارسة اليوغا. وهي عبارة عن نظام رياضي مكون من سلسلة من الأوضاع الجسدية المتتابعة التي تمنح الطاقة للجسم وتساعد على استرخاء العقل، وبالتالي تكسب الشخص مزيداً من القوة والليونة والإدراك والنظرة الإيجابية للحياة. وفي المختصر، توفر اليوغا لصاحبها الراحة النفسية وتثير الغبطة الداخلية. وقد أشارت دراسة أميركية حديثة إلى وجود مجموعة من الأدلة العلمية المتزايدة التي تبين أن تمارين الاسترخاء والتأمل والتنفس في اليوغا تدفع إلى الانشراح، وتخفف من حدة القلق والاكتئاب، وتخلق حالة من التوازن الروحي الذي يترك بصمات إيجابية على الصحة.
– الحمام الساخن، فالاستحمام بمياه ساخنة لمدة لا تقل عن خمس دقائق، يعتبر وسيلة جيدة من وسائل الاسترخاء، فهو مهدئ طبيعي يساعد على إرخاء العضلات، وإراحة الأعصاب، وإدخال الطمأنينة إلى النفس. شرط أن تكون حرارة الماء بين 37 و 40 درجة مئوية.
– ترتيب الأشياء. فالقيام ببعض الأفعال مثل ترتيب خزانة الثياب، أو تنظيم سطح المكتب، أو اجتثاث الأعشاب المضرة من الحديقة وغيرها، يمكن أن يساهم في إثارة الشعور بالرضا والحصول على الراحة النفسية المنشودة.
– العناق ولمسات الحنان، فهي تترك آثاراً إيجابية على الصحة، وتساهم في تحرير هورمون الأوكسيتوسين الذي يبعث على الشعور بالأمان.
إن الاسترخاء فن مهم جداً للتحرر من عقال الضغوط التي تلقيها على كاهلنا مشاغل الحياة اليومية، فهو علاج سهل وناجع ومجاني، ولا يحتاج إلى أدوات رياضية خاصة، وفي استطاعة أي شخص أن يقوم به بنفسه، وفي أي وقت، ويكفي ان نخصص له بضع دقائق في اليوم. وتمارين الاسترخاء لا حصر لها، وهي مبتكرة يمكن أي شخص أن يجد الطريقة التي تناسبه ويجد فيها الفائدة المرجوة.