” نبضات ضمير ”

تاريخ النشر: 30/11/14 | 13:20

أيتها الكاتبة الرومانسية النزعة عدلة شداد خشيبون المحترمة !
السّلام عليك !
عندما قرأت مجموعة خواطرك ” نبضات ضمير” عدت بالذاكرة الى اول كتاب قرأته صغيرا وهو كتاب الأجنحة المتكسرة ” حيث التقيت بجبران خليل جبران لأول مرة من على صفحات ذلك الكتاب. وما زالت آخر جملة فيه عالقة في ذهني والتي ينهي فيها قصة حبيبته سلمى كرامي المأساوية بقوله: شدّد يا رب جميح الاجنحة المتكسرة !
من خلال مجموعتك هذه عدت من جديد لأجد سلمى، سلمى اياها التي ظلمها ذلك الشيخ الهرم ومن خلال دموعه المدرارة طلب منها السماح أما مطران جبران فلم يطلب السماح من سلمى لتموت لوحدها ولا يشارك في جنازتها سوى جبران وابنتها وحفار القبور !!!
ايتها العزيزة !
لقد قرأت خواطرك وقصائدك التي تبحثين فيها عن ذاتك فوجدتها تتراءى بين السطور وخلف الكلمات ! وجدتك ايضا تبحثين عن الجمال الحقيقي الكامن في الطبيعة وفي الانسان. وجدتك تعيشين قصة الحزن وغصته مع فاتنة ! ووجدت كلماتك التي تاهت مع حروف ابجديتك فبقيت تحلق في فضاء الروح ولا تهتدي ! في هذا النهج اللغوي الرومانسي الكثير من الجمال، ولكنه نهج أكل الدهر عليه وشرب منذ ايام المهجريين كجبران خليل جبران وميخائيل نعيمة ونسيب عريضة وغيرهم. تذكري ايتها العزيزة ان الجندي الذي يقف في وضع مكانك عد لا يتقدم. فكم بالحري اذا عاد الى الوراء ؟ واذكري ايضا ان الحب الذي لا بتجدد في كل يوم وليلة ينقلب الى نوع من العبادة، والعبادة هي الروتين، والروتين هو عدو التجديد والتجدد ! وشعبنا الذي ما زال معظمه يعيش في عباءات القبائل قد مل الانتظار. ولذلك فنحن معشر الكتاب والأدباء انما نبحث عن كل جديد كي ينبعث شعبنا مثل العنقاء من رماد العصور الوسطى الى العصر الحاضر والى عالم الحداثة اسوة بباقي شعوب الأرض. فانفضي عنك غبار الماضي والبسي الزي الجدبد، زي الحداثة وحتى ما بعد الحداثة وادخلي جنة عدن المتجددة لئلا تترهل كتابتك في عباءات الماضي، خاصة لأنك تملكين ناصية الكلمة الحلوة ! أنا لا أنكر ان الكتابة الرومانسية فيها الكثير من الجمال ولكن لما تقدمت بي السن وتجاوزت مرحلة المراهقة فقد رأيت أن من لا يتجدد انما يعود الى الوراء ونحن لا نريد العودة بل التجدد والتجديد !
الزمن ايتها العزيزة لا يتوقف ولا يعود الى الوراء والكينونة قد تتحول الى جسد يهيم مع هبوب الرياح العاتية، فلا تعيشي ليومك بل لغدك.
هل لديك تساؤلات أخرى غير التعلق بالحياة ومعانقتها عناقا حميميا ليس من اجل ذاتك بل من اجل الآخرين لأنك بعيدة كل البعد عن الانانية وحب الذات. فابحثي عما يكمن بين الكلمات وليكن التفاؤل ديدنك بدلا من تشاؤم المعري وخوف دانتي في فردوسه بل اعتمدي التفاؤل الذي سيحلق معك وبك الى عالم المجهول كي تتأكدي من انك ستصيرين يوما ما تريدين، تتحدين نواميس الطبيعة وقواعدها ! فصراع البقاء هو العمود الفقري في حياتنا ومن لا يكافح من اجل أن يتجدد ليس جديرا بالحياة وانت كما عهدتك انسانة مرهفة الحس، رائعة الظهور، ولديك كل الجدارة بالحياة.
أخيرا اقول لك !
أنت فيما تكتبين تبدين باقة عطر لا بل باقة ورد مضمخة بعبير الجليل وقرنفلة متجسدة في سماء قانا الجليل وكلماتك كالخبز والماء والهواء لجميع الناشئين من كتابنا. وأنا اسكب لك قارورة الشوق الاسطوري كي تطمئن أشجار الزيتون بأنك سوف تعودين اليها ومعك حكايا الأرض البعيدة، تغنين النشيد الجديد لتجدي ذاتك بين احضان القرنفل وميناء القمر. هكذا سوف تحملك الرياح مع أنغام الروح لتجعلك لحنا سماويا بين اناملها فتكللي بعطر الياسمين واستحمي مع اغصان الورد الواقف على حافة الجدول.
لك الحياة !!!

بقلم : د. بطرس دلّة
1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة