مساكنا بين المطرقة والسدان

تاريخ النشر: 25/09/14 | 9:09

نعاني كمجتمع عربي فلسطيني داخل دولة اسرائيل ضائقة خانقة وقاسية في مجال السكن والبناء، وهي القضية التي تشتد قسوة يوما بعد يوم، حيث نعاني قلة التخطيط وشح الاراضي السكنية والزراعية والصناعية وهي الاراضي التي من خلالها يسعى الانسان للعيش بكرامة والمحافظة على مصدر رزق يساعده وأسرته بالوجود والتقدم في الحياة، ولا ننسى الاحكام القاسية التي يتعرض لها مجتمعنا الفلسطيني داخل دولة اسرائيل وهي الاحكام التي تتراوح بين فرض غرامات طائلة وأوامر الهدم وبين عدم السماح لتوسعة المسطحات الهيكلية التي تضمن حق البناء القانوني حسب المفهوم القضائي للدولة، مع انه كانت هنالك قوانين محلية وأحيانا احكام من خلال محكمة العدل العليا الاسرائيلية لحق العرب بالتقدم والمسكن نذكر منها وليس للحصر قانون قعدان والذي سمح لعائلة عربية بالسكن في تجمع سكني يهودي في بلدة كتسيير وهم السكان الذين اعترضوا بكل الوسائل لتسكين العائلة الفلسطينية المذكورة بينهم، علما بأن هنالك ألاف البيوت والمساكن والورش الصناعية والزراعية تقبع الان تحت تهديد اوامر الهدم كما وتوجد تجمعات سكنية عربية وقرى كاملة غير معترف بها من الدولة رغم وجودها قبل قانون التنظيم والبناء الاسرائيلي، ومن هنا نلمس بأن هذه القضية الكبيرة والمعقدة تشغل رأي معظم السكان العرب في حدود الدولة وترهق فكرهم وتضرب مضاجعهم.

ورغم ان الاعلان العالمي والاممي بالاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم، والاعتراف الكامل بأن جميع الناس يولدون أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء، وبالتالي من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم، والمادة الثانية من الاعلان الاممي تؤكد على ان لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا ألإعلان دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء. وفضلا عما تقدم فلن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي لبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلا أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود، والمادة الخامسة والعشرين من الاعلان الاممي تضمن لكل انسان مسكن يعيش بداخله وأسرته بكرامة، حيث ينص على ان لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولآسرته ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية وكذلك الخدمات الاجتماعية أللازمة، وله الحق في تأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة وغير ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن إرادته.

ولن اتطرق هنا لجذور المشكلة حيث ان ذلك سيأخذنا لتحليل طويل جدا لن نخرج به بفائدة من خلال بضع صفحات انشائية ولكن سأتحدث هنا عن بعض الاقتراحات والتي ممكن من خلالها نجد الحل ولو مؤقت يخفف عنا وعن مجتمعنا بعض العناء وقسوة العيش، صحيح بأن الدولة تعمل ليل ونهار وبكل الوسائل والطرق الظاهرة والمخفية لمصادرة اراضي الاقلية العربية وتحت كثير من مسميات التخطيط حيث تهجير التجمعات البدوية في الجنوب وقضية قرية العراقيب تعتبر مثال حي وواضح لنوايا الدولة بموضوع التخطيط وتأهيل البدو العرب في منطقة السبع، وصحيح ان الدولة تفرض خرائط هيكلية على المدن والقرى العربية تفتقر تلك الخرائط للاستجابة لأقل مطالب واحتياجات السكان العرب وأحيانا تتعمد تهميش بيوت قائمة من عشرات السنين ولا تشملها خرائط وهيكلية بناء تجمعاتها وبلداتها، وصحيح بأن الدولة تقيم عشرات التجمعات السكنية اليهودية الجديدة حيث نسمع كل يوم عن قرية او مدينة يهودية جديدة الامر الذي لم يحدث الى الان في المجتمع العربي، وصحيح بأن الدولة تأخذ اراضي فارغة وتخطط عليها وبقمة التقدم والازدهار تجمعات سكنية يهودية منظمة غنية بكل وسائل الترفيه والحياة الكريمة بعكس تصرفها اتجاه المجتمع العربي في الدولة، إلا اننا مطالبين بتكثيف المجهود والإرادة بإصلاح الوضع القائم المفروض على مجتمعنا حيث ارى بأن تكتلنا انتخابيا كأقلية الامر الذي يضمن مضاعفة عدد نوابنا الى مقاعد البرلمان وهو المكان الذي يسن القوانين بحيث يكون لنا تأثير ملحوظ ومحسوس على سن تلك القوانين لتحافظ على احتياجات مجتمعنا، كما واختيار قيادات تدير المجالس والبلديات بقمة المهنية والاحتراف لإخراج مجتمعنا من تلك الضائقة والمحنة المستشرية في مجتمعنا، هذه الخطوات الديمقراطية المطلوبة لضمان تأثير سياسي ومهني على متخذي القرارات والبرامج التي من خلالها يمكن تقليص فجوة المطلوب والاستحقاق والواقع.

اما المطلوب منا كأصحاب ملكية خاصة للأراضي الزراعية والسكنية فهو التعاون مع المجالس وأقسام الهندسة فيها للتخطيط المثالي وذلك لتوسعة نفوذ تجمعاتنا السكنية وان يكون عندنا روح العطاء والتضحية في سبيل الحفاظ على اراضينا وحمايتها من اساليب المصادرات وبنفس الوقت اعطاء العام الحق ببناء المدارس وشق الطرق والمرافق الحيوية لضمان العيش بأجواء حضارية وعلمية وبكرامة، كما والحفاظ على الاراضي العام وعدم الاقتراب منها والبناء عليها لتعطيل المخططات التنظيمية الايجابية، وان لا ننسى بأن الحقوق تنتزع وبحاجة لنضال وتكتل شعبي امين وحضاري للحصول على الطلبات المشروعة.

كل ذلك ممكن ان يؤدي الى تحسين الظروف التنظيمية والهيكلية بشرط ان تظهر المؤسسة الحاكمة جدية تامة بتقليص الفجوة بين المجتمع اليهودي وبين المجتمع العربي في ذلك المجال كما وعلى الدولة ايضا بناء مشاريع فورية للمجتمع العربي ودمجه بخطط شفاء سكنية عاجلة كما والموافقة على بناء مدن وقرى عربية جديدة تستوعب الازواج الشابة، كل ذلك ممكن ان يشكل بصيص امل وضوء نهاية النفق المعتم الذي يعانيه مجتمعنا العربي الفلسطيني داخل دولة اسرائيل.

محمد كبها

m7mdkbha

‫4 تعليقات

  1. كﻻمك صحيح وموضوع غاية باﻻهمية اخ ابو محمود بارك الله فيك

  2. مقاله ممتازه والموضوع مثير للاهتمام ويجب الاهتمام اكثر واكثر اشكرك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة