عملية حيوية لكنها مستحيلة أثناء اليقظة
تاريخ النشر: 21/10/14 | 9:26يبدو أن السبب الرئيس للنوم هو التخلص من الفضلات السامة التي تترسب في المخ جراء عملية التفكير خلال اليقظة. ويقول باحثون أميركيون إن “نظام التخلص من الفضلات” يبدأ بالعمل خلال ساعات النوم.
أعلن علماء أميركيون انهم توصلوا الى السبب الحقيقي للنوم بعد ان اكتشفوا أن “نظام التخلص من الفضلات” يبدأ بالعمل خلال ساعات النوم ومهمته تنظيف المخ من الفضلات. وأظهر العلماء في سلسلة من التجارب في المختبر ان خلايا المخ تنكمش اثناء النوم ما يؤدي الى فتح ثغرات بينها تسمح للسوائل “بغسل المخ” لإزالة ما علق في الدماغ من نفايات تتراكم جراء عناء التفكير خلال اليقظة.
وتساعد العملية في رفع الأنقاض الجزيئية التي تخلفها خلايا الدماغ في اطار نشاطها اليومي الاعتيادي مع ازالة البروتينات السامة التي يمكن ان تؤدي الى الخرف حين تتراكم في الدماغ، بحسب الباحثين.
لماذا ننام؟
وقالت رئيسة فريق الباحثين مايكن نيدرغارد من جامعة روتشستر الأميركية ان الاكتشاف يمكن ان يفسر الأهمية الحاسمة التي يتسم بها النوم لجميع الكائنات العضوية الحية. وقالت نيدرغارد “اعتقد اننا اكتشفنا لماذا ننام. فنحن ننام لتنظيف أدمغتنا من الأوساخ البيولوجية”.
وأوضح فريق الباحثين في نتائج دراستهم التي نشرتها مجلس “ساينس” العلمية كيف كانت الخلايا الدماغية لفئران الاختبار تتقلص اثناء النوم بحيث يزداد الحيز الفاصل بينها بنسبة 60 في المئة في المتوسط. ويتيح هذا للسائل الدماغي الشوكي الذي يضخه الجسم ان يتدفق بينها بسرعة تزيد 10 مرات على سرعته خلال اليقظة.
ثم درس العلماء كفاءة العملية في طرد السموم من الدماغ بحقن آثار بروتينات تسبب مرض الزهايمر. وكانت هذه البروتينات التي تُسمى اميلويد بيتا تُزال بسرعة أكبر خلال النوم. والمعروف ان تراكم اميلويد بيتا سبب رئيس في الاصابة بمرض الزهايمر.
وتقول الدكتورة نيدرغارد ان عملية التنظيف تبدأ بالعمل اثناء النوم لأن ضخ السائل الدماغي الشوكي يتطلب طاقة كبيرة اثناء اليقظة. ونقلت صحيفة الغارديان عن نيدرغارد “يمكن النظر الى العملية كمن يقيم حفلة في بيته. إذ تستطيع ان تحتفي بالضيوف أو تنظف البيت ولكنك لا تستطيع ان تحتفي بهم وتنظف البيت في وقت واحد”.
وبحسب فريق الباحثين فان السائل الدماغي الشوكي يجرف فضلات الدماغ الى شبكة “النظام الغليمفاوي” الذي ينقلها عبر الجسم لإيصالها في النهاية الى الكبد حيث يجري تفكيكها وتفسيخها.
اكتشاف مثير… ولكن!
ولكن علماء آخرين قالوا ان من السابق لأوانه القول ما إذا كانت عملية التنظيف تحدث في الجسم البشري ايضا لتقدير أهمية هذه الآلية. وقالت رفائيلا وينسكي سومرر المختصة بدراسة النوم وايقاع الساعة البيولوجية في جامعة سيري البريطانية انه اكتشاف مثير للاهتمام ولكن من المستبعد ان يكون تنظيف الدماغ من الفضلات والنفايات هو وظيفة النوم الرئيسة.
وأضافت أن عملية النوم ترتبط بكل وظائف الانسان بما في ذلك التمثيل والفسيولوجيا والهضم. واقترحت وينسكي سومرر اجراء مزيد من التجارب التي تبين تراكم الفضلات في أدمغة من يُحرمون من النوم ساعات كافية وازالتها أو تقليلها حين يعوضون عما فاتهم من النوم.
وقال البروفيسور جيم هورن مدير مركز أبحاث النوم في جامعة لافبورو البريطانية ان ما يحدث في دماغ فأر بسيط في المختبر قد يختلف اختلافًا كبيرًا عما يحدث في دماغ الانسان الأشد تعقيدا بكثير.
ولكن الدكتورة نيدرغارد أعربت عن ثقتها باكتشاف خدمة مماثلة لتنظيف المخ من النفايات والفضلات في البشر ايضا. وقالت إن هذه الأبحاث يمكن ان تمهد الطريق لانتاج عقاقير طبية تؤخر الاصابة بالخرف من جراء تراكم الفضلات في الدماغ وتساعد الذين لا يأخذون كفايتهم من النوم. وقالت “اننا قد نتمكن من تقليل الحاجة الى النوم لأن من المزعج ان يُهدر هذا القدر من الوقت على النوم”.