حبيبتي خلف الحدود

تاريخ النشر: 21/06/14 | 10:15

أنا إن كُنتُ قد أَفنَيتُ في أَهدابكِ العمرَ
فلن أَبكي على العهدِ الذي مَـرَّ
وكم مَـرَّ
من الأَيامِ والأَعوامِ في حُـبٍّ طُفُوليٍّ
وما بَقيَتْ سِـوى الذكرى
تُلَملِمُ غُصَّـةَ الصَّبـارِ في رئتي وتَعصِرُهـا
تَـلُمُّ الليل من أَركانِ دُنيانا
وتُسـكِنَهُ حَنايانا
وقد نَـزَعتْ شُجـونُ الليلِ من أَيَّامنـا الفجرَ
يطولُ الليلُ ساعاتٍ وساعاتٍ
يروحُ القلبُ في ماضٍ وفي آتٍ
يجوبُ البرَّ والبحرَ
يَلمُّ العوسجَ المنثورَ كالنعناعِ في خَلَدي
يُوشوشُ زعترَ ( الباذان )
يُهجِّئُ مشمشَ الوديان
ويعصِرُ لؤلؤَ الرمان في أحلامِنا السكرى
فلو كَتَبتْ ليالينا السُّـوَيعاتِ التي كُنـا قَضَيناها
ولو ظَلَّتْ فناجينُ المسرَّاتِ التي كُنَّـا شَـربناها
ولو ظَلَّتْ على الشفتين بسماتُ الحبيبينِ التي كُنَّـا رَسَـمناها
لما صارت بساتينُ الدُّنَـى قَفْـرا
ولو ظلَّ المدى رَحباً بلا بُعدٍ حُدُوديٍّ
لما ظَلَّتْ حَبيبـةُ قَلبِيَ البالي
تُلَوِّحُ باليدِ الكَسرى
وتَشربُ لَهفةَ الذكرى
ويَشربُ وردُ خديها لَظى عَبَراتها الحَـرَّى
فقد كنا قُبَيْـلَ الشيبِ زَنبقتين في رَيعانِ عُمرِهِمَا
تُداعِبُنا أَزاهيرُ النَّـدى حينا
تُراقِصُـنا فَراشاتُ المَدى حينا
ويعزِفُ أجملَ الألحانِ سِربٌ مِن حَساسِينا
فكلُّ صباحِنا أَملٌ ، وكلُّ مسائِنا غَزَلٌ ، وكلُّ حياتِنا عِطرٌ يواسينا
وخَيَّـمَ بعدَها الغَـرقد
وأسوارٌ ، وأشواكٌ ، وأسلاكٌ
فطارَ الحبُّ في أَقصى أَقاصيهِ
وحلَّ البُعدُ في أَبْهى لَيـالينا
وما زِلنا بِغُربَتنا كَنَجمٍ يَرقُبُ القمرَ
وما زالتْ مآقي العينِ مسكُوبَةْ
فعينٌ تشعلُ المِصباح
وما زالتْ أَيـادينا عَلى الخَدَّينِ مَصلُوبَةْ
وشاخَ بكفنا المِفتاح
فيا رَقْراقَـةَ الدمعِ التي نَصَبَ الفِراقُ لقلبها قَبرا
عيوني عنكِ لمْ تغفلْ
وقلبي لم يُطِقْ صَبرا
وحتى الآن ما زالَ الشَّـذا باقٍ على الذكرَى
أَيا مَحبوبَتي الصُّغـرى
أَيا أُسْطـورتي الكُبرى
أنا إن كنتُ قد أَفنيتُ في أهدابكِ العمرَ
فلنْ أبكي على العهدِ الذي مرَّ

محمد الدبعي

1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة