ابراهيم مالك: ما أجمل ذاك المساء

تاريخ النشر: 24/01/12 | 2:03

كان بليل المطر،

سَخيَّهُ وكانَ غَيْمُهُ واعداً بأكثر مِنْ حَبّاتِ رَذاذٍ وَأكثر من قطراتِ ندى.

وَجَدْتُني أتوكَّا على عَصايَ،

التي كمْ وَدَدْتُ لَوْ أنَّني أحْسَنْتُ الْهَشَّ يِها على ذاتي لأجَنِّبَها وُعورَةَ التَّجْرِبَة وَوعْثاءَ السَّفَرِ،

وَجَدْتُني أنْدَفِعُ دَحْرَجَةً، لكن في حذرٍ وروية، في دَرْبٍ شَديدِ الإنحِدار،

يَصِلُ بَيْنَ مَوْقِعِ سِنْدِيانَةٍ تَخْطِفُ البصَرَ، طيِّبَة الذِّكر، عَميقَةِ الجِذْرِ، قَوِيَّةِ الْجِذْعِ، خَضراء الْوَرَقِ والغُصون،

وَبَيْن بَيْتِ هُوَ أشْبَه بِخِباءٍ مرتفِعِ العِماد،

غزير الألوان الربيعية

رحْبِ الْمَدى وسَمْحِ اليَدَيْن.

لحْظَتَها رَأيْتُني،

أوْ هذا ما شُبِّهَ لي،

كُنْتُ أشْبَهَ بِبُقْجَةٍ مُلَوَّنَةِ الْخيطانِ والْحَوافي وفاتِنَةِ التَّطْريز،

ذكَّرَتْني ببقجة أمّي ساعة الْهَجيج.

وقدْ رُحْتُ أسْرِعُ الخطْوَ أمَلاً بالْوُصولِ الآمِنِ إلى ذاك البَيْتِ،

الذي طالَما أعادَ اسْمُه إلى ذاكِرَتي المُتَحَفِّزة دَوْماً صورة جدّي مُنْتَصِبَ القامَةِ،

عِنْدَ بَيْدَرِهِ الْحبيبِ العامِرِ ب” غماراتِ القمح ” وَقَدْ راح يَرْفَعُ طَرَفَ ” قُنبازِهِ ” يُحاوِرُ بِحَركَةٍ راقِصَة عُيونَ غُرْبالِهِ،

يَتَأمَّلُها

وَهْيَ تُحْسِنُ الفصْلَ بيْنَ ما هو غِثٌّ وما هُوَ سَمين.

ما أرْوَعَ أنْ يطولَ عمْرٌ،

لِيَجْمُلَ فيهِ لِقاءُ أحب،

فَيَحْسُنُ مَسارُ دَرْب ويَنْفَتِحُ أفْقٌ عَلى أكثَرَ من مَدى،

فَتَلوحُ فسحةُ أملٍ ويَبينُ أكْثَر مِنْ بَصيصِ نور.

ما أجملَ ذاك الْمَساء،

ففيه طاب دَفءعُيونٍ يغمُرُها فرح حياة،

وجَمُلَ هَمسُ كانَ أشبه بِسَقْسَقَةِ ماءِ وِدْيانٍ، بَليلَةِ الضفاف

وَتَرَدَّدَ تكَسُّرِ أوْتارِ عودٍ عاشقٍ وداعبتِ الأذْنَ بحاتُ كمان.

وفيهِ وَجَدْتُني، إخوتي وأنا،

نتعلم حُسْنَ الإصْغاء لِجَوْقَةِ نَشيد،

نُطْرِبُ ذاتنا وذواتنا الأخر بِشَدْوِ الأبناء، البنات، الأحفادِ والحَفيدات،

ما أجمل ذاك المساء،

كان عرساً،

يفوحُ فيهِ عَبَقُ حِناءٍ ويَنْسَكِبُ في مراحاته أصفى نشيد إنْشاد.

كتب في هذا السياق:أمسية أدبية شعرية في عين الغربال في كفرقرع

‫8 تعليقات

  1. إخي في الإنسانية وفي الانتماء لكلّ ما هو خيّر
    الأديب الشاعر إبرهيم مالك
    جئتَ أهلا ووطئتَ سهلا في بلدِكَ – بلدِنا كفرقرع، وحالفني
    الحظّ أن أكون معكم في تلك الأمسية الرائعة، وقد غمرتني
    السعادة وأنا أصغي لنفحات المبدعين المحلّقة في عالم الروح،
    وأشنّف أذني بألحان العود الشجيّة، وهمسات الكمان العذبة،
    واستشرف المستقبل الواعد في وجوه فلذات الأكباد الذين أتحفونا
    بقراءاتهم وإلقائهم نصوصًا جميلة…
    واليوم يأتي نصّك الصادق الموحي ليضاعف سعادتي ومتعتي.
    بوركتَ على إبداعك وعطائك المميّزين
    لك خالص المودّة والتقدير
    د. محمود أبو فنه

  2. اديبنا الكبير ابراهيم مالك، سعدنا بوجودك، وحضورك زادنا شرفا، دمت سندا للمسيرة الثقافية..

  3. لقد كنت بدر الامسية الشعرية..لك جزيل الشكر والامتنان..انك على خلق عظيم

    بك غرست روح العطاء.انك نبع من العطاء الادبي.لك يا استاذي الكريم ابراهيم

    مالك كل الحب والتقدير في قلوبنا.ادامك الله علم وقبطان اصيل لمسيرة النهضة

    الثقافية بمجتمعنا..

    حياك الباري وكحل دروبك بالخير والعطاء الخالد.

    اتمنى لك دوام الصحة والعافية..ودوام العطاء الكريم..

  4. ألعم إبراهيم مالك
    لكَ بالقلب كل محبة وتقدير
    ولكَ تكتبُ الأقلام ما لم يُكتب من قَبل
    لكَ تنحني الأبجدية بكلِ ما تملك
    ولك تنسدلُ كل المفرداتِ من شفاه القلم
    على كتفِ اللغة أحملُ كيساً ملؤهُ التقدير والإحترام

  5. لك كل الشكر على هذا العطاء الطيب دمت ذخرا لكل الشعراء والاهل جميعا

  6. لكلماتك كلّ الأُفق الفاتح ذراعية سعادة وابتهاجًا
    تحيّة

  7. […] كتب في هذا السياق:ابراهيم مالك: ما أجمل ذاك المساء […]

  8. […] من التجربة… قليل من تجربة كتابة الشعر *توطئة* إعتراف ما أجمل ذاك المساء أيتها المنحوتة المجنحة ! أزْهارُ الوَعْرِ البرّيَّة […]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة