نقد وتحليل لقصيدة د. سامي إدريس
تاريخ النشر: 27/12/11 | 2:54نقد وتحليل لقصيدة د. سامي إدريس (وأنا في السرير) بقلم : أحمد سلامة
هذه القصيدة النثرية المبنى والإسترجاعية المضمون
ينطبق عليها التعريف المعروف للأدب وهو الكلام
الجميل الّذي إذا سمعتَه أو قرأتَه تُحِبُ قِراءتَهُ أو سماعه
مرّةً أُخرى .. لأنّه يُمتُعُكَ ويُثيرُ عندكَ أحاسيس وتصوُّرات جميلة .
وفي القصيدة تراكيب عادية بسيطة ولكنّها في سِياق القصيدة وفي النّطاق الشِعري تلبسُ ثوباً آخر ..
وقد إستعمل هذا ألاسلوب من قبل شعراء معروفون
منهم الشاعر المصري الكبير صلاح عبد الصبور حيثُ
يقول في إحدى قصائده : ( وشَرِبتُ شاياً في الطريق ..
ورتقتُ نعلي )
وهي كما هو واضح تراكيب بسيطة وعادية لكنّها تندغم في
السياق الشِعري وتصبح مقبولة ، وهي هنا عند صلاح
عبد الصبور موزونة كسائر اجزاء القصيدة وتفعيلتها
هي متفاعلن / مستفعلن وهي من البحر الكامل
أمّا قصيدة ألأخ سامي فهي نثرية –بدون وزن ولو صيغت
على وزنٍ معيّن لجاءت أجمل ..
لكن غطّتْ على نثريتها سناريوهات ألأحداث المتعاقبة
والمتنوِّعة ومفاجآتها مما زاد في جماليتها ،
أمّا الأُغنية الّتي ذكرتها يا أخ سامي ونسبتها لمحمد
عبد الوهّاب وهي ( أسقِنيها بابي أنتَ وأُمّي ) فهي للمرحومة أسمهان ،
ولا علاقة لعبد الوهاب بها لا من قريب ولا من بعيد
فهو لم يُلحنْها ولم يُغنِّها ..
ولكن بما أنّكَ كُنتَ في أحلام اليقظة أو اللا صحو وأللا نوم
فلا جُناح عليك حتى لو بخستَ حق أسمهان وأعطيتَه
لغيرها وأنا (كما تعلم ) من أنصار هذه العائلة الفريدية
والفريدة
أما لماذا ظللتَ قاعداً على الحجر ولم تتصِل لنذهبَ
إلى الجامعة حيثُ آرام تل- الربيع .. ( فهذا ذنبٌ كبير)
[…] في تحليل القصيدة:بقلم د. سامي إدريس اقرأ أيضاً في […]
أخي الشاعر أحمد سلامة
أنتَ الوحيد الذي سيسألني من هي إلزا، وأنت الوحيد الذي سيسمع تهويماتها.
حقاً لولا الحب لما استطعنا أن نواصل الحياة.
وأنت الوحيد الذي سيسألني من هذا الصديق الذي يسكن عند البحر ويرسم الجندية العارية؟
ولكنني لن أقول لك الآن
فللمجهول حلاوة
تذوق حلاوة هذه التموجات
وأنا في السرير
وما تزال حلاوة سهرة الليلة الماضية
وأضغاث أحلام تمضي وتعود على سجيتها
فكّرتُ هل أقوم فأُعد فطوري
أم أنتظر ذات العين العسلية
لتصنعَ لي القهوة السادة على مزاجها
ومن ثَمَّ نسيتُ موضوع الافطار
وغفوتُ وسهوتُ قليلاً
أخذتني أحلام اليقظة
فرأيتُ أنني أكتب قصيدة ماكرة
عن فتاة تركب دراجة وثوبها يخفق في الريح
تصارع الأمواج من مسجد حسن بيك الى يافا
وأطرقُ باباً جديداً لم يطرقه الشعراء
وأقول : هل غادر الشعراءُ من متردمِِ
هل غادر الشعراء يافا
أم هل عرفوا كيف يكون الليلُ فيها
حقاً ما أجمل التقاعد
وما أجمل أن تَعُبَّ من خمرة الروح
أن تسمع صباح فخري يصدح
وعبدالوهاب ينوح: اسقنيها بأبي أنتَ وأمي
اسقنيها ، لا لتجلو الهمَّ عني .. أنتَ همَّي
***
وأنا في السرير
فكرتُ ماذا أفعل اليوم
بإمكاني زيارة صديقي الساكن عند البحر
سأقوم فأتصل به
أو لا حاجة للاتصال
أنني سأجده على نفس المقعد
يراقب الفراشات الذاهبات الآيبات
ويرسم الجندية العارية
وإذا لم أجده أعرف أين يكون
فلا أدري أتطلع الشمس في هذا اليوم
أم يكون غائماً
حقاً ما أحلى التقاعد
***
وأنا في السرير
فكرت أن أتصل بصديقي
فاقترح عليه الذهاب الى الجامعة
حيث بنات جامعة تل الربيع
يستلقين على الديشة في ذهول الشمس
وحيث البروفيسور الغامض يضع يده
على شعر الطالبة الساحرة إلزا
فتتغنج إلزا قائلة: الملك يضعُ يده يتلمس شعري
إني إذاً أسعد عذارى تل الربيع
كانت إلزا تسكن على شاطئ نتانيا
وكان الشاعر يعشق عيون القطط
وعينا إلزا عينا قطة برية بابلية الحسن
ضاعت إلزا في زحام الحياة
ربما أصبحت جدةً اليوم
حقاً ما أجمل التقاعد
لولاه ما تذكرت إلزا ولا البروفيسور
ولا بيته المكتظ بالأشجار والقطط.
***
وأنا في السرير
حلمت أنني أسير وأسير
أجدُ في نهاية الطريق حجراً أخضر
وطائراً ملوناً يحط من أعلى
وبحيرة تشبه بحيرة لامرتين
وأراه يناجي معشوقته
وأراها ترحل مع الرياح
فأقول له:
ناجِ البحيرةَ وحدكَ الآنا
وأخيراً أقرر البقاء على الحجر
والتمتع بمراقبة الطائر وحركاته
فمعي كل الوقت
ما اجمل التقاعد!