ميادة الحناوي البابا… قائدة بمعنى الكلمة ومربية تستحق المجد

بقلم: رانية مرجية

تاريخ النشر: 21/06/25 | 21:10

حين تُشرق شمس الحقيقة، لا يستطيع أحد حجبها، وحين يُزهر النجاح في أرضٍ طيّبة زُرعت بالإخلاص والجدّ، لا يمكن لأحد أن يُنكر ثماره. وهذا تمامًا ما نراه اليوم في خبر فوز المربية والمديرة القديرة ميادة الحناوي البابا بمناقصة مديرة المرحلة الإعدادية في مدرسة أورط اللد – فوز لم يفاجئنا نحن الذين نعرفها، بل أكّد لنا مرة أخرى أن للتميّز عنوان، وأن للبذل والعطاء خاتمة مشرقة تستحق الاحتفاء.

نعم، لقد كسبت المدرسة قائدة تربوية من طراز فريد، لا تحمل فقط شهادة علمية أو خبرة وظيفية، بل تحمل رؤيا ومسيرة حياة، تحمل قلبًا نابضًا بالحب لكل طالب وطالبة، وعقلًا حادًّا لا يقبل التسويات حين يتعلق الأمر بالمستقبل التربوي لأبناء وبنات اللد.

لقد عرفنا ميادة المربية التي لا تكتفي بتأدية واجبها، بل تعيش التربية رسالةً وشغفًا وانتماءً صادقًا. عرفناها صاحبة مبادرات رائدة، لا تنتظر التعليمات، بل تصنع الفرق. وفي زمنٍ يتهاوى فيه المعنى أحيانًا تحت وطأة الروتين والعجز، تظلّ هي مشعلاً للقدوة والوضوح.

في مدارسنا العربية، في مدننا المهمّشة مثل اللد، يكون النجاح مضاعفًا، ويكون النهوض مسؤولية تاريخية. وها هي ميادة، ابنة هذه الأرض، تقف في قلب المدينة، لا كموظفة بل كرسولة تغيير، وكصوت نسائيّ قويّ في ساحةٍ تحتاج إلى نساء قادرات على حمل الهمّ العام وتحويل التحديات إلى فرص. إنها لا تبحث عن الألقاب بل تصنع المعنى في كل ما تقوم به.

أتذكر لقاءاتي العديدة مع معلمات وطالبات تحدّثن لي عن أثرها، وكيف تزرع الثقة في أرواح من حولها، وكيف تحوّل الصعوبات إلى حوافز. أتذكّر الدموع التي ذرفتها أم لطالبة حين قالت لي: “لولا مدام ميادة، ابنتي ما كانت تكمل تعليمها”. وهذا ليس استثناء، بل سِمة لكل من يعمل بروح المحبة والعطاء.

ولمن يظن أن التربية مجرّد مهنة، نقول له: تعالَ وانظر إلى المربية ميادة، تعالَ وراقب كيف يكون القائد التربوي شريكًا في الحلم، وكيف يمكن للمرأة العربية أن تكتب المجد لا بالحبر، بل بالأثر الذي لا يُمحى.

إننا في هذا اليوم، إذ نبارك لها هذا الإنجاز المستحق، لا نبارك لها فقط، بل نبارك لطلاب اللد، ولمدرسة أورط التي حظيت بقامةٍ نسائية وطنية أصيلة، تعرف تمامًا كيف تصنع الفرق.

نبارك لزملائها وزميلاتها الذين سيكونون معها في درب البناء الجديد، ونبارك لكل من كان شاهدًا على تعبها الطويل، وإصرارها الصامت، ومهنيتها العالية.

ميادة الحناوي البابا…

منك نتعلّم أن المرأة القوية ليست تلك التي تتحدّث كثيرًا، بل التي تترك أثرًا لا يُنسى.

ومنك نتعلّم أن القيادة لا تكون بمنصب، بل بالفعل… بالحب… وبالرؤية.

ومن هذا المنبر، أقول لكِ:

دمتِ نبراسًا في زمن التشتّت، ودمتِ أملاً لمدينة تحتاج إلى أمل.

ومنها إلى الأعلى دائمًا، بإذن الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة