كرم منّير – لأنّ للعدالة قلب، وللخدمة المجتمعية اسم

كتبت: رانية مرجية

تاريخ النشر: 25/05/25 | 7:27

في مدينة اللد العتيقة، حيث تختلط رائحة التاريخ بصخب الحاضر، وُلد وترعرع كرم جورج منّير، ابن الـ37 عامًا، زوجٌ محب وأبٌ لثلاثة أطفال، ومحامٍ يحمل قلبًا نابضًا بالعدالة، وروحًا لا تهدأ في خدمة مجتمعه. من اللد يبدأ الحلم، ومن بين أحيائها تنسج حكاية رجل آمن أن التغيير لا يُصنع بالكلمات وحدها، بل بالفعل والعطاء المتواصل.

بدأ كرم مشواره التعليمي في مدرسة راهبات مار يوسف في الرملة، حيث تشكّل وعيه الأول، ثم انتقل إلى المدرسة الأرثوذكسية في الرملة، التي كانت أكثر من مجرد صرح تعليمي؛ بل كانت فضاءً تربويًا وإنسانيًا ساعد على صقل شخصيته وتنمية إحساسه بالمسؤولية الاجتماعية والانتماء. لهاتين المؤسستين، الامتنان الكبير لما زرعتاه فيه من قيم ومبادئ بقيت راسخة في وجدانه.

تابع كرم تعليمه العالي فنال اللقب الأول في الحقوق من الكلية الأكاديمية أونو، ثم اللقب الثاني في القانون الجنائي والعلوم الجنائية من جامعة تل أبيب. لم تكن هذه الشهادات محطات وقوف، بل محركات دفع لمسيرة مهنية واجتماعية آخذة في التوسع.

منذ سن التاسعة عشرة، بدأ كرم مسيرته المهنية في العمل الحكومي، ليكون من بين القلائل الذين تحملوا مسؤوليات حقيقية في هذا العمر المبكر. أمضى ثماني سنوات في سلطة السكان والهجرة بوزارة الداخلية، حيث شغل منصب رئيس قسم تسجيل الحالة الشخصية وجوازات السفر، وعمل في الخطوط الأمامية مع الناس، يعالج قضاياهم اليومية بمهنية وإنسانية.

لاحقًا، انتقل إلى ميدان أكثر حساسية: التحقيقات الجنائية. عمل كمحقق، ثم كرئيس طاقم، وتقدّم ليكون مقدّم طلبات اعتقال على مستوى قطري. في هذا الميدان، واجه تحديات قانونية وثقافية داخل المجتمع العربي، لكنه استطاع أن يمزج الحس القانوني بالوعي الإنساني، محافظًا على توازنه بين الانتماء المهني والاجتماعي.

اليوم، يشغل كرم موقعًا متقدّمًا كمُدّعٍ لوائي في الشؤون الجنائية لدى سلطة الطبيعة والمتنزهات وسلطة الآثار. في هذا الدور، لا يطبّق القانون فقط، بل يحمي التراث والطبيعة، ويحرس الذاكرة والإنسان. قضاياه القانونية تتقاطع مع قضايا البيئة، والمصلحة العامة، ما يجعل عمله امتدادًا لمسؤوليته تجاه الأرض والمجتمع.

خارج أروقة المحاكم، لكَرَم وجه آخر لا يقل أهمية: العمل المجتمعي والتطوّع.
نشأ في كشافة الروم الأرثوذكس في اللد، وشارك في نشاطات “البيت المفتوح” كطفل، وشاب، ثم كقيادي اجتماعي. كما تطوع لسنوات في “بيت الشبيبة – إلى الأمام”، حيث رافق أطفال اللد والرملة كمرشد ومربٍ وأخ كبير. جلس معهم على الأرض، ساعدهم في دروسهم، وشاركهم أحلامهم وقلقهم، وكان لهم صوتًا ودعامة.

كرم أيضًا محامٍ مستقل في مجال العقارات، يتعامل مع العقار كأداة قانونية لحماية حقوق المواطنين، وليس فقط كاستثمار مالي.

أضاف إلى مسيرته المهنية مؤخرًا بُعدًا تثقيفيًا من خلال توجيه مجموعات.
ينظّم ورشات توعية قانونية للشباب حول حقوقهم في أماكن العمل، ويؤمن أن المعرفة القانونية تمنح الشباب القوة والكرامة، وتبني لديهم جسرًا آمنًا نحو المستقبل.

كرم منّير ليس مجرد محامٍ أو مدّعٍ عام، بل هو نموذج للإنسان الملتزم أخلاقيًا، المهني في تعامله، المتواضع في عطائه.
رجل لم يقف على هامش الهمّ الجماعي، بل خاضه بكل كيانه ليصنع الفرق.

في كل جلسة قانونية، في كل لقاء شبابي، في كل لحظة دعم لطفلٍ أو نصيحة لعائلة، هناك كرم.
صوتٌ لا يخاف، يدٌ لا تتعب، وضمير لا يساوم على القيم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة