غزة بين الفداء والدمار: لحظة مصيرية في تاريخ شعب أنهكته الحروب
أسامة الأطلسي
تاريخ النشر: 19/05/25 | 6:47
تقف غزة اليوم على مفترق طرق حاسم، بين فرصة نادرة للفداء والإنقاذ، وبين تهديد وجودي بالدمار الكامل. سنوات طويلة من الحصار، والقصف، والخذلان، أوصلت القطاع إلى حافة الانهيار. لكن وسط هذا الظلام، تلوح لحظة فارقة، قد تغيّر مصير الملايين، إن استُثمرت بحكمة وشجاعة.
في هذه اللحظة الحرجة، تتركّز الأنظار على القيادي البارز في حركة حماس، خليل الحية، الذي يجد نفسه أمام مسؤولية تاريخية لا مجال فيها للمناورة أو التردد. فشعب غزة المتعب، المثخن بالجراح، لم يعد يحتمل دورة أخرى من الدمار والدم، ويبحث عن منقذ يتخذ القرار الذي ينقله من واقع الكارثة إلى أمل الخلاص.
تعب الناس من الموت… وصوت الشارع أوضح من أي وقت مضى
منذ أشهر، يصرخ الشارع الغزّي بما لا يحتمل التأويل: “نريد نهاية لهذا الجحيم”. الأمهات اللواتي فقدن أبناءهن، الأطفال الذين لم يعرفوا من الحياة سوى الخوف، والرجال الذين يكافحون لتأمين لقمة العيش، جميعهم يطالبون بشيء بسيط: حياة آمنة.
شهادات من داخل القطاع ترصد تحولًا لافتًا في المزاج العام. لم يعد الناس يتحدثون عن الشعارات أو المعارك “المقدسة”، بل عن حاجتهم لفرصة جديدة للعيش. امرأة خمسينية من مخيم الشاطئ تقول:
“كل يوم نودع شهيدًا. لكننا نُدفن معهم ونحن أحياء. إلى متى سنبقى ضحايا لقرارات لا نعرف كيف تُتخذ ولا لمصلحة من؟”
خليل الحية… بين إرث المقاومة ومسؤولية القرار
خليل الحية ليس مجرد اسم في معادلة القيادة الغزية، بل شخصية مؤثرة داخل الحركة ومحلّ ثقة في دوائر القرار. لكنه الآن في مواجهة اختبار حقيقي: هل سيستجيب لنبض الناس، أم يبقى حبيس حسابات سياسية وأيديولوجية؟
يدرك الحية أن الاحتلال يتربص بغزة، وينتظر أي ذريعة لتبرير عدوان جديد. ويعرف تمامًا أن التصعيد لن يحقق مكاسب، بل سيعيد الناس إلى دوامة الموت والدمار. أمامه خياران لا ثالث لهما:
إما المبادرة نحو تهدئة جادة، تفتح الباب أمام إنقاذ ما يمكن إنقاذه،
أو الاستمرار في خيار المواجهة العقيم، الذي سيدفع ثمنه الأبرياء كما في كل مرة.
غياب القيادة البديلة… وتعطش الناس لمن يسمعهم
اللافت في المشهد أن الناس لا ينتظرون وعودًا سياسية، بل فقط موقفًا إنسانيًا شجاعًا. هناك فراغ قيادي حقيقي، فالحكومة الفلسطينية شبه مغيبة، ومصر منشغلة بملفاتها، والمجتمع الدولي لا يرى غزة إلا من زاوية أمن إسرائيل. في هذا الفراغ، تبرز الحاجة لقيادة محلية تنصت لصوت الناس وتعمل من أجلهم، لا من أجل البقاء في الحكم.
بين الاحتلال والانقسام… غزة تدفع الثمن
لا يمكن إغفال أن كل ما تعانيه غزة، من دمار وفقر وبطالة وانهيار للبنية التحتية، هو نتيجة تراكمية لعوامل متشابكة:
الاحتلال الإسرائيلي وعدوانه المستمر،
الانقسام الفلسطيني،
وسوء الإدارة المحلية للموارد والمساعدات.
لكن اليوم، لم تعد هذه الأسباب تبرر استمرار الكارثة. ما يطلبه الناس واضح: قرار شجاع بوقف النزيف، وبداية مسار جديد يعيد الكرامة والأمل إلى شعب يستحق الحياة.
التاريخ لا ينسى… هل يكون الحية على قدر اللحظة؟
هناك لحظات تصنع التاريخ، وتبقى محفورة في ذاكرة الشعوب. وهذه اللحظة واحدة منها. فإما أن يسجَّل اسم خليل الحية كقائد اختار إنقاذ شعبه، أو يُذكر كمن فوّت فرصة لا تتكرر.
إن غزة لا تحتاج إلى مزيد من الدم، بل إلى بوصلة أخلاقية، إلى قرار إنساني قبل أن يكون سياسيًا. أطفال غزة لا ينتظرون وعدًا بالنصر، بل فرصة للذهاب إلى المدرسة، للنوم بسلام، للضحك مثل باقي أطفال العالم.
كلمة أخيرة
العالم يراقب، والتاريخ يسجل، والناس في غزة ينتظرون. فهل يسمع خليل الحية هذا النداء الصادق؟ وهل يختار الحياة لشعبه بدلًا من مزيد من الخراب؟
الجواب ليس في التصريحات، بل في القرار القادم. وهو قرار سيُذكر طويلاً، سواء حمل الأمل أو حمل الدمار.