غزّة أرضيّة (10)
علي هيبي
تاريخ النشر: 24/02/24 | 13:44كفاح
كانَ اسمُها كفاحْ
وكانَ فعلُها كفاحْ
وردُّ فعلِها كفاحْ
رغمَ أنَّها لا في نظامِ جملةٍ
ولا في ساحةٍ للصّراعِ
لمْ تكنْ تحملُ السّلاحْ
لكنَّ وجهَها السّاطعَ الفيّاضْ
يفيضُ بالحبِّ والحرّيّةِ
بكرامةِ السّناءِ والبياضْ
كانَ فعلُها كفاحْ
فقاتلَ الظّلامَ والآلامَ والنّباحْ
كانَ وجهُها كمخملِ الأملْ
كحلْمِ ليلٍ مقمرٍ
ينشدُ الصّباحْ
كانَ اسمُها كفعلِها
كفاحْ
مفارقة
عالقةٌ بالزّوْرِ
عالقةٌ كنصلٍ في الرّوحْ
إنْ خرجَتْ جرحَتْ كالسّكّينْ
وإنْ دخلَتْ جرحَتْ كالسّكّينْ
جرحًا يدمى ويبقى مفتوحْ
في الحاليْنِ تنكأُ همًّا
يحفرُ الجروحَ بالجروحْ
وهذا مثالٌ حصرًا
يحاصرُ بيديْهِ غزّةَ روحي
ويعصرُ وجداني عصرًا
لا أفهمُ سخريةً عربيّةً
صورةُ خزيٍ تجعلُني أفهمُ
لماذا لا نستنزلُ نصرًا
لا أفهمُ منْ أيِّ سبيلْ
وبأيِّ معاييرِ السّلمِ أوِ الحربْ
ومنْ أيِّ همزاتِ الوصلْ
ومنْ أيِّ حدودِ الفصلْ
ومنْ أيِّ دابرٍ أوْ قابلٍ أو قبيلْ
منْ أيِّ حدبٍ
ومنْ أيِّ صوبٍ
ومنْ أيِّ فجٍّ في هذا العصرْ
بأيِّ معاهدةٍ مهلكةٍ
بأيِّ بلادٍ أوْ مملكةٍ
أمنْ برِّ شامٍ أمنْ برِّ مصرْ
معبرُ رفحٍ أرضٌ عربيّةٌ
منْ ترابِنا الأسمرِ الأصيلْ
أنبوبُ حياةٍ لغزّة منْ ريحِ مصرْ
ولكنْ تخنقُهُ إسرائيلْ
الآنَ أفهمُ لماذا تبكي الخليلْ
صارَتْ على حدةٍ
وعلى حدةٍ قبلَها
صارَ يبكي الجليلْ
أهلُ حربٍ ورابعُهُمْ كيربي
بايدينْ
لتقدّمِ عمرِهِ
وثقلٍ في حدّةِ مشيتِهِ
كدبٍّ هرمٍ
ولدقّةِ رؤيتِهِ يبدو حزينْ
وبلينكينْ
كالثّعلبِ
يوظّفُ مكرَهُ المخفيَّ
ليبدوَ يهوديًّا هادئًا رزينْ
إسرائيلُ لمْ تستخدمْ
الأسلحةَ الأميركيّةَ على كثرتِها
ودقّتِها كدقِّة رؤيةِ بايدينْ
في مكانِها الصّحيحْ
ولا في زمانِها المبينْ
قتلَتْ عشراتِ الآلافِ فقطْ
وليسَ مئاتِ الألافِ
وليسَ ملايينْ
الأسلحةُ هباءً منثورًا راحَتْ
أُهدرَتْ في سوقِ الحربِ
ولمْ تستعدْ أثمانَها الأسلحةُ
ولمّا تنتهِ المذبحةُ
بلا عددٍ يتوازنُ فيهِ عيارُ القبّانِ
في لائحةِ الأثمانِ
بينَ ثمنِ الأسلحةِ
وبينَ عددِ المقتولينْ
والأسلحةُ تتنوّعُ كألوانِ الفوسفورِ
كلُّها ذاتُ وزنٍ ثقيلٍ ثمينْ
أغلى منْ ثمنِ الإنسانِ
ومنْ كلِّ أثمانِ جسدِ الدّورِ
وروحِ الطّينْ
لكنْ يفرحُني يا بايدينْ
أنَّ الأسلحةَ “راحَتْ تسِبُّ الدّينْ”
فرقدَ كالفأرِ الخائفِ أوستينْ
في جحرِ المستشفى مريضًا
ومثلَ رئيسِهِ
كانَ مثقَلًا حزينْ
النّفاق
الغولُ المتوحّشُ
جاءَ منْ كلِّ جهاتِ الغربْ
ليزوّدَ مجزرةَ العصرِ
بكلِّ آلاتِ التّدميرِ
وبكلِّ أدواتِ الضّربْ
بيدٍ يصوّتُ بالفيتو
ليمنعَ إيقافَ الحربْ
وبيدٍ أخرى
يتراءى كالحرباءِ بخبثٍ
وبفمٍ كذّابٍ يتلوّى
كالمومسِ بغيًا
كبغيِ أكاذيبِ الغربْ
يبغي لمصالحِهِ ومفاسدِهِ
إلى عدمِ توسيعِ الرّقعةِ
في هذي الحربْ
في الكرةِ الأرضيّة
يا ظريفَ الطّولْ
يا خفيفَ الظلِّ
يا جميلَ العرضْ
لنْ يسمعَ أحدٌ صوتَكَ
لنْ يرحمَ أحدٌ حقَّكَ
في هذهِ الأرضْ
لنْ يقبلَ أحدٌ طولَكَ
لنْ يقبلَ أحدٌ عرضَكَ
ولا طلبَكَ في سوقِ الدّنيا
لا بينَ خطوطِ الطّولِ
ولا بينَ خطوطِ العرضْ
لنْ يقبلَ أحدٌ أنْ تفردَ ظلَّكَ
بالحسنى أوْ أيًّا منْ ظلّْ
لوْ خفَّ أوْ حتّى قلّْ
فافردْ ظلَّكَ
فوقَ ظلالِ الأرضْ
افرضْهُ بسلاحِ القوّةِ
افرضْهُ
ببصيصٍ منْ نورِ الكوّةِ
افرضْهُ
بصمودِ كفاحِ الثّورةِ فرضْ
جينات
لماذا بالعمومْ
يكونُ أبناءُ الرّؤساءِ والملوكِ
فاسدينْ
يكونونَ بلا ضميرٍ ولا دينْ
وأحيانًا وعلى وجهِ الخصوصْ
وليسَ لأمرٍ جديدٍ
فأباؤُهُمْ منْ قبلِهِمْ لصوصْ
قسمةٌ قاتلة
أيُّها الجنوبْ
يا حاملَ الهمومِ
والأوزارِ
والذّنوبْ
لماذا يكرهُكَ الشّمالُ
ألسْتَ شقيقَهُ
سيمحقُكَ قابيلُ الشّمالِ
يا هابيلَ الجنوبْ
إذا لمْ تكنْ عبدًا لهُ
إذا لمْ تصلِّ لهُ خاضعًا
يا جنوبُ
ولمْ تعطِهِ برضًا
وانصياعٍ ما ملكْتَ
أوْ إذا لمْ تثرْ على محقِهِ
وعنْ ثورتِكَ الّتي ينكرُها
لا تتوبُ
الأسلوب
بوضوحٍ يا شعبي أتكلّمُ
منْ صدقِ شعوري أترجمُ
بثباتِ خطايَ أتقدّمُ
تتقدّمُ كلماتي
فوقَ أسطرِ المعركة
قدْ تختبئُ معانيها
أحيانًا كأسلحةٍ في الأنفاقْ
وأحيانًا تنبعثُ كفيضِ الرّوحِ
فتأتي كشعاعاتِ الإشراقْ
بثباتٍ تتقدّمُ كلماتي
في الميدانْ
أعرفُ أنّي بينَ مطرقةِ الظّلمِ
وبينَ ظلامِ السّندانْ
لكنْ بوضوحٍ أتكلّمْ
أصرخُ في وجهِ السّجانْ
كيْ تسلمَ يا شعبي
كيْ تسلمَ
كيْ تسلمْ
قسَم
وربِّ العزّة
وربِّ الأمينِ محمّدْ
وربِّ طفولةٍ تعيشُ في الحلكْ
وربِّ دماءِ الرّجالِ والنّساءِ
وكلِّ مَنْ منْ أهلِنا هلكْ
لنْ تكونَ خانيونسُ مربطًا لخيلِكُمْ
ولنْ تحاصروا وتعصروا الزّيتونْ
لنْ تملأوا بطونَكُمْ منْ خيرِهِ
زيتونُ غزّةَ حرٌّ عصيٌّ لا يرَصُّ
وستقصمُ ظهورَكُمْ بقسوةٍ
بيتُ حانونْ
كما يقسّمُ القماشَ المقصُّ
ولنْ تصبروا ولنْ تصمدوا
في جحيمِ الرّضوانِ
لسْتُمْ منْ شيوخِهِ
والشّجاعيّةُ أشجعُ ممّا تظنّونْ
وربِّ العزّة
وربِّ العرشِ في بحرِ غزّة
لسْتَ قادرًا أنْ تعومَ
ولسْتَ قادرًا أنْ تغوصَ
في عمقِ لجّاتِ حاراتِها
ولسْتَ أنتَ قادرًا أنْ تظلَّ
ولسْتَ قادرًا أنْ تغادرَ وحلَها
وربِّ المسيحِ عيسى
وربِّ الكليمِ موسى
ستبقى أيُّها الاحتلالُ مهما بلغْتَ
ستبقى أيُّها القرشُ مهما ابتلعْتَ
بلّاعَ موسى
صرخةٌ يمانيّةٌ
لوْ جذّوا بيوتَ صنعاءَ
وجعلوها جُذاذا
كما جذَّ إبراهيمُ الأصنامَ
وأخذوا أهلَها إلى المحرَقِ
وكانوا إلهًا أوْ نمرودًا يعبدُ
لوْ منعوا عنْها ماءَ سبيلِ العيشِ
ولمْ ينهملِ الغيثُ إلّا دموعًا ورذاذا
سنساندُ غزّةَ بالكرِّ وبالقوّةِ والنّارِ
حتّى تصيرَ النّارُ بردًا وسلاما
وليسَ لأمريكا إلّا ذلُّ الفرِّ ملاذا
وسيبقى هذا موقفُنا
ما دمْنا
أوْ لو متْنا
ولنْ نتراجعَ عنْ هذا