أدونيس…بين نقض الدين والدعوة للتطبيع الثقافي

الإعلامي أحمد حازم

تاريخ النشر: 01/01/24 | 14:12

خلال حياتي الصحفية منذ أكثر من نصف قرن، التقيت بشعراء عرب كبار في عواصم عربية وأوروبية. فمنهم من اتفقت معه أدبياً وليس سياسيا، ومنهم من اتفقت معه سياسيا وليس أدبيا ومنهم من لم اتفق معه لا أدبياً ولا سياسياً. بالإضافة الى لقاءاتي مع الشعراء الفلسطينيين الثلاثة الكبار محمود درويش في تونس، عز الدين المناصرة مرات عديدة في عمان وسميح القاسم في الناصرة وبرلين.

وهناك شعراء عرب آخرين التقيتهم مثل: نزار قباني، سعيد عقل ونازك الملائكة في بيروت، والتقيت الشاعر محمد مهدي الجواهري في براغ، وأجريت مقابلة مع الشاعر عبد الوهاب البياتي في عمان، ولا انسى الشاعر مظفر النواب الذي التقيته في برلين. ومعذرة اذا غاب عن ذهني أسماء شعراء آخرين.

لكني لم أحاول ولو مرة واحدة طلب مقابلة مع الشاعر(العلوي) المتعدد الجنسيات، علي احمد سعيد اسبر المعروف بالاسم المستعار “أدونيس” الذي يحمل الى جانب جنسيته السورية، الجنسيتين اللبنانية والفرنسية. السبب الرئيس الأساسي لعدم رغبتي اللقاء به، أفكاره الهدامة المناهضة للدين، والسبب الثاني موقفه السياسي المتعلق بالمنطقة.

أعترف بأن سبب كتابتي هذا المقال يعود لمقال كتبه الأديب والكاتب محمد علي طه، نشره في موقع “العرب” في السابع والعشرين من الشهر الماضي تحت عنوان ” شرارةٌ في موقد مُشغل النّار” تحدث فيه عن لقائه بالشاعر أدونيس في العاصمة الفرنسية باريس. ومع تقديري وإعجابي بالأسلوب الشيق للكاتب، وتأييدي لمواقفه في أجزاء من المقال، لكني لست مع الأديب فيما قاله صراحة انه من المؤيدين لأفكار أدونيس الناقدة للإسلام. كيف؟ يقول الأديب في مقاله بالحرف الواحد:” ومن الطّبيعيّ أيضًا أن أؤيّد رفضه للواقع العربيّ والواقع الاسلاميّ اللذين تمرّد عليهما وأن أوافقه على تشخيصه الدّقيق لهذين الواقعين”.

تعالوا معي لنرى بعض موقف أدونيس، الذي يؤيده الاديب محمد علي طه: في كتابه “فاتحة لنهايات القرن” يقول أدونيس في الصفحة 148: “كلنا يعرف من هو المسيح، ولعلنا نعرف جميعا كيف خاطبه (رامبو): “يسوع، يا لصّا أزليا يسلب البشر نشاطهم”. قهل أصبحت اهانة الأنبياء تحظى بالتأييد؟ وهل هذه الإهانة (بنظر المعجبين بها ) علامة من علامات الحداثة والإبداع؟

أدونيس، يرى “أن الإبداع الحقيقي، لا يبدأ إلا بنقض الأصول الدينية، وتقويض البنى الإيمانية التقليدية” وهو الذي قال أيضا “كل فكر ديني هو تحجيم وتقزيم وقتل لحيوية العالم، فهل يمكن العيش في المجتمع الإسلامي التقليدي بعد كل الثورات والانقلابات الفكرية في العالم؟”

الكاتب والشاعر محمد الماغوط (عديل أدونيس) والذي أشهر بمسرحياته دريد لحام وأوصله للقمة اختصر أدونيس بكلمتين.: (بدّو نوبل) يعني همه نيل جائزة نوبل بأي ثمن علما بأنه ترشح لها وفشل في نيلها. ولكي يرضى عليه القائمون على الجائزة، كان لا بد من تقديم تنازلات سياسية فيما يتعلق بالموقف من إسرائيل:

في العام 1995 وخلال ملتقى غرناطة قال أدونيس: “إن إسرائيل تنتمي اليوم إلى منطقة قامت ثقافتها أساساً ومنذ البداية على التمازج بين عناصر متعددة ومختلفة، ولذلك فالثقافة في هذه المنطقة ثقافة تمازج وتفاعل وأن العرب أفادوا من جميع العناصر الأخرى التي كانت موجودة في المجتمعات الإسلامية وبشكل خاص المسيحيين واليهود لتكون حضارتهم حضارة منفتحة.” وهذا الموقف اعتبره اتحاد الكتاب العرب بادرة لإطلاق التطبيع الثقافي مع اسرائيل وانهاء الصراع بالطريقة الإسرائيلية”. ولذلك تم طرده من الاتحاد.

وأخيراً…

بقي علينا القول ان أعمال وكتابات ادونيس ممنوعةً في جميع الدول العربية والإسلامية، وهو لم يحصل على أية جائزة رسمية من أية جهة عربية أو إسلامية باستثناء (لبنان) وجوائز من دول أوروبية فقط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة