هل سيتغير الشرق الأوسط عندما يُثقب الجدار

أحمد حازم

تاريخ النشر: 15/10/23 | 9:00

دولة إسرائيل تحتاج الى وقت طويل لتصحو من هول الضربة التي تلقتها من عملية “طوفان الأقصى” التي كانت بالفعل مفاجئة وموجعة لدرجة دفعت بنتنياهو لتشكيل حكومة طواريء للانتقام من منفذيها ومن حركة حماس بشكل عام. وما يجري الآن من قصف وتدمير وقتل هو الرد الاسرائيلي على العملية التي تستهدف كما قال نتنياهو “تصفية حماس”.

هناك دول تبني الجدران لمنع تدفق اللاجئين مثل الجدار الفاصل بين الولايات المتحدة والمكسيك، والجدار الذي بنته المجر عام 2016 على حدودها مع صربيا 6 على طول 177 كيلومترا وارتفاع أربعة أمتار، لكن جدار غزة الذي بنته إسرائيل في العام 2021 بذريعة الحفاظ على أمن المستوطنات المحيطة بغزة فقد حول غزة إلى سجن كبير وإلى غيتو.

من حقنا كمحللين متابعين لمجريات الأمور االتعمق في تحليل عملية “طوفان الأقصى” التي أظهرت حسب رأي المحللين الإسرائيليين فشل استخباراتي ونتساءل: كيف تغلب الفلسطينيون بإمكانياتهم المتواضعة مقابل إمكانيات إسرائيل، على أجهزة أمنية كبيرة مثل الموساد وامان والشاباك وعطلوا تكنولوجياتهم الحديثة وأقمارهم الصناعية التي ترى النملة على الأرض؟

كيف اقتحم الفلسطينيون الجدار العازل الذي يصل طوله إلى 65 كم ويطوق قطاع غزة أرضا وبحرا، واستخدم في إقامته 140 ألف طن من الحديد و1200 عامل عملوا فيه على مدى الساعة طوال ثلاث سنوات، وبارتفاع سته أمتار عن سطح الأرض وعمق عشرة أمتار تحت الأرض، ومزود بأجهزة استشعار ورادارات ومراقبة فائقة الحساسية والدقة؟

كيف تمكن ابن غزة من شل مفعول تقنيات جدار ونظام تسليح قوي يتم التحكم فيه عن بعد، وأبراج مراقبة ودوريات على مدار الساعة تستطيع رصد قطة إن سارت أسفله، ورصد أي تحرك على بعد كيلومترين منه فتدوي أجهزة الإنذار، كلفت إسرائيل مليارا ونصف من الدولارات الأمريكية؟ و كيف استطاع أكثر من ألف غزي اختراق الجدار والدخول إلى مناطق الـ 48 ؟ الحقيقة الواضحة: عندما يثقب الجدار يحصل ما لم يكن في الحسبان.

في كلمته أمام رؤساء البلدات الحدودية الجنوبية، قال نتنياهو إن “رد إسرائيل سيغير الشرق الأوسط”. وقال الشيء نفسه في خطابه للشعب: “ما سنفعله بأعدائنا في الأيام المقبلة سيتردد صداه معهم لأجيال عديدة”. وصرح أيضاً بأن هدف الحرب على غزة هو القضاء على حماس نهائياً. ووزير الدفاع السابق بيني غانتس (المعارض) الشريك في حكومة الطوارئ قال: ” سنغير الواقع الأمني والاستراتيجي في المنطقة”.

حتى لو تمكن نتنياهو (افتراضا) من تصفية حماس، فمن الغباء الاعتقاد بأن تصفية فصيل فلسطيني يؤدي الى تغيير وضع كلي في المنطقة. فهناك قادة كبار تحدثوا عن هذا التغيير وظل الحديث حبرا على ورق:

رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق شيمون بيريز أصدر كتاباً حول الكيفية التي ستعيد بها أوسلو تشكيل الشرق الأوسط. ووزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس تحدثت في العام 2006عن “شرق أوسط مختلف”. وبعد توقيع “اتفاقيات أبراهام” بين الإمارات والبحرين من جهة وإسرائيل من جهة أخرى في 15 سبتمبر/ أيلول 2020، ردّد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، عبارة “الشرق الأوسط الجديد”. وشارون دمر بيروت في العام 1982، ومع كل ذلك لم يتغير أي شيء والشرق الأوسط لا يزال على حاله مع كل أزماته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة