العادات السلبية في رواية “ظلام النهار” لجميل السلحوت

رائد محمد الحواري

تاريخ النشر: 23/08/23 | 12:14

هناك كُتاب يهتمون بالشؤون الاجتماعية لما لها من أهمية في بناء المجتمع السليم، الروائي “جميل السلحوت” من الذي جعلوا أدبهم لخدمة مجتمعهم، فهو يتناول سلبيات المجتمع مبينا أن التخلص من الظواهر السلبية والسلوكيات الخاطئة، يؤدي إلى وجود مجتمع سليم قادر على مواجهة التحديات، في رواية “ظلام النهار” يتحدث عن الطفل “خليل” الذي فقد يده بسبب الجهل وعدم معالجته بصورة صحيحة من قبل “الحاج عبد الرؤوف”، الذي عالجه كما يعالج الماعز، ممّا أدى إلى فقدانه يده، ورغم تألق “خليل” في أكثر من مجال، فقد تعلم الإنجليزية بسرعة، وكان نبيها في تعامله مع الأحداث، وهذا ما جعله يقوم بإنقاذ الطفل الرضيع من المغارة بعد أن تقدم من صوت البكاء، بينما رفاقه هربوا معتقدين أن المغارة مسكونة بالجن، كما أمتاز بالنبل والتواضع والعطاء، حيث كان يساعد أسرته في تدبير أمورها المالية، وكان يرفض أن يخصه والده بشيء دون أخوته، كما أنه تعامل مع الدين من منظور إيماني، فرفض أن يشرب الخمر أو ، أنه حرام ولا يجوز له شربه، كما نجده نادما بعد أن أغوته “ستيفاني” وأفقدته عذريته، وبعد عودته من لندن بدعوة من “ستيفن” ووضع يد صناعية له، يتطور مفهومه للحياة أكثر، فيحاول تغيير السلوكيات والأفكار الخاطئة في محيطه، مستعينا بأخيه “كامل” حيث شكلا معا نموذجا للشباب ودورهم في التغيير ومواجهة التقاليد والعادات البالية، من هنا نجدهما يقفان ضد تزويج أختمهما “زينب” التي لم تصل سن الزواج بعد، ومع هذا يصر الأب على تزويجها مما جعل ليلتها سوداء، وكانت أقرب إلى الاغتصاب منها إلى ممارسة طبيعية، وهذا جعلها تفقد الوعي؛ ليتركها “مرعي” زوجها المتخلف معتقدا أنها مجنونة ويطالب بمعالجتها من الجن الذي يتلبسها.

فالرواية تتناول السلوكيات السلبية في المجتمع، مثل (التجبير الشعبي)، تزويج الفتيات قبل أن يبلغن سن الزواج، والخلافات بين الأفراد، وكيف تتطور وتتفاقم وتكبر؛ لتصل إلى خلافات بين العائلات، وطريقة تعامل الأب مع أسرته الذي يرى نفسه الحاكم بأمر لله ولا يجوز أن يقال له لا، كما تتناول طريقة التفكير الخاطئة والمتمثلة في نسب المشاكل النفسية والأصوات في الخلاء إلى والجن، وإلى أن المرأة يجب أن تسير خلف الرجل وليس إلى جانبه، كل هذا يجعلها رواية اجتماعية بامتياز.

فنجد الظلام في بتر يد “خليل” وما عاناه من ألم، ونجده في تزويج الطفلة “زينب” من “مرعي” الذكر الناضج والكامل، والمعاناة التي وجدتها حينما حاول اغتصابها، ونجده في خلافات الأفراد التي تتطور إلى خلافات عائلات، ونجده في كلمة “طلاق” التي يطلقها الرجل معتقدا أنه (رب) قادر على فعل ما يريده بكلمة “عليّ الطلاق”، ونجده في تعامل الذكور مع النساء والفتيات، حيث يعتبروهن ملكا خاصا، وكأنهن دواب تباع وتشترى: “أجتك عطية ما من وراها جزية” ص147، بينما كان النهار خافت/غائم لا يفي بالضياء الكافي، وجل ما وجدناه من بصيص هو موقف “خليل وكمال” ومحاولتهما إضاءة (نواسة) لتوقف/لتحد من انتشار وامتداد الظلام.

الرواية من منشورات دار الجندي للطباعة والنشر والتوزيع، القدس، فلسطين، الطبعة الأولى2010.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة