إتحاد الأدباء يفتتح الفعالّيّات الثّقافيّة في النّقب

من علي هيبي

تاريخ النشر: 24/06/23 | 14:11

توطئة لا بدّ منها:ما أن حطّ وفد الاتّحاد القطريّ للأدباء الفلسطينيّين رحاله في أرض النّقب الحبيب، حتّى شعّ في نفوس الأدباء المشاركين من الجليل والمثلّث ضوء غامر وأمل ساطع وإحساس عميق وباهر، يعبّر عن طموحات دامت على مدى عقد مضى من الزّمان، إحساس إنسان بأنّ أحلامه الجميلة تحوّلت إلى واقع ملموس بأمّ اليد وحقيقة محسوسة بأمّ العين والقلب. فمنذ أن أعلنّا في بيان مؤتمر الاتّحاد القطريّ سنة 2014، وحتّى أسّسنا الاتّحاد القطريّ للأدباء الفلسطينيّين سنة 2022 أكّدنا في بيانه الأوّل أنّ المثلّث الوطنيّ والثّقافيّ لا يكتمل بضلعيْن: الجليل والمثلّث، فلا بدّ من الضّلع الثّالث النّقب الحبيب، واجتهدنا منذ تأسيس الاتّحاد في السّنة الماضية على استثمار كلّ الوسائل والإمكانيّات واستغللنا كلّ العلاقات الشّخصيّة الّتي تربط بين أدباء منّا وأدباء من النّقب لضمّهم إلى صفوف الاتّحاد واستخدمنا كافّة المعارف والمعلّمين في النّقب كي يكونوا وسطاء لنجاح هدفنا السّامي، ولو بزيارة مدرسة أو عقد ندوة أو إنجاز زيارة تعارف، ونجحنا في هذا الوقت وعلى مدى يوميْن كامليْن، في حزيران الجاري هذا العام من تحقيق الأهداف الأربعة: ففي اتّحادنا اليوم بضعة أعضاء من النّقب وثمّة من ننتظر انتسابهم قريبًا، ونجحنا في زيارة مدرستيْن ابتدائيّتين: في اللّقية وحورة، في يوم اللّغة العربيّة، ونجحنا بعقد أمسية ثقافيّة وأدبيّة مشتركة بين أدباء من الجليل والمثلّث والنّقب في مركز شباب حورة، ونجحنا بتنفيذ نشاط سياحيّ وطنيّ بجولة في المعالم الفلسطينيّة في بلدة بئر السّبع القديمة. وفي الوقت نفسه لمحنا السّعادة المنبعثة من قلوب الأهل في النّقب والفرح الغامر وجوههم طلّابًا ومعلّمين وطواقم مختلفة وأهاليَ. وإلى التّفاصيل:

مدرسة “العهد” – اللّقية:على أبواب مدرسة “العهد” الابتدائيّة في قرية “اللّقية” العامرة والقريبة من مدينة بئر السّبع في جنوب الوطن، وقفت مديرة المدرسة المربّية بسمة الصّانع ولفيف من أعضاء الطّواقم التّعليميّة والإداريّة لاستقبال وفد الاتّحاد القطريّ للأدباء الفلسطينيّين المكوّن من سبعة أدباء وهم: الشّاعر علي هيبي النّاطق الرّسميّ من كابول، الكاتبة أسمهان خلايلة نائب الأمين العامّ من مجد الكروم، الكاتب عبد الخالق أسدي رئيس لجنة المراقبة من دير الأسد، الكاتبة زينة الفاهوم عضو الإدارة من النّاصرة، د. رمزيّة شريف من طمرة، د. عدالة جرادات من يافة النّاصرة، الشّاعرة رائدة غزّاوي من عرّابة البطّوف، وهنّ من أعضاء الاتّحاد.
وفي ساحة المدرسة ووسط الأهازيج الوطنيّة والتّراثية والبدويّة وبين لوحات تمجّد اللّغة العربيّة وصور ونبذ لرموز شعرنا الفلسطينيّ: محمود درويش، سميح القاسم وفدوى طوقان، ونبذ وصور لأعضاء وفد الاتّحاد وقفت مديرة المدرسة، المربّية بسمة الصّانع، مع أفراد من الطّواقم العاملة في المدرسة، ومع عدد من الطّلّاب، واستقبلوا الوفد الضّيف استقبالا باهرا. وقد برز من بين المستقبلين: المربّي زياد الفقير نائب المدير الأوّل، المربّي إبراهيم أبو بدر نائب المدير الثّاني، المربّي منصور العمور مركّز الأمن والأمان، المربّية أماني أسدي مركّزة اللّغة العربيّة، المربّية آمنة أبو مطير مركّزة التّربية الاجتماعيّة، المربّية سوما أبو عبيد مستشارة المدرسة، المربّية ندى الصّانع مركّزة الدّمج، المربّية نهيل أبو جديع مركّزة الفعاليّات الاجتماعيّة، المربّية منار الصّانع معلّمة اللّغة العربيّة والمربّية ملك أبو ليل معلّمة اللّغة الإنجليزيّة.

وقد أضفى على حفاوة هذا الاستقبال في هذه الأجواء بهجة وفرحًا، ما قدّمه الطّلّاب مجموعة وأفرادًا من موادّ وأناشيد وموسيقى ومسرح، صورة خلقت لدى أعضاء الوفد الضّيف حالة انبهار مفعمة بطعم النّقب الحبيب، فقدّمت الطّالبة ليان الصّانع كلمة ترحيبيّة بلباقة واقتدار، شكرت فيها الوفد لتكبّده مشاقّ السّفر والحضور لمشاركة المدرسة في يوم اللّغة العربيّة، أمّا الطّالبة جود الصّانع فقدّمت مداخلة جميلة عن سيرة الشّاعر الفلسطينيّ سميح القاسم وإبداعه الأدبيّ، وقامت جوقة المدرسة وبمشاركة الحضور من الأهالي والضّيوف بإنشاد أغنية “منتصب القامة أمشي” من كلمات القاسم وألحان مارسيل خليفة وغنائه، وكذلك قدّمت الطّالبة ملاك أبو طراش مداخلة عميقة عن حياة الشّاعر محمود درويش وإنتاجه الشّعريّ، وتلتها الطّالبة سلاف الصّانع وبإلقاء رائع قرأت قصيدة “أمّي” للشّاعر. وفي قاعة داخل المدرسة استمرّ الاستقبال البهيج، فقدّمت مديرة المدرسة كلمة شكر وترحيب عبّرت فيها عن مدى سعادتها وسعادة أعضاء طواقم المدرسة والطّلّاب بكون مدرستها تحظى بقصب السّبق بين مدارس النّقب، فهي الأولى الّتي يدخلها ويشارك في فعاليّاتها اتّحاد منظّم، وأعربت عن رغبتها في استمرار هذه اللّقاء في الأعوام القادمة. ومن ثمّ تطرّقت إلى نبذة وافية عن مدرسة “العهد” ومسيرتها، فذكرت إنّ المدرسة تأسّست سنة 2001 وفيها 22 شعبة و700 طالب و48 معلّمًا، منهم عدد قليل من الشّمال.

وقد تطرّقت أيضًا إلى الظروف المعيشيّة وحالة الفقر الّتي يعاني منها السّكان وتنعكس على الطّلّاب، وبخاصّة الطّلاب من القرى غير المعترف بها، مثل قرية “عَوَجان” الّتي يفد طلّابها إلى مدارس “اللّقية”. وقد ردّ الشّاعر علي هيبي على كلمة المديرة شاكرًا لها حسن الاستقبال، معربًا عن استعداد الاتّحاد للتّعاون مع مدارس النّقب عامّة و”العهد” خاصّة، وذكر أنّ الحضور إلى النّقب كاتّحاد للأدباء كان حلمًا راودني منذ أعوام وهأنذا أعيشه واقعًا. وتوالت الفقرات الفنّيّة فغنّت مجموعة من الطّلّاب موشحًا أندلسيًّا بلحن “جادك الغيث” وبكلمات مغايرة، فتجلّت قدرة المدرسة على تحضير طلّابها لهذا اللّقاء، وكذلك قدّمت مجموعة أخرى من الطّلّاب أوبريت “الحلم العربيّ” فترك في النّفوس أثرًا كبيرًا. ومجموعة أخرى أنشدت غناء “على دلعونا” من التّراث الفلسطينيّ وغناء “الدحيّة” من التّراث البدويّ، فكانا نموذجيْن لروعة الغناء، وقدّمت فرقة أخرى بفنّيّة عالية مشهدًا مسرحيًّا عن العلاقات الأسريّة تناول الصّراع التّاريخيّ بين “الحماة والكنّة”. ومن ثمّ تفرّق الأدباء كلًّا على شعبة من صفوف الخوامس والسّوادس، وبلقاء مباشر مع الطّلّاب قدّموا لهم ما تيسّر من خبراتهم الأدبيّة وتجاربهم ومعارفهم الثّقافيّة، وعلى مأدبة طعام وتلخيص، تحدّث الأدباء عن تجاربهم وانبهارهم من استعداد الطّلّاب وعن التزامهم السّلوكيّ ومشاركتهم الفاعلة. وقد قامت المديرة بتلخيص اللّقاء المميّز وقدّمت هدايا رمزيّة للضّيوف المشاركين، ويشار إلى أنّ الإعلاميّيْن: فرات نصّار من طرعان وياسمين دلال من حيفا شاركا في فعاليّات هذا اليوم بمحاضرة حول “التّوجيه من أجل النّجاح”.

مدرسة “الزّهراء” – حورة:وعلى أبواب مدرسة الزّهراء” الابتدائيّة في “حورة” العامرة والّتي ستتحوّل إلى مدينة قريبًا، وفي الصّباح نفسه وبأجواء مماثلة لما كان في “عهد” اللّقية، تألّقت بالزّينة واللّوحات والنّبذات وماجت بالفرح والأناشيد والحفاوة البالغة ورفلت بالورود وأنوار الطّلّاب وبهجة المعلّمين والعاملين، اُستقبل وفد آخر من أعضاء الاتّحاد القطريّ للأدباء الفلسطينيّين، وقد ضمّ الوفد ثمانية أدباء، وهم: د. محمّد هيبي الأمين العامّ من كابول، د. أسامة مصاروة نائب الرّئيس من الطّيّبة، د. جميل حبيب الله من عين ماهل، الأديب نظمات خمايسي من كفر كنّا، الأديب أسامة عدوي والكاتبة خالديّة أبو جبل من طرعان، الأديبة سيما صيرفي من النّاصرة والشّاعرة جنان ناصر من النّاصرة العليا. وقد رافق الوفد عدد من الأصدقاء: صباح هيبي ووسام مراد وسعيد خلايلة. وقد كان في استقبال الوفد من الضّيوف على باب المدرسة مديرة المدرسة وفاء العطاونة أبو شارب، المربّي واكد العطاونة مركّز اللّغة العربيّة، د. أحمد العطاونة المرافق الدّائم لفعاليّات المدرسة والنّاشطة الثقافيّة والكاتبة الرّوائيّة ليلى عبد الله، وهي عضو الاتّحاد القطريّ للأدباء الفلسطينيّين. وعلى مائدة غنيّة شملت وجبة استقبال خفيفة، رحّبت المديرة أعضاء الوفد وشكرتهم على المجهود الذي بذلوه في مجيئهم من الشّمال إلى الجنوب كي يكملوا الدّائرة الثّقافيّة والوطنيّة ويشاركوا المدرسة وطواقمها وطلّابها في يوم تتويج اللّغة العربيّة، والّذي كان حافلًا بالفعاليّات الثّقافيّة المتنوّعة التي أبرزت قدرات الطلاب، وقد برز من بين تلك الفعاليّات محطّتان تركتا أثرا طيّبا وعميقا في نفوس أفراد الوفد، وهما: محطّة اللغة العربيّة تحت عنوان “لغتي هويّتي”، ومحطّة المسرح حيث قدّمت فرقة من طلاب المدرسة، مسرحيّة “ليلى والذئب”.

لقد شكّل الطلاب مع أدباء محلّيّين من الاتّحاد القطريّ، جزءًا هامًّا وضروريًّا من هذا اليوم العظيم، والّذي جرى التّركيز فيه على مشروع “قصّتي الأولى” كفعاليّة إبداعيّة، ينفّذها طلّاب المدرسة تستوحي لغة القرآن واللّغة الفصحى عامّة بهدف الحفاظ على شخصيّتنا وهويّتنا العربيّة. ومن الجدير بالذّكر أنّ الرّوائيّة ليلى عبد الله أسهمت في تنظيم هذا اللّقاء في مدرسة “الزّهراء” وفي أنشطة أخرى على مدى يوميْن، سنذكرها لاحقًا.وفي ورشات عمل داخل صفوف الرّوابع والخوامس والسّوادس قدّم الأدباء ما يعزّز موضوع الكتابة الإبداعيّة لدى الطّلّاب وعن مراحل تطوّرها، وقد ركّزوا على تشجيع الطّلّاب على القراءة والمطالعة الذّاتيّة، وهو ما لاقى إعجابًا عند مديرة المدرسة والطّواقم المشرفة على المشروع، فقد عبّروا في جلسة التلخيص، عن رضاهم وسعادتهم بهذا اللقاء الذي كان له أثرا عميقا في نفوسهم ونفوس الطلاب. وفي نهاية جلسة التلخيص، قامت المديرة بتقديم دروع التكريم والهدايا لأعضاء الوفد الذين شكروها بدورهم وعبّروا عن امتنانهم لحسن الاستقبال وكرك الضيافة، والأهمّ من ذلك كلّه، تلك الجهود المخلصة التي تبذلها المديرة وطاقم المعلّمين والعاملين لطلاب المدرسة. وقد بدا ذلك واضحا في مستوى الطلّاب العلمي والاجتماعي. وفي بيت الكاتبة ليلى عبد الله، وعلى مائدتها الغنيّة، والتي عبّرت عن كرمها وكرم أهلنا في النقب عامّة، تناول أعضاء الوفد وجبة الغداء وتابعوا تلخيص اللّقاء الذي كان حافلا بالعطاء والفائدة، وقد عبّروا عن آمالهم بتجديد هذه الفعاليّات بمشاركة الاتّحاد القطريّ في سنين قادمة.

“عجز وأمل”:وبعد استراحة في مكان مبيت الوفد التأم الجمع ثانية في السّاعة الخامسة والنّصف من يوم الخميس 15/6/2023 في قاعة واسعة من مقرّ “مركز شباب حورة”، حيث غصّت القاعة بحضور نوعيّ ولافت، هناك انعقدت ندوة أدبيّة ثقافيّة وأمسية شعريّة امتدّت لساعتيْن، التقى فيهما الأدباء من الاتّحاد القطريّ مع مجموعة من أدباء النّقب ومثقّفيه، برز من بينهم السّيّد حابس العطاونة رئيس المجلس المحلّيّ والمحامي شحدة بن بري ود. سماح أبو رياش عضو الاتّحاد القطريّ.وقد استهلّت النّدوة بكلمة ترحيب من عريفة اللّقاء د. سماح أبو رياش، تطرقّت فيها وبلغة رقيقة وأسلوب جذّاب إلى عدّة مواضيع منها: حالة النّقب المعيشيّة والتّعليميّة ومعاناته على مدى عقود من الزّمان، وانقطاعه عن بني جلدته في الجليل والنّقب وجوديًّا ووجدانيًّا وثقافيًّا، ومن ثمّ تحدّثت عن حالة المدارس ومستويات التّعليم وأنهت بالكلام عن الرّوائيّة ليلى عبد الله المحتفى بروايتها “عجز وأمل”، كمقدّمة للشّروع في النّدوة الأدبيّة، ولكنّها قبل ذلك قدّمت رئيس المجلس، العطاونة، ليلقي كلمة ترحيب قصيرة. وفي كلمته عبّر عن مدى سعادته بهذا التّواصل الثّقافيّ بين أدبائنا من الجليل والمثلّث والنّقب، وكذلك تطرّق إلى تطوّر قرية “حورة” الّتي في طريقها أن تحظى بصفة مدينة كون عدد سكّانها أكثر من 25 ألف نسمة، وقد شهدت نقلة نوعيّة في الاتّساع والعمران والمؤسّسات. أمّا كلمة الاتّحاد القطريّ للأدباء الفلسطينيّين فألقاها عضو الاتّحاد د. جميل حبيب الله فأشاد فيها بتأسيس الاتّحاد الفتيّ وانطلاقه لتحقيق أحلامه وتوصيل رسالاته الثّقافيّة والوطنيّة برفع مستوى الحراك الأدبيّ والحفاظ على لغة وجودنا ووجداننا وفي تنظيم الحركة الأدبيّة عامّة.

النّاقد د. محمّد هيبي في مداخلته النّقديّة حول رواية الكاتبة عبد الله استهلّ بالشّكر بهذا الاستقبال والأجواء الفريدة والفعاليّات في المدارس، ومن ثمّ تناول الرّواية بالتّحليل النّقديّ الموضوعيّ مشيدًا بإبداع الكاتبة الّتي أنجزت هذه الرّواية ب 300 صفحة، عبّرت فيها عن معاناة الفلسطينيّ ونكبته الّتي ما زالت تمتدّ إلى الآن، وما اعتراه من عجز ينبثق منه أمل ساطع بالتّحرّر والكرامة، وقد تناول الجوانب الفنّيّة من مضامين ودلالات وأساليب ولغة وحوار وسرد وشخوص وأحداث. وممّا قاله: “ليلى تنسج من خيوط العجز ثوبًا من الأمل”، وهو بذلك يلخّص المعاناة كلّها من خلال العنوان الّذي اختارته الكاتبة لروايتها، وقد تطرّق إلى غلاف الرّواية المفعم بالدّلالات الجماليّة.
أمّا المداخلة النقديّة الانطباعيّة فقدّمتها الكاتبة خالديّة أبو جبل وقد ذكرت أنّ رواية “عجز وأمل” هي حكاية صناعة النّكبة الفلسطينيّة تاريخيًّا منذ العثمانيّين مرورًا بالانتداب البريطانيّ ووصولًا إلى الاحتلال الإسرائيليّ، وشخصيّة “عمر” بطل الرّواية صورة مختصرة لعجز الفلسطينيّ عن الفعل وتسلّحه بالأمل، ولكنّ الأمل يحذوه كما أشارت من خلال اتّساع الدّوائر الّتي اهتمّ بها، وهي الدّائرة الاجتماعيّة والسّياسيّة والكفاحيّة، ولم تقتصر على حياته الشّخصيّة، وهي الّتي خلقت فيه الأمل والعزم على التخلّص من العجز.أمّا مداخلة صاحبة الرّواية ليلى عبد الله فكانت مسك ختام النّدوة، فقد شكرت في مستهلّ كلمتها مقدّمي المداخلتيْن والحضور من جميع مناطق الوطن، ومن ثمّ علّقت على بعض النّقاط وأشارت إلى أنّ كلّ قارئ للرّواية له منظوره الخاصّ، وتحدّثت واصفة صعوبة تجربة التّأليف، خاصّة أنّ هذه الرّواية الأولى ضمن ثلاثيّة روائيّة قادمة. أمّا عن رسالتها فقد لخّصتها بأنّها أرادت للقارئ الفلسطينيّ أن لا يستسلم للعجز وأن يبقي الأمل مزروعًا في وجدانه كشعلة مقاومة لا تنطفئ.

شعر وحبّ ووطن:وبانتهاء القسم الأوّل انتقلت العريفة أبو رياش إلى الأمسية الشّعريّة فتحدّثت عن جمال اللّغة العربيّة وتميّز الشّعر بلغة فنّيّة مكثّفة خاصّة، ومن هناك انتقلت إلى تقديم الشّعراء تباعًا، فكان الشّاعر علي هيبي هو الأوّل وألقى قصيدة “حيّ العراقيب” خصّيصًا للتّنويه بالعراقيب هذه القرية الصّامدة في النّقب رغم هدمها ما يزيد عن 200 مرّة. أمّا الشّاعر سلامة أبو القيعان ابن حورة فقدّم قصيدة عينيّة بعنوان “حنين” عبّر فيها عن حنينه للقديم، الشّاعر نظمات خمايسي قدّم قصيدة عموديّة غزليّة رقيقة بعنوان “رحيق الجفون”، والشّاعرة رائدة غزّاوي قرأت قصيدة “يا نقب” كتبتها خصّيصًا تعبّر فيها عن عشقها لهذه المنطقة العزيزة، أمّا الشّاعر د. أسامة مصاروة فألقى ملحمة الاحتلال والصّمود بعنوان “حكاية صخر ومنى”، الشّاعرة حنان ناصر قدّمت قصيدة فيها طعم المأساة حول قتل النّساء على شرف العائلة بعنوان “مقتل سهام”، الشّاعرة د. عدالة جرادات ألقت قصيدة حول الصّمود والتّمسّك بالوطن بعنوان “لن نغادر”. وقد ألقى في الأمسية الكاتب عبد الخالق أسدي كلمة من القلب، عبّر بها عن سعادته بهذه الزّيارة بكلّ ما فيها من فقرات مثرية، وحيّى النّقب بأهله جميعًا وما لمسه وشهده فيهم من علم ووعي وتطوّر وحسّ وطنيّ. وأغلقت الأمسية وبإغلاقها انتهى اليوم الأوّل الطّافح بالفعاليّات، يوم الخميس الموافق لِ 15/6/2023.
سياحة فلسطينيّة: صباح الجمعة الموافق لِ 16/6/2023 اللٌقاء قرب الجامع القديم في قلب مدينة بئر السّبع، قادت الكاتبة ليلى عبد الله وابنتها والمربّية بسمة الصّانع وفد الأدباء الضّيوف في جولة سياحيّة ذات معانٍ وطنيّة ودلالات وجوديّة ووجدانيّة، من ساحة الجامع القديم الّذي بني سنة 1902، حيث مقرّ الحاكم العثمانيّ والّذي تحوّل في زمن الانتداب والاحتلال بعد “بحبوحة إسرائيل وعدالتها” إلى معتقل للثّوّار والمقاومين ومن ثمّ إلى متحف نصفه صهيونيّ. في البلدة القديمة حيث مرّت حضارات قديمة ووسيطة وحديثة وشهدت تقلّبات وصراعات متلاحقة. وتحدّثت المرشدة عن اسمها وأصولها وعن “تنظيفها” من العرب سنة النّكبة، أمّا اليوم فيسكنها حوالي 8000 عربيّ من النّقب والجليل والمثلّث. وانتهت الجولة بزيارة محطّة القطار الّتي بناها العثمانيّون، ومازال بعض من معالمها قائم يشهد على عروبة المكان وفلسطينيّته رغم كلّ الاحتلالات. وبانتهاء الجولة السّياحيّة انتهت هذه الزّيارة الثّقافيّة والأدبيّة في النّقب الحبيب على أمل لا ينطفئ باللّقاء على وطن وحبّ وتحرّر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة