د.سمير صبحي: ما بعد حالة الطوارئ التي عشناها – دروس وعبر واستفادة – رسالة إلى المواطن الفحماوي*

تاريخ النشر: 27/06/25 | 12:12

*إلى أهلي في بلدي*
*د.سمير صبحي – رئيس بلدية ام الفحم*
لقد مرّت بلدنا ام الفحم، شأنها شأن مدنٍ وبلداتٍ أخرى في البلاد، بأيامٍ عصيبة وصعبة لم تنحصر آثارها في صفارات الإنذار أو مشاهد الدمار فحسب، بل لامست مشاعر الخوف، القلق، والمسؤولية الجماعية.
واليوم، وقد انتهت حالة الطوارئ رسميًا، فإن الواجبَ الأخلاقي يُحتّم علينا الوقوف وقفة تأمل، لا لنلقي اللوم، بل لنستخلص الدروس والعبر والاستفادة مما حصل ونمضي نحو مستقبل أكثر أمانًا وجهوزية.
*أولًا: المواطن الفحماوي هو أساس الحماية والمناعة*
إنّ مسؤوليتك أيها المواطن الكريم لا تقتصر على الانصياع للتعليمات والالتزام بها، بل تمتد لتشمل المبادرة، الوعي، والمشاركة الفعّالة في خلق بيئة آمنة لك ولمن حولك ولمن تحب.
*ما الذي يمكننا فعله كمواطنين؟*
• الالتزام ببناء غرفة آمنة (ממ”ד مأوى محصّن) عند إنشاء بيت جديد، وفق تعليمات لجان التنظيم والبناء، وأن لا يبقى هذا الملجأ على الخارطة الرسمية فقط حبرًا على ورق. وهذا دور البلدية بالتعاون مع لجنة التنظيم والبناء المحلية بمتابعة ومراقبة تطبيق وتنفيذ بناء الملجأ داخل البيوت او المؤسسات الخاصة والمجمعات التجارية والمصالح المختلفة، وليس فقط بهدف الحصول على ترخيص البناء.
• معرفة موقع أقرب ملجأ عام في الحي، وفق الخارطة التفاعلية التي أعدتها البلدية لكافة الملاجئ العامة في المدينة وتم نشرها سابقًا، والتأكّد من صلاحية الملجأ ونظافته، والحرص على إبقائه مفتوحًا عند الحاجة، والذي ممكن أن يكونَ في أقرب مدرسة او مؤسسة عامة.
• إعداد خطة طوارئ عائلية تشمل الأطفال، كبار السن، وذوي الاحتياجات الخاصة. هذه الخطة تشمل احتياجات أساسية للعائلة داخل الملجأ او المنطقة الآمنة المحمية.
• التعاون مع الجيران والأهل والمبادرة إلى المساعدة، فالمجتمع المتماسك أكثر قدرةً على التحمّل والصمود. ورأينا ذلك كيف استعد عدد كبير من المواطنين لاستقبال عائلات في حالات الضرورة، من خلال التسجيل للنداء الذي أصدرناه بهذا الخصوص لعائلات مستضيفة.
*ثانيًا: بلدية أم الفحم هي خط الدفاع الأول*
خلال الأزمة التي مررنا بها جميعًا، قامت بلدية أم الفحم بواجبها بفتح الملاجئ العامة، إصدار التعليمات والتوجيهات والارشادات للمواطنين على مدار الساعة، ومتابعة الوضع ميدانيًا مع كافة الجهات ذات الصلة، سواء: الشرطة، الجبهة الداخلية، سلطة الإطفاء والإنقاذ، نجمة داود الحمراء، اتحاد مياه وادي عارة، العيادات المختلفة، مركز الحصانة الجماهيرية وغيرهم. لكن التحديّات التي واجهناها تفرض علينا تطوير منظومة الطوارئ المحلية على نحو مهني واستباقي وجهوزية عليا.
*ما الذي فعلته البلدية؟*
• بلدية ام الفحم هي من البلديات السبّاقة والمبادِرة في مجال الطوارئ والتحضيرات، كذلك من حيث دورات الاستكمال لموظفيها وإدارتها ورئيسها، وهي بصدد إعداد خطة طوارئ استراتيجية شاملة ومحدَّثة تأخذ بعين الاعتبار التوزيع الجغرافي والاجتماعي للسكان، منطقة جذر البلد، الاحياء الجديدة، الضواحي وغيرها.
• تنظيم تدريبات دورية في المدارس والأحياء، بالتعاون مع الطواقم المهنية والمتطوعين، رغم أن هذا الأمر قائم، لكن نحن بحاجة إلى مأسسة هذه التدريبات وتنظيمها، لتصبح جزءًا من سيرورة البرامج التربوية.
• إطلاق فرق طوارئ تطوعية محلية، يتم تدريبها وتأهيلها بالتعاون مع أقسام البلدية المختلفة والجهات الرسمية المختصة، وباب التطوع مفتوح لدى الجميع، صغارًا وكبارًا، رجالًا ونساءً، تخصصات ومهن بكافة أنواعها.
• هذا إضافة إلى تجهيز وإخلاء مسارات شوارع خاصة بعمليات إنقاذ في حال حصل طارئ لا قدر الله.
*ثالثًا: الحكومة… مسؤولية تتجاوز الشعارات*
الواقع المؤلم يُظهر أن المجتمع العربي يعاني من فجوات كبيرة وخطيرة في البنى التحتية المتعلقة بالحماية المدنية والأمان، كغياب الملاجئ العامة، نقص الغرف المحصّنة، نقص المعدات والآليات للإنقاذ السريع، نقص معدات الإسعاف الأولي، والعيادات المختصة، نقص مولّدات الكهرباء، إضاءة الطوارئ، مكبرات الصوت، أجهزة الاتصال اللاسلكية وغيرها.
*ما الذي نطالب به كبلدية وكمجتمع عربي؟*
• المطلوب حالًا وفورًا إعداد خطّة حكومية لسدّ فجوات الحماية والأمان في المدن العربية، عبر تخصيص ميزانيات لبناء ملاجئ عامة وتمويل بناء الغرف الآمنة، وتوفير المعدات والآليات العمل المطلوبة لمثل هذه الحالات، خاصة أننا نرى التجهيزات في المدن اليهودية ونرى الفارق الكبير والفجوة الشاسعة بيننا وبينهم.
• تحويل ميزانيات طوارئ مباشرة للبلديات العربية، دون تعقيدات ومعوّقات بيروقراطية.
• إلزام الوزارات بإصدار التعليمات والخدمات الطارئة باللغة العربية، على كافة المنصات والتطبيقات.
• توفير دورات تأهيل للكوادر المهنية في السلطات المحلية العربية، بما يضمن الكفاءة والاستعداد الحقيقي. مع الإشارة إلى وجود مثل هذه الدورات لدينا في بلدية ام الفحم، لكن بحاجة إلى زيادتها وتعزيزها.
*رابعًا: المتطوّعون ولجان الأحياء … نبض المدينة في الأزمات*
دور المتطوعين والمتطوعات ولجان الأحياء في ام الفحم ومجتمعنا العربي هام وحيوي جدًا، فهم خطّ الدفاع الإنساني الأوّل، ودورهم في الميدان يكون منذ اللحظة الأولى، يساعدون، يطمئنون، يوزعون المساعدات، ويدعمون الشرائح الضعيفة على وجه الخصوص، مثل كبار السن والنساء والأطفال.
*كيف نُفعّل دورهم؟*
• تشكيل قاعدة بيانات علمية تطوعية محلية موزعة بحسب الأحياء والمواضيع والتخصصات المهنية. وهو ما قمنا به فعليًا في قسم الخدمات الاجتماعية، حيث تم اعداد قوائم متطوعين بشتى المجالات والتخصصات والمهن لوقت الضرورة والأزمات.
• تنظيم دورات تدريبية في الإسعافات الأولية والدعم النفسي والإرشاد الميداني.
• دمجهم في خطة الطوارئ البلدية الرسمية، ومنحهم الأدوات اللازمة لأداء دورهم بفاعلية.
*خامسًا: الجمعيات المدنية والمؤسسات الأهلية*
الجمعيات والمؤسسات المحلية، الأهلية والمدنية، هم السند الحقيقي في هذه الأزمات، من تقديم المساعدات في مجال الغذاء، الماء، الدواء، الإيواء، الدعم النفسي، والإعلام المجتمعي.
*المطلوب:*
• دمج هذه الجمعيات والمؤسسات في الخطط البلدية للطوارئ بشكل رسمي.
• تخصيص أدوار واضحة لكل جمعية بحسب مجالاتها وتخصصاتها.
• تقديم الدعم المالي واللوجستي لها في حالات الطوارئ.
*سادسًا: التدريبات المبكّرة والتجهيزات … مفتاح النجاة*
أثبتت التجربة أنّ من يتدرب مسبقًا ويتجهّز، يتصرّف بشكل صحيح في لحظات الخطر والضرورة والأزمات. ولهذا، ينبغي أن تكون التدريبات جزءًا من الثقافة المدنية ومنظومة العمل وليس فقط من “الاستعدادات الموسمية”.
*اقتراحات عملية:*
• تمارين طوارئ في المدارس والمؤسسات العامة مرتين سنويًا.
• تنظيم تدريبات ميدانية في الأحياء المختلفة بالتنسيق مع الجهات المختصة.
• إطلاق حملات توعية مجتمعية تُعزّز من ثقافة الجهوزية المسبقة.
*معًا نحو أم الفحم أكثر جهوزية*
إنّ المسؤوليةَ لا تقع على طرف دون آخر، بل نحن جميعًا نتحمّل المسؤولية:
المواطن، البلدية، الحكومة، المتطوعون، الجمعيات، والأهالي، دور متكامل وشراكة عمل وتعاون في مثل هذه الظروف.
ومن هذا المنطلق، فلنجعل مما مررنا به نقطة انطلاق نحو نظام طوارئ فحماوي أكثر مهنية، أكثر تماسكًا، وأكثر عدالة.
الطوارئ قد تنتهي سياسيًا أو أمنيًا، لكنها لا تنتهي نفسيًا ولا مجتمعيًا ما لم نأخذ العبرة ونُحدث التغيير.
فلنكن مستعدين وجاهزين: لا خائفين، بل مبادرين.
*ختامًا: من لا يشكر الناس لا يشكر الله*
في الختام لا بدّ من كلمة كلمة شكر وعرفان وتقدير لكل من ساهم بالعمل خلال هذه الفترة، ولو بنصيحة طيبة او دعاء في ظهر الغيب، الشكر لكافة طواقم الطوارئ البلدية بكافة أقسامها الذين سهروا وواصلوا الليل بالنهار، الشكر لأعضاء المجلس البلدي وإدارة البلدية، الشكر لكافة الأهالي والمتطوعين ولجان الأحياء، الشكر لكافة المدارس والمؤسسات التي فتحت أبوابها لاستقبال المواطنين وقت الطوارئ، الشكر لكافة العيادات التي عملت وفق برنامج طوارئ خاص لاستقبال المرضى ومواصلة أداء الرسالة، الشكر لكافة المؤسسات الرسمية التي كانت آذانًا صاغية لبلدية ام الفحم، وشاركوا في جلسات الطوارئ اليومية، شكرًا لكم جميعًا من القلب.
*مرة أخرى حول إلقاء النفايات في مناطق مفتوحة وإشعال النيران*
خلال الفترة الأخيرة التي عشناها، عدا عن كوننا عشنا حالةَ حربٍ وقلقٍ وخوفٍ وتأهّبٍ على مدار الساعة، أبى البعض منا إلا أن يشغلَنا بطوارئ أخرى، عبر إلقاء النفايات وبكميات كبيرة في مناطق مفتوحة وبأطراف البلد والضواحي، ونتيجة لذلك اشتعلت النيران والحرائق في هذه المجمعات من النفايات غير القانونية بشكل كبير، والتي وصلت الى 19 حريقًا خلال شهر حزيران الجاري فقط، مما أدى إلى تخصيص جهود وطاقات كبيرة من الموارد البلدية والبشرية في إطفاء هذه الحرائق، عدا عن التلوّثات التي حصلت وبنسبة كبيرة والتي تؤثر على كبار السنّ بيننا وأصحاب الأزمات التنفسية والربو.
فرجاؤنا يا أهلنا أن نحافظَ على بلدنا ام الفحم، نظيفةً جميلة، وإلقاء النفايات في المجمّعات الخاصة بذلك، في عين الزيتونة، خاصة أصحاب العربات والشاحنات، الذين ينقلون هذه النفايات من بيوت المواطنين.
وبهذا السياق فقد طلبنا تكثيف الرقابة خلال الفترة القادمة لهذه الحرائق ومسبّبيها، وتكثيف كاميرات المراقبة في هذه المناطق، وتكثيف إنفاذ القانون بهذا الخصوص للمخالفين.
*مبارك للسيد احمد سليم إصداره الجديد: “بالعربي أهيب”*
هذا الأسبوع أهدانا السيد أحمد سليم محاميد إصداره الأول بعنوان: “بالعربي أهْيَب”، عبارة عن بحثٍ مخصصٍ لتصحيح العبارات والمصطلحات العبرية والأجنبية الدخيلة على لغتنا العربية اليومية، ووضع البديل الصحيح لها باللغة العربية في الكتاب، كجزءٍ من الحفاظ على هويتنا الوطنية والدينية داخل هذه البلاد، وحتى يستطيع الفرد منا التحدّث والتعبير عن نفسه بلغة عربية صحيحة، من خلال مفردات ومصطلحات وضعت وفق تبويب سليم بحسب استعمالها، سواء في مجال الغذاء، الحاسوب، الرياضة، السياحة والسفر، السيارات والسياقة، السياسة، القضاء وغيرها من مجالات الحديث الحياتي اليومي بين الناس.
بارك الله بجهودك وجعله في ميزان حسناتك، ونفع بك أهلنا ومجتمعنا.
*مبارك لمدرسة الأقواس حصولها على شهادة GO STEM المشرّفة*
أجمل التهاني القلبية وأطيب المباركات مقدمة للأستاذ د.محمود علي جبارين، مدير مدرسة الأقواس الابتدائية ومعلمي العلوم والتكنولوجيا في المدرسة وطلاب المدرسة، بمناسبة حصولها على شهادة GO STEM المشرّفة من وزارة المعارف، على مستوى المجتمع العربي كله، بإشراف مفتش ومرشد العلوم للمدارس الابتدائية د.حمد طربيه، والذي تمثّل بإقامة مركز تعليمي متعدد المجالات داخل المدرسة، يُعنى بتطوير التعليم ودمج العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في المناهج التعليمية. وشهادة GO STEM تُعتبر خطوةً مهمةً نحو إعداد الطلاب لمستقبل مليء بالفرص في مجالات العلوم والتكنولوجيا.
نرجو لكم مزيدًا من النجاح والتميز والإبداع في مسيرة المدرسة التعليمية، وقيادة المدرسة نحو آفاق جديدة من التطور التكنولوجي – العلمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة