حكومة نتنياهو واحتدام الصراع الداخلي الاسرائيلي
بقلم : سري القدوة
تاريخ النشر: 02/01/23 | 9:10الاثنين 2 كانون الثاني / يناير 2023
منذ فوز بنيامين نتنياهو في الانتخابات الإسرائيلية، أبرم رئيس الوزراء صفقات مع عنصريين مناهضين للعرب وكارهين للمثليين وسياسيين أدينوا بارتكاب جرائم وأنه نتيجة لتلك التحالفات تمكن من العودة إلى السلطة بعد 18 شهراً في المعارضة وترؤس الحكومة اليمينية الأكثر تطرفاً في تاريخ دولة الاحتلال وتظهر الحكومة الجديدة إلى أي مدى يرغب نتنياهو الذي لا يزال يحاكم أيضاً بتهمة الفساد، في الحفاظ على هيمنته على السياسة الإسرائيلية بينما بات يتربع على راس ولاية سادسة كرئيس للوزراء وهذا الامر يعد في غاية الخطورة وأصبح يهدد امن المنطقة برمتها وينذر بكارثة للإسرائيليين الليبراليين انفسهم .
ولأول مرة شغل نتنياهو (73 عاما) منصب رئيس الوزراء في الفترة بين 1996 إلى 1999، ثم لمدة 12 عاما متواصلة بين 2009 و2021، وهو أطول رئيس للوزراء بقاء بالمنصب وتعكس تحالفات رئيس الوزراء الاسرائيلي التي ابرمها مع تجمع الصهيونية الدينية المتطرف قبل انتخابات الشهر الماضي لضمان حصول تحالفه اليميني على أغلبية عاملة بعد أربع انتخابات برلمانية غير حاسمة مكنته اخيرا من العودة الى رئاسة الوزراء وأن الصهيونية الدينية أصبحت ثالث أكبر مجموعة في الكنيست، وثاني أكبر مجموعة في ائتلاف نتنياهو، ما دفع قادتها إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش من الهامش إلى التيار الرئيسي .
بن غفير اصبح وزيراً للأمن بسلطات موسعة، ويعد بن غفير قومي متطرف هدد ذات مرة بإسقاط الجنسية الإسرائيلية عن الفلسطينيين وأدين في عام 2007 بالتحريض على العنصرية وهذا يعني أن الرجل الذي كان تلميذاً للحاخام الراحل مئير كاهانا الذي كانت أيديولوجيته المعادية للعرب متطرفة لدرجة أن الولايات المتحدة وصفت حركته بأنها جماعة إرهابية، سيكون له تأثير على الشرطة الإسرائيلية وشرطة الحدود التي تعمل في الضفة الغربية المحتلة .
بينما يعد سموتريتش الذي أعلن نفسه كارهاً للمثليين ومؤيداً قومياً متطرفاً لضم الأراضي الفلسطينية وهو اصبح وزيرا للمالية كما سيحصل حزبه أيضاً، على منصب وزاري ثانٍ تم التوصل إليه حديثاً في وزارة الدفاع مع صلاحيات على الإدارة المدنية في الضفة الغربية ومن المعروف ان كلاهما يعارض قيام دولة فلسطينية ويدعم بسط السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، مما يضيف عقبة أخرى أمام حل الدولتين الذي يؤيده ويطالب بتنفيذه اغلب دول العالم والذي سوف يؤدي الي انهاء وضع الاحتلال القائم لراضي الفلسطينية المحتلة .
وتعكس حكومة نتنياهو الجديدة هيمنة التطرف كونها تعتمد في تركيبتها على اليمين التقليدي واليمين الديني والأحزاب الحريدية وتحالف الصهيونية الدينية، مع تغييب وإقصاء لأي طيف سياسي إسرائيلي آخر، ولذلك فإنها تعبر عن رؤية اليمين المتطرف الذي لديه رؤية الخلاص، وينظر إلى دولة الاحتلال بشكلها الجديد كمحطة في الطريق للوصول إلى “دولة الشرعية” التي تحتكم للتوراة كما تعتقد وتتبنى الايدولوجيا الدينية المتطرفة .
وبالمحصلة النهائية تعكس حكومة نتنياهو حقيقة الامر الواقع للاجتماع على إطالة وإدامة الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي والمشروع الاستيطاني ونظام الفصل العنصري، وان المرحلة القدمة سوف تشهد تصعيدا غير مسبوق من قبل الساسة الإسرائيليين والمستوطنين المسلحين ولقد عكست تحالفات نتينياهو الجديدة وسلسلة الاتفاقيات الائتلافية الاتجاه نحو التطرف بالمجتمع الإسرائيلي، واحتدام الصراع داخليا حول ملامح وهوية “يهودية الدولة”، وفي قضايا الدين والدولة، والديمقراطية، والسجال بين المتدينين والعلمانيين، والحريات الفردية والمدنية للأقليات الدينية والقومية والاجتماعية .