غزوة أحد.. مشاركة الصغار، وخذلان المنافقين، والاحتياطات العسكرية اللاّزمة من خلال كتاب نور اليقين 18

معمر حبار

تاريخ النشر: 02/12/22 | 13:10

تنافس الصغار لأجل نيل جهاد الكبار:

قال الكاتب: “ثمّ استعرض الجيش فرد من استصغر وكان فيمن ردّ رافع بن خديج وسمرة بن جندب، ثمّ أجاز رافعا لما قيل له إنه رام فبكى سمرة وقال لزوج أمه: أجاز رسول الله رافعا وردني مع أنّي أصرعه، فبلغ رسول الله الخبر فأسرهما بالمصارعة فكان الغالب سمرة فأجازه”. 135

أقول: تنافس الصّغار قبل الكبار، للدفاع عن الدين، والأرض، والعرض. وسعيهم بكلّ السّبل لأجل أن يختارهم سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، كجنود يقتحمون ساحة الحرب وهم يومئذ صغار لم يعرفوا معنى الحرب، والجهاد، والسّيف، وصدّ العدو.

تكمن عظمة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، في كونه اختبر الصّغير الأوّل ثمّ الثّاني، لقبولهم كمجاهدين ضدّ العدو، ولم يستسلم لبكاء الصغار، وتأثّر الأمّهات. فخوض الحرب يكون بمؤهلات، وبعد اختبار. لأنّ النفس عزيزة كريمة، لايلقى بها في ساحة الجهاد إلاّ إذا كانت تملك مايؤهلها، وبعد معاينة واختبار.

لانستعين بمنافق ولو كان الأقوى:

قال الكاتب: “رجع عبد الله بن أبيّ بثلاثمائة من أصحابه وقال: عصاني وأطاع الوالدان فعلام نقتل أنفسنا”. 135

أقول: المنافقين، والمثبّطين للعزائم أخطر على الأمّة، والدولة، والمجتمع، والحضارة، والجيش من العدو. وتكمن خطورتهم في كونهم ينتظرون الفرصة المواتية للقضاء على الأمّة.

اختار المنافقون والمثبّطون عمدا غزوة أحد للإنسحاب، فانسحبوا بثلثي الجيش (300 منافق)، وهو عدد كبير مقارنة بعدد جيش المسلمين الذي يضم ألف مجاهد.

تكمن عظمة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، في كون انسحاب رأس المنافقين عبد الله بن أبيّ بثلاثمائة من أصحابه، لم يؤثّر على معنويات جيش المسلمين. مايعني، أنّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، كان مستعدّا لمثل هذا الأمر، ولم يكن يضع المنافقين والمثبّطين لعزائم المسلمين ضمن أركان الجيش ولا القيادة، ولذلك انسحابهم لم يكن شيئا مذكورا، ولم يؤثّر على معنويات الجيش، بل زادهم عزيمة وإقبالاش.

تطهير الأمّة، والدولة، والمجتمع، والجيش، والحضارة من المنافقين المثبّطين للهمم، عنصر أساسي من عناصر النصر، وثبات الأركان، وبثّ الرعب في العدو، وسلامة جسد الأمة، وقوّة الجيش التي تحمي وتضرب.

الاحتياطات العسكرية اللاّزمة لخوض غزوة أحد

قال الكاتب: “ثم سار الجيش حتى نزل الشعب من أحد وجعل ظهره للجبل ووجهه للمدينة، فجعل عليه السلام الزبير بن العوام بإزاء خالد وجعل آخرين أمام الباقين واستحضر الرماة وكانوا خمسين رجلا يرأسهم عبد الله بن جبير الأنصاري”. 136

أقول: اتّخذ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، من الناحية العسكرية جميع الاحتياطات الفاعلة، وسدّ كلّ الثغرات الممكنة، ووضع أمام كلّ قسم من أقسام جيش المسلمين، مايناسبه من قائد لردّه وردعه، واختار مكان المعركة ليكون الأسبق في معرفة الميدان والاستحواذ على عناصر القوّة الكامنة فيه، ويحرم جيش قريش من ميزات السّبق والمفاجأة.

السؤال الذي يطرحه القارىء المتتبّع: ماذا حدث لجيش المسلمين في غزوة أحد، في ظلّ كلّ هذه الاحتياطات الدالة على عظمة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ومعرفته معرفة تامة بالحروب، وجيش قريش، ونقاط القوّة والضعف.

 

 

 

 

الشلف – الجزائر
 
معمر حبار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة