قراءة نقدية في مقال إبراهيم عبدالله صرصور

كتب: الإعلامي أحمد حازم

تاريخ النشر: 05/11/22 | 19:46

في الرابع من هذا الشهر نشر موقع العرب مقالاً بعنوان “هل من سبيل الى مصالحة شاملة؟” للكاتب إبراهيم عبدالله صرصور، رأيت فيه بعض المواقف التي تتطلب مراجعتها وتحليلها. المقال بدأ بـ “زلزال” مروراً “بالمأساوية” و “الانحطاط العربي” وأوصاف أخرى للمجتمع العربي.

الكاتب أعطى صورة سوداوية لوضع مجتمعنا العربي بقوله: “أصبحنا كمجتمع عربي قيادة وشعبا نسخة بائسة من واقع الانحطاط العربي”. ولو قال الكاتب أن “الانحطاط” لواقعنا يعود سببه لبعض القادة في مجتمعنا العربي لكان على حق في قوله. أما أن يستخدم لغة التعميم الكلي واقحام الشعب في مسؤولية الانحطاط، فهذا أمر غير مقبول. كل المجتمعات، (بما فيها المجتمع العربي في وطننا)، يوجد فيها الصالح والطالح والجيد والسيء ويوجد من يرضى بالتنازل عن الكرامة ومن يدافع عنها، ويوجد من يتعامل مع أعداء شعبه ومن يقاوم هؤلاء الأعداء. ومن غير المنطق بل ومن الظلم وضع الكل شعباً وقيادة في كفة واحدة.

يقول الكاتب في الفقرة (2) في مقاله: “وبإنجازنا غير المسبوق (المشتركة) الذي فرَّطنا به عن سبقٍ وإصرار، وبهويتنا الجماعية التي ذقنا حلاوتها عند ميلادها قبل ثمان سنوات تقريبا (2015)، فمزقناها كلَّ مُمَزَّقٍ غير عابئين ب “إرادة الشعب”. إذاً، الكاتب على قناعة بأن المشتركة الرباعية سابقاً، هي “إنجاز” وأنها “إرادة شعبية”. وهذا طبعاً تضليل عن قصد، لأن القائمة المشتركة ليست إنجازاً وليست إرادة شعبية كما يدعي الكاتب. سأذكّر الكاتب بحدث عسى أن يستعيد ذاكرته ليتأكد أن ما قاله هو بعيد عن الواقع. أحزاب الكنيست العربية ومنذ تأسيس الكنيست لم تتوحد وظلت مصرة على خوض انتخابات الكنيست منفردة رغم الجهود التي تم بذلها لوحدتها وكلها باءت بالفشل. حتى أني سألت عضو كنيست سابق عند زيارته لي في برلين عن سبب عدم وحدة أحزاب الكنيست في قائمة واحدة ، أجابني: إلعب وحدك تيجي راض”.

السبب الحقيقي لوحدة أحزاب الكنيست في قائمة واحدة أيها الكاتب هو اقتراح تعديل قانون بادر إليه عضو الكنيست اليميني افيغدور ليبرمان، رئيس حزب “إسرائيل بيتينو” بهدف منع الأحزاب العربية من دخول الكنيست. الإقتراح تضمن رفع نسبة الحسم من 2% إلى 3.25%، وهي الحد الأدنى من نسبة الأصوات التي تضمن نجاح الحزب من الدخول إلى الكنيست، وقد تم الموافقة على الاقتراح، الأمر الذي يستحيل على الأحزاب العربية عبور هذه النسبة. فاضطروا مرغمين لتشكيل قائمة واحدة تمكنهم من عبور نسبة الحسم. عرب “الكنيست” ترجموا قرار التعديل الى إرادة شعبية والشعب لا علاقة له بذلك. هم توحدوا خوفاً من الفشل وكذبوا عندما قالوا انها إرادة شعب.

يطالب الكاتب في الفقرة الرابعة (بند حادي عشر) في مقاله، “بالتوافق على بناء المؤسسات الوطنية وخصوصا لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية على اسس جديدة ترقى الى مستوى العصر وطبيعة العلاقة بين الدولة والمجتمع العربي، وزيادة المشاركة الجماهيرية في انتخابها وتشييد بنيانها”.
قد لا أشك في موقف الكاتب من لجنة المتابعة، ولكني أشك في أن عدم دعم كل أحزاب الكنيست لها يعود إلى التالي: إعطاء دفعات قوية لتقوية لجنة المتابعة تؤثر على أعضاء الكنيست في المجتمع العربي، فما دامت اللجنة في حالة ضعف، تبقى الأنظار متجهة نحو أعضاء الكنيست. بمعنى جعل لجنة المتابعة جسما سياسيا قويا متيناً كمرجعية أولى ووحيدة للمواطن العربي، لا يلاقي استحسان نجوم الكنيست العرب.

ولو كانوا يريدون فعلاً أن تكون هذه اللجنة الرقم الصعب والمميز لقاموا على الأقل (جميعا وليس البعض فقط) بدعمها مالياً لتقف على رجليها. أليس من العارعدم وجود سكرتيرة للجنة المتابعة (على الأقل) للرد على المكالمات واستقبال المراجعين؟ أليس من العار عدم وجود موظفين في اللجنة يتولون إدارتها بتعليمات من الرئيس ويعملون لخدمة المجتمع العربي؟ باختصار: لا يريدون لجنة متابعة قوية. وأنا شخصيا أحيي وأحترم بعض لجان المتابعة التي تعمل بإخلاص، رغم كل الظروف.
وأخيراً…
هناك أناس يقولون ويفعلون انطلاقاً من التزامهم بالمباديء، وهناك من يقولون ولا يفعلون وأقوالهم مجرد ثرثرة عابرة، وما أكثر هؤلاء في مجتمعنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة