لا ندري ان كنّا أحياءاً أم أموات .!

يوسف جمّال - عرعرة

تاريخ النشر: 09/09/22 | 15:47

حتى الصمت مات
مع الأموات
طقوس الموت أصبحت بلا حياة
لا دعوات
لا رحمات
لا ابتهالات
لا وقت للجنازات
لا وقت للدمعات
الحياة أصبحت للطلقات
التي تزمجر فوق رؤوسنا
وتخترق أبداننا
وتمزِّق حياتنا
وتزعق بنا الموت :
آت .. آت ..!
***************
من يمت فلتبق يده ممدودة
ليسحب يد من بعده للمات
من يمت فليختصر المساحات
ليبق لمن من بعده حيِّزاً للرفات
فقد ضاقت المقابر
وأصبحت عاجزة عن استقبال
الأموات
*************
فلتوفر الثكالى الدمعات
لتبقِ لمن هو آت
من اليتامى واليتيمات
ولتقلّل من الدعوات
ماذا سيبقى لمن يكون
بعده من الأموات !؟
لنريح أرجلنا قليلاً
فقد أصبحت عاجزة عن نقل المقتولين
الى مقابر الأموات
أصبحت الجنازات مسيرات دائمات
والدفن أصبح خبزنا
في الليالي والنهارات
***********
وليقلٍّل المصلين وقت الصلات
على الجنازات
كي يحظى الميت التالي بالصلوات
وإلاّ كيف ندفنهم بلا صلوات !؟
ولتبقَ بيوت العزاء مفتوحات
فقد أصبحت حياتنا كلّها للتعزيات
تعبت أيدينا وألسننا من سيل المصافحات
وتكرار نفس الكلمات
نقضي ثلاثة أيام
في بيوت الرحمات
حتى تواصلت الثلاثات
حتى أصبحت تعدُّ بالمئات
نقضيها ..
بالخطابات والعظات المكررات
والتثائب بعد خطف الموت
منا النوم ولو لساعات
***********
من مات فات
ومن فات مات
أدمنّا فراق الأموات
ننام ليلتنا على قتيلة
ونصبح على قتيلات
حتى لم نجد لحظة للنسيان
فالقتيل التالي يأتي ليذكرنا أنه
لا تفصل الميت
عن الذي يليه سوى لحظات
************
لا رثاء
من نرثي !؟
الذي مات .!؟
أم الذي اليه الموت أت !؟
من مات قبل يوم أو ليلات
قبل ساعة أو ساعات !؟
أم الذي في طريقه ليكون من الأموات !؟
أنرثي الذي ما زال على الحياة !؟
فدوره قريب ليلتحق بالذين قبله
من الأموات .
******************
قرأنا كلّ الآيات مرات ومرات
صلينا آلاف الركعات
عقدنا عدد لا يحصى من الاجتماعات
سرنا في حشد من المظاهرات
والاحتجاجات
كتبنا سيل من المقالات
القينا حوّام من الخطابات
هاجمنا الحكومات والوزارات
فزادت أعداد الأموات
وامتلأت شوارعنا جنازات
وقبورنا أموات
**************
نحن نعيش في حالة :
لا نحن فيها من الأموات
ولا على قيد الحياة
ولا فوق الأرض
ولا تحت الأرض رفاة
فقدنا اتجاه الجهات
لم نعد نرى زرقة السماوات
فمنّ من لاقى حتفه
ومنّا من ينتظر كيّ يغادر
هذه الحياة .
****************
عدوّنا بيننا وولكنّه من المخفيات
لا نسمعه ولا نراه فهو يدخل مع الشهقات
ويخرج مع الزفرات
نرى أثره في سفك دماء الشباب
والفتيات
والأباء والأمهات
في تنامي عدد اليتامى والثاكلات
في عمق الخوف على وجوه وقلوب
الناس في الحارات والبلدات
**************
لا نلتقي فيه في الطرقات
ولكنه يمرّ كلمح البصر
من فوق الهامات
أحياناً يصيب
وأحيانا يمر ليختفي في الظلمات
ليس له بريق
ولكن له أصوات
عليك أن نتفقَّد أجسامنا من أخمص الأقدام
حتى الهامات
حتى نكون على يقين أن سلمنا
من الاصابات
***********

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة