قَصْرِ الْهَوَى

محسن عبد المعطي محمد عبد ربه

تاريخ النشر: 19/02/22 | 8:11

مُعَلَّقَاتِي الثّلَاثُمِائَةْ {54}مُعَلَّقَةُ قَصْرِ الْهَوَى لمحسن عبد المعطي محمد عبد ربه وقصيدة أ ليلاي ما أبقى الهوى في من رشد لإبراهيم ناجي على أنغام بحر الطَّوِيلْ

{1} مُعَلَّقَاتِي الثّلَاثُمِائَةْ {54}مُعَلَّقَةُ قَصْرِ الْهَوَى
الشاعر الدكتور والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه..شاعر العالم شاعر الثّلَاثُمِائَةِ معلقة
1- تَهِلِّينَ بِالْأَفْرَاحِ وَالْفُلِّ وَالْوَرْدِ = فَأَمْرَحُ فِي دُنْيَاكِ أَرْتَاحُ مِنْ سُهْدِي
2- وَأَسْتَقْبِلُ الْإِنْعَامَ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ = بِقَصْرِ الْهَوَى وَالْحُبِّ فِي الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ
3- تَغِيبِينَ لَكِنْ فِي فُؤَادِي مَلِيكَةٌ = تَعِيشُ بِبَاكِسْتَانَ بَارِيسَ وَالْهِنْدِ
4- وَتَرْحَلُ بِالْآهَاتِ وَالسُّهْدِ تَنْحَنِي = لِتَرْنِيمَةِ الْعُشَّاقِ فِي لَحْنِ مُرْتَدِّ
5- تَعِيشُ مَعَ الْأَحْزَانِ ثَكْلَى حَزِينَةً = عَلَى مَرْسَمِ الْإِبْدَاعِ فِي عَزْفِ مُنْهَدِّ
6- تَهِيمُ مَعَ الْأَفْكَارِ فِي الصُّبْحِ بَضَّةً = فَأَحْمِلُهَا نَحْوَ السَّرِيرِ عَلَى الْأَيْدِي
7- أُهَدْهِدُهَا بِالْعِشْقِ يَخْتَالُ فَرْعُهَا = أَبُوسُ ثِمَاراً تَسْتَبِينِي مِنَ الْخَدِّ
8- وَيُصْغِي إِلَيْكِ الْحُبُّ فِي كُلِّ هَمْسَةٍ = فَيَنْكُبُّ مُرْتَاحاً عَلَى لُؤْلُؤِ الزِّنْدِ
9- وَآتِيكِ وَالْإِصْبَاحُ يَطْرُقُ بَابَنَا = فَتَهْدِينَ فِي حِضْنِي عَلَى سَاحَةِ الْجَدِّ
10- أُتَرْجِمُ إِحْسَاسَ الْعَوَاطِفِ شَاعِراً = بِأَجْزَائِهَا تَنْدَى مَعَ الْحُبِّ وَالسَّعْدِ
11- فَأَدْخُلُ فِي أَنْحَائِهَا مُتَفَحِّصاً = كُنُوزاً أَتَتْنِي بِالْعَوَاطِفِ وَالنِّدِّ
12- أَشُدُّ عَلَيْهَا فِي احْتِفَالٍ مُبَارَكٍ = بِآهٍ وَآهَاتٍ مُفَكِّكَةَ الْعُقْدِ
13- تُحَسِّسُنِي بِالْفَخْرِ عِنْدَ ابْتِدَائِنَا = مُغَامَرَةَ الْمَسْمُوحِ فِي نَقْعَةِ الشَّهْدِ
14- وَأَقْطِفُ مِنْهَا مَا تَسَنَّى بِطَوْعِهَا = مَلِيكٌ عَلَى عَرْشِ الْفُحُولَةِ فِي عَهْدِي
15- حَبِيبِي حَبِيبَتِي أَعِيدِي:”أُحِبُّهُ = وَأَلْبَسُ عِطْرَ الْحُبِّ فِي الْجَذْبِ وَالشَّدِّ
16- أَذُوبُ اشْتِيَاقاً إِنْ أَتَانِي جَوَابُهُ = وَأَنْعَمُ بِالْآلَاء فِي الْجَذْرِ وَالْمَدِّ
17- أَزِيدُ اشْتِيَاقاً إِنْ صَبَحْتُ جِوَارَهُ = تَزَاوَجَ شِعْرَانَا مَعَ الشُّكْرِ وَالْحَمْدِ
18- أُحِبُّ حَبِيبِي فِي رَوَاحِي وَغُدْوَتِي= وَأَلْثُمُهُ وَالْحُبُّ مِنِّي بِلَا حَدِّ
19- أَنَا نَسْمَةُ الشَّرْقِ الْحَبِيبَةِ هَفْهَفَتْ = عَلَيْهِ بِإِجْلَالٍ وَتَحْمِيدِ مُعْتَدِّ
20- أَرَى رِفْعَتِي ضِمْنَ انْدِمَاجٍ بِنُورِهِ = جَمِيلِ الثَّنَايَا يَا حَبِيبِي مِنَ الْمَهْدِ
21- أُحِبُّكَ حُبَّ الْعَاشِقِينَ إِلَهَهُمْ = وَأَحْلُمُ بِاللُّقْيَا عَلَى سَاقِيَةِ الْعَهْدِ”
22- حَبِيبَةَ أَيَّامِي وَمِرْآةَ خَاطِرِي= وَسَاعَاتُ هَلِّ الشَّهْدِ فِي صُبْحِكِ الْوَرْدِي
23- أُحِبُّكِ يَا نَجْماً بِنَجْمَاتِ عَصْرِنَا = تَلُمُّ نُوَاحَ الصَّبِّ فِي فَرْحَةِ الْكُرْدِي
24- أُحِبُّكِ مِفْتَاحاً لِكُلِّ سَعَادَةٍ = وَتَمْحِينَ دَمْعَ الْعَيْنِ مِنْ قَلْبِكِ الْفَرْدِي
25- أُحِبُّكِ وَالْأَفْرَاحُ تَجْتَاحُ عُمْرَنَا = تَهِلُّ بِنُورِ الْعُمْرِ فِي يَخْتِنَا الْجَرْدِي
26- أُحِبُّكِ يَا إِبْدَاعَ عَصْرِي فَرَشْتِ لِي = طَرِيقِيَ بِالتُّفَّاحِ وَالْوَرْدِ فِي السِّنْدِ
27- أُحِبُّكِ جَنْبِي يَا مَلِيكَةَ عَصْرِنَا = وَمُبْدِعَةَ الْقَرْنِ الْمُتَيَّمِ بِالْبُرْدِ
28- أُحِبُّكِ وَالدُّنْيَا خُلَاصَةُ حُبِّنَا = تُغَرِّدُ بِالْأَفْرَاحِ فِي شَالِهَا الْمُشْدِي
29- مُعَلَّقَةٌ تَهْفُو إِلَيْكِ حَبِيبَتِي = وَأَحْرُفُهَا تُنْبِيكِ عَنْ أَنْبَلِ الْقَصْد
30- تَهُزُّ جَبِينَ الدَّهْرِ فِي كُلِّ قُبْلَةٍ = تُذَكِّرُنَا لَيْلَايَ بِالْخَالِدِ الرِّنْدِي
31- وَتَفْتَحُ آفَاقَ الْغَرَامِ لِمُلْهَمٍ = يَبُثُّ صَدَى الْأَشْوَاقِ بِالْبَرْقِ وَالرَّعْدِ
32- غَرَامٌ يُحِيلُ الْمَيْتَ حَيّاً بِنَفْحَةٍ = مِنَ الْعِطْرِ وَالْبَرْفَانِ فِي طَلَّةِ الزُّبْدِ
33- تَنَسَّمْتُ أَوْرَاقَ الْمَحَبَّةِ بَيْنَنَا = غَرَامٌ أَسِيرُ الْحُبِّ وَالْعِشْقِ وَالْوَجْدِ
34- يُطِلُّ عَلَى الْعُشَّاقِ فِي كُلِّ سَاحَةٍ = يُزِيلُ صَدَى الْآهَاتِ مِنْ حِرْزِهِ اللُّدِّي
35- فَعَانَقْتُ بِالْأَشْوَاقِ قَدَّكِ زَاهِراً = تُنَادِيكِ يَا لَيْلَايَ إِشْرَاقَةُ الْبَدِّ
36- حَبِيبَتِيَ الشَّقْرَاءَ طَابَتْ حِكَايَتِي = وَقَلْبُكِ كَالْأَلْمَاسِ مٌلْتَمِسٌ وُدِّي
37- تَتوقِينَ لِلُّقْيَا لِإِينَاسِ وَحْدَتِي = تَصُونِينَ بِالْقَلْبِ الْجَمِيلِ سَنَا عَهْدِي
38- أُحِبُّكِ يَا نَبْعَ الْحَنَانِ بِمُهْجَتِي = وَأَسْتَبْشِرُ الْخَيْرَ الْوَفِيرَ رَسَا عِنْدِي
39- فَوَجْهُكِ يَا أَحْلَى الْحِسَانِ عَرَائِسٌ = تٌشَارِكُنِي لَيْلِي وَتُلْهِمُنِي رُشْدِي
40- وَصَدْرُكِ يُغْرِينِي لِأَرْتَاحَ فَوْقَهُ = وَأَكْتُبُ شِعْرَ الْحُبِّ فِي عَيْشِنَا الرَّغْدِ
41- أُرِيدُكِ لِي جِنِّيَةَ الْبَحْرِ وَالْهَوَى = أُخَاوِيكِ يَا نَجْوَايَ بِالْحُلْوِ مِنْ رَدِّي
42- سَلِينِي عَنِ السَّاعَاتِ فِي كَهْفِ حُبِّنَا = عَوَالِمُ تَنْهَى الْآخَرِينَ عَنِ الصَّدِّ
43- وَتَرْتَعِشُ الْأَرْضُ الْخَبِيئَةُ بِالْهَوَى = وَأَنْتِ تَفُكِّينَ الْفُؤَادَ مِنَ الصُّفْدِ
44- تَدُورُ كَأَحْلَامِ الْعَذَارَى وَمَوْقِدٌ = يَهِلُّ بِشَوْقِ الْحُبِّ مِنْ سَطْوَةِ الْوَقْدِ
45- تَقُولُ:”حَبِيبِي اقْعُدْ جِوَارِي مُسَطِّراً = سِنِي عُمْرِنَا فِي الْحُبِّ وَالْعِشْقِ وَالْحَصْدِ
46- فَحُبُّكَ يَا أَوْتَارَ عِشْقِي تَرَنٌّمٌ = وَعُودُ الْهَوَى يَخْتَالٌ كَالْعَاشِقِ الْفَرْدِ
47- أُرِيكَ انْتِظَارَاتِ الْقَوَافِي بِحُبِّنَا= وَأَبْوَاقُهَا تَخْتَالُ فِي بَهْجَةِ الرَّنْدِ
48- تَجُولُ بِأَلْطَافِ الْفُؤَادِ خَوَاطِرٌ = وَنَلْعَبُ يَا لَيْلَايَ فِي مُتْعَةِ النَّرْدِ
49- نُكَابِدُ أَخْطَارَ الْهَوَى بِمَشَاعِرٍ = تَقُودُ إِلَى الْإِبْحَارِ فِي الْوَصْلِ وَالصَّدِّ
50- حَبِيبَتِيَ السَّمْرَاء مُرِّي وَمَلِّسِي = عَلَى جَسَدِي الْعَارِي بِتَلْفِيحَةِ الْبَرْدِ
51- وَصُبِّي عَلَى أَنْحَاءِ جِسْمِي حُشَاشَةً = مِنَ الْعِطْرِ تُوقِظْنِي عَلَى شَفَةِ الْحَدِّ
52- أَخُوضُ غِمَارَ الْحُبِّ فِي دَنْدَنَاتِهِ = وَأَرْكَبُ يَخْتَ الْحُبِّ فِي شَالِهِ الْأُزْدِي
53- أُنَاجِي طُقُوساً بِابْتِسَامَاتِ مَوْعِدٍ = أُمَتَّعُ يَا حُورِيَّةَ الْحُبِّ بِالْوَعْدِ
54- أُتَيَّمُ فِي أَلْوَانِ حُسْنِكِ هَائِجاً = وَرُمَّانُكِ الْفَتَّانُ فِي ثَوْبِ مُنْقَدِّ
55- تَذُوبِينَ فِي إِبْحَارِ مَوْزِي بِمَرْكَبٍ = تَذُوقُ نَعِيمَ الْحُبِّ فِي مُتْعَةِ الْجِلْدِ
56- وَنَسْهَرُ لَيْلَ الْحُبِّ تُزْهَى جُلُودُنَا = نَطِيرُ مَعَ الْإِمْتَاعِ فِي لَحْنِ مُمْتَدِّ
57- تَمُوجُ شِفَاهٌ بَعْدَ غَوْصٍ بِقُبْلَةٍ = تَذُوبُ دُمُوعُ الْقَلْبِ مِنْ قُبْلَةِ الْمَهْدِي
58- وَتَقْتَبِسُ الْأَحْضَانُ سَاعَاتِ لَيْلِنَا = نَنَامُ وَنَبْضُ الْقَلْبِ فِي قِمَّةِ الْجُهْدِ
59- وَنَصْحُو عَلَى تَغْرِيدِ حُبٍّ وَلَهْفَةٍ = نُدَنْدِنٌ بِالْأَفْرَاحِ زَغْرَدَةَ الْمُرْدِ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه المعلقة من بحر الطويل
أول الطويل :
العروض تام مقبوض
والضرب تام صحيح
الْقَبْض (حذف الخامس الساكن) فتصبح به (مَفَاْعِيْلُنْ): (مَفَاْعِلُنْ)، وتصبح (فَعُوْلُنْ): (فَعُوْلُ). ولا يجوز اجتماع الكف والقبض في (مَفَاْعِيْلُنْ). والْكَفّ والْقَبْض إن وقعا في جزء أو جزأين قُبِلا، فإن زادا عن ذلك لم يتقبلهما الذوق.
بحر الطويل لا يكون إلا تاما
ووزنه :
فَعُولُنْ مَفَاعِيلُنْ فَعُولُنْ مَفَاعِلُنْ = فَعُولُنْ مَفَاعِيلُنْ فَعُولُنْ مَفَاعِيلُنْ
الطويل التام :
هو الذي وُجدت تفعيلاته الثمانية في البيت مثل :
تَهِلِّينَ بِالْأَفْرَاحِ وَالْفُلِّ وَالْوَرْدِ = فَأَمْرَحُ فِي دُنْيَاكِ أَرْتَاحُ مِنْ سُهْدِي
وَأَسْتَقْبِلُ الْإِنْعَامَ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ = بِقَصْرِ الْهَوَى وَالْحُبِّ فِي الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ
تَغِيبِينَ لَكِنْ فِي فُؤَادِي مَلِيكَةٌ = تَعِيشُ بِبَاكِسْتَانَ بَارِيسَ وَالْهِنْدِ
وَتَرْحَلُ بِالْآهَاتِ وَالسُّهْدِ تَنْحَنِي = لِتَرْنِيمَةِ الْعُشَّاقِ فِي لَحْنِ مُرْتَدِّ
تَعِيشُ مَعَ الْأَحْزَانِ ثَكْلَى حَزِينَةً = عَلَى مَرْسَمِ الْإِبْدَاعِ فِي عَزْفِ مُنْهَدِّ
تَهِيمُ مَعَ الْأَفْكَارِ فِي الصُّبْحِ بَضَّةً = فَأَحْمِلُهَا نَحْوَ السَّرِيرِ عَلَى الْأَيْدِي
أُهَدْهِدُهَا بِالْعِشْقِ يَخْتَالُ فَرْعُهَا = أَبُوسُ ثِمَاراً تَسْتَبِينِي مِنَ الْخَدِّ
الشاعر الدكتور والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه..شاعر العالم شاعر الثّلَاثُمِائَةِ معلقة

{2} أ ليلاي ما أبقى الهوى في من رشد .. الشاعر المصري الدكتور إبراهيم ناجي.. العصر الحديث
أ ليلاي ما أبقى الهوى في من رشد=فردي على المشتاق مهجته ردّي
أينسى تلاقينا وأنت حزينة=ورأسك كابٍ من عياءٍ ومن سهد
أقول وقد وسدته راحتي كما=توسّد طفل متعب راحة المهد
تعالي إلى صدرٍ رحيبٍ وساعدٍ=حبيب وركن في الهوى غير منهد
بنفسي هذا الشعر والخُصَل التي=تهاوت على نحر من العاج مُنقد
ترامت كما شاءت وشاء لها الهوى=تميل على خدٍ وتصدف عن خد
وتلك الكروم الدانيات لقاطف= بياض الأماني من عناقيدها الرّبد
فيا لك عندي من ظلامٍ محبب=تألق فيه الفرق كالزمن الرغد
ألا كلّ حسن في البرية خادم=لسلطانة العينين والجيد والقد
وكل جمال في الوجود حياله=به ذلة الشاكي ومرحمة العبد
وما راع قلبي منك إلا فراشة=من الدمع حامت فوق عرش من الورد
مجنحة صيغت من النور والندى=ترفُّ على روضٍ وتهفو إلى ورد
بها مثل ما بي يا حبيبي وسيدي=من الشجن القتال والظمأ المُردي
لقد أقفر المحراب من صلواته=فليس به من شاعرٍ ساهر بعدي
وقفنا وقد حان النوى أي موقف=نحاول فيه الصبرَ والصبرُ لا يجدي
كأن طيوف الرعب والبين موشك =ومزدحم الآلام والوجد في حشد
ومضطرم الأنفاس والضيق جاثم =ومشتبك النجوى ومعتنق الأيدي
مواكب خُرس في جحيم مؤبد=بغير رجاءٍ في سلام ولا برد
فيا أيكة مدّ الهوى من ظلالها =ربيعاً على قلبي وروضاً من السعد
تقلصت إلا طيفَ حب محيّر=على درج خابي الجوانب مسودّ
تردّد واستأنى لوعد وموثق=وأدبر مخنوقاً وقد غص بالوعد
وأسلمني لليل كالقبر بارداً=يهب على وجهي به نفس اللحد
وأسلمني للكون كالوحش راقداً=تمزقني أنيابه في الدجى وحدي
كأن على مصر ظلاماً معلقاً=بآخر من خابى المقادير مربد
ركود وإبهام وصمت ووحشة=وقد لفها الغيب المحجب في بُرد
أهذا الربيع الفخم والجنة التي=أكاد بها أستاف رائحة الخلد
تصير إذا جن الظلام ولفها=بجنح من الأحلام والصمت ممتد
مباءة خمارٍ وحانوت بائعٍ= شقيّ الأماني يشتري الرزق بالسهد
وقد وقف المصباح وقفة حارس=رقيب على الأسرارِ داعٍ إلى الجد
كأن تقياً غارقاً في عبادة=يصوم الدجى أو يقطع الليل في الزهد
فيا حارس الأخلاق في الحيّ نائمٌ =قضى يومه في حومة البؤس يستجدي
وسادته الأحجار والمضجع الثرى=ويفترش الافريز في الحر والبرد
وسيارة تمضي لأمر محجب=محجبة الأستار خافية القصد
إلى الهدف المجهول تنتهب الدجى=وتومض ومض البرق يملع عن بُعد
متى ينجلي هذا الضنى عن مسالك =مرنقة بالجوع والصبر والكد
ينقب كلب في الحطام وربما =رعى الليل هرّ ساهر وغفا الجندي
أيا مصر ما فيك العشية سامرٌ=ولا فيك من مصغِ لشاعرك الفرد
أهاجرتي طال النوى فارحمي الذي= تركت بديد الشمل منتثر العقد
فقدتك فقدان الربيع وطيبه=وعدت إلى الإعياء والسقم والوجد
وليس الذي ضيعتُ فيك بهين=ولا أنتِ في الغيّاب هينة الفقد
بعينيك أستهدي فكيف تركتني=بهذا الظلام المطبق الجهم أستهدي
بوردِكِ أستسقي فكيف تركتني=لهذي الفيافي الصم والكثب الجرد
بحبكِ أستشفي فكيف تركتني=ولم يبق غير العظم والروح والجلد
وهذي المنايا الحمر ترقص في دمي=وهذي المنايا البيض تختال في فودي
وكنت إذا شاكيت خففت محملي=فهان الذي ألقاه في العيش من جهد
وكنت إذا انهار البناء رفعته=فلم تكن الأيام تقوى على هَدِّي
وكنت إذا ناديت لبَّيت صرختي=فوا أسفا كم بيننا اليوم من سدّ
سلامٌ على عينيك ماذا أجنتا=من اللطف والتحنان والعطف والود
إذا كان في لحظيك سيف ومصرع=فمنكِ الذي يحيى ومنك الذي يردي
إذا جردا لم يفتكا عن تعمد=وإن أغمدا فالفتك أروع في الغمد
هنيئاً لقلبي ما صنعت ومرحبا=وأهلا به إن كان فتكك عن عمد
فإني إذا جن الظلام وعادني=هواك فأبديت الذي لم أكن أبدي
وملتُ برأسي كابياً أو مواسياً=وعندي من الأشجان والشوق ما عندي
أقبل في قلبي مكاناً حللته=وجرحاً أناجيه على القرب والبعد
ويا دار من أهوى عليك تحية=على أكرم الذكرى على أشرف العهد
على الأمسيات الساحرات ومجلس=كريم الهوى عف المآرب والقصد
تنادمنا فيه تباريح معشر=على الدم والأشواك ساروا إلى الخلد
دموعٌ يذوب الصخر منها فإن مضوا=فقد نقشوا الأسماء في الحجر الصلد
وماذا عليهم إن بكوا أو تعذبوا=فإن دموع البؤس من ثمن المجد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نبذة حول : إبراهيم ناجي
ولد الشاعر إبراهيم ناجي في حي شبرا بالقاهرة في اليوم الحادي والثلاثين من شهر ديسمبر في عام 1898، وكان والده مثقفاً مما أثر كثيراً في تنمية موهبته وصقل ثقافته، وقد تخرج الشاعر من مدرسة الطب في عام 1922، وعين حين تخرجه طبيباً في وزارة المواصلات ، ثم في وزارة الصحة ، ثم مراقباً عاماً للقسم الطبي في وزارة الأوقاف.
– وقد نهل من الثقافة العربية القديمة فدرس العروض والقوافي وقرأ دواوين المتنبي وابن الرومي وأبي نواس وغيرهم من فحول الشعر العربي، كما نـهل من الثقافة الغربية فقرأ قصائد شيلي وبيرون وآخرين من رومانسيي الشعر الغربي.
– بدأ حياته الشعرية حوالي عام 1926 عندما بدأ يترجم بعض أشعار الفريد دي موسييه وتوماس مور شعراً وينشرها في السياسة الأسبوعية ، وانضم إلى جماعة أبولو عام 1932م التي أفرزت نخبة من الشعراء المصريين والعرب استطاعوا تحرير القصيدة العربية الحديثة من الأغلال الكلاسيكية والخيالات والإيقاعات المتوارثة .
– وقد تأثر ناجي في شعره بالاتجاه الرومانسي كما اشتهر بشعره الوجداني ، وكان وكيلاً لمدرسة أبوللو الشعرية ورئيساً لرابطة الأدباء في مصر في الأربعينيات من القرن العشرين .
وقد قام ناجي بترجمة بعض الأشعار عن الفرنسية لبودلير تحت عنوان أزهار الشر، وترجم عن الإنكليزية رواية الجريمة والعقاب لديستوفسكي، وعن الإيطالية رواية الموت في إجازة، كما نشر دراسة عن شكسبير، وقام بإصدار مجلة حكيم البيت ، وألّف بعض الكتب الأدبية مثل مدينة الأحلام وعالم الأسرة وغيرهما.
– واجه نقداً عنيفاً عند صدور ديوانه الأول من العقاد وطه حسين معاً ، ويرجع هذا إلى ارتباطه بجماعة أبولو وقد وصف طه حسين شعره بأنه شعر صالونات لا يحتمل أن يخرج إلى الخلاء فيأخذه البرد من جوانبه ، وقد أزعجه هذا النقد فسافر إلى لندن وهناك دهمته سيارة عابرة فنقل إلى مستشفى سان جورج وقد عاشت هذه المحنة في أعماقه فترة طويلة حتى توفي في الرابع والعشرين من شهر مارس في عام 1953.
– وقد صدرت عن الشاعر إبراهيم ناجي بعد رحيله عدة دراسات مهمة، منها: إبراهيم ناجي للشاعر صالح جودت ، وناجي للدكتورة نعمات أحمد فؤاد ، كما كتبت عنه العديد من الرسائل العلمية بالجامعات المصرية .
ومن أشهر قصائده قصيدة الأطلال التي تغنت بها أم كلثوم ولحنها الموسيقار الراحل رياض السنباطي .
ومن دواوينه الشعرية :
وراء الغمام (1934) ، ليالي القاهرة (1944)، في معبد الليل (1948) ، الطائر الجريح (1953) ، وغيرها . كما صدرت أعماله الشعرية الكاملة في عام 1966 بعد وفاته عن المجلس الأعلى للثقافة.
بقلم / الشاعر الدكتور والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه..شاعر العالم شاعر الثّلَاثُمِائَةِ معلقة
[email protected] [email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة