ولادة منظمة الدول التركية.. ليتعلم العرب كيف تكون الوحدة- بقلم: أحمد حازم
تاريخ النشر: 23/11/21 | 13:19منذ العام 1958 جرت خمس محاولات التوصل إلى وحدة بين بعض الأقطار العربية، لكنها باءت بالفشل. ففي شهر فبراير/شباط عام 1958 أعلنت المملكتان العراقية والأردنية عن ولادة انحادهما في دولة واحدة أطلق عليها “الاتحاد العربي الهاشمي”. لكن هذا الاتحاد لم يستمر سوى أربعة شهور، عندما أطاح عبد الكريم قاسم قائد الجيش العراقي بالاتحاد في 16 يوليو/تموز من العام نفسه.
في الثاني والعشرين من شهر فبراير/شباط 1958، وقع الرئيسان المصري جمال عبد الناصر والسوري شكري القوتلي ميثاق الوحدة تحت اسم “الجمهورية العربية المتحدة”، وانتهت دولة الوحدة المصرية السورية بانقلاب عسكري في سوريا في 28 سبتمبر/أيلول 1961 بقيادة عبد الكريم النحلاوي.
وفي الأول من شهر سبتمبر/أيلول عام 1971، وافقت شعوب مصر وسوريا وليبيا في استفتاءات متزامنة على اتفاق وحدة أطلق عليه “اتحاد الجمهوريات العربية” لكن الإتحاد لم ير النور بسبب الاختلافات بين رؤساء الدول الثلاث.
تجربة وحدوية أخرى حصلت في الثاني عشر من شهر يناير/كانون ثاني عام 1974 بين ليبيا وتونس باسم “الجمهورية العربية الإسلامية” بعد لقاء بين الرئيسين معمر القذافي والحبيب بورقيبة في جزيرة جربة التونسية. ولكن بعد الإعلان عن الاتفاق بساعات تراجع بورقيبة بسبب شكوكه تجاه القذافي.
وفي الثامن عشر من شهر أغسطس/آب 1984 تم إعلان الوحدة بين المغرب وليبيا تحت اسم الاتحاد العربي الافريقي . وقام معمر القذافي بدعوة الدول العربية سنة 1988 إلى الانضمام للاتحاد العربي الأفريقي معتبرا إياه بوابة لوحدة عربية غير أن هذه التجربة فشلت أيضاً مثل غيرها من المحاولات.
إذاً، لم ينجح العرب أبداً في توحيد صفوفهم وعلى الأقل بين بعض دول عربية، رغم أن عدد سكان الدول العربية يبلغ حوالي 438 مليون نسمة وعددها 23 دولة، إلا أنها لم تشهد بعد فشل هذه المحاولات الوحدوية أي محاولة جديدة ولم يظهر من بينها قادة يتحدثون عن الوحدة.
الدول الناطقة باللغة التركية تختلف كثيراً عن الدول الناطقة (بالضاد). فقد قامت بعمل وحدوي فيما بينها وتوحدت في منظومة أسمتها (منظمة الدول التركية). ويبلغ تعداد سكانها أكثر من 250 مليون نسمة، وتضم تركيا، أذربيجان، جمهورية شمال قبرص، كازاخستان، قيرغيزستان، أوزبكستان، تركمانستان، والمجر كعضو مراقب. هذه المنظمة أعلن الرئيس التركي أردوغان عن ولادتها في مؤتمر صحفي عقده قبل أيام قليلة في اسطنبول، حيث أعلن في المؤتمر عن تحويل المجلس التركي الذي يضم الدول الناطقة بالتركية إلى (منظمة الدول التركية)، متحدثا عن “آفاق واسعة لتعزيز التعاون بين دول هذا التكتل سياسيا واقتصاديا وثقافيا، ويهدف إلى تحقيق عالم تركي يقوم بدور رائد في حل القضايا العالمية. إلى جانب تعميق العلاقات بين الدول الناطقة بالتركية، وتوسيع مجالات التعاون الدولي في العالم الإسلامي، وبين بلدان الشرق الأوسط والمنطقة الأوراسية، وترسيخ السلام والاستقرار فيها”.
بوصول حزب العدالة والتنمية التركي الى سدة الحكم في أواخر عام 2002، بدأ عهد جديد لتركيا. ويرى أحمد داود أوغلو وزير الخارجية التركي السابق، “أن تركيا يجب أن تكون دولة محورية في مركز الاستراتيجيات الدولية والإقليمية، وأن الهدف من أي استراتيجية تتبعها تركيا يجب أن تركز على اعادتها مرة أخرى إلى المسرح التاريخي وتحافظ على وجودها وتحولها إلى قوة مؤثرة، كما يتوجب على تركيا أن تنخلع من كونها دولة طرفية، وأن تكتسب وبسرعة وضعيتها كدولة لا تصرف جهودها فقط من أجل حماية استقرارها، بل وتوظفها لحماية نظامها من خلال الاضطلاع بدور يحمي استقرار ونظم الدول المجاورة”.
فلماذا لا يتعلم قادة الدول العربية من التجربة التركية، ويسعون إلى وحدة بينهم، أو على الأقل إلى وحدة بين بعضهم تشجيعاً للغير؟ وبالعكس من ذلك بذلوا جهوداً للإعتراف بإسرائيل التي طالما وصفوها (قولاً) بأنها دولة العدو الصهيوني، لكن هذه الدولة أصبحت لدى بعض دول الجامعة العربية “دولة الصديق الصهيوني” ولم تعد القضية الفلسطينية قضيتهم المركزية بل المهم عندهم التطبيع واتفاقات أبراهام.