على طريق الرحيل ..

تاريخ النشر: 29/10/21 | 15:20

يوسف جمّال – عرعرة

جاءها المخاض قبل الحدود بخطوات
فانتحت جانباً وولدتني في ظلِّ
خرّوبة خضراء
خطوات الى الأمام سأكون لاجئاً
في المخيَّمات
خطوات الى الوراء سأكون عائداً
بين الحضور والغياب
**************
وقفت حائرة ..
أمام عينيها الحدود ووراءها البحر
تحتها قدميها التراب وفوقها السماء
في حضنها وليد
وفي قلبها جليد
بحثت عن ..
دمع في عينيها
خوف في جوفيها
حليب في نهديها
مكان لقدميها
رجفة في شفتيها
فلم تجد سوى سراب .. سراب ..
*************
وضعتني على الأرض
تيممت للصلاة
بيدٍ مسحت بها التراب
فجرحتها أشواك المرّار
وبيدٍ مسحت بها الصخر
فجرحتها سكاكين الحجر
وضعتني على جانب الطريق
وصلّت على تلاوة بكائي
*****************
حملتني ورجعت عائدة
مشت على ضوء الليل
تزفّها أصوات الوحوش
ونعيق الغربان
وهدير الرياح
بين يديها ولد عريان
بحثت عن لقمة خبز
فلم تجد ..
فنوت على الصٍّيام
وضعت حلمة ثديها في فمي
فسكتُّ على جفافة ريقي
وزعزقة أمعائي
ومشت .. ومشيت معها
**********
إلتقينا بهم في طريقنا
سألونا من بين ركام الظلام
أعائدون أم لاجئون
وأنتم .!؟ سألتهم ..
فسكتوا وسكتنا
بكوا وبكينا
مشوا ومشينا
ضاعوا وضعنا
**************
وصلنا ونادت الكفرين ..
كفرين ..! كفرين ..!
فلم يرجع سوى صدى الغياب
هل نامت العصافير
هل فقدت الكلاب نباحها
هل رحل صهيل الخيل
فصرخت ..
هل ضعتُ منها
أم ضاعت منّي
أم ضعتُ منها
الغربة ورائي
أم الغربة أمامي
يا ربّي ..
رفعتْ يديها الى السماء
هل تصلح الغربة
أن تكون بيتاً
أن تكون سراجاً
أن تكون فراشاً
للأطفال
************
نصبت خيمتنا
على مرأى من الكفرين
على مفارق بلا جهات
في مهبِّ الريح
بلا عمدان
يشتعل بها هجير النهار
وينام فيها برد الليل
تسللت ليلاً ..
وسرقت سعف من نخلتنا
وبنَتْ لي منها سريراً
ونسيت كيف يجوعون
وكيف يبكون
**********
ماتت أمي ..
وتركتني أعيش في قعر النهر
يحاول أن يجرفني ليرميني في البحر
فأتشبَّث بحجارته
أمدُّ يديَّ فتتعلَّق بشجيرات حافته
وتيار النهر يجري .. ويجري ..
وأنا أتشبَّث .. وأتشبّث ..
***********

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة