أبجديات الجرمق الى محمد نفاع

تاريخ النشر: 26/08/21 | 17:09

كتب مفلح طبعوني
فاطمة
اندمجت ذاكرةُ الطفولة
وانكمشت الرؤى…
عبقُ سحابٍ
ووصايا
وابتكار.
عانقتْ نشوةُ الزابودِ
أهازيجَ الوتر
النخيل المُحاصَرُ
يعود إلى حليبِ الغمام
معَ شبَق الانفتاح.
مواقدُ الدماغِ
هاجرتْ
حاصرتْها مرايا الانزلاقِ
من خجلِ الحقيقة
دغدغتْها أطرافُ التروّي
والدروبُ المهجورة
كجغرافيا مهشَّمة
وتاريخٍ كَذوب.
ها هي تستنشقُ ذاتَها
كخاصرةِ الحَجَرِ المكسَّرة
تعتكفُ بوصلاتُها
بينَ فَقَراتِ التعاسة
وأبعادِ الهروب
… …
أشعلْنا ذاكرتَنا
دفنّاها
ورقصْنا حولَها
فدفنّا
وافترقْنا،
لم نعُدْ منَ الغياب
وتركْنا في الغابات
بقايا الضياع
آهِ منكِ
يا فاطمة
ومن رحيلِكِ
الموجع.
دغدغتْني أطرافُ التروّي
والدروبُ المهجورة
كجغرافيا مهشمة
وتاريخٍ كذوب
ها هي تستنشقُ ذاتَها
ورثتْ بقايا فصولِ الرواية
وتلخبُط أبجديةِ النصّ
في البداياتِ والنهاياتِ
بينَ الفقرات.
تعتكِفُ التعاسةُ
يعودُ القومُ
إليكِ
يُحيّونَكِ ويحيونَكِ
أنتِ صِدْقُ البداية
ونورُ النهاية.

طراحة ستي
الطراحةُ تقاسمَتْها طفولتي
مع ستي
ما زالتْ مُعلّقةً
في زاويتِها المسكونةِ بالسرّ
تعابيرُها مخدوشةٌ
يعتريها الاحتضارُ
بينَ جمَراتِ الوَهْنِ
ونجومٍ صاهلاتٍ
فوقَ أقواسِ الخيام
تروِّضُها القبلاتُ
المساءاتُ
تُغرِقُها الوشوشات.
تعبَثُ العنايةُ بالسكونِ
وتتوغّلُ بالنّسيانِ والغموضِ
تتابعُ صهيلَ المستحيل.
أفتحُ أدراجَ ذاكرتي
إيقاعاتُ النّسقِ
تتهامسُ معَ الآتي
اِمنحوها فاكهةَ الهبوطِ
واتركوا في سريرِها
حرارةَ العنب

مناديل أمي
منديلُ أمّي
مُطرَّزا برموشِ العيونِ
يتساقطُ منه الندى
وتبقى الخدود
حولَ درجات العينِ
تمازجتْ ينابيعُ الجذورِ
وهاجرتْ نحوَ الجحيمِ جداول
لم يكنْ في الطريقِ إشاراتٌ
قالتْ:
هل ستموتُ وحيدا!!!؟
مع كتابِ رأسِ المالِ
في زنازينِ الجفافِ!!!؟
وتابعتْ:
من أنتَ …!!!؟
وأين منديلُ أمِّكَ
وبرودةُ الغربيِّ!!!؟
قلتُ:
سأغادِرُ
بعدَ اختتامِ الكتابِ.
حرقوا كلَّ المناديلِ
وناموا حولَ النّارِ
في الأفُقِ موسيقى العَناءِ
واستدارتْ نحوَ ينابيعِ الجسد
حامَتْ بينَ أغصانِ الظِّلالِ
ونامَ جحيمُها
على صدرِ الغزَلِ،
وعلى أحاسيسِ جنونِ القُبَل.
ناوليني ما تبقى من مفاتيحِ القلاعِ
واتركي شرفاتِ الذّهولِ
بين القصائدِ وصمتِ الذّبولِ.
قامتْ منَ النّوْمِ الزهورُ
وانقلبتِ الذاكرةُ عندَ العشيقِ
قبلَ الوصولِ لوادي الحريقِ.

ركود التراب
لونُ التّرابِ
كلونِ الرّكودِ
كانتِ السّنابلُ
تطوفُ في مرابعِ أسلافِها
على سراجِ المخيّمِ.
التموجاتُ
تغري بالتسكّع
لم أعدْ أعرفُ زواياها
ولا طعمَ تيناتها
ولا موقعَ صلبانِها.
امتلأتْ حقائبُنا
بانعكاسِ حكايتِنا

الصدفة
بالصدفةِ لمْ أتمكّنْ
من وجبةِ عشقٍ.
بالصدفة
غاصَ الجوعُ
ولم يتمكن منّي.
بالصّدفةِ
لم أعاشرِ الغُروب.
وبالصدفة
عالجُت الحداثةُ
فانتابني الجمود.
بالصدفةِ ورِثتُ الشعرَ
من صَدرِ الصّحارى.
بالصدفةِ…
وُلدْتُ بعدَ النكبة
قبلَ نُضْجِ التينِ والعِنَبِ
بالصدفة
عاديْتُ حَزيرانَ؟
وسقطَ المشفى؟
انفرجتْ آياتُ ملغومة
لتسودَ خلايانا
شرايينَ الورم.
وبالصدفة سينتهي الأمل
بدون كفن؟؟؟!!!
بالصدفة…!!!

لماذا
لماذا …!!!؟
لا يعودُني الصدى
مع الحناءِ والندى؟
كيف لي
أنْ ألملمَ المدى
بدونِ انفراجِ الحنين؟
وكيف لي أن أمشيَ
في الظلمةِ تحتَ ظلالِ الرّيحِ؟
كيف لي أنْ أهاجرَ
معَ بحرِ الموجِ الهائجِ؟؟!!

ملابسنا القديمة
ليتكِ تعرفينَ
شهيقَ أسراري
وأفعًى تطلُّ على الصّوامعِ
تغنّي معَ روحِها
لشواهدِ جذورِها
وينفرِجُ الحنينُ
فوقَ هاماتِ الغصونِ
لم يبق في المنفى نوافذُ
فكيف نعودُ
إلى الحصادِ بدونِ مناجلَ؟
الأرضُ تحمِلُ حبّاتِ الرّهامِ
وتحلُمُ مع الأرقِ المعجونِ بالهذيان
عادتْ مرايانا
وانكمشَتْ أطرافُ الطريقِ
تركتُ حنيني فوقَ قممِ اللهاثِ
وانفصلْتُ عن روحي
حرّكْتُ شواهدَها
نبشْتُ الغبارَ بالنّبْضِ
وأكملْتُ تنسيقَ النوتاتِ
فابتعدَ الزّاجِلُ عنِ الأرذالِ
ارتبكَتْ بوصلَةُ السّفر.

جنازة العدالة
الشمسُ سقطَتْ وسطَ الحاجزِ
ففاضَتْ عُزلةُ المكانِ
وأغرقَتْ جنازةَ العدالة
في هاويةٍ انزلقَتْ فيها الأكفانُ
تمزّق الحوارُ
سيتشابُكَ معَ الليلِ علانيةً.
تجمّعَتْ غيومُ القذائفِ
وأخرستِ العِواءَ.
مطرٌ ونارٌ
بعدَ انقطاعِ الشهوات…
اندلقَ الفسادُ.

شهوةُ الإبداعِ
شهوةُ القلمِ
تهرُسُ أثداءَ الأبجديّة
في عتمةِ الإبداع
معَ أساطيرِ الأفاعي والعصا
وشقِّ البحرِ والصحراءِ
والضّياعِ في سيناء
للتسلّقِ على الميعادِ بينَ الأبعادِ
كشهوةِ الإبداع

أنتِ أنت، وأنتِ أنتِ
يا عِطْرَ الوشْمِ
أينَ قصائدُ الحنينِ
التي تحبين؟
أين أناك، التي يعشقُها الأصيلُ
وأينَ بقايا البلَحِ؟
هل تذكرينَ
غفْوَةَ القمَرِ بينَ نهديكِ!!!؟
وهل تذكرينَ
ما تبقى من هَشيمِ الفراغِ
وأنتِ تلوبينَ
منْ شهَوَاتِ العَتمات؟

زينةُ الحبَقِ
للّتي تحفَظُ بُحورَ الرّشاقةِ
وترتاحُ معَ جفَناتِها
على إيقاعات النوى.
للتي زينتها بالحبقِ
ونظمتها على بحورِ العسلِ،
للّتي شقتِ القلبَ إلى نصفين
واتكأتْ على حافةِ النّبضِ
تحرسُ رمشَها.
ليسَ لي غيرُ سرِّها
وليسَ لي غيرُ صهيلِ الوطن
وعيناكِ والهرم
أيقنْتُ ملامِحَها المثيرة.

فِراقُ الأزمانِ
القلَقُ يتلوّى على حافّةِ الكتابِ
وفي الفجْرِ الأنيق،
وجدْتُها معَ النّسيانِ
عناقيدَ الانبجاسِ من ينابيعِ الوفاء
والقهوةُ تأخذُها منَ النُّعاسِ
إلى بيادرِ الحصادِ
تُباغِتُها شجاعتُها
تتركُ ذكرياتِها مُبعثرةً
وتتوغّلُ في رعَشَاتِ البراري
تندَهِشُ منْ نفْسٍها
أهديتُها مسوّداتِ
كتاباتي وأوتاري
وشتلْتُ للذكرى صبرَ ابتهاجاتي.
دافعْتُ عنْ صحْوَتي
وعنْ تماهياتي،
عنْ تقلّباتي
فوقَ فراشِ آلامي
***
تعرّفْتُ على طيني
فَ “انتهت الحياة”
تناسَخَني
الطّينُ المُغربَلُ
وبالصُّدفةِ
انصرفْتُ إلى الماضي
وفارقْتُ أزماني
خوفا منَ الآتي
***
انطلقْتُ معَ الأطفالِ
منْ تحْتِ الأنقاضِ
عادَتْ لهمُ الأنفاس
وتوقّفَتْ فواجع…
رفرفَ خفَقانُ
الفاطماتِ العائداتِ
فوقَ شرايينِ الأغصان
وتبعثرت ظلال الحاحوم والملول.

تموز، 2021
الناصرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة