ما بدنا إضرابات ومظاهرات، بدنا بيوتنا ما تهدم

تاريخ النشر: 12/01/17 | 8:30

لماذا لم تنجح قياداتنا السياسيّة حتى اليوم في منع هدم بيت عربيّ واحد؟ ولماذا لم تنجح حتى الآن في صوغ خطة عمليّة لترخيص تلك البيوت المهددة بالهدم بأثر رجعي؟ لماذا لم تنجح قياداتنا (ومعها مجتمعنا) بمنع عمليّة قتل واحدة ضد امرأة أو فتاة أو شاب عربيّ؟
هنالك إصرار غريب لدى قياداتنا السياسية في التمسك بوسائل نضاليّة أثبتت فشلها المرة تلو المرة. وكأنها لم تسمع قطًا بالبديهيّة التي قالها ألبرت أينشتاين: “إذا قمت بتجربة أربع أو خمس مرات، فلا جدوى من تكرار التجربة”. تعلمنا تجاربنا النضاليّة منذ وفود الدولة العبريّة وفرضها علينا، أن المظاهرات والإضرابات والخطابات والاستنكارات وحدها لم ولن تحل لنا مشكلة واحدة.
القيادة الحكيمة مطالبة، أولًا وقبل كل شيء، بتوفير الحد الأدنى من شروط الحياة الأساسيّة لشعبها. من لا يجد عملًا، ومن لا يجد بيتًا يأويه، ومن لا تستطيع ضمان حياتها، ومن لن يستطيع توفير الحليب لطفله بعد يومين من الإضراب، لا يهتم بالقضايا السياسيّة الكبرى.
قبل إقامة دولة إسرائيل، عملت القيادات الصهيونيّة على مدار ثلاثة عقود متواصلة، على إنشاء البنى التحتيّة الداعمة لتأسيس الدولة، وتهيئة الظروف المساندة. وعندما أعلن بن غوريون عن إقامة دولة إسرائيل، كانت المؤسسات والبنى التحتية جاهزة.
يلاحظ على مدار سنين وجود قياداتنا في البرلمان الإسرائيلي غياب الرؤيا والتخطيط. حيث اكتفت القيادات بالعمل العشوائي وردود الفعل على سياسات الاضطهاد والتمييز، ولم نشهد أية محاولة لتخطيط مستقبل شعبنا والنهوض به.
نعم، نحن شعب يعيش في دولة تعتبره عدوًا وتمارس ضده جميع أنواع التمييز والقهر. ونعم، الدولة هي المسؤولة عن التنمية والبناء والاقتصاد والحقوق وكل ما تشتهونه. ولكن ما هو دور القيادة السياسيّة في ظل “غياب الدولة” ؟. لا يمكننا تعليق جميع اخفاقاتنا على شماعة الظلم والقهر والتمييز والعنصرية.
القضية، يا حضرات القيادات، ليست “كل شيء، أو لا شيئًا”. ليس من الحكمة انتظار معجزة ظهور الدولة المخلص، وانتهاء التمييز ونهائيّة الظلم، بغية أن نفكر في بناء أنفسنا. نحن شعب يملك الكثير من القدرات والامكانيات لبناء ذاته، ولكن غياب الرؤيا والتخطيط يحولان دون ذلك.
ورب من سيقول لنا “لا تلم الضحية”، أو “ماذا تقترح”؟
أولا، نحن بحاجة إلى وضع تصور مشترك، بالتعاون بين جميع الأحزاب والحركات والمؤسسات والهيئات التمثيلية، لضمان حياتنا السوية أولا، ولمستقبلنا ثانيًا. ومن ثم وضع تخطيط وبرامج عمل قابلة للتنفيذ.
ما الذي يمكن عمله؟
أولا، البحث عن وسائل لترخيص جميع البيوت العربيّة المهددة بالهدم بأثر رجعيّ، بالتعاون مع أصحاب البيوت والسلطات المحلية، وبقيادة الأحزاب والهيئات التمثيلية.
ثانيًا، رفع قضية البيوت العربية إلى المحافل الدولية، وطلب الحماية الدولية، أو التهديد بفعل ذلك في حالة رفضت إسرائيل تسوية هذه القضية.
ثالثًا، العمل مع القيادات الدينية ورجال الدين وليس ضدهم. التوصل إلى اتفاق عمليّ من القيادات الدينية، والشيوخ، وأئمة المساجد، وزعماء العائلات، على اصدار فتوى تحرم القتل والاعتداء على الأرواح والممتلكات، والتهديد بالمقاطعة الاجتماعية والدينية لكل من يرتكب جريمة قتل.
رابعًا، وضع مخطط اقتصادي تنموي بالتعاون مع رجال الأعمال (ومفضل إشراك رجال أعمال ومبادرين من أخوتنا الفلسطينيين في المناطق المحتلة، والبحث عن استثمارات من العالم العربي والإسلامي). بما يشمل بناء مرافق اقتصادية، مصانع، وشركات محلية، وتوفر أماكن عمل للنساء أولًا، وللمعطلين عن العمل، وتشكل رافعة لتنمية الاقتصاد المحليّ وتقليص التبعية الاقتصادية قدر الإمكان، والتطلع إلى بناء شكل من أشكال الاستقلالية الاقتصادية.
خامسا، وضع خطة لبناء مسارح، ودور سينما، ومتاحف. لدينا ما يكفي من رأس المال والسيولة النقدية، ولدينا العديد من رجال الأعمال الوطنيين، الذين يحتاجون إلى التوجيه والتخطيط والتشجيع.
هذه فقط نبذة واقتراحات أولية لما يمكن عمله، ولقضايا قابلة للتحقيق إذا توفرت الرؤيا وتوفر التخطيط.
هذا هو الدور المطلوب من قياداتنا، وهذه هي رسالة القيادة الحكيمة ودورها في المجتمعات، وفي مجتمعات الأقلية المهمشة المضطهدة على نحو خاص.
نحن لسنا بحاجة إلى التمثيل البرلماني اذا لم ينجح في تحقيق مثل هذه المطالب الحياتية الأساسية. يوفر لنا التاريخ العديد من النماذج عن نضالات ناجحة لقيادات أقليات قومية خارج الأطر البرلمانية، فلماذا لا نستفيد منها؟

سامر عثامنة- ناشط إجتماعي
samer2017

‫8 تعليقات

  1. كلام رائع
    ليس صعب تحقيقه بل مستحيل
    السلطات المحليه هي عباره عن سلطات تنفيذيه لسطه تشريعيه وهي الكنيست
    واذا قاطعنا الكنيست علينا التخلي عن السلطه المحليه وهذا مستحيل
    والجواسيس والخونه لن يتركونا انجاز اي شيئ

    الحل في عصيان مدني وثورة مثل باقي الدول من حولنا حتى يبعث الله من ينقذنا

  2. بارك الله فيك اخي سامر
    بداية المشكله فينا كاشخاص فعندما يأتي دور كل شخص لاعطاء او فرز الحق العام مما يملك من ارض فيصير كل منا يتملص ويتملق بشتى السبل والامثله في بلدنا كفر قرع كثيره حدث ولا حرج …
    ثانيا لا يوجد تخطيط مستقبلي حتى على مستوى الافراد او المجموعه والكل يلقي اللوم على السلطه المحليه علما انه ليس باستطاعة السلطه التحكم بالملك العام
    ثالثا تكاد لا تجد احد يعمل بالمطلوب وهو ان تحب لغيرك ما تحب لنفسك – بل تجد ان الناس يضعون العراقيل حتى للسلطه المحليه
    رابعا نحتاج الى نفوس تحب العمل العام وتفضله على العمل الخاص

    1. ما حدا جاب سيرة السلطة المحليه يا أخ معن
      الذي مهد للسياسة هدم البيوت
      هدم السلوك والاخلاق في البيوت

  3. حبذا لو تحول ضعفنا إلى قوه من خلال هذه الفوضى البناءه اللتي تتمثل بكلمة سلام ككلمه ومستحيله كفعل في ظل سياسي بدأ وما زال يمتلك الحق في التنفيذ فكريا وسياسيا واخلاقيا بانانيه بحت ولكن يستحق المحاوله دائما ولا يكفي أن نقول نأمل أن وأن بل أن نخطو ولو خطوه إلى الامام والله المستعان

  4. أحييك اخي سامر على مبادرتك في طرح الموضوع الا انني أختلف معك في الكثير مما كتبته. من المؤسف انك انضممت الى مجموعة، ليست بالصغيرة، ممن يلقون اللوم على قياداتنا المنتخبة، من اعضاء برلمان وسلطات محلية. هذا ليس صوابا. فقياداتنا السياسية والمحلية، مقيدة للغاية بفعل السياسات العنصرية التي تنتهجها المؤسسة الحاكمة ضدنا. لا يمكن التغاضي عن ذلك ابدا وتبقى المسؤولية الاولى والاخيرة تقع على عاتق المؤسسة الحاكمة وهي هيئات سياسية يجب فضح سياستها وانتقادها والتصدي لها بأساليب سياسية في الاساس.
    ان الشعور “بقصر اليد” الذي نواجهه هو ايضا حقيقة لا يمكن تجاهلها وأنا اؤيد فكرتك حول ضرورة التنويع في اساليب النضال وخاصة تدويل بعض الامور والقضايا. ان طرح الموضوع وكأن القيادات السياسية والمحلية الحالية لم تنجح ولذا تجب الاستقالة او الاقالة ليس صحيحا بالمرة. فهل يمكن القاء اللوم على القيادات الدينية مثلا بأنها لم تمنع العمليات الاجرامية المستشرية بيننا وخاصة قتل النساء؟ هل يمكن المطالبة باقالة المشايخ وأئمة المساجد؟ او استبدالهم؟ وعلى اي اساس؟
    او مثلا توجيه الاتهام لمدراء المدارس وطواقمها بخصوص الازمة الاخلاقية التي يعاني منها مجتمعنا. بهذه الطريقة سنصل بالنهاية الى ضرورة استبدالنا جميعا. هذا هو الخطر في عملية “جلد الذات” ولا بد ان نحذر منه.
    انا معك في ضرورة طرح كافة القضايا الملحة على بساط البحث ومناقشتها بشكل معمق والخروج بتوصيات تشمل فعاليات جديدة ونشاطات مستحدثة لتحريك الامور. هذا ممكن لأن النشاط السياسي لا يجب ان يكون محصورا بمجموعة معينة او مقصورا على فئة محددة. باب النضال والنشاط السياسي مفتوح خارج البرلمان، كل الوقت، ولدينا من الجمعيات والشخصيات الجماهيرية الفاعلة، وانت واحد منها، ما يكفي لخوض النضال في كافة الاتجاهات التي تهم مجتمعنا.
    وللحديث بقية، فهلم بنا!
    دمت بخير

  5. حبذا لو تحول ضعفنا إلى قوه من خلال هذه الفوضى البناءه اللتي تتمثل بكلمة سلام ككلمه ومستحيله كفعل في ظل سياسي بدأ وما زال يمتلك الحق في التنفيذ فكريا وسياسيا واخلاقيا بانانيه بحت ولكن يستحق المحاوله دائما ولا يكفي أن نقول نأمل أن وأن بل أن نخطو ولو خطوه إلى الامام والله المستعان

  6. صحيح بأن الاضراب هو وسيله لا تكفي ،ولكن من جهه أخرى نحن جميعا نعرف صعوبة الأمر،هل بالفعل يستطيع اعضاء الكنيست منع الدوله من هدم البيوت؟!!!!! الجميع يعرف بأن هذا الشيء صعب تحقيقه نحن لا يجب ان نتكلم من بعيد ،الكلام نعم صحيح او فيه الكثير من الصحه ولكن هل التنفيذ سهل لهذه الدرجه ؟لا اعتقد!!!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة