مسرحية للأطفال والشباب: أبو الأنبياء
تاريخ النشر: 10/09/15 | 12:37المشهد ألأول
ملاحظة:) هذه المسرحية،مهداة مني ومن موقع بقجة، الى كل من يريد ان يخرجها على خشبة المسرح،وخصوصا المؤسسات التربوية،ولكن من اللياقة أن يتقيد بما تتطلبه الحقوق الأدبية،من ذكر اسم المؤلف قبل عرضها، وتسجيل ملاحظة في المكان المخصص للملاحظات في موقع بقجة، يذكر فيها معلومات حول هوية المدرسة التي ستعرضها.)
(قاعة واسعة تتوسطها كرسي ملكي كبير وفخم، وأمام الكرسي طاولة وعليها بعض حاجات الملك، وبالقرب من الطاولة تقف الملكة والوزير والمستشار ووصيفة الملكة. وعلى الباب يقف الحاجب.)
ينادي الحاجب(وهو يركع.. ويركع معه كل المتواجدون في القاعة):جلالة الملك النمرود ملك الملوك وجبار الجبابرة.. واله كل من في الأرض والسماء..
(يدخل الملك يحيطه الجنود ويجلس على كرسيه، فينتصب كل الراكعين في القاعة..)
الملك: (متوجها الى الوزير):ماذا يوجد لدينا – أيها الوزير- في هذا اليوم..؟ ماذا سيعرض علي من أمور الناس وأحوالهم..؟
الوزير: انه ابراهيم.. يا جلالة الملك..!!
ألملك) صارخا ومقاطعا): أبراهيم..!!؟.. أبراهيم مرة أخرى..!!؟
الملكة:انه مستمر في النيل من آلهتنا وآلهة آبائنا وأجدادنا..
وصيفة الملكة: انه يدعي ان له ألها آخر.. وليست آلهتنا سوى أصناما،لا حول لها ولا قوة..!!
تارح (أبو ابراهيم هامسا لنفسه): يا ولدي المسكين.. ما لك ومال هذا الضلال.. لن يرحمك الملك..!!
الملك (صارخا):أأتوني بهذا المتمرد علي وعلى آلهتنا.. سينال مني أشد انواع العقاب..!
الحاجب (بصوت عالي): أمر مولاي السلطان (مكملا)..أيها الجنود أبحثوا عن ابراهيم واحضروه حالا، ليمثل بين يدي الملك الجبار.
تارح) باستعطاف): أيها الملك العظيم.. سيرتجع.. سيرتجع.. ويعود الى رشده.. الى طاعة مولاه الملك المعظم..
الملكة (متوجهة الى تارح):لقد صبرنا على ابنك- يا تارح – طويلا، وذلك من أجل خدماتك الكثيرة التي قدمتها للملك..قلولاها لما أبقاه الملك………. حيا حتى هذه اللحظة..!!
تارح: (با ستعطاف شديد) انني –يا جلالة الملكة – مازلت اطمع بعطف مولانا الملك العظيم..
الوزير: لعله فسر صبر الملك على أعماله ضعفا منه..!!
تارح: انه- يا معالي الوزير – جهل من فتى صغير السن..
(الجنود يمسكون بابراهيم ويقفون على مدخل القاعة.. ويسلموه للحاجب)
الحاجب (متوجها الى الملك):يا صاحب السلطان.. ان ابراهيم في الباب.. منتظرا الأذن في المثول بين يديك..
الملك (صائحا): أدخله حالا!!
(يجر الحاجب ابراهيم الى داخل القاعة.. ويقف ابراهيم امام الملك، رافع الرأس مبتسما متحديا.)
تاراح (برجاء شديد): أسجد..أسجد يا أبراهيم أمام ملكك وولي نعمتك..
أبراهيم (بصوت جهوري متوجها الى السماء): انما السجود لله وحده..!!الذي لا يسجد لأحد سواه..
الملكة: انك تقف بين يدي أعظم الآلهة وأقواها..!!
أبراهيم:ان ربي جبار عنيد..يتحكم بالكون كيف يريد.. ومتى يشاء..
الملك (متحديا): وأنا أعظم جبار عنيد في هذه الدنيا.. أصنع بها ما أشاء..
أبراهيم: ان ربي يجعل الشمس تشرق من الشرق، وتغرب من الغرب.. فهل انت تستطيع ان تجعلها تشرق من الغرب، وتغيب في الشرق..!!؟
الوصيفة) متوجهة لتارح): ان ابنك- يا تارح- يتحدى الملك، اني أخاف ان يكون ضحية لجنونه..!! ان الملك لن يمهله طويلا.!
الملك) في حيرة من أمره) ها..!!؟ ها..!!؟(هامسا لنفسه) الشمس..تغيب..!! تشرق..!.. لماذا لم أفكر بهذا الأمر الخطير من قبل..!!؟
الوزير (محاولا انقاذ الملك): وهل لديك شيئ غير هذا، تقوله عن آلهك المزعوم..!؟
أبراهيم: ان ربي يحيي ويميت..!!
الملك (مقاطعا): وأنا أيضا أحيي وأميت..!!
الملكة: أن ملكنا المعظم يحيي ويميت العشرات في كل يوم..
الوصيفة: أخاف ان تكون انت يا أبراهيم أول الضحايا..!!
الملك (متوجها للحاجب):أيها الحاجب..
الحاجب: السمع والطاعة لملك البلاد والعباد..
الملك: أأتني برجلين: أحدهما سيخرج من السجن بعد ان عفونا عنه.. والثاني محكوم عليه بالاعدام،وكان من المفروض أن ينفذ فيه الحكم مساء هذا اليوم..
الحاجب:أمر مولاي السلطان..ّ!
الوصيفة (هامسة في أذن الملكة): ان جلا لة الملك،سوف يريه مقدار عظمتة جبروته.. ويخرسه الى ألأبد..!!
الملكة: سترى ألآن – يا أبراهيم – بعينيك من هوالأله الذي تصغر أمامه كل ألآلهة..!!
(الحاجب يقف على باب القاعة وهو ممسك برجلين مقيدين)
الحاجب:يا صاحب الجلالة والعظمة.. ان المسجونين في الباب،ينتظران أذنك بالمثول بين يديك..
الملك: ادخلهما حالا..!!
(يجر الحاجب السجينين الى وسط القاعة امام الملك)
الحاجب: السجنين بين يديك.. يا جلالة الملك المطاع..!
الملك (مشيرا الى أحد السجينين): هذا السجين كان سيموت الآن.. أنه ميت..!! ولكني سأعفو عنه..سأحييه..سأمنحه الحياة.. انطلق ايها الرجل الى الحرية الى الحياة..!!(مشيرا الى الرجل الثاني).. أما أنت فأنك.. كنت ستخرج من السجن الى الحياة..انظر – يا ابراهيم – كيف سأميته.. (متوجها للحاجب) أقطع رأسه حالا..!!
السجين: الرحمة..الرحمة يا جلالة الملك.. الرحمة..!
(يتقدم الحاجب من السجين، ويقطع رأسه، فيسقط على الارض، فيتقدم جنديان ويحملانه الى خارج القاعة..)
أبراهيم (رافعا يده،ومادا ومحركا سبابته): ليس هكذا ربي يحيي ويميت..!!
الملكة:ارنا- يا أبراهيم – كيف يحيي ربك ويميت..!!
ابراهيم: انظر حولك -أيها الملك- الى مدينتك..، كم من الأطفال يولدون..!!وكم من البشر يموتون..!!أنه ربي الذي يخلقهم ويميتهم..يحيي من ومتى وأين يشاء، ويخلق من و متى وأين يشاء..!!
تارح: يا ويلتاه.. يا ويلتاه.. أن ابني يحفر قبره بيده..!!
المشهد الثاني
الحاجب:يا ملك الملوك العظيم.. كاهن المعبد على الباب، يصر على المثول بين يديك لأمر هام..!!
الملك: أدخله في الحال..!
(يدخل القاعة شيخ منحني الظهر على رأسه عمامة كبيرة، وله لحية بيضاء كبيرة، وبيده عكازة، ويلبس ثوبا أبيضا طويلا،ويتبعه جنديان يحملان تمثالا كبيرا معلقا في عنقه فأس.. ويسجد أمام الملك)
الملك: ما خطبك أيها الكاهن الجليل..!؟
الكاهن: ألآلهة..!!ألآلهة..!! أصنام المعبد يا رب ألأرباب..وسيد الكون..!!
الملكة: ماذا حدث – بحق السماء – لقداسة ألآلهة..!!؟
الكاهن: لقد حطمها..!! لقد حطمها..!!
الملكة: من هذا اللعين الذي حطمها.. أيها الكاهن..!!؟
الو صيفة:(هامسة في أذن الملكة) أخاف ان يكون هذا اللعين،المدعو أبراهيم..!!
الكاهن: يا جلالة الملك..دخلت المعبد لأتعبد فيه، فوجدت ان جميع الأصنام محطمة (مشيرا الى التمثال) ألا هذا كبيرها، وكان معلق في رقبته هذا الفأس..!!
الوزير: الم يشاهد أحد من حطمها..!!؟
الكاهن: بلى –يا سيدي – الوزير.. لقد شاهد خادم المعبد أبراهيم وهو يحطمها..!!
الوصيفة:أنظري..أنظري – يا جلالة الملكة – ان ابراهيم يسمع كل ما يدور من حديث، والأبتسامة لا تفارق شفتيه..!!
الملكة: أنه واقف رافع الرأس، لا يبدو على وجهه أي أثر للخوف..!!
الملك (والغضب يكاد يتفجر من وجهه):أأنت الذي حطمت ألآلهة يا أبراهيم..!!؟
أبراهيم (مشيرا الى التمثال، وابتسامة ساخرة كبيرة ترتسم على وجهه): أسألوا كبيرها ان كان ينطق..ها هو أمامك أيها الملك!!
الملكة: ويلك يا أبراهيم..!! انك تعرف انها لا تسمع ولا تنطق..!!
أبراهيم: أذن فكيف تعبدون من لا يسمع ولا ينطق..!!؟
ألملك:ولذلك حطمتها..!!ان مصيرك سيكون أسوأ من مصيرها..!!
تاراح: (متوجها الى ابنه باكيا): لماذا فعلت ذلك با ولدي..!!؟ حتى ألآلهة المقدسة حطمتها..!!؟ لم تترك بابا لأحد كي يشفع لك..!!
(تقتحم القاعة امرأة بعد ان أزاحت الحرس والحاجب،يلحق بها الحاجب محاولا امساكها ومنعها من الوصول الى وسط القاعة)
الحاجب: ايتها المرأة.. أيتها المرأة.. الى أين أنت ذاهبة..!!؟ لمذا تدخلين القاعة دون أذن..!!؟
ألملك: أتركها أيها الحارس..!!
الحاجب:(وهويترك أم أبراهيم، رجعا الى مكانه): أمر مولاي السلطان العظيم..
تارح:) مشيرا الى المرأة):أنها زوجتي..أم أبراهيم.. (متوجها اليها بغضب شديد)..من الذي أتى بك الى هنا..!؟
أم أبراهيم (وهي تسرع باتجاه الملك وتخر ساجدة أمامه): يا جلالة السلطان العظيم.. انه ابني وفلذ ة كبدي..!!
الوصيفة: انظري..انظري يا جلالة الملكة.. أنها أم أبراهيم..يكاد قلبها ان يتفجر حزنا على ولدها..!!
الملكة: أنها أم.. الأم هي الأم.. لا تترك ولدها..مهما ارتكب من معاصي..!
الوزير:أن ابنك أبراهيم أهان وحطم آضنامنا، وتحدى الملك.. وكفر بآلهتنا..!!
ألآم:أنني أبني يا جلالة الملك المعظم.. حملته في أحشائي تسعة أشهر.. وفي حضني سنوات ثلاث.. ورعيته عقدين من الزمان.. وسيكون عكازتي أتوكأ عليها في شيخوختي..!!
الملك:ان ابنك أيتها الأم سينال مني أشد العقاب..جزاء كفره وعناده..!
ألأم: رحماك يا مليكي وولي نعمتنا،أني أعدك ان ابني سيرتجع.. ويطلب صفحك وعفوك.. طامعا في مغفرتك..!(متوجه الى أبراهيم) أسجد.. أسجد يا ابراهيم لملكك وولي نعمتك..!!
ابراهيم (جالسا على ركبتيه امام امه.. ومقبلا يديها):لا.. لا.. يا أمي.. لا يا أمي.. لن أسجد ألا لرب العالمين.. رب السماوات والأرض.. والذي يقول للشيئ كن فيكون..!!
ألأم: انك – يا ولدي – بفعلك هذا تقضي على نفسك.. ولن تكون لي حياة من بعدك..!!
ابراهيم: يا امي ادخلي الى رحاب دين ربي.. الذي وسعت رحمته الكون كله..!! ان الله سيكون معنا (مشيرا الى الملك) فسيحمينا من شر الظالمين..!!
الملك: (بغضب شديد): ويلك يا ابراهيم.. (متوجها الى الحاجب)..ايها الحاجب.. خذوه وارموه في النار.. ارموه بها لتحرقه، وتريحنا منه ومن اعماله..!!
الحاجب: أمر مولاي ملك الملوك.. وجبار الجبابرة..(متوجها الى الجنود) أيها الجنود.. اسحبوا أبراهيم، وارموه في النار بعد ان تشعلوها..!
(يتقدم الجنود من ابراهيم ويمسكون به،ويجرونه خارج القاعة..)
ألأم: (تصرخ، وهي تحاول تخليص ابنها من أيدي الجنود): لا.. لا.. لن تحرقوا ابني.. لا.. لا تحرموني من فلذة كبدي..لا..لا..!!
(تقع مغشي عليها في وسط القاعة)
المشهد الثالت
(نفس القاعة التي كانت في المشاهد السابقة.. يقف الملك والملكة بالقرب من الشباك الذي يطل على الساحة،ينظرون من خلاله الى الخارج، والى جانبهم الوزير والمستشار تارح ووصيفة الملكة وعلى الباب الحاجب..)
الملك (متوجها الى الملكة، وهو ينظر الى خارج الشباك):انظري.. انظري- ايتها الملكة – الى النار المشتعلة.. ان لهيبها يكاد يناطح السحاب..!!)
الملكة: انها – يا صاحب الجلالة – سوف تحرق ابراهيم.. وتريحنا منه..!!
الوزىر (يتقدم من الشباك):انظروا..انظروا.. ان الجنود يقودون ابراهيم الى النار..!!الى النار..!!
تارح: (باكيا) يا ولدي.. يا ولدي.. ستموت امك من بعدك..!!لن تستطيع تحمل فراقك..!!
الوصيفة: انهم يرمونه في النار.. اني أشفق على امه المسكينة..أن قلبها سيحترق معه..!!
الملاك (من السماء): يا نار..! يا نار..!! كوني بردا وسلاما على نبي الله ابراهيم..!! كوني بردا وسلاما على أبراهيم..!!
الملكة: اني لا اكاد أن أصدق..!! كأنني في حلم.. أترون ما أرى..!!؟
الوصيفة: ان النار تشتعل.. وأبراهيم جالس في وسطها مبتسم، كأنه يسبح في ينبوع ماؤه عذب..!!
تارح: اني ابني حي لم يحترق.. لا أصدق..!! انها بشائر الفرح..!!ان أمه ستطير فرحا عند سماع خبر نجاته من النار..!!
الملك (وهو ينظر من الشباك والخوف يقتحم وجهه): انه لشيئ عجيب..!!(رافعا رأسه وأصبعه الى السماء).. لا بد لأبراهيم من رب يحميه..!! أنه جالس في وسط النار الملتهبة..ولا تنال منه شيئا..!!..(محركا سبابته) ولكني لن اضعف امام ابراهيم.. ولن أضعف أمام رب أبراهيم.!!
الوصيفة: ايتها الملكة العظيمة -، قفي بجانب الملك في محنته.. انه يكاد الخوف والغضب ينالان منه!!
الملكة (وهي تضع يدها على كتف الملك): ستبقى يا مليكي اقوى ألآلهة على وجه الأرض.. وستبقى ألآمر الناهي فيها..!!
الملك: أأتوني به مرة أخرى.. أأتوني به مرة أخرى..!!
المشهد الرابع
(نفس القاعة وفيها الملك والوزير والمستشار والملكة ووصيفتها والحاجب على الباب، وأبراهيم واقف أمام الملك منتصب القامة،وابتسامة الأنتصار ترتسم على وجهه)
الحاجب: يا صاحب الجلالة المعظم.. ان أبراهيم في الباب، ينتظر أذنك بالمثول بين يديك..!
الملك: أدخله في الحال..!!
الوزير: والآن يا أبراهيم.. ألا تريد ان تتراجع عن غيك، وتعود الى صوابك..!؟
ابراهيم: ان صوابي ورشدي هو طريق الله رب العالمين.. الذي خلقكم وخلق السماء والأرض وما عليها..!
الملكة: ولكن اباءنا وأجدادنا عاشوا على هذا الدين، ونحن مستمرون على ذلك..!
ابراهيم: هم كانوا على ضلال مبين..!! وانتم مستمرون على هذا الضلال..!!
الوصيفة:(هامسة للملكة)انظري الى وجه ابراهيم ما أجمله.. ان وجهه يشع نورا زاهيا.!!
الملكة (ترد عليها بهمس): اصمتي.. أصمتي.. والله لو سمعك الملك لقطع لسانك الطويل..!!
تارح: دعه – يا جلالة السلطان – يغادر هذه البلاد..
الوزير: فنعيش في بلادنا، وعلى ديننا، وهو يبحث له عن بلاد أخرى يتقبلون دينه..
الملكة: وبذلك نرتاح منه ومن أعماله الى ألأبد..!
الملك: اني موافق على ذلك..ولكن الى أين تريد ان ترحل يا أبراهيم..؟
أبراهيم: الى الأرض التي أمرني ربي ان أرحل اليها..الى أرص كنعان..
الملك (صارخا): أرحل.. أرحل الى أرض كنعان.. ولا تريني وجهك بعد الآن.. لا أريد أن أرى وجهك بعد ألآن..!!
(يتوجه أبراهيم الى الباب مغادرا القاعة..)
المشهد الخامس
أبراهيم (واقف ويرفع يديه الى السماء بخشوع):” ربنا اسكنت ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم، ربنا ليقيموا الصلاة، فاجعل أفئدة تهوي أليهم، وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون. “(..متوجها الى هاجر وابنه اسماعيل).. انني سأودعكم ألآن وٍارحل راجعا الى بلادي فلسطين..!
هاجر (بدهشة وخوف): لمن تتركنا في هذا الودي المقفر يا ابراهيم..!؟
ابراهيم: (يتلعثم ولا يدري ما يقول)..أن..أن..الله..
هاجر: هل أمرك ربك بهذا يا زوجي العزيز..!!؟ هل هذا قضاء من عند الله..!!؟
ابراهيم: نعم.. اني ربي أمرني بهذا، ولا أستطيع أن أخالف أمرا..!
هاجر: (رافعة يديها الى السماء) أبتهل اليك يا الهي.. يا رب أبراهيم وأسماعيل،أن لا تضيعنا في هذا المكان المقفر.. انك أنت الوهاب الرحيم..
ابراهيم:(وهو يحمل ابنه في حضنه ويقبله والدموع تنهمر من عينيه): وداعا.. وداعا يا بني.. وداعا يا أسماعيل.. وداعا..!!
هاجر: (باكية بحرقة): اني أعرف مقدار حبك لولدك.. وانك ستعاني كثيرا لفراقه.. ولكنها ارادة الله العلي العظيم.
أبراهيم: (مستمر في البكاء): وداعا.. وداعا يا زوجتي الغالية.. وداعا يا أم أسماعيل.. وداعا..!!
هاجر: سأربيه ان يكون ولدا صالحا.. سأربيه على محبة الله وعبادته.. وعلى محبتك وطاعتك..!!
أبراهيم: انك – يا هاجر _ كنت دائما الزوجة الصالحة التقية.. وألأم الرؤوم.. حافظي على أبننا أسماعيل..!!
هاجر: هل ستعود الى هنا.. لتتفقد أحوالنا يا أبراهيم!!؟
أبراهيم: سأزوركم ان شاء ربي.. ربي الذي لا يحرم أحدا من رحمته..(وهو يبتعد عنهم).. وداعا ياهاجر.. وداعا يا اسماعيل.. وداعا..!!
المشهد السادس
(هاجر وابنها يجلسان بباب خيمة، وآمامها وعاء فيه لبن)
هاجر(تقف، ويدها فوق حاجبيها): يا اسماعيل اني ارى شبحا يأتي بأتجاهنا من بعيد..
اسماعيل: (ينهض واقفا واضعا يده على جبينه، ليتمكن من الرؤية لمسافة بعيدة):ماذا..!!؟.. ماذا يا امي!!؟
هاجر: اني أرى رجلا.. يسير بأتجاهنا..!!
اسماعيل (وهو يضع يده فوق عينيه): اني اراه يا أمي.. ان شيخ متقدم في السن..! ها هو يتقدم باتجاهنا..
هاجر: أني لا أكاد أن أصدق..اني لا أكاد أصدق ما ترى عيناي..!!
اسماعيل: كأنك يا أمي تعرفين هذا الرجل الغريب..!!؟
هاجر: أنه أبوك يا أسماعيل.. أنه أبوك يا أسماعيل..!!
آسماعيل: ماذا..!!؟ أبي.. ألقادم أبي..أبي أبراهيم..!!؟ وافرحتاه..وافرحتاه..!!
(يهجم اسماعيل ويقفز في حضن ابيه..فيحتضنه ويبدأ بتقبيله)
المشهد السابع
(ابراهيم غارق في سبات عميق بالقرب من فتحة باب خيمته.. وأذا بصوت قوي يأتي من بعيد يقتحم نومه)
الملاك (من السماء): يا ابراهيم..!! يا ابراهيم..!! (يتململ في مكانه ولكنه يعود ويغفو من جديد..)
الملاك (مرة أخرى): يا أبراهيم..!! يا أبراهيم..!!
ابراهيم (يجلس ويتفقد جميع الجهات حوله ومن ثم ينظر الى السماء): لا بد أنني في حلم..!! أني اسمع صوتا يناديني من بعيد..!! لا بد أنني في حلم..!!(يعود ويتمدد في فراشه محاولا النوم مرة أخرى)
الملاك: يا ابراهيم..!! يا أبراهيم..!! انا جبريل مبعوث الله اليك..أنا جبريل مبعوث الله أليك..!!
ابراهيم: (يقف ويرفع بصره ألى السماء): ونعم بالله الواحد الأحد.. هو يأمر وما علي ألا السمع والطاعة.. أهلا.. أهلا بنداء الله العظيم..
الملاك: أن الله – عز جلاله – يأمرك بذبح ابنك وحيدك أسماعيل قربانا له..!!
أبراهيم: اذبح ابني..!!؟ أذبح ابني وحيدي..!!؟
الملاك: هذه أرادة الرب..الذي لا رب سواه.. والذي لا يرد له أمر..!!
ابراهيم: ونعم بالله ربي.. فهو لا يامربشيئ، ألا له فيه حكمة، فهو البصير العليم.. أنني سأنفذ أمر الله كما أمرني به!!
المشهد الثامن
(هاجر وخادمتها تجلسان أمام الخيمة وتتحدثان.. وأمامهم قدر على نار موقدة فيه طعام..)
هاجر: ان الطعام يوشك على النضج.. قبل أن يعود سيدك وأبننا أسماعيل..
الخادمة: الى أين ذهبا يا سيدتي..؟
هاجر: ذهبا الى الصيد.. أتمنى أن يرجعا بصيد وفير في هذه المرة..
الخادمة: ولكنه طلب مني،أن أناوله أشياء لم يطلبها مني، في رحلاته السابقة للصيد..!!
هاجر: ماذا طلب منك من أشياء، لم يعتد على طلبها في المرات السابقة..!؟
الخادمة: لقد طلب مني أن أناوله سكينا وحبلا..!!
هاجر: وفي هذه المرة،أصر أبراهيم أصرارا غريبا،أن يرافقه ابننا أسماعيل..!
الخادمة: يبدو أنهم سيرجعون هذه المرة بصيد ثمين..
هاجر: كان أسماعيل فرحا لهذه الرحلة. انه يحب ان يرافق اباه، في رحلات الصيد في البراري!!
المشهد التاسع
(أبراهيم وابنه يجلسان على صخرة تحت شجرة، وأمامه حبل وسكين،وأدوات صيد)
ابراهيم: (بحنان شديد ورجاء): هل تحب الله يا ولدي..!؟
أسماعيل: اني- يا أبتي – أحبه أكثر من نفسي..
أبراهيم: وهل تحبني يا أسماعيل..!؟
أسماعيل:اني -يا أبي أحبك أنت وأمي – حبا عظيما..فليس لي في هذه الدنيا غيركما.. ولكن – يا أبتي – لماذا تسألني كل هذه الأسئلة..!؟
أبراهيم: وهل أذا طلبت منك شيئا تستجيب لطلبي..!!؟
أسماعيل: أنت تعلم –يا أبتي – انني لا أخالف لك طلبا..!!
أبراهيم: حتى ولو كان ذبحك..!!؟
أسماعيل: ذبحي..!!؟..ذبحي أنا ابنك وحيدك..!!؟ فلذة كبدك..!!؟ لماذا..!!؟ ماالذي فعلته حتى استحق الذبح..!!؟ولكن الحزن سيقتل أمي،ولن تتحمل فراقي..!!
أبراهيم:حتى ولو كان ذلك أمر من الله،ملك السماوات والارض..!!؟
أسماعيل:انه لأمر عجيب.. الله الرحمن الرحيم.. يأمر بذبحي!!؟ أنا الذي أعبده ليل نهار، ولا أخالف له أمرا..!!؟
أبراهيم: هذا ما أمرني به ربي يا ولدي..!! ولا أستطيع ان اخالف له أمرا..!!
أسماعيل: يا أبتي أفعل ما أمرك الله به، فستجدني ان شاء الله من الصابرين..
(يضع اسماعيل راسه على الصخرة.. يتناول ابراهيم الحبل ويربط يدي ابنه.. يتناول السكين بيمينه، ويضع يسراه على جبينه..ويضع السكين على رقبته ويهم بذبحه.. يتوقف فجأة عندما يسمع صوتا يناديه من السماء..)
الملاك: يا أبراهيم..!! يا أبراهيم..!! كف عن ذبح ابنك.. صدقت الرؤيا.. أنا فديناه بكبش عظيم..ان هذا لهو البلاء المبين..سلام على أبراهيم.. انا كذلك نجزي المحسنين..
(يضع أبراهيم السكين جانبا..ويفك وثاق ابنه اسماعيل، ويضعه في حضنه..ينظر اسماعيل باتجاه الكبش)
اسماعيل: من أين هذا الكبش يا أبتي..!؟
ابراهيم: انه فداء لك يا أسماعيل.. انه فداء لك يا اسماعيل.. أن فداء لك من رب العالمين..!!
المشهد العاشر
(هاجر وابنها اسماعيل يجلسان امام خيمة صغيرة، وبالقرب منهما وعاءان للماء وللطعا م..)
أسماعيل: أمي اريد الماء..!! أني عطشان يا امي..!! ان شفتي ولساني يكادان ان يتشققا من الجفاف..!! أمي انا عطشان..!! أنا عطشان يا أمي..!!
هاجر (ترفع يديها متوجهة الى السماء): ربي أرحم هذا الطفل الصغير..!! ويسر له قطرات من الماء تبل عطشه.. فأنت السميع المجيب..
اسماعيل: (وهو يتمر غ على الأر ض باكيا): أمي أكاد أن أموت من العطش.. الماء.. الماء يا أمي..!!
هاجر: (وهي تضع يدها على جبينه): لا تيأسن من رحمة الله يا ولدي.. أنه لا يخذل عباده المخلصين..
اسماعيل: (يشتد بكاؤه): الماء.. الماء يا أمي.. الماء..!!
هاجر: (تقف وتنظر الى جميع الجهات حولها، ثم ترفع يديها الى السماء): يا رب ارحمنا من أجل نبيك ابراهيم.. أن زوجي أبراهيم وابا هذا الطفل البريئ اطاع أمرك.. وتركنا في هذا الواد الخالي من الماء والزرع.. من أجل حبيبك ابراهيم.. أعطنا الماء كي نبق أحياء من أجل ان نستمر في عبادتك..
اسماعيل: هل وجدت الماء يا امي..!!؟ آه..آه سنهلك من العطش..!!
هاجر: سأتركك يا ولدي وأتوجه الى تلك الرابية القريبة..
اسماعيل: وتتركيني – ياأمي – وحدي..!!؟
هاجر: سأقف عليها لعلي أشاهد احدى القوافل التي قد تمر من هنا، فنحصل منهم على طعام وماء..
أسماعيل: أذهبي – يا أمي -.. لو بقي بي شيئا من قوة لرافقتك..
هاجر: (تمشي هاجر حتى تصل الى الرابية، وتقف عليها وتضع يدها على جبينها، وتتفحص جميع الجهات): أني لاأرى أثرا لأية حركة حياة..جميع الطرق المارة من هنا خالية.
ملاك من السماء: ابحثي في الار ض حولك.. وستجدين رحمة فيها..!!
هاجر:(تنزل من الرابية وهي تبحث في الأرض عن الماء): اني لا أجد أي علامة تدل على وجود ماء.. ان الأرض جافة قاحلة،وكأنها لم تر الماء منذ الأزل..!!
الملاك: يا هاجر لا تقنطي من رحمة الله.. استمري في البحث.. أن الله يستجيب للصابرين اذا صبروا..
هاجر: (تتكلم مع نفسها وهي تروح وتجيئ بين الصفا والمروة): لا بد ان أجد الماء.. لن أترك ابني يموت بين يدي.. سأستمر في البحث حتى أموت قبله.. او يرحمنا الله، ويدخلنا في رحمته..!!
أسماعيل: (من بعيد) يا أماه.. يا أماه.. ارحمي نفسك..!! لقد مشيت بين الصفا والمروة سبع مرات.. ستخور قواك وتنهارين..!!
الملاك: انظري حولك.. ستجدين ما يسرك.. لقد خرجت رحمة الله من أرض رب العالمين..!!
هاجر (وهي تنظر الى يمينها): الماء..!! الماء..!! يا ولدي الماء..!! (تهجم وتجر ابنها نحو الماء، الذي كان قد وضع في وعاء على منصة المسرح.. ويشرعان بحفن الماء بيديهما ويرشفان منه)
هاجر: أشرب يا ولدي..!! أشرب..يا أسماعيل..!! ان هذه من عطايا الرحمن رب العالمين.. ألم أقل لك ان الله لا يضيع عباده المخلصين..!!؟
بقلم: يوسف جمال – عرعرة