شعار “الشعب يريد” يحط رحاله في بيروت!!
تاريخ النشر: 25/08/15 | 17:52عندما نتحدث عن المكان المفعم بتواريخ الاحداث عبر الازمان فأن بيروت التي تغنت بها الاجيال العربيه وغنى لها العرب في زمن الحرب والسلم عاصمة عربيه اخرى عصفت بها الاحداث الكارثيه والمأساويه في سبعينات وثمانيات القرن الماضي فانشطرت بيروت الى غربيه وشرقيه بقوة سلاح الاطراف المتحاربه في الحرب الاهليه اللبنانيه التي دمرت هذه العاصمه العربيه وكامل لبنان الى ان حطت الحرب اوزارها عبر اتفاق الطائف في نهاية ثمانينات القرن الماضي ومنذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا حدثت احداث كثيره وكبيره في لبنان والعالم العربي لايمكن احصاءها او جردها في مقاله واحده لكن ما يمكن تأكيده هو ان لبنان منذ اتفاق الطائف عام 1989 الذي انهى الحرب الاهليه بعد اكثر من 15 عاما على اندلاعها وحتى يومنا هذا ما زال يعيش ما يمكن تسميته تحت حكم “نظام الحرب الاهليه” وذلك بالرغم من ان البند الثاني في اتفاقية الطائف نص حرفيا على ضرورة ” بسط كل سيادة الدولة اللبنانية على كامل الاراضي اللبنانية و نصت فقرات هذا البند على حل جميع المليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وتعزيز قوى الأمن الداخلي والقوات المسلحة وحل مشكلة المهجرين وتأكيد حق المهجرين بالعودة إلى الأماكن الأصلية التي هاجروا منها.” وبالتالي ماجرى هو ان هذا البند لم يُطبق على الارض وبقيت الميليشيات تحكم التوازن السياسي وتتحكم بالمسار السياسي والسيادي في لبنان حتى يومنا هذا وذلك بالرغم من ان هنالك دستور لبناني يوزع مناصب الحكم في الدوله بين الاحزاب والطوائف بما يتعلق بالمراكز السياديه كرئيس الدوله ورئيس الحكومه ورئيس البرلمان الخ!!
مشكلة شلل الوضع السياسي الداخلي في لبنان لم تتشكل بعد اغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري عام 2005 ولا بعد انسحاب القوات السوريه من لبنان عام 2005 على اثر اغتيال الحريري لاقبل هكذا بزمن طويل وخلال فترة حكم الحريري والتواجد السوري العسكري في لبنان وهو التواجد الذي جعل تعيين المناصب السياديه في لبنان رهينة بقرار النظام السوري وحلفاءه من ميليشيات داخل لبنان ودون وجود هذا التوافق لم يكن بالامكان تعيين رئيس او رئيس وزراء لبناني وحتى الحريري نفسه تم تعيينه كرئيس وزراء بمباركه سوريه وبموافقة الاحزاب والميليشيات اللبنانيه وبالتالي ماهو واضح انه وبعد اكثر من عشر سنوات على انسحاب الجيش السوري من لبنان وانخراط الجيش السوري في حرب اهليه سوريه منذ عدة سنوات بقيت صورة وشكل الوصايه السوريه كماهي في لبنان حيث حافظت القوى والميليشيات اللبنانيه المواليه لسوريا على نفس النمط السوري في عملية تعيين المناصب السياديه وعلى راسها منصب رئيس الدوله في لبنان الشاغر منذ وقت طويل لعدم توافق واتفاق الاحزاب والميليشيات اللبنانيه على مرشح واحد ليشغل هذا المنصب الرمزي والمهم في بلد ما زال يعاني من عواقب الحرب الاهليه ونظام حكم قام على اعقاب او نتائج هذه الحرب.!!
ماجرى مؤخرا من حراك شعبي في لبنان هو محصله لتراكمات فشل اداري وسياسي وإقتصادي يعصف بلبنان الدوله منذ عقود من الزمن وهذا الحراك جاء كمؤشر واضح بان الكيل قد طفح في لبنان الى درجة انه لم يعد احد مسؤول عن جمع النفايات التي حولت الدوله الى مزبله كبرى والحقيقه ان مهمة جمع النفايات والنظافه هي مهمه حكوميه لبنانيه وتندرج ضمن الخدمات الاساسيه التي تُقدم عادة للمواطنين في كل دول العالم لكن كثير من المراقبين يشيرون الى ان الفساد في لبنان هو الذي ادى بقصد واصرارالى تكدس النفايات وانتشار الامراض في المدن والمناطق والشوارع اللبنانيه بسبب صراع الشركات والقوى المتناحره على من يحظى بعمل المزابل وتنظيف النفايات الذي يدر اموال وارباح كبيره على هذه الشركات المرتبطه بالطبقه اللبنانيه الغنيه المتناحره فيما بينها على من يربح وينهب اكثر في لبنان الدوله العربيه الذي ينخر الفساد عظامها وبُنيتها كماهو حال جميع الدول العربية, ولذلك لاغرابه ان يستعمل اللبنانيون نفس شعار الثورات العربية وهو ” الشعب يريد اسقاط النظام” لان هذا النظام سمح للفساد ليس بتكديس النفايات كورقة ضغط ومساومات بين الشركات والحكومه لا بل انه نظام سمح للطبقه الحاكمه الفاسده بنهب وإحتكار كل شئ في لبنان: شركات الهواتف و الشواطئ والكسارات والعقارات والكهرباء والمواصلات وشركات تدوير النفايات التي تراهن من خلال تكديس النفايات في الشوارع على حسم الصراع فيما بينها لصالح هذه الشركه او تلك؟!
في لبنان تشكلت منذ اتفاقية الطائف طبقة نهب تُراكم ثرواتها على حساب بؤس وفقر اكثرية الشعب اللبناني وفي لبنان تحكم المافيات الاقتصاديه والميليشيات الطائفيه وغيرها التي تتلاعب بالوضع الداخلي سواء السياسي او الاقتصادي ولذلك خرج الشباب اللبناني يحملون شعار ” الشعب يريد اسقاط النظام” وهو شعار صحيح وموجه في اتجاه الفساد وفرق النهب التي تنهب لبنان وتسمح لذاتها تحويله الى مزبله كبرى في اطار الصراع فيما بينها على الغنائم وتكديس الثروات…رغم كل اشكاليات الربيع العربي والثورات العربيه الا ان شعار اسقاط النظام يندرج ويندمج مع الحاله اللبنانيه التي هي جزء لا يتجزأ من حالة الفساد المتفشيه في الدول العربيه والتي ادت الى ثورات الربيع العربي وبالتالي شعار اسقاط النظام الذي رُفع في مظاهرات الاحتجاج في لبنان يصبو الى اسقاط نظام الحرب الاهليه الفاسد والفاشل وهو نظام اعلن افلاسه السياسي والاخلاقي منذ زمن ولا يمكنه ان يقدم للبنانيين سوى وعود فارغه ومزيد من الفساد… اللبنانيون يموتون في قوارب الموت طلبا للهجره واكثرية الشعب اللبناني تعيش تحت خط الفقر والفقر المدقع والميليشيات وحيتان الفساد تفتك بلبنان سياسيا واقتصاديا… لا رئيس دوله…دوله منقوصة السياده.. لا نمو اقتصادي..بطاله.. فقر.. انقسامات…غياب هيبة الدوله في ظل وجود الميليشيات والان تغرق لبنان في الزباله بمعنى موضوعي ومجازي هذه الدوله صارت دولة زباله ودولة مافيات طائفيه وغيرها وهذا ما يعني انه ان الاوان لإسقاط النظام الفاسد تحت شعار الشعب يريد اسقاط النظام…شعب واحد دون طائفيه؟!!
لبنان مثله مثل كامل العالم العربي ورغم تميزه برصيد ثقافي وديموقراطي معين الا ان قوى المعارضه ومن بينها اليساريه وغيرها قد ذابت وتلاشت لابل بعضها دخل في لعبة المافيات الماليه وهذا ما يعني بضرورة ايجاد اطر مدنيه وسياسيه جديده تدافع عن حقوق الشعب اللبناني لتنتزعها من بين انياب دينوصاوريات نظام الفساد الحاكم في لبنان..لبنان بحاجه لبناء اطر شعبيه قويه تملك برنامج سياسي واقتصادي وطني لتحرير لبنان من نظام الفساد ونظام التوريث الطائفي والسياسي… رائحة الفساد ليست طالعه فقط في لبنان كما يقول المتظاهرون لا بل ازكمت انوف الشعب اللبناني برائحة النفايات المتكدسه في الشوارع بقرار مافيوزي يهدف الى تحصيل انجاز في مضاربات شركات النفايات والزباله….هل يعقل هذا؟
نعم.. لبنان يعيش منذ زمن اسير المافيات والميليشيات والمدخل الى الحل الجذري لا بد ان يمر من بوابة اسقاط نظام الحرب الاهليه وافرازاته لانه نظام فاسد بكل ما تعنيه الكلمه…لكل بلد عربي ظروفه والحروبات الاهليه الجاريه مصدرها الانظمه العربيه الدكتاتوريه والفاسده ولبنان بامكانه ان يكون مثال مدني قدوه في اسقاط نظام الفساد الحاكم في لبنان و التطلع الى مستقبل افضل لجميع اللبنانيون ايا كانت طائفتهم او دينهم…مواطنه كامله وحقوق كامله لكل اللبنانيون…واصلوا… الشعب يريد اسقاط النظام والحريه والتحرر تحتاج الى تضحيات واصرار من بيروت الى دمشق ومرورا ببغداد وحتى القاهره وصنعاء وطرابلس وكل عواصم الدول العربيه الفاسده..عاشت لبنان كريمه وحره بهمة شعبها وشبابها والخزي والعار لكل رموز الفساد السياسي والاقتصادي والطائفي العدمي.. !!
د. شكري الهزيل