يجب الحفاظ على النهج السلمي في مصر؟
تاريخ النشر: 23/08/15 | 0:36منذ زمن وأنا احاول أن اكتب عن الحفاظ على النهج السلمي في الثورة المصرية، وتداعيات العمل المسلح، وذلك بعد أن ناقشت وسمعت العديد من المتحمسين الذين يعيبون النهج السلمي ويتمنون اللجوء الى العنف والحل العسكري، الى أن شاء الله ووقعت بيدي مقالة للدكتور اسامة الرفاعي تحض على الالتزام بالنهج السلمي فاحببت أن اوضح بعض النقاط ومن أهمها:
1– التجربة المصرية: فنحن امام حالتين لا ثالث لهما، أحداهما قد جُربت بالفعل، ونجحت – ولونسبيا – (السلمية: في 25 يناير)؛ والأخرى لم تجرب، أو جُربت على نطاق ضيق، وأثبتت فشلها تماما (العمل المسلح: تجربة الجماعة الإسلامية والجهاد في التسعينيات)؛ فكيف نختار المجرب على المجهول؟! وكيف نقدم الناجح على الفاشل؟
وهنا لن يستطيع احد أن يقل ان السلمية قد فشلت، فكيف يمكن ادعاء ذلك، وهي لم تستنفد كل وسائلها بعد؟ وإذا كانت وسائل مثل الإضراب العام والعصيان المدني، لم تستعمل حتى الآن؛ لأن الإستجابة الشعبية لها ضعيفة حاليا؛ فكيف نتوقع دعما شعبيا للعمل المسلح، وهو أكثر كُرها لدى الجماهير؟!
2 – عامل الوقت: من ينادون بالعمل المسلح يظنون أن فيه اختصارا للوقت، وليس على هذا أي دليل عملي أو تاريخي.
3– ميزان الفشل والنجاح:
(أ) في الثورة (السلمية) يمكن التنبؤ بنتائجها، حتى في حال الفشل: (قمع أمني رهيب؛ يشمل اعتقالات، اعدامات، واغتيالات لقيادات العمل الثوري – كما يحدث في مصر حاليا). و يمكن التغلب على فشل هذه المرحلة، من خلال تصعيد قيادات بديلة، لمواصلة الكفاح. أما في حالة العمل المسلح فلا يمكن التنبؤ بمخرجاته -على وجه اليقين- حال الفشل؛ (حرب أهلية – تقسيم البلاد – وخسائر كبيرة لمن يحمل فكرة السلاح كما حدث في الجزائر مثلا .
(ب) أما في حال النجاح؛ فإن الإحصائيات تشير إلى أن الثورات السلمية، غالبا ما تُنتج مؤسسات ديموقراطية، أو شبه ديموقراطيه (ثورات أوروبا الشرقية مثالا). أما الثوارت المسلحة، فتنتج في أغلب الأحوال، ديكتاتوريات، ربما أشد من تلك التي قامت عليها الثورة (ثورة كوبا مثالا).
(ج) التضحيات : كل عاقل يقر أن للسلمية ضحايا ولكن كما أن للسلمية ضحايا، فإن للحرب ضحايا أكثر بكثير، والفرق هو؛ أنه كلما زاد ضحايا السلمية زادت شريحة المتعاطفين معها في الرأي العام المصري، والعالمي، بينما يغيب التعاطف الشعبي تماما في حالة النزاع المسلح.
4- الطبيعة الجغرافية والسكانية في مصر: التضاريس في معظم المحافظات الرئيسية والمهمة في مصر لا تقدم الحماية لمجموعات قتالية ناشئة، مما سيدفع بالصراع إلى مناطق حدودية معزولة. أضف إلى ذلك أن الكثافة السكانية الكبيرة في العاصمة، والمناطق الرئيسية في البلاد، قد تؤدي إلى زيادة رهيبة في أعداد الضحايا؛ بما لا يمكن تبريره أو قبوله شعبيا.
5– تفويت الفرصة: إدراك كيف يفكر الخصم جزء أساسي في إدارة الصراع. وقد علق نظام السيسي من أول يوم في انقلابه لافتة (مصر تحارب الإرهاب)؛ وقدم هذا الخطاب، كمسوغ لقبولة داخليا وخارجيا. وفي هذا أكبر دليل على رغبته الجامحة لجر الإسلاميين للعنف، والعسكر اكثر قدرة على مواجهة العمل المسلح منهم على مواجهة السلمية، التي ستؤدي حتما الى انحياز قسم من الجيش الى الشعب، او تصدعات وانشقاقات في صفوفه .
6- خلط الاوراق : العمل المسلح يزيد في امكانيات الخلاف بين الفصائل المسلحة، ويزيد الصراع على اماكن النفوذ والسيطرة ومصادر المال والسلاح ..الخ، كما يمكن للنظام أن يدس فصائل وميليشيات مسلحة لتخرب العمل، وتفشله كما هي حالة داعش في سوريا، وبالتالي سيكون حسم اي خلاف بين الفصائل بالسلاح ومثاله افغانستان .
7- تعدد الجبهات: في حالة السلمية تشاركك مجموعات من الصعب ان تكون الى جانبك في حالة العمل المسلح، كالعمل الطلابي والنقابات والنشاطات النسائية واحزاب اخرى لا تفكر اصلا في العمل المسلح، ومن المهم أن نحرص على اشراك كل هذه المكونات واستيعابها.
8- الدولة العميقة: بدأت تتكشف لكل عاقل أن هناك فئات مستفيدة من وجودها قريبا من السلطة، واي بعد لها عن السلطة سيؤدي الى هلاكها او انتهائها، فهي مستعدة لبذل الكثير للدفاع عن السلطة وحتى خسارة كل ما تملك على أن تسترده في المستقبل، ويمكن لهؤلاء التقاط انفاسهم واعادة تكوينهم والانقضاض على العمل المسلح كما يحدث الان في ليبيا وجماعة حفتر، اضف الى ذلك أن السلطة المشكوك في ولائها للوطن لا تبالي في قتل الشعب وتدمير مؤسساته وهدم البلد بكامله كما يحدث الان في سوريا واليمن، بينما الذي يجنب البلد كل ذلك هو العمل السلمي.
ولهذه الاسباب وغيرها يجب تنشيط الحاضنة الشعبية وتنميتها، وتعرية النظام بكافة الوسائل السلمية لفضحه امام شعبه وامام العالم، وكشف زيفه وادعائه في انه يحارب الارهاب ويحمي البلد من الارهابيين.
منير أبو الهيجاء – إسطنبول