وقفة مع قصيدة "من المخطىء"؟ بقلم ابراهيم مالك

تاريخ النشر: 03/04/13 | 2:00

عزيزي الشاعر الشاب، متفتح الذهن وشديد الإيحاء محمود كيوان. قرأت قصيدتك الأخيرة المنشورة أمس في موقع " بقجة " وفيها تطرح سُؤالاً صحيحا وموجعًا :

قصيدتك أقنعتني أنَّ من أجمل الشعر هو ذاك الذي يحدِثٌ صدْمَةَ سؤالٍ أم تساؤلٍ في القارىء المُنقِّب عن حقيقة أشياء الحياة .

فما هو جارٍ في حلب ودمشق شيءٌ يتهدَّدُ وجود ناس وطننا الأكبر ، أو ما عرف قبل سنين ببِلادِ بَرِّ الشام . حين بدأت أراضي هذا الوطن تحترق ويحترق ناسه ، أصابَني وجع شديد ، التزمت الصمت خلاف عادتي .

في داخلي كانت تثور أسئلة كثيرة وأجوبة موجعة .

قصيدتك وضعتني من جديد أمام السؤال الأول ، سؤال نفسي ، حَدَّثتُها المسألة تتجاوز السؤال : من أشعل الأزمة ؟ وأنا أرقب ما هو جارٍ في عالمنا العربي والأوسع ، تذكَّرت صيحة ابن العرب : هذا لا يعول عليه !

قلتُ في نفسي :

الفقر لا يعوَّلُ عليه ! والإضطهاد ، أيًّا كان ، لا يعول عليه ، فلن يكون فاتحة أو بداية لتغيير ، لن يكون ثمة تغيير ما لم نتعلم من التجربة الحياتية والتجربة التاريخية . وأنا لا أظنُّ أننا تعلَّمنا من التجربة القريبة جدا ولا البعيدة . وتعمَّقَت قناعتي مع الوقت أنَّ الشيء الوحيد الذي يمكن الإعتماد عليه والتعويل عليه ، إن شئنا التغيير حقًّا ، هو الوعي ، وعي الإنسان . وهذا الوعي الإنساني هو ما ينقص عالمنا الواسع والعربي بشكل خاص .

والسؤال الذي كبر في عتمات عقلي هو ما علَّمتنيه الحياة : هل يمكن إطفاء النار بمزيد من لهب ؟

سألتُ نفسي أكثر من مرة :

اسرائيل دولة عنصرية ( هذه حقيقة في نظري ) فهل يمكن مقاومتها بعنصرية مماثلة ، عنصرية عاجز ، أم أنَّ على ناسي أن يطرحوا بديلا لهذه العنصرية ، أن يكون وجهنا وموقفنا نقيض هذه العنصرية البغيضة .

قلت في نفسي :

حين يتقاتل العنصريُّ العاجز والعنصري المزَوَّد بأحدث الأسئلة ، فالغلبة ستكون لأكثرهما عسفًا وعَصْفًا ولا إنسانية .

قُلْتُ في عقلي أن أضعف قيادة هي من تضع ناسها ، بسطاءها ، أمام أحد خيارين :

أن يكون قتيلا أو مقتولا .

قلتُ لأكثر من صديق :

أنا لن أكون أبدا مع النظام أو أية سلطة ، سَيّان كان اسمها وكان لَونها . لكنني لا أرى فرص تغيير بالإنْقلابات العنيفة ومن خلال ناس يكونون آخرين ، يُشبهون المنقلَبَ عليهم ، بَدائل شخصية لا بدائل حقيقية . العنف لا يكون الردُّ عليه بمزيد من العنف . فالقتل هو القتل ، سَيّان من القاتل .

وحين كتبت عملي النثري " أنا وعبدالله " ، كان يُشْغِلُني أكثر من سؤال :

عن الفعل وردِّ الفعل وهل يمكن الرد على فعل لا عقلانيٍّ بردِّ فعل لا عقلاني ؟ .

‫7 تعليقات

  1. نص معبر وذا مغزى يعطيكم العافية استاذ محمود واستاذ ابراهيم

  2. أديبنا الكبير ابراهيم مالك، أسعد الله أوقاتك بكل خير..
    بداية أشكر لفتتك الطيبة المباركة بأن تكرمت عليّ بهذا الفضل الجزيل.
    ثم أردف قائلا:
    نعم هو سؤال يراود الملايين من أبناء جلدتنا…
    من المخطئ؟ من المحق؟ من يسفك دم من؟ من يموّل ومن؟ ولماذا وكيف أين …
    ألف تساؤل لن يجيب عنه الا التاريخ..
    بوركت استاذي الفاضل ودمت بكل خير

  3. شاعرنا القدير ابراهيم مالك برأيي شاعرنا محمود وشخصك الكريم تطرقتما لقضية تجول في افكارنا وتشتتنا حيث ضاعت الحقيقه ولم يدفع ثمنها الا اطفال أبرياء وامهات ثكالى, شباب ارتوت الارض والشوارع من دمائهم ولا زلنا نقول من المخطئ ؟!!!! ليس جهلا منا انما ما تحاوله براثن الاعلام من تسليط الضوء على مجرم وتضليلنا وكلٌ يغني على ليلاه وما علينا الا الوقوف ورايات الاستسلام ترفرف في سماء تساؤلاتنا من وكيف ولماذا كل هذا !!!!! وما اسعدنا بوجود اشخاص كحضرتك يتناولون النصوص بهذه الجديه ليلقوا الضوء على جمال مثل هذه النصوص الادبيه الهادفة والقيّمه فجزيل الشكر لك ولشاعرنا محمود كيوان …. حلّ احترامي وتقديري

  4. الأديب السامق ابراهيم مالك حفظه الله
    انحني لدراستك الرائعة والمفيده ..لسعة خيالك ووصفك السامق..ديباجة ادبيّة جنيت منها بحوراً في النقد وروعة تذوق القصيد..
    وتحية اكبار لشاعرنا واستاذنا الكبير محمود كيوان

  5. تساؤلاتك استاذي ابراهيم مالك عميقة، ونظرتك للأمور دقيقة،
    نعم، لا يُعقل أن أهدم البيت كلّه في سبيل الحصول على حقي الذي أظنّ وجوده داخل البيت!
    ولا يعقل أن أسفك دم جاري، بما أنّ نهرا من الدم يسيل..
    ولا يُعقل أن أتضرع إلى حلف الناتو من خلال قمة عربية لتوجه منظمومة صواريخ ( والمخفي أعظم) على بلدي، كله في سبيل الحصول على السلطة..
    ثم لدي سؤال آخر … ( المجاهدون) العرب الذين تسللوا من أجل ( الجهاد) في بلاد الشام…
    أين كانوا زمن الصراع الحقيقي! الذي تكرر عدة مرات تحديدا في العشر سنوات الأخيرة، فالذي يستطيع التسلل الى سوريا، يستطيعه في كل مكان!!
    أنا لم أكن من أنصار البعث ولا الأسد يوما، ولكني من أنصار دمشق دوما.
    نسأل الله اللطف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة