الاعتداء على كنيسة “الطابغة” عمل همجي
تاريخ النشر: 21/06/15 | 8:21أصدر اتّحاد “الكرمل” للأدباء الفلسطينيّين بيانا حول الإعتداء على كنيسة الطابغة ووصل عنه نسخة لموقع بقجة، جاء فيه:
إنّ قيام نفر هستيريّ منفلت وفي جنح الظلام بحرق وتخريب كنيسة “الطابغة” العريقة لهو عمل جبان لا ينحصر في هذه العصابة الفاشيّة، ولا يعتق السلطة الرسميّة المتطرفة في إسرائيل من مسؤوليّتها عمّا حدث، ولا يبرّئُ رؤساءها، وهم الذين يقودون حملة التحريض العنصري. إنّ أقلّ ما يقال عن ذلك النفر المثير للاشمئزاز، إنّكم بعوض سامّ نما وترعرع على مستنقع آسن.
بهذا يعرب اتّحاد “الكرمل” للأدباء الفلسطينيّين عن استنكاره لهذا العمل الدنيء، وما كان ليحدث لولا الصمت الرسميّ الفعليّ أمام هذه الأعمال، وتعامل الأجهزة المؤسّساتيّة السياسيّة والأمنيّة بأكفّ من حرير مع هؤلاء المجرمين.
هذه الكنيسة من أهمّ المعالم الدينيّة لدى مسيحيّي العالم، ومنها ينطلقون إلى الحجّ والسياحة إلى المعالم الأخرى في فلسطين، وذلك لما تحمله من رمزيّة تتعلّق بمعجزة الخبز والسمك، حين أطعم السيّد المسيح (ع.س) جموع الفقراء والمساكين. (وردت القصّة في إنجيل يوحنا/الإصحاح: 1-13) وإلى جانب ذلك أيضًا فهي معلم وطنيّ وعربيّ، ما زالت تشهد على الحضور الفلسطينيّ، وهو ما لا يتماشى ولا يروق لأذرع المؤسّسة الرسميّة المختلفة. ولذلك لا يمكن حصر الاعتداء بأنّه اعتداء على معلم دينيّ، بل إنّه أكبر من ذلك وأعمق وأشدّ خطرًا. إنّ هذا الاعتداء هو محاولة طمس أخرى لمعالم عربيّة تشهد على حقيقة حضورنا وعلى صدق روايتنا.
ومن المعروف أنّ “الطابغة” كانت قرية عربيّة فلسطينيّة، تقع على الشاطئ الشماليّ لبحيرة طبريا، وقد شُرّد أهلها وهُدّمت بيوتها فتحوّلت وفقًا لقاموس سياسة التشريد والتهجير الإسرائيليّة إلى قرية مغيّبة ككثير من القرى الأخرى (530 قرية). وهذا الاعتداء هو واحد من سلسلة تطول وتعرض على مدى المساحة الوطنيّة الفلسطينيّة. ألم يهدموا المساجد في طبريا؟! ألم يحوّلوا المعابد إلى مواخير؟! ألم يدنّسوا كنيسة القيامة؟! ألم يحاولوا ويحاولون حتّى الآن الاستيلاء على المسجد الأقصى؟! ألم يقتلوا الأبرياء في الحرم الإبراهيميّ في الخليل؟! ألم يقصفوا المساجد في عدوانهم الأخير على غزّة؟!
إنّها سياسة ومخطّط، للاقتلاع والتغييب لكلّ ما له دلالة أو إشارة إلى وجودنا هنا في وطننا الذي يسكننا ونسكنه. ولذلك علينا أن ننظر إلى هذه الأعمال ضدّ الكنائس والمساجد بمنظار أوسع وأوضح من كونها أماكن للعبادة أو آثارًا قديمة للسياحة، على أهميّة ذلك، لكنّها أيضًا ذات دلالات حقيقيّة على وجودنا الفلسطينيّ الشرعيّ فوق ترابنا، وعلى حقّنا في العيش الكريم والحفاظ على معالمنا الوطنيّة وبيوتنا وأراضينا وقرانا ومساجدنا وكنائسنا، وهي جزء من وجه ومضمون وجودنا القوميّ العربيّ.
ولذلك يهيب اتّحاد “الكرمل” للأدباء الفلسطينيّين بالمواطنين العرب على كافّة انتماءاتهم ومشاربهم أن يتكاتفوا لصدّ هذه الاعتداءات القذرة والفاشيّة المنفلتة، التي تغذّيها السياسة العنصريّة المتطرفة لليمين الحاكم ضدّنا وضدّ ماضينا المطبوع على صفحات هذا التراب الأسمر وضدّ حاضرنا الراسخ كالجرمق والكرمل ومستقبلنا المؤكّد كإشراق الشمس بعد الظلام والدائم في وطن الآباء والاجداد والأبناء والأحفاد، والذي ليس لنا وطن سواه.