قصيدتان لدافيد أدلر

تاريخ النشر: 18/08/12 | 23:16

دافيد أدلر

قصيدتان – ترجمة: ب. فاروق مواسي

1- المدافع هي أخلاقية

في أعقاب نشر نتائج جزئية حول سلوك الجيش الإسرائيلي في الحرب على غزة في حملة “الرصاص المصبوب” التي وقعت في نهاية سنة 2008، وقد نشر التقرير أو التحقيق يوم 22/4/2009.

قادة الجيش صادقون

التحقيقات

تدل

على أن المدافع

لم تقصد

أن تقتل أبرياء.

لمن لا يعرف-

فهم أخلاقيون جدًا.

هناك من يقول

أعني: مختصون في الإحصاء

وهم بالصدفة أو بغيرها

مختصون أيضًا في علم القذائف

إن المدافع هي الأسمى أخلاقًا في عالم

الأسلحة.

لكن ما العمل

فهذه الحقيقة

يرفض فهمها

أولئك الذين هم في نقطة الإحداثيات

أو بضع مئات من الأمتار حولها

فلهم هذا يبدو

لسبب ما

من زاوية معكوسة.

هذي طريق العالم

منذ فجر الحروب.

كذلك الأطفال الأميون(1)

من غزة لم يتعلموا هذي

(بدلاً من أن يتعلموا

كانوا ينبشون في القمامة

كما عرض التلفزيون) !!!

وعندما يستطيعون أن يعرفوا

في أعقاب التحقيق

يكون ذلك متأخرًا قليلاً

كالعادة.

هم قالوا (طبعًا بالعربية)

لحظة من قبل:

“الله أكبر”

هم ويا لأسفهم لم يعرفوا

أن هذا الإحصاء

هو الذي يقرر كل شيء.

2- في جوانب حي جيلو(2)

في جوانب حي جيلو

المخَـلِّصون الجدد

المخَـلّصون للوطن

جرافات ضخمة

تتقصى فقط ما هو أمامها

مترًا ثم مترًا

تطْـلق غضبها(3)

تولجه قويًا في الأرض

أو لعلها هي ذراعهم القوية

مثل سيكلوب(4)،

يقلعون شجر الزيتون

المتشبث عبثًا في الأرض.

في جوانب حي جيلو

عندما تكون نظرتهم جنوبًا

فإنهم لا يشاهدون بيت جالا

وكنائس بيت لحم، لا ولا شجر الزيتون والمدرجات

كأنها معدومة، حتى ليست ظاهرة.

يُجْرون ترتيبًا جديدًا

ترتيبًا جديدًا بالتمام

منذ أيام حكم القضاة

الوعر أصبح سهلاً

فرحة مقاول

أشغال حفريات

قلبه اتسع

قلبه مسفوع وشعراني الصدر(5)

جيبه تعمق وتمزق

إلى حد أنه أثقل عليه.

أرض مفتتة في اللون البني

فيها ندوب صخور فيها خرْز عتيق(6)

في أحمر أصفر أسود أبيض

وكل ما بينها كان رمادًا

موثوقًا

بالرمادي

الأكثر رماديًا

رماد السهل.

المسّاحون ضبطوا القياس:

السكك الملونة بالأحمر

حددت حدود التقطيعة

بضبط الديسمتر.

عندما يصِلون هناك وتكون نظرتهم جنوبًا

فإنهم لا يشاهدون بيت جالا

وكنائس بيت لحم، لا ولا شجر الزيتون والمدرجات

كأنها غير قائمة، ربما هي ظاهرة.

في الأسوار لم تكن أية ضرورة

في طرف السهل الجديد

الموثوق بالأبيض أو الرمادي

حسب ساعات النور

منحدر جديد، شديد الانحدار

أنشئ وجودًا من عدم

متراس ضخم

خُرْدة حجارة حديد وخشب

جنزير الجرافة

مثل منصة جديدة

مثل سور لا يجتازه أحد

غطت أشجار الزيتون العريقة

بعض منها مقلوع

يضطجع على جنبه

بعضها الآخر يحتضر

وهي واقفة منتصبة، عنيدة

عناد مَن ظل أجيالاً

ربما من العهد القديم

وليس له ما يخسره

سوى كرامته.

اشجار زيتون أخرى

بعيدة

سدت وجه الصخور

العظيمة

التي من عظمة ثقلها

هوت إلى الأسفل أكثر

في المنحدر الأشد انحدارًا

يدوسون في طريقهم عددًا من أشجار زيتون

لكنهم يقفون في معركة كبح يائس للسيارة

بسبب أشجار جريئة وقوية

من التي لم تهوِ ولكنها ظلت معاقة.

أشجار الزيتون في حكمتها القديمة

لا تنتظر في مجلسها لقرار الرسل(7)

هي لا تنحني

هي تعرف يقينًا

من هم أصحاب هذي الأرض الحقيقيون

حتى هذا الموعد

ومن هم أعداؤها المتبدلون.

……………………………………………………………………………………………………..

الشاعر: دافيد أدلر

ولد في القدس سنة 1945، وهو خريج التخنيون في موضوع الألكترونيكا، وحصل على الماجستير والدكتوراة في علوم الطب من الجامعة العبرية.ثم واصل بحوثه ليكون في مجال متقدم في العلوم الطبية، وله صولات وجولات في هذه الميادين العلمية.

نظم الشعر منذ سنين، لكنه بدأ بالنشر في الآونة الأخيرة، فنشر ديوان “مُخَطّـط لصورة غير مكتملة” – بالعبرية (2012)، وذلك بعد أن فاز بجائزة “الشعر الجديد” سنة 2010، والقصيدتان وردتا في هذا الديوان (الأولى ص 114، والثانية ص 108. ……………………………………………………………………………………………………….

ملاحظات توضيحية:

1- يكتب الشاعر بسخرية (إيرونيا)، فهؤلاء أطفال غزة الذين يتحدث عنهم هم الذين تسقط عليهم القذيفة، والأمر انتهى مع نهايتهم، وهو يسخر من هذا الإحصاء الذي يقرر كل شيء، فهو “الكبير” بغطرسته الذي يقرر موتهم، وهذه مقابلة لقولهم قبيل الموت: “الله أكبر!”. وقبل ذلك أظهرهم التلفزيون أميين يعيشون في فقر، وكأنه حريص على تعليمهم وسعادة عيشهم.

2- حي من أحياء القدس الجنوبية، وقد بني بعد حرب 1967، وجدير أن أذكر أن الاسم (جيلو) فيه جناس مع معنى السطر الثاني والثالث ( المخَـلِّصون أو الـمـنـقذون) فهي بالعبرية (جوأليم) بنفس لفظ الكلمة، وبالطبع فهو يسخر من هذا الإنقاذ.

أما الاسم جيلو فهو – كما يقولون- إن أصله من التوراة، وأصل المعنى (جيلا= الفرح)، وقد وردت في سفر إشعيا الإصحاح 55/18 ، ويعتقد الذين أطلقوا الاسم أن جيلو هي مكان جيلا القديمة التي عرفوا مكانها بفضل جبل جيلا القائم جوارها.

3- يستخدم الشاعر مصطلحًا توراتيًا يدل على غضب الرب.

4- سيكلوب حسب الأسطورة اليونانية له عين واحدة، ويعمد إلى قوته أكثر من عقله، فالعمى أصاب هؤلاء الذين يقتلعون الزيتون. وقد ورد في الأوديسة أن أوديسيوس ورجاله يقعون في أسر بوليفميوس ابن بوسيدون، وهو عملاق بعين واحدة يطلق عليه اسم سيكلوب.

5- يصف المقاول الذي أثرى جدًا، وهو يظهر كثير شعر الصدر، ويبدو أنه أخذ هذه الصفة من صورة عيساو في التوراة، أو من الرأي الشائع أن الرجل كثير شعر الصدر عادة يكون رجلاً قويًا وقاسيًا.

6- نوع من الفطريات على الصخور وتكون ملونة بسبب قدمها.

7- كأن للأشجار مجلسًا، ويبدو أن الرسل فيها إيحاء للعهد الجديد، والرسل وقرار الخلاص ليسوا بالانتظار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة