اعتقدوا بالبداية أنه الجيش العراقي….

تاريخ النشر: 10/06/14 | 17:56

صادف الجمعة الاخيرة  الذكرى السابعة والأربعين لاستكمال احتلال القدس والمسجد الاقصى، خلال ما يعرف بحرب الأيام الستة عام 1967 ، او ما يعرف بذكرى النكسة، حين استولت قوات الاحتلال على المسجد الأقصى والبلدة القديمة بالإضافة الى الشطر الشرقي للقس المحتلة، بعدما كانت سقط الشطر الغربي عام 1948م. وشهد هذا العام إحتلال حائط البراق ومصادرة جزء من أوقاف المسجد، كما تم هدم حي باب المغاربة وتسويته بالأرض, فيما باشرت سلطات الاحتلال بتنفيذ حفريات في محيط المسجد الأقصى وأسفله للبحث عن أثار هيكل مزعوم, بدأت حاليا في التحضير لبنائه بعد أن فشلت في إيجاد أي أثر له.
ولم تخل تلك الأيام الستة من قصص إنسانية مؤثرة للمقدسيين خاصة القاطنين في محيط المسجد الأقصى, الذين تعرضوا للتهجير ومصدرة ممتلكاتهم في أولى حلقات تهويد البلدة القديمة ومنافذ المسجد الأقصى.
وسعى الاحتلال منذ اليوم الأول لتزييف الذاكرة الفلسطينية من خلال تهويد المعالم والأثار أملا في بناء مستقبل يكون فيه الفلسطينيون غرباء عن أقصاهم ومقدساتهم وضيوفا في بيوتهم المسلوبة.
ولكي نثبت أن الكبار صامدون والصغار لا ينسون، سنذكر الجميع بما حصل آنذاك؛ كيف سيرت الباصات لترحيل المقدسيين، ورفع العلم الاسرائيلي على قبة الصخرة، فيما هدم حي المغاربة بأكمله على رؤوس أصحابه، وغدا حائط البراق “مبكى” لمن إحتله وسيطر عليه بقوة سلاحه.
كل ذلك سنسرده لكم من خلال شهود عيان عاصروا أحداث النكسة، تنشرها مؤسسة “عمارة الأقصى والمقدسات” من خلال سلسلة تقارير عن نكبة القدس والمسجد الأقصى المبارك ابتداء من اليوم الخميس، تتضمن مقاطع فيديو مسجلة .

الحلقة السادسة مع الشيخ عكرمة صبري بعنوان:

اعتقدوا بالبداية أنه الجيش العراقي
رئيس الهيئة الاسلامية العليا وخطيب المسجد الاقصى، الدكتور الشيخ عكرمة صبري كان شابا في أواخر العشرينات عندما احتل اليهود المسجدَ الأقصى وكان والده الشيخ سعيد صبري خطيبا للمسجد آنذاك ، وشاهدا على ذلك العصر الذي تدفع القدس ومسجدها ثمنه إلى الآن.

اعتقدوا بالبداية أنه الجيش العراقي:
بدأ الشيخ عكرمة صبري روايته لما حصل باستذكاره اليومَ الثالث لبداية الأيام الستة عام 1967 حين دخلت دبابات اليهود في ذلك اليوم من باب الأسباط ،واقتحمت الباب الخارجي للمسجد وصعدت على الصخرة المشرفة حيث كان عدد من شبان القدس يقاومون من فوق السور ،وكان بعضهم يتوهم أن هذا الدبابات تابعة للجيش العراقي ،لكنّ الحقيقة تبيّنت أنه الجيش الاسرائيلي،وارتقى العديد من الشهداء لأن الشبان كانوا يتوجهون للترحيب بالدبابات فيطلق اليهود النار عليهم .

انسحاب الجيش الأردني من القدس:
من لحظة دخول دبابات الاحتلال إلى الأقصى مع قواته الراجلة أصابهم الغرور فقاموا برفع العلم الاسرائيلي فوق قبة الصخرة ،ولكن الشيخ سعيد صبري –قاضي القدس الشرعي وخطيب المسجد الاقصى- عندما رأى ذلك المنظر المفزع اتصل بالقنصل التركي بالقدس،فحضر القنصل وطلب من اليهود انزال العلم .

دخل اليهود إلى القدس بسهولة تامة فالجيش الاردني انسحب من اليوم الثاني مباشرة ،يقول صبري عن ذلك :” كان الجيش الاردني موجودا بعدد قليل بما يوحي أن هنالك تعليمات بالانسحاب سلفا” .

لقاء موشيه ديان بوفد من الوقف الاسلامي:
“وزير الاحتلال الاسرائيلي موشيه ديان طلب لقاء وفد من الوقف الاسلامي بعد دخوله الأقصى ،هذا الوفد كان مكونا من الشيخ سعيد صبري ،سعد الدين العلمي وحسن طهبوب ، وتحدثوا عن كيفية ادارة الاوقاف والأقصى ،وطلبوا منه استمرار استقلالية الوقف الاسلامي وعدم تدخل الجيش به ،وأقرّهم- ديان – على ذلك “.

يبرر صبري طلبَ موشيه ديان الاجتماع مع الوفد الاسلامي على الرغم من قوته واحتلاله للقدس أنّ الجيش الاسرائيلي كان مرتبكا لأنه جاءه ما لم يحلم به ،وخشي من ردة الفعل فلم يكُ يريد الاحتكاك بالمسلمين ،بعكس ما يحصل الآن،وأضاف :” القدس لم تكن مهيأة للحرب،اليهود كانت تقول عبر الإعلام إن العرب سيرموننا بالبحر ،فكسبت بذلك عطف العالم أما العرب فكانوا مغترين بقوتهم مستخفين بقوة اليهود”.

“وغدا حائط البراق مبكىً لهم” !:
وكأن اليهود حين حصلوا على المسجد الأقصى وحائط البراق كانوا كمن يفرغ غيظا دفينا كظم منذ مئات السنين،فأول ما تردد على ألسنتهم عند احتلالهم الحائط الذي أسموه “المبكى” :”محمد مات خلّف بنات”،”حط المشمش على التفاح دين محمد ولّى وراح”،وكان أول ما فعلوه أيضا أن تحركت جرافاتهم لتهدم حي المغاربة بأكمله على رؤوس أصحابه ،فمن استطاع منهم هرب ومن لم يستطع لقيّ حتفه تحت الأنقاض.

يروي الشيخ عكرمة صبري تاريخ أطماع اليهود بالحائط:”سمح من القرن السابع عشر لليهود بالصلاة مقابل حائط البراق،وكان له رصيف لا يتجاوز عرضه 6 متر ،واشتُرط عليهم الصلاة بدون استعمال البوق أو الطاولات والأثاث،وفي زمن الانتداب البريطاني تجاوز اليهود ما كان مسموحا له ،فحدثت ثورة البراق عام 1929،وساند الانجليزُ اليهودَ وقتلوا الفلسطينيين،ووصل الموضوع إلى عصبة الأمم آنذاك فشُكلت لجنة “شو”،وأصدرت قراراتها بأن جدار الحائط الغربي هو جزء لا يتجزأ من الوقف الاسلامي،ثم أجازوا لليهود أن يصلوا قبالته بإذن من المسلمين ،وظل ارتباط اليهود بذلك الحائط حتى عام 1967 ،لأنهم من عام 1948 حتى النكسة لم يستطيعوا زيارة الحائط بسبب وقوعه تحت السيادة الأردنية ، ،فعندما قامت الحرب أول ما توجهوا إليه كان حائطً البراق.

حارة السكناج ومخيم شعفاط!:
استأجر اليهود في حارة “السكناج”في البلدة القديمة بعض البيوت قبل النكسة ،ولكن قبل عام 1967 جاءت أوامر لبلدية القدس العربية -التي كانت تحت سيطرة الأردن- ،ببناء مخيّم شعفاط في القدس ونقل المسلمين الذين كانوا يقطنون حارة السكناج إليها ،ما يعني أن كل ما حدث كان مدبّرا بليل .

تنهد عكرمة صبري وهو يستذكر الصدمةَ التي تملّكته هو وبقيّة المقدسيين وقال :” بالبداية لم نصدق ما حصل ،وعندما نزلنا الى السوق ،كنا نتجنب الاحتكاك باليهود الذين كان يحاولون استفزازنا،وكنا في حالة من الصدمة والذهول ،وكنا نعتزل بيوتنا تجنبا لرؤية اليهود وهم يتجولون في ساحات القدس العربية”

وأكمل صبري :”كان هناك إعراض من الدول العربية تجاه ما حدث في القدس،وأصاب اليهود نوع من الغرور وحاولوا احتلال جزء من الاردن ومصر ،ولكنهم نكسوا على أعقابهم، ولم تحدث آنذاك مجازر كما حدث في نكبة 1948 ،لأن حرب الاشاعات كانت كفيلة بهزم معنويات المقدسيين ،حتى أن أهل أريحا كانت تصلهم الاشاعات أن” الدم للركب” في القدس فهربوا الى الاردن ،اما البعض فظل صامدا وفاز بمقعده في القدس إلى الآن”.

منذ سبعة وأربعين عاما أمست البلدة القديمة وحيّ الشيخ جراح، وادي الجوز ،شعفاط ،بيت حنينا ،صور باهر وأم طوبا محتلةً بعد تلك الأيام الستة

تقرير مؤسسة الأقصى

Untitled-1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة