“كيف نعيش الأمل والفرح؟ تأملات في الصمود النفسي في زمن الألم والإعلام المنهك”

بقلم: رانية مرجية – إعلامية ومتخصصة في قضايا الإعلام المجتمعي والثقافي

تاريخ النشر: 25/05/25 | 7:55

الملخص:

في زمن تكثر فيه الأزمات الصحية والنفسية والاجتماعية، وتلعب فيه وسائل الإعلام والسوشيال ميديا دورًا مزدوجًا بين التوعية والإرباك، تبرز الحاجة إلى خطاب إنساني يضع الأمل في مواجهة الألم، والإيمان في مواجهة الخوف. يحاول هذا المقال، من منطلق إعلامي وإنساني، أن يستعرض كيف يمكن للفرد أن يعيش الفرح والأمل في ظل المرض، الألم، والظلم، من خلال قوة الكلمة، فعل المشاركة، والتصالح مع الذات.

مقدمة:

“كيف نعيش الأمل والفرح، والمرض ينهش عظامنا، والظلم ينتشر من حولنا، والموت يحاصرنا من كل حدب وصوب؟”
سؤال وجودي تواجهه شرائح واسعة من الناس اليوم، لا سيما من يعانون من أمراض عضال مثل السرطان، أو من يعيشون ضغوطًا نفسية هائلة بسبب ظروف شخصية أو اجتماعية. هذا السؤال يأخذ بعدًا أكثر عمقًا حين نعيشه كأفراد في حقل الإعلام، حيث نكون شهودًا على كم هائل من المعاناة، وفي الوقت نفسه مطالبين بإنتاج خطاب يمنح الأمل.

أولًا: الإعلام بين الأمل والإرباك

من جهة، يستطيع الإعلام أن يكون وسيلة فعالة في دعم المرضى وبث الأمل عبر تسليط الضوء على قصص التعافي والتحدي. لكن من جهة أخرى، فإن التغطية المفرطة للحالات المأساوية، أو تسليع الألم، قد تسهم في نشر ثقافة الإحباط بدلًا من بث الطمأنينة.
هنا تظهر أهمية إعلام الأمل: إعلام يوازن بين نقل الواقع وتقديم إمكانيات النهوض، إعلام لا يتجاهل الألم، بل يحتويه ويمنح الناس أدوات لمواجهته.

ثانيًا: بين الألم والتعبير – الحديث شفاء

كثيرًا ما نكبت آلامنا، إما خوفًا من نظرة الآخرين أو اعتقادًا أن الصمت قوة. لكن الحقيقة أن التعبير عن الألم هو خطوة أولى نحو الراحة.
حين تقول إحدى النساء المصابات بمرض عضال: “ألمي فوق احتمال البشر”، فإنها لا تطلب فقط دواءً بل إصغاءً.
والسؤال: كيف نعبر عن هذا الألم؟
قد يكون عبر ترنيمة، أو صلاة، أو أغنية، أو حتى عبر حديث بسيط مع صديق مقرب. هذه الأفعال ليست ترفًا نفسيًا، بل هي أدوات مقاومة وجودية.

ثالثًا: جسد عليل… وروح تقاتل

المرض، خاصة في حالاته المزمنة أو المتقدمة، لا يؤثر فقط في الجسد، بل يطال النفس والعلاقات والقدرة على الإنتاج. أعراض مثل الغثيان، الهبوط، والإرهاق، تُضعف من قدرة الشخص على أداء عمله أو التفاعل مع محيطه.
لكن وسط هذا كله، يظل السؤال مفتوحًا: هل نستطيع أن نعيش لحظة فرح حقيقية رغم هذا الألم؟
الإجابة ليست سهلة، لكنها ممكنة. الفرح هنا لا يعني الغياب التام للألم، بل القدرة على إيجاد “فسحة أمل” وسط كل ذلك – لحظة تأمل، حضن دافئ، ضحكة غير متوقعة، أو نظرة مليئة بالحب من طفل.

رابعًا: التصالح مع الذات… بداية الطريق

واحدة من أقسى نتائج الألم المزمن، هي فقدان الإنسان للصلح مع نفسه. يشعر أنه منهك، مقهور، ناقص. وهنا تأتي أهمية الخطاب الروحي والنفسي المتصالح: أن نقبل أننا لسنا كاملين، أن نمنح أنفسنا إذنًا بالضعف، أن نعيش اللحظة كما هي، لا كما نريدها أن تكون.

خاتمة:

وسط عالم مثقل بالضجيج، وواقع يفيض بالألم، تظل قوة الأمل فعلًا ثوريًا. أن نبتسم ونحن نواجه الألم لا يعني أننا نتجاهله، بل أننا نرفض أن نُهزم به.
وكمتخصصة في الإعلام المجتمعي، أؤمن بأن الكلمة الطيبة، والمحتوى المسؤول، والرسالة المتزنة، قد تكون سببًا في تغيير حياة إنسان، أو على الأقل، في تخفيف عبء يومه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة