الطّيبة تحتضن المهرجان الثّامن للشّعر الفلسطيني

النّاطق للاتّحاد القطريّ

تاريخ النشر: 08/05/25 | 11:44

أجواء الشّعر والأدب وجلال الفنّ والثّقافة تهيمن على أمسية ربيعيّة رقيقة، ساجية كدفء شمس نيسان، وأحاسيس من الفرح والبهجة، وجمع غفير ونوعيّ من الشّعراء والمثقّفين والمهتمّين، كلّ ذلك تجمّع يوم السّبت الفائت والموافق لِ 26 نيسان، سنة 2025 في قاعة المسرح البلديّ التّابع لبلديّة الطّيّبة والواقع في مبناها، كلّ هذا المناخ الثّقافيّ الجميل كان من أجل إنجاح مهرجان آذار الثّامن للشّعر الفلسطينيّ تحت رعاية بلديّة الطّيّبة، والّذي تحوّل إلى تقليد سنويّ يقيمه الاتّحاد القطريّ للأدباء الفلسطينيّين ومؤسّسة “محمود درويش للإبداع”، وقد تعذّر هذا العام عقده في آذار بسبب شهر رمضان الكريم وعيد الفطر المبارك والصّيام المسيحيّ الكبير وعيد الفصح المجيد، وبهذا صحّ الشّعار “رمضان يجعل آذار يزهر شعرًا في نيسان”. وقد سبق هذا المهرجان العديد من الأنشطة الإعلاميّة، في الصّحف والمواقع، كان أبرزها لقاء نائب رئيس الاتّحاد، د. أسامة مصاروة مع تلفزيون “هلا” في الطّيّبة والحديث مطوّلًا عن المهرجان والشّعر والاستعداد، كما التقى الشّاعر علي هيبي النّاطق الرّسميّ للاتّحاد مع الإعلاميّ فهمي فرح، من راديو “الشّمس” في النّاصرة، وجرى الحديث عن المهرجان أيضًا وتشعّب إلى الكثير من القضايا المتعلّقة بالشّعر والنّقد والتّرجمة.وفي مستهل انعقاد المهرجان وفي جلسته الأولى، جلسة الافتتاح الّتي قادها عريفًا د. مروان مصالحة عضو إدارة الاتّحاد، وقد استهلّها بالتّرحيب بالحضور من أعضاء الاتّحاد وأصدقائه ومن الشّعراء المشاركين وبالشّكر لبلديّة الطّيّبة ورئيسها السّيّد يحيى الحاجّ يحيى على استضافة المهرجان ورعايته له، وكذلك بارك التّعاون الدّائم بين الاتّحاد القطريّ ومؤسّسة محمود درويش للإبداع، ومن ثمّ تطرّق إلى أهمّيّة الشّعر في حياة الشّعوب، ومدى تأثيره على الوجدان الجماهيريّ، وأثره الإيجابيّ على النّاس ومواقفهم، ولذلك دعا إلى الإكثار من الأمسيات الشّعريّة في قرانا ومدننا، والاهتمام الدّؤوب بعقد هذا المهرجان التّقليديّ في كلّ آذار. لقد كانت الجلسة الأولى للكلمات والتّحيّات والمداخلات، وبدأ العريف بتقديمهم تباعًا ودعوتهم إلى منصّة الكلام.

وكانت الكلمة الأولى كلمة الاتّحاد القطريّ، وقد ألقاها نيابة عن الاتّحاد د. أسامة مصاروة نائب الرّئيس فاستهلّها بأنّه كان يفضّل لو حضر رئيس الاتّحاد د. بطرس دلّة وألقى الكلمة، لأنّ رئيس الاتّحاد د. بطرس دلّة كان من المتعذّر حضوره لأسباب صحيّة، ومن ثمّ شكر الطّيّبة وبلديّتها ورئيسها وكلّ من حضر من أهلها ومن أهالينا في قرى المثلّث ومدنه، ومن قرى الجليل ومدنه كذلك، وقد تطرّق في كلمته إلى دور الشّعر وقد قال: “إنّه من المشرّف لي أن أقف أمامكم من على منصّة هذا المهرجان في مدينتنا “الطّيّبة، ومن قاعة مسرحها البلديّ مفتتحًا وممثّلًا بلدي المضيف واتّحادي القطريّ الجليل ومؤسّستي الدّرويشيّة. فبالأصالة عن شخصي وبالنّيابة عنكم جميعًا أعلن عن افتتاح مهرجان آذار الثّامن للشّعر الفلسطينيّ في “طيّبة بني صعب”، من هذا المكان سينطلق مهرجان آذار للشّعر وسيختال ضاحكًا في نيسان، كما قلنا في الدّعوة: إنّ رمضان سيجعل آذار الشّعر، آذار الأرض، آذار المرأة، آذار الأمّ، آذار الثّقافة الفلسطينيّة يزهر في نيسان”.وكانت الكلمة الثّانية للكاتب عصام خوري مدير مؤسّسة “محمود درويش” وعضو إدارة الاتّحاد القطريّ، وباسْم المؤسّسة شكر التعاون مع الاتّحاد وشكر بلديّة الطّيّبة ورئيسها، ومن ثمّ تطرّق إلى دور الشّعر والشّعراء ومدى إسهامهم في نموّ الوعيّ الوطنيّ، وقد تحدّث طويلًا عن الشّاعر الكبير محمود درويش كرمز للشّعر الفلسطينيّ، والّذي تحوّل يوم ميلاده ليوم الثّقافة الفلسطينيّة. وقد أشاد خوري بدور مؤسّسة درويش في نشر ثقافته وشعره من خلال الأمسيات والنّدوات والمهرجانات، له ولكلّ رموز الثّقافة الفلسطينيّة والعربيّة.أمّا الكلمة الثّالثة فكانت لرئيس بلديّة الطّيّبة، البلد المضيف والرّاعي للمهرجان، السّيّد يحيى الحاجّ يحيى، وقد قام بتقديم تحيّة للشّعراء وللحضور ولإدارة البلديّة، وعبّر عن شكره العميق للاتّحاد القطريّ ولمؤسّسة درويش على اختيار الطّيّبة كمكان لاحتضان هذا الحدث المشرّف والكبير، فمهرجان الشّعر هو قضيّة جليلة وانعقادها في بلدنا الطّيّبة لهو محلّ شرف واعتزاز عظيم لنا، وقد قال: “يشرّفنا أن نحتضن هذا المهرجان، فالشّعر ليس فنًّا فقط، بل هو فعل ملتزم ومرآة هويّة، وفيه زاد لكلّ بيت من بيوت مدينتنا العريقة، وبخاصّة لأجيالنا القادمة”، وقد دعا الشّعراء إلى الإكثار من القصائد الّتي تدعو ضدّ العنف والجريمة المستشرية في مجتمعنا العربيّ وتكاد أن تفتك به.

وكان د. محمّد هيبي الأمين العامّ للاتّحاد قد استهلّ بإلقاء تحيّة الكاتب عبد الخالق أسدي، رئيس لجنة المراقبة في الاتّحاد، الّذي لأسباب قاهرة لم يتمكّن من الحضور، وقد كان في صلبها اعتذاره وتحيّته للمهرجان وتمنّياته بالنّجاح. ومن ثمّ تحوّل إلى مداخلة نقديّة قصيرة، حول الشّعر الفلسطينيّ في الغربة والمكتوب بلغات أجنبيّة، ودعا إلى ترجمة هذا الشّعر إلى العربيّة ونشره كي يتمّ التواصل الثّقافي بيننا وبين أماكن الاغتراب الفلسطينيّ، وقد أخذ الشّاعر الفلسطينيّ يحيى حسن نموذجًا، وهو يعيش في الدّانمارك ويكتب شعره بلغتها، وتقوم المغتربة الفلسطينيّة، عضو اتّحادنا، الكاتبة سوسن كردوش بترجمته إلى العربيّة الآن، وقد حلّل شعره وتجربته في المنفى ومضامينه الاغترابيّة، وقد قرأ قصيدة مترجمة كنموذج من شعر الشّاعر حسن. وفي ختام الجلسة ألقى ضيف المهرجان ابْن يركا الجليليّة الشّاعر صالح قويقس مجموعة قصائد من شعره الوطنيّ والإنسانيّ، وكان من المفروض أن يحضر ضيفًا على المهرجان الشّاعر الفلسطينيّ المتوكّل طه، لكنّ الظّروف الأمنيّة حالت دون ذلك، وبهذه الفقرة اختتمت الجلسة الأولى من جلسات المهرجان.وقد دعت الشّعراء تباعًا إلى منصّة الإلقاء، فقرأوا من أشعارهم ما يفي بجلال المهرجان وجمال الشّعر، وكان للشّاعرة عناق مواسي قصب الإلقاء، ومن ثمّ تلاها الشّاعر يحيى عطا الله، الشّاعرة أسماء نعامنة، الشّاعر مصطفى أمارة، الشّاعرة هدى عثمان، الشّاعر د. نسيم أسدي، الشّاعر د. حاتم جوعيه، الشّاعرة عايدة مغربي، الشّاعر خالد خليل، الشّاعر محمّد أبو صالح، الشّاعر حسين، وكان الشّاعر علي هيبي مسك ختام الإلقاء.ولا بدّ أن نشير إلى أنّ العازفيْن: دانا عنان الطّيبيّ ويزن قاسم قد أتحفا الحضور بعزف جميل، دانا على القانون ويزن على العود، وبمشاركة الأخ كمال جبيلي بأبيات من العتابا ومقاطع من الغناء الشّعبيّ، وقد غطّى المهرجان إعلاميًّا وتصويرًا الأخ حسام إدريس، صاحب موقع “العين السّاهرة” والفنّان التّشكيليّ جميل عمريّة والإعلاميّ علي تيتي. ولا بدّ من الشّكر الجزيل للأخ محمّد خليل كسّاب والتّنويه بما قدّمه من هدايا رمزيّة ولكنّها نفيسة في قيمتها المعنويّة. ويشار إلى أنّ الاتّحاد القطريّ سيصدر لاحقًا كتابًا يوثّق فيه كلّ وقائع المهرجان.

أمّا الجلسة الثّانيّة فقد تولّت عرافتها وإدارتها بلباقة وشاعريّة الأديبة الرّوائيّة، عضو الاتّحاد ليلى عبد الله من النّقب، وقد رحبّت بهذا الجمع الجميل، أجمل ترحيب، وقالت: “كم أتمنّى ألّا يكون هذا المهرجان مجرّد لمّة، وإنّما أُمّة شعر، فكلّ إنسان بصدقه أمّة، نحن الآن في حضرة الشّعر، فاستمعوا وعوا، فالشّعر يذوب في كلّ تفصيل، ويغوص في كلّ حدث يرتدّ على أثره قصصًا، والشّاعر يلوّن كلّ شيء بمشاعره وروحه، يشدّك إليه ببراءة الطّفل فيه، وجنون العاشق، فتصبح الكلمة وطنًا، ويصبح الشّعر خريطة الرّوح”. فنحن في قلب العاصفة، وكلّ شيء حولنا يتغيّر، الوطن يرحّل.. وتصبح القضيّة مفخّخة مثقلة بجنائز المعاني. أفكارنا كلماتنا والتي نحاول أن نغلّفها بالعطر، بالحبّ، تتصادم وتخرج من النّصّ مهشّمة في هذا الزّمن الصّعب، تحاول أن تنفض الرّماد”. ومّما قالته من مقتطفات عن الشّعر، خلال تقديمها للشّعراء: “الشّاعر يمشي بتناغم مع إيقاع قلبه، فيعزف أبجديّة الحرف شعرًا. القصائد غيمات في سماء الشّاعر، منها ما يمطر فتُكتب، ومنها يبقى في الدّواخل. منها ما ينساب من الأرواح معانيَ، ومنها ما يُزرع فينبت، ومنها ما يبقى ريحانًا على نافذة الغيب. وأحيانًا تكون القصيدة مسرحًا تتصارع فيه الأفكار، ومنبرًا تتزاحم فيه الأسئلة، فتكون مرآة تعكس الواقع، تعكس الرّوح القلقة، الباحثة عن معنى أعمق للحياة. الشّاعر يعرف كيف يصغي للصّمت للألم، للحزن، للفرح وللحبّ، فيلوّن عتمة الواقع، ينسج الأحلام، والأحلام فُسحة أمل توقد النّار تحت قِدر التّغيير وتكسّر قيد الزّمن. فالقصيدة أحيانًا تعيد بناء وطن مفقود. الشّاعر ينسج قصائده برقًا ورعدًا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة