متنفَّس عبرَ القضبان (81)

حسن عبادي/ حيفا

تاريخ النشر: 20/06/23 | 10:51

بدأت مشواري التواصليّ مع أسرى أحرار يكتبون رغم عتمة السجون في شهر حزيران 2019؛ تبيّن لي أنّ الكتابة خلف القضبان متنفّس للأسير، ودوّنت على صفحتي انطباعاتي الأوليّة بعد كلّ زيارة؛
عقّبت الصديقة سيلفيا (بنت أديب عمون): “يسعد قلبك وروحك وشكرا لك. شكرا لأنك صلة الوصل بيننا وبين أسرانا، وتنقل لنا أفكارهم وأدبهم من داخل السجون”.
وعقّب الكاتب المقدسيّ إبراهيم جوهر: “الحرية لسائد، والاحترام لرفيق الأسرى وحامل شعلة أملهم المحامي حسن عبادي”.
أما الصديقة غصون غانم فعقّبت: “لهم ولك أستاذ حسن كل التحيات، خطوات مكللة بالنجاح والمباركة بكل فخر واعتزاز. أهلا وسهلا بكم جميعا في جامعتكم وصرحكم ولنا فخر نوال شرف الوفاء لهم كل الوفاء لتضحياتهم وما مسعانا إلا حفنة تراب من تراب أقدامهم التي دافعت وتصدت وكانت هي من تخط خطوات المجد”.
“اغتيال عصفورة”
غادرت حيفا الساعة الخامسة والنصف صباح الأحد 30 نيسان ووجهتي سجن النقب الصحراويّ– كتسيعوت-(أنصار 3)، يرافقني الصديق مصطفى نفاع، وبعد مروري بسحن إيشيل البغيض أطلّت خيام وبراكيات وباراكسات أهلنا من بدو النقب الذين صودرت أراضيهم ومنعوا من إقامة بيوت لهم وصار يُطلق على تجمّعاتهم “القرى البدوية غير المعترف بها” وما زالت مسلوبة الإعتراف.
بعد لقائي بهيثم وثائر أطل الأسير محمد عدنان سليمان مرداوي مبتسماً ابتسامة خجولة وبدأ بترحاب صادق وكأنّ بيننا عِشرة عمُر رغم كونه اللقاء الأوّل. استفسر عن مشقّة السفر وأعرب عن سروره بلقاء زملاء الأسر في غرفة الانتظار، ومنهم من يلتقيه للمرّة الأولى رغم تواجدهم في نفس السجن سنوات طويلة.
حدّثني عن نموّ شجرة يواكبها من شباك زنزانته منذ 9 سنوات… كبرت أمام عينيه، وعليها (عشّين رُقطي).
تناولنا كتابه “اغتيال ريحانة”، وفجأة بدأ يحدّثني بشغف عن ثلاثة عصافير ربّاها في الزنزانة، يُطعمها من فمه ويعتني بها حتى تمّ اغتيالها من قبل السجان، وعن علاقته الوجدانية بالطيور والنباتات والأرض.
ناقشنا أدب السجون؛ كانت كتابة الأسرى نمطيّة وتناولت الاعتقال، والتحقيق، والحكم، والأسر وباتت حداثيّة.
أطلعني على مشروعه الأدبي القادم، وتركيزه على الأرض والمياه والجغرافيا، المرأة والطفل، والمقدّسات/ تعريفها وماهيّتها.
وتناولنا مشروع الصديقة سيلفيا واهتمامها بقضيّة أسرانا.
داهمنا الوقت وما بدنا نطوّل على سائد.
“للحلم بقيّة”
بعد لقائي بهيثم وثائر ومحمد أطل الأسير المقدسيّ سائد محمد خليل سلامة مبتسماً ابتسامة البراءة والزمن الجميل التي استقبلني بها حين التقينا في الجلبوع حينه.
عبّر عن انبساطه للقائه بزملاء الأسر في غرفة الانتظار، واستعدنا معاً حفل إشهار “العاصي” في معرض الكتاب الأخير في رام الله، وحفل الإطلاق في بتّير، وتباحثنا إمكانيّة ندوات لمناقشتها في الحكواتي/ ندوة اليوم السابع المقدسيّة، وفي مركز يافا الثقافي في مخيم بلاطة، وجامعة خضوري ومقهى ليوان الثقافي في الناصرة.
تناولنا مشروعه الأدبي القادم؛ مجموعة قصصيّة بعنوان “للحلم بقيّة” واستوحى عنوانها من كرت العرس لصديقنا الأسير المحرّر صالح أبو مخ، ستصدر قريباً عن دار الفارابي اللبنانيّة، وقلم سعيد نفاع الأحمر الذي ما زال رقيباً لما يخطّه قلمه.
تحدّثنا عن الهويّة المقدسيّة وكم يعتزّ ويفخر حين يطلق عليه “الأسير المقدسيّ”، وأهميّة أنسنة قضيّة أسرانا بعيداً عن الأسطرة.
بدأ العدّ التنازلي لانتهاء فترة الأسر، بحسبها باليوم.
وكان الوقت عدوّنا اللدود رغم أنّه بقيت مواضيع كثيرة مفتوحة.

لكما عزيزاي محمد وسائد أحلى التحيّات، الحريّة لك ولجميع رفاق دربك الأحرار.

حيفا/ نيسان 2023
=======

***الأسير محمد مرداوي من مواليد 1979، أُعتقل يوم 17 آب 1999 حكمت المحكمة العسكريّة الإسرائيلية بحقّه حكماً يقضي بالسجن 28 عامًا.
***الأسير سائد سلامة من مواليد 1976، أُعتقل يوم 30 آذار 2001 حكمت المحكمة العسكريّة الإسرائيلية بحقّه حكماً يقضي بالسجن 24 عامًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة