موسم “النزول عن الشارع”
إعداد المرشد محمد سواعد
تاريخ النشر: 16/01/23 | 10:30تعود الناس في المجتمع أن يصفوا الإنسان الفاشل أو السيارة عندما تتعطل بانه\ها “نازل عن الشارع”، أي أنه فقد المؤهلات التي تؤهله للسير على طرقات الحياة، وهو بحاجة إلى إعادة تأهيل، ولعلنا في هذا المقال نسلط الضوء على أهمية النزول عن الشارع لنستكشف متعة الحياة وجمالها.
يسير الإنسان منا ويسافر في طرقات كثيرة في شمال البلاد وجنوبها وشرقها وغربها، وربما يشد انتباهنا أحيانا بعض المناظر والآثار التي نراها عن الطريق ولكننا لسرعة جرينا خلف الحياة نتهاون أحيانا أو ننشغل ونغفل عن اكتشاف ما تراه أعيننا، وربما ننسى هذا المكان أو المناظر الخلابة.
ولو أننا كلفنا أنفسنا أن ننزل عن الطريق لتفتحت عيوننا على عوالم رهيبة تحوي التاريخ والجغرافيا والجيولوجيا والحضارات المتعاقبة على مدار آلاف السنين، وفي أحيان كثيرة فإن الشوارع التي نقطعها اليوم بسرعات رهيبة ما هي إلا آثار ومعالم تم طمسها عمدا أو بجهل وعفا عليها الزمن.
ومن بعض المعالم التي يمكن اكتشافها بدقيقة عندا “ننزل عن الشارع”؛ شارع 70 مثلا:
1- شارع رقم 70 الواصل بين قرية الياجور المهجرة حتى البصة (شلومي): بعد سفر خمس دقائق من مفرق الياجور شمالا وتحديدا قرب قرية عرب الخوالد نشاهد قلعة شامخة تتربع على عرش الجبل، ونتساءل ماذا يوجد هناك؟ ولو صعدنا إلى قمة الجبل لوجدنا قلعة رهيبة مع مطل يشرف على السهل الساحلي من عكا حتى حيفا، وبجانبه آثار قرية سعسع العربية المقامة على أنقاض قرية رومانية منذ آلاف السنين.
2- وفي نفس الطريق ومع بداية الصعود باتجاه شفاعمرو وعلى جهة اليسار حيث يتم اليوم بناء مجمع مياه محلاة من البحر نجد بقايا قرية الكساير المهجرة وإلى اليمين تشمخ بقايا بيوت قرية هوشا المهجرة التي عاش سكانها قسوة التهجير الفرنسي من الجزائر ثم التهجير في عام 1948.
3- وعلى نفس الطريق باتجاه الشمال وعند مدخل طمره الشمالي وفي غابة صغيرة تختفي قرية الرويس إحدى قرى عائلة أبو الهيجا، وعند مدخل كابول يمكن التمتع بمشاهدة حنانة المياه على بير الدامون وبقايا القرية العربية المهجرة.
4- وعند مدخل البروة (أحيهود) تسكن بهدوء ووداعة قرية البروة المهجرة ويمكن لنا أن نشم عبق الماضي في بقايا البيوت ومقبرة القرية وبعض البيوت التي سكنها المستوطنون الجدد.
5- وبعد أن نتجاوز قرية أبو سنان إلى الشمال يمكن زيارة قرى عمقا والكويكات والغابسية ومسجدها الشامخ والشاهد على تاريخ عريق ثم قرية الكابري ومياهها الرقراقة التي أسهمت في صمود عكا أمام حصار نابليون.
6- وبعد أن نتجاوز مفرق الكابري يمكن النزول عن الشارع لنمتع ناظرينا بمعاصر السكر في خربة منوات ” מנות”، ثم يمكن أن نصل إلى بركة الهردويل في وادي القرن، وعندما ينتهي شارع 70 في قرية البصة المهجرة يمكن بجولة خاطفة يسيرة أن نرجع إلى الوراء آلال السنين عندما نقف أمام جرس الكنيسة الذي أرغم على الصمت ولم يقرع منذ عام 1948، أو درجات المنبر التي تنتظر إماما يصدح بالحق أو مقاما على جانب الطريق للمتزهدين والعباد أو خربة معصوب قرب البصة.
7- وهناك الكثير من القرى والأحداث التي يمكن الحديث عنها قرب هذا الشارع مثل مثلث قرى أم الفرج والتل والنهر، ووادي المفشوخ (جعتون).