ماذا كتب المطران السريانيّ قبل قرن ونصف عن اللهجات الآراميّة ومنها السامريّة
ب. حسيب شحادة - جامعة هلسنكي
تاريخ النشر: 06/08/22 | 7:17What did the Syriac Bishop Write a Century and a Half ago
about the Aramaic Dialects, Including the Samaritan One
كتابُ: الُّلمعة الشهيّة في نحو اللغة السريانيّة على كلا مذهبَي الغربيّين والشرقيّين تأليف السيّد اقليميس يوسف داود
مطران دمشق على السريان. طبعة ثانية منقّحة ومَزيد عليها ومذيّلة بخاتمة في صناعة الشعر. طبع في الموصل في دير
الآبآء الدومنكيّين ، 1896. طبعة أولى عام 1879. والعنوان بالسريانيّة: ܓܪܰܡܡܰܛܺܝܩܺܝ ܚܕܰܬܳܐ ܕܠܶܫܳܢܐ ܐܰܪܰܡܳܝܐ
ܐܰܘܟܺܝܬ ܣܽܘܪܝܳܝܐ ܠܦܽܘܬ ܬܪܶܝܗܽܘܢ ܠܶܥܙ̈ܝ ܕܡܰܕܢ̈ܚܝܶܐ ܟܺܝܬ ܘܡܰܥܪ̈ܒܳܝܐ أي: چرامَطيقي/قواعد جديدة للغة
الآراميّة أي السريانيّة بحسب لهجتَي الشرقيّين والغربيّين، بقلم السيّد قْليميس يوسف بن داؤود الموصليّ المطران
السريانيّ لمدينة دمشق. وهنالك عنوان بالفرنسية: (مُتاح على الشابكة). وفي تأليف هذا الكتاب، استعان المؤلّف بالعبريّة
وخاصّة بالعربيّة وهما أُختا السريانيّة ورضيعتا لبانها (ص. 35).
يوسف بن داؤود بن بهنام من أسرة زبوني، ولد في العماديّة بالقرب من الموصل عام 1829، أنهى المدرسة الابتدائيّة
في الموصل، وأُرسل لمتابعة دراسته في روما وهو ابن ستّة عشر ربيعًا ليصبح كاهنًا. وهناك كرّس جلّ وقته وجهده
لاكتساب العلم والمعرفة في شتّى المجالات: اللاهوت، المنطق، الطبيعيّات، الموسيقى؛ كما تعلّم السريانيّة والعربيّة
واللاتينيّة والإيطاليّة والعبريّة واليونانيّة والفرنسيّة والإنچليزيّة والألمانيّة. سيم قِسّيسًا سنة 1855 وعاد إلى وطنه في
أواخر تلك السنة. له أيادٍ بيضاءُ في مضمار التعليم والتأليف، وهو الذي ذهب إلى أنّ التعليم والتثقيف أساسا كلّ فضيلة.
ففي العام 1856، أسّس مع الآباء الدومنكيّين مدرسة في الموصل وعلّم فيها كلّ المواضيع، وألّف موادّ تدريسيّة كثيرة .
كما عمل أقليميس على تصحيح ترجمة التوراة العربيّة بمقارنتها بالترجمات السريانيّة واليونانيّة والعبريّة واللاتينيّة
وأضاف ملاحظاتٍ تفسيريةً في الحواشي على ما رآه غامضًا، وقد طُبعت هذه الترجمة ونسخة الترجمة السريانيّة
المعروفة بالبسيطة، التي راجعها في مطبعة المرسلين الدومنكيّين في الموصل. أصبح في بداية العام 1879مطرانًا
للسريان في دمشق، وتسلّم الاسم السيّد إقليميس يوسف داود. وفي سوريا أنشأ الأخويّات، شيّد بعض الكنائس ومرمّمًا
أخرى، وكان مولعًا بجمع الكتب فأقام مكتبة نادرة النظير لما ٱحتوته من مخطوطات مشرقيّة، وفوق هذا استمر في
التصنيف وتعديل الكتب الطقسيّة. وبفضله أُنشىء مجمع السريان اللبنانيّ عام 1888. له عشرات المؤلّفات باللغات:
العربية والسريانيّة والإيطاليّة والفرنسيّة واللاتينيّة وعشرة كتب ما زالت مخطوطة. رحل عن هذه الفانية في الرابع عشر
من آب عام 1890.
من مؤلّفات المُطران إقليميس تلك، ننوّه بما يلي، ومعظمها متوفّر مجّانًا على الشابكة: كتاب التمرنة في الأصول النحويّة
مع مقدّمتين في أصول الكتابة والقراءة في مجلّدين، بالعربية؛ غراماطيق إفرنسي مع الشرح العربي؛ نحو اللغة السريانيّة
مع الشرح اللاتينيّ؛ بيان لغة أهل دمشق العربية في أيّامنا، بالإفرنسيّة؛ بحث عن لغة أهل سورية وفلسطين حين ظهور
اللغة العربية فيهما وبيان أنّها كانت اللغة السريانيّة، بالإفرنسيّة؛ فِهرست القراءات من العهدين القديم والجديد التي تقال
على مدار السنة بحسب الطقس السريانيّ، بالعربية؛ تصاريف الأفعال الكلدانيّة بالكلدانيّة؛ تعليم القراءة السريانيّة،
بالعربية؛ تاريخ السريان، بالعربية مخطوط؛ أغلاط ترجمة العهد الجديد العربية التي أنشأها البروتستنت في بيروت،
بالعربية مخطوط؛ مجموع خطبه أو مواعظه الدينيّة، بالعربية مخطوط.
وقبل الإتيان حرفيا بما كتبه اقليميس عن السامريّة ارتأيت أن أجمع تارةً و أُلخّص طورًا للقارىء الكريم نُتفًا وردت في
المقدّمة ، في صفات اللغة، الفصل الأوّل من الطبعة الأولى.
”واشهر اللغات الساميّة هي العربيّة والعبرانيّة والسريانيّة والحبشيّة وفروعهنّ* وانّما ذكرنا العربيّة اوّلًا بين اللغات
الساميّة لانّ العربيّة باعتراف جميع المحقّقين هي اشرف اللغات الساميّة من حيث هي لغة واقدمهنّ واغناهنّ. ومعرفتها
لازمة لكلّ من يريد أن يتقن حسنًا سائر اللغات الساميّة ولاسيّما السريانيّة“. ص. 8.
من الخِلال الوسيمة للسريانيّة: نزول قسم من الكتاب المقدّس بها، معظم سِفر دانيال وجزء من سِفر عِزرا وسِفر نحميا.
ومن المرجَّح أنّ إنجيل متّى كان قد دُوّن أصلًا بالآراميّة. أضف إلى ذلك أنّ الربّ يسوع المسيح وأُمَّه ورسله تحدّثوا بهذه
اللغة. ص. 8.
ومن سِمات السريانيّة أنّها لغةٌ طقسيّة قديمة مشرّفة في كنيسة المسيح تلت اللغة اليونانيّة وقد تكون الأولى في الأرجح.
وإلى الآن تستخدم السريانيّة في طقوس أكثر مسيحيّي المشرق. ومن المعروف أنّ كلّ ملافنة الكنيسة قد كتبوا بإحدى هذه
اللغات: اليونانيّة، اللاتينيّة، السريانيّة. اعتاد الإفرنجيّون منذ أزمان أن يدرّسوا السريانيّة بعد اليونانيّة والعبريّة. ولكن
وللأسف فإنّ السريان وبخاصّة الغربيّون يحتقرون هذه اللغة الشريفة. ”حتّى انّك قلّما تجد الآن في هذه البلاد السريانيّة من
يبذل ادنى سعي في إحكام لغتهِ هذه القديمة“. ص. 9.
ما حلّ بالسريانيّة بمرور الدهور من التغيير، لا يعلمه إلّا الله كما هو حال سائر اللغات. وعليه اختلفت السريانيّة بحسب
الأزمان والأماكن وتقسّمت لفروع. هنالك الآرامية المقرائيّة أي كما هي متمثلة في بعض أسفار العهد القديم وهذه تختلف
قليلًا عن السريانيّة الدارجة في زمان المؤلِّف بل هي من وجوه أفصح منها. ص. 10.
والآراميّة منذ عهد المسيح أخذت قرارًا وثباتًا ولم يعترها تغيير يذكر. ولا يوجد للسريان أي شيء مكتوب من فترة ما قبل
المسيح. لولا مؤلّفات اليهود واليونانيّين لما عُرف شيء عن الآراميّين القدامى. والسريانيّة اليوم نوعان: شرقية /نصّيبيّة
وبالسريانيّة ܢܨܽܘܒܳܝܬܐ نْصوبُيْتو وغربيّة-/رهاويّة وبالسريانيّة ܐܽܘܪܗܳܝܬܐ أُورْهُيْتو. ص. 11-12.
الفرق بين هذين النوعين ليس جوهريًّا، إنّه يتلخّص في طريقة لفظ بعض الحركات والحروف وشكلهما. لا أحد يُنكر أن
لغة الشرقيّين تمثّل الآراميّة السليمة بالرغم من أنّ اللاهوتيّ والفيلسوف السريانيّ المعروف ابن العبريّ (ܒܰܪ ܥܒܪܝܐ)
اليعقوبيّ (1226-1286) قد فضّل الغربيّة. تدريس السريانيّة في أوروبا سار وفق اللفظ الغربيّ. ص. 12.
منذ ظهور الإسلام في القرن السابع للميلاد، أخذت السريانيّة بالانحسار وغدت اللغة الفصيحة/الكتوبونويو ميّتة وبقيت
العامّيّة بلهجاتها المختلفة. ص. 13.
السريان ٱخترعوا صناعة الكتابة، الحروف الأبجديّة. أوائل آيات المزامير تبدأ حروفها على نسق الحروف السريانيّة.
استعمل الفرس قديمًا الخطّ السريانيّ، وكذلك فعل الأرمن قبل القرن السادس ميلاديّ ثمّ العرب، فالخطّ الكوفيّ شبيه بالخطّ
الإسطرنجيليّ الذي تعود بدايته إلى ظهور يسوع المسيح على الأرض، وخُصّص لكتابة الكتاب المقدّس. ويمكن أن يكون
معنى الاسم اسطرنجيلي سطر الإنجيل أو مُدَوَّر كما في اليونانيّة. بمرور الزمن تولّدت ثلاثة خطوط: واحد مختصّ
بالنساطرة المعروف بالكلدانيّ وهو الأقرب للإسطرنجيلي؛ خطّ الغربيّين أي الكاثوليك واليعاقبة والموارنة وبه مدوّنة كلّ
كتب السريان اليوم؛ الخطّ الثالث خاصّ بالملكيّين وهو نادر في الكتب. ص.14-19.
الخطّ الآراميّ القديم كان خلوًا من الحركات. اخترع العرب الحركاتِ في أوائل الإسلام وكذلك العبرانيّون. يعقوب
الرهاوي في القرن السابع، كان أوّلَ من كتب في موضوع وضع علامات أي حركات للقراءة. طريقة التنقيط لدى
الشرقيّين وطريقة الحروف اليونانيّة الخمسة لدى الغربيّين في القرن الثامن ميلادي، الألف للفتح، الهاء للكسر، الواو
للضم، الحيث للكسر المشبع والعين للضمّ المُمال. لا علم لنا أيّة طريقة تشكيل أقدم من الأُخرى. الشعوب الساميّة لم
تستعمل الحركاتِ قبل القرن الثامن للميلاد. قد يكون رهبان دير يعقوبي باسم قرقفة في طور عبدين هم الذين أدخلوا
الحركاتِ اليونانيّةَ في الآراميّة وكان ذلك في القرن الثامن. ص. 19- 22.
إنّ أقدم نصّ وصلنا بالسريانيّة هو ترجمة الكتاب المقدّس أي الپشيطتا ܦܫܺܝܛܬܐ أي البسيطة، التي ظهرت، على ما
يبدو، في أواخر القرن الأوّل للميلاد. وبقيت السريانيّة من ذلك الحين وليومنا هذا بلا تغيير معتبر. عرفت السريانيّة
عصرها الذهبيّ في القرون – الرابع وحتّى السادس. لم يدوّن كتاب لقواعد السريانيّة إلا بعد زمان المسيح بقرون عند
الشرقيّين أوّلًا، وكان ذلك بقلم يوسف الأهوازيّ المعروف بالحزّاي أي الرائي المتوفّى عام 580م. ولدى الغربيّين كان
النحويّ يعقوب الرهاوي، أسقف الرها المتوفّى سنة 708م. من النحويّين الشرقيّين اللاحقين نذكر هذه الأسماء: يشوع
دناح في القرن الثامن، حُنيْن الطبيب في القرن التاسع، إيليا بن شيني أسقف نصّيبين في القرن الحادي عشر، يوحنّا بن
زعبي في القرن الثالث عشر، الذي فاق سابقيه من حيث التفصيلُ والشمول. ولدى الغربيّين اِشتهر في القرن الثالث عشر
يعقوب البرطلي المعروف بساويرس. النحويّ الذي حاز قصب السبق كان غريغوريوس بن العبريّ في القرن الثالث
عشر، الذي ألّف مصنّفاتٍ شتّى في النحو أشهرها: مَعَلْتو/ܡܰܥܰܠܬܳܐ أي المدخل وهو شعر، وܨܡܚܐ أي ضياء/ لُمع وهو
بالنثر. وبعد ابن العبريّ܁ لم يظهر نحويّون جديرون بهذا الاسم إلا في القرون ܗܓܖܓܗܖ] – السادس عشر والسابع عشر
والثامن عشر، وذلك في صفوف الموارنة في جبال لبنان. منهم: جرجس عميرة الذي ألّف كتابًا مشهورًا في نحو السريانيّة
باللاتينيّة؛ وإسحق الشدراويّ ويشوع العاقوريّ وإبراهيم الحاقلانيّ. ص. 23- 35.
سمّى النُّحاة السريان صناعة النحو بكلمة يونانيّة چْرامَطيقي (γραμματική) أي علم الكلام، وبالسريانيّة تُورُص
مَمْلُو/ܬܽܘܪܳܨ ܡܰܡܠܳܐ أي إصلاح/تصحيح الكلام. وقسّم بعض النُّحاة السريان الكلامَ إلى ثمانية أقسام في أعقاب نحو
اليونانيّين، ولكن ابن العبريّ حصرها في ثلاثة كعادة العرب، وهي الاسم والفعل والحرف. بعض الغربيّين يلفظون
الحرف الرابع دُلَذ وليس دُلَث. واليهود أيضًا في معظم المشرق، لا يلفظون البيث في زماننا هذا إلّا مقشّاة، مع أن لغتهم
وكتبهم توجب التمييز بين التركيخ والتقشية. اللام السريانيّة مرقّقة أبدًا ولكنّ السريان الغربيّين يفخّمونها في كلمة واحدة
وهي اسم الله العظيم أَلوهو/ܐܰܠܳܗܳܐ كالعرب، ولكن بالترقيق في جمعه أَلوهِي؛ لا تفخيمَ لدى الشرقيّين. حرف النون
الساكنة كثيرًا ما يُحذف إمّا لفظًا فقط وإمّا لفظًا وخطًّا، بعض ذلك قياسيّ والبعض الآخر سماعيّ. ففي القياس تُحذف نون
الأفعال النونيّة (أي التي فاؤها نون) في المضارع وفي الأمر: إقوش أي أقرعُ وقُوش أَي اِقرَعْ (من الجذر نقش/ܢܩܰܫ)!
ومن السماعيّ حذف النون لفظًا وخطًّا مثل چَبُو/ܓܰܒܳܐ أي جنب، عِزُو أي عنزة، أَپِّي أي وجه بدل أنف، حِكو أي حنك،
چْفِتو أي جفنة، چْڤِيتو أي جُبنة، تيتو أي تينة، حِطْتو أي حنطة؛ ومنه أَ(ن)ت أي أنتَ ومشتقاته، مْدي(ن)تو أي مدينة.
الشرقيّون يلفظون الفاء المركّخة واوا مثل نَوْشو/ܢܰܘܫܳܐ أي نَفْشو/ܢܰܦܫܳܐ أي النفس والقاف كافًا في بعض الحالات. لا
ضاد ولا ظاء في السريانيّة وكذلك لا باء مركّخة وفاء مقشّاة في العربية. ص. 36-37.
يسمّي علماء السريان الحركاتِ نُقْشوتو أو زَوْعي/ܢܳܩܫܽܘܬܐ/ܙܰܘܥܶܐ، وثمة اختلاف بينهم بخصوص عددها، فمنهم من
يقول ثماني ومنهم من يقول سبعا وغيرهم ستًّا وأكثرهم حصرَها بخمس. في السريانيّة الشرقيّة الحاليّة سبع حركات
تتمثّل بالنقط الصغيرة واحدة أو اثنتين. الريش محسوب كحرف حلقيّ. ص. 37-40.
ابن العبريّ في كتاب الصمحي جعل الحركات ثماني إذ أضاف حباصًا ثانيًا طويلًا ولكن في كتاب معلتو المنظوم يتحدّث
عن خمس حركات فقط وهذا هو الواقع لدى السريان الغربيّين. ص. 46.
الغربيّون لا يُشدّدون الحروف أبدا. ص. 51. لقد فضّل ابن العبريّ في كتابيه، المنظوم والمنثور، طريقة الغربيّين بشأن
لفظ الزقاف والتشديد، ولكنّه لم يأتِ بدليل مقنع؛ أمّا مؤلف هذا الكتاب الذي نحن بصدده، اقليمبس: اللمعة الشهية إلخ.
فيقول بأنّ طريقة الشرقيّين هي الصحيحة القديمة. الدليل على ذلك أنّ اليونانيّين واللاتينيّين الأوّلين لمّا كانوا يذكرون
كلمات سريانيّة بحروفهم، كتبوها بحسب اللفظ الشرقيّ وليس الغربيّ، كما ورد في رسالة بولس الأولى إلى أهل قورنتس
16: 22: ماران أثا وليس مُورَن اثو . وفي إنجيل البشير متّى 27: 46 نقرأ في الآية الشهيرة: لَما وليس لمو
ܠܡܰܐ/ܠܡܳܐ. أضِف إلى ذلك أن البابليّين في عهد النبيّ دانيال، قبل المسيح بستّة قرون كانوا يلفظون الآراميّة كلفظ
الشرقيّين، وينظر مثلًا في دانيال 3: 1. ص. 53-54.
من المعروف عند الخبيرين أنّ السريانيّة والعربيّة والعبرانيّة، هي في الأصل لغةٌ واحدة. والحال أن الزقاف والتشديد في
السريانيّة يقابله فتحٌ وتشديد في العربيّة والعبرانيّة. وهنالك دليل آخرُ على صحّة اللفظ الشرقيّ وهي الكلمات السريانيّة
التي دخلت العربيّة، وهي في معظمها دينيّة مسيحيّة مثل قِسّيس، شمَّاس ، قُدّاس بالتشديد وبلفظ الزقاف كالفتحة المشبعة.
ص. 55-56.
الحروف الحلقيّة هي: الألف والهمزة والهاء والحيث والعين وتحسب معها الريش أيضا. وهذه الحروف لا تقبل قبلها
رباصا/زلاما في آخر الكلمة بل يُقلب إلى فتاح باستثناء كلمة واحدة وهي بِر(ي) أي ابني/ولدي. والريش كان يلفظ على
ما يرى اقليميس من أسفل الحلق كما يلفُظ أهل الموصل الرآء في زمانه. ص.59.
إنّ اللغة السريانيّة واللغة العربيّة هما من اصل واحد بل انّهما كانا (هكذا في الأصل) في الاصل لغةً واحدةً هي لغة سام
بن نوح… غير انّه لمّا انفسخت اللغة السريانيّة من العربيّة في الزمان الذي لا يعلم بهِ إلّا الله وصار كلٌّ منهما لغةَ مستقلّة
قائمةً بنفسها. اصاب اللغة السريانيّة تغيير ما في كلماتها كما في تصريفها“ ص. 60.
العرب يحبّون الهمزة أكثر من غيرهم والعبرانيّون كثيرًا ما يستعملون الهآء مكان الالف او الهمزة فهي عندهم حرف
علة. ص. 62.
واو المثال العربيّ تقلب ابدًا الى يوذ في السريانيّة والعبرانيّة نحو يِيلِد أي وَلَد، يَ(هـ)ب أي وهب. ص. 64.
السِّمْكَت تقابل الشين العربيّة كثيرًا. وبالعكس الشين تقابل السين العربيّة. وهذا من عجيب الامور اللغويّة. والعبرانيّ
يوافق السريانيّ في ذلك. غير أن السمكث العبرانيّة التي تقابل الشين العربيّة تُكتب بصورة الشين. وهذا دليلٌ على انّ
السمكت المقابلة الشين العربيّة كان لها لفظ خصوصيّ غير السين العربيّة: سْهِد أي شهد. بِسْرو أي بَشَر، فْرَس أي فرَش؛
شْكِن أي سكَن، شْورو أي سور، شْمَع أي سمِع، فَشَر أي فسّر، حَرْشو أي أخرس. والعين السريانيّة تقابل العين والغين
والضاد في العربية. ص. 64.
في الفصل الثاني: في أنواع اللسان السريانيّ وفروعه:
”أمَّا اللغات السريانية المعروفة اليوم فمنها ما هو مكتوب ومنها ما هو غير مكتوب. فأَوّل اللغات السريانيّة المكتوبة
المعروفة هي لغة بابل. ثم العراق الي يقال لها المندويّة. ثمّ اللغة الكتابيّة الدارجة اليوم. ثم اللغة السامريَّة “.ص. 50.
اللغة السريانيّة في زمن اقليميس كانت شائعة عند المسيحيين حيثما كانوا باستثناء المندائيّين (في الأصل: المندويّون)
والقريتين المجاورتين لمعلولة بقرب دمشق فأهلهما مسلمون. ويفهم من مؤلفات ابن العبري أن السريانيّة المكتوبة كانت
دارجة في الكلام في معظم البلاد بين العامّة في عصره، القرن الثالث عشر.لا يُعرف بالتأكيد متى انقرضت السريانيّة
الفصيحة من ألسنة العامّة؛ ”في يومنا هذا لا يوجد قوم يتكلّم بها (السريانيّة الفصيحة) في الدارج أصلا وأمست لغة مائتة“.
ص. 54 -56.
اللهجات السريانيّة: الاثوريّة في أثور وفي الجبال الشرقيّة من الجزيرة وفي كردستان وهي فاسدة كثيرة التحريف ومبلبلة
بألفاظ أعجميّة كثيرة، فالحاء تلفظ خاء والعين همزة. لهجة أُخرى في طور عبدين (وسط الجزيرة) والسريان هناك يعاقبة
وهي أقلّ فسادًا من الأثوريّة وأقرب إلى اللغة الفصيحة واللفظ فيها غربيّ. أمّا اللهجة الثالثة السريانيّة فسمّاها الإفرنج
الفلسطينيّة لأن سريان فلسطين تكلّموها وهي موجودة اليوم في ثلاث قرى في سوريا، معلولة، جبعدين وبخعة والسكان
مسيحيون كاثوليك ومسلمون. وهذه اللهجة أقرب إلى لغة الشرقيّين فعندهم التشديد إلا أنّهم يلفظون القاف/القوف كافًا دائمًا
والتاو المقشّاة چيمًا. مع هذه تعد لهجة معلولة أقل فسادًا من الأُخريين. ترتيب مدى قرب اللغات/اللهجات السبع إلى اللسان
الآراميّ الأصلي هو: لغة بابل، اللغة المكتوبة المعروفة اليوم، لغة معلولة، لغة المندويّين، السامريّة، لغة طور عبدين ثم
أثور. فممّا تتّفق فيه لغة بابل مع اللغة السامريّة ومع لغة معلولة حرف المضارعة للغائب فهو اليوذ كما في العربيّة
والعبرانيّة في حين أنّه نون في اللغة الكتابيّة وفي المندائيّة. واللغات السبع كلّها إلّا الكتابيّة والأثوريّة والطوريّة تتّفق معًا
في جميع الأسماء الخالية من تاو التأنيث بزيادة اليوذ المشدّدة في آخرها. وفي المندائيّة والسامريّة والأثوريّة تقلب العين
همزة. واللغة الأثوريّة تتّفق مع لغة الطور بضياع الفعل الماضي والفعل المضارع منهما والاجتزاء عنهما باسم المفعول
واسم الفاعل. واللغة السامريّة تتّفق مع لغة معلولة في استعمالها الوزن انفعل الموجود في العربيّة والعبريّة فقط. ص.
68- 74.
”وأمّا اللغة الرابعة من اللغات السريانيّة المكتوبة وهي التي يقال لها السامريّة فهي لغة فرقةٍ من الاسرائيليّين يقال لهم
السمرة سكّان بلد نابلس وما يجاورها من بلاد فلسطين وهم من بقيّة السامريّين القدمآء الذين افترقوا في زمان يوربعام
الملك. واذ انّ شلماناسر ملك اثور الذي غزا بلاد/ السمرة وجلاهم في نحو اواسط القرن الثامن قبل المسيح (طالع ٢
ملوك ١٧) ارسل الى بلادهم جماعات من السريانيّين من بابل وغيرها فسكنوها وعمرّوها. فهؤلآء حفظوا اللغة السريانيّة
التي كانوا يتكلّمون بها ولكن خلطوها بألفاظ كثيرة عبرانيّة. وتولّد من ذلك في قليل من الزمان لغة سريانيّة خصوصيّة
تُسمّى السامريّة. وقد ترجموا الى لغتهم هذه كتاب التوراة. وهم لا يقبلون غيرهُ من كتب اليهود المنزلة ولهم كتب اخرى
مكتوبة بلغتهم هذه. ولهم قلمٌ مخصوص مشتقّ من القلم السريانيّ الاصليّ المنسوب الى الفونيّين الذي اشتقّت منهُ سائر
الاقلام المعروفة. والسامريون الذين كلامنا عنهم قد قلّ عددهم جدًّا في زماننا. وقد بطلوا انّ (!) يتكلّموا باللغة السامريّة
المذكورة لكن يدرسونها فقط في المدارس. ومن خواص هذه اللغة السريانيّة الغريبة انّ حروف الحلق فيها اي الهآء
والحآء والعين تُلفَظ كلّها كالهمزة. وقد غيّروا اسمآء عدّة من الحروف الابجديّة فيقولون ܒܺܝܬ ܓܰܡܰܐܢ ܝܶܐ (بدل ܗܶܐ). ܒܰܐ
(بدل ܘܰܘ) ܐܺܝܬ (بدل ܚܶܝܬ. ܛܺܝܬ ܠܰܒܳܕ ܥܺܝܢ ܫܰܐܢ. ولا يستعملون / في الكتابة إلّا الحروف. وليس عندهم حركات
خطّيّة ولا نقط ولا علامة اخرى للقرآءة. ولفظهم هو كلفظ السريان الشرقيّين قاطبةً. ومن عادتهم انّهم إذا بدأت الكلمة
بحرف ساكن يزيدونها في اللفظ الفًا مفتوحةً “ ص. 66-68.
لكنَّ المطران قال في صفحة 8 من كتاب (اللمعة الشهيَّة…) «…ثُمَّ اعلم أنَّ اللُّغَة السِّريانيَّة هي إحدى اللُّغات الـمعروفة بالسَّاميَّة، أي الَّتي يتكلَّم بها بنو سام- وأشهر اللُّغات السَّاميَّة هي العربيَّة والعبرانيَّة والسِّريانيَّة والحبشيَّة وفروعهنَّ، وإنَّما ذكرنا العربيَّة أوَّلًا بين اللُّغات السَّاميَّة، لأنَّ العربيَّة باعتراف جميع الـمحقِّقين هي أشرف اللُّغات السَّاميَّة من حيث هي لغة وأقدمهنَّ وأغناهنَّ. ومعرفتها لازمة لكلِّ من يريد أن يتقن حسنًا معرفة سائر اللُّغات السَّاميَّة ولا سيَّما السِّريانيَّة» .
فكيف تكون العربيَّة راضعة لبان السريانية وهي أقدم من السِّريانية، بينما العكس هو الصحيح، وليست السريانية غير لهجة عربية قديمة. ماتت وحاولوا حديثًا إعادة إحيائها.