في الذّكرى الثّمانين لرحيل مطران العرب غريغوريوس بشارة حجّار

تاريخ النشر: 01/12/21 | 7:28

مؤسّسة محمود درويش للإبداع تستحضر روحه بأبعادها الإنسانيّة في ندوة ثقافيّة في معليا

معليا/ لمراسل خاصّ: مؤسّسة “محمود درويش للإبداع” وبالتّعاون مع مجلس معليا المحلّيّ عقدت مساء الخميس الموافق لِ 25/11/2021 ندوة ثقافيّة بمناسبة مرور ثمانين عامًا على رحيل الباقية روحه بيننا، مطران العرب “غريغوريوس بشارة حجّار” رئيس أبرشية حيفا للرّوم الكاثوليك الملكيّين، شهيد فلسطين وفقيد الشّعب الفلسطينيّ بل الأمّة العربيّة كلّها. فقد غصّت قاعة “الأحلام” في قرية معليا، بجمهور كبير ونوعيّ من أهالي معليا وأهالي القرى المجاورة، جاءوا ليشاركوا في هذه النّدوة المميّزة.
وفي جوّ من الأحاسيس بالفرح الرّوحانيّ والوطنيّ وبحضور هيبة المطران “عطا الله حنّا” رئيس أبرشية الرّوم الأرثودكس، والأب “إلياس العبد” خوري القرية ومدير مدرستها الابتدائيّة، وسيادة رئيس مجلس معليا المحلّيّ “حاتم عرّاف”، والمحامي “جواد بولس” والمؤرّخ د. “جوني منصور” والشّاعر “علي هيبي” افتتح النّدوة الكاتب “عصام خوري” مدير مؤسّسة “محمود درويش للإبداع” في الجليل، وقد استهلّ بكلمة ترحيبيّة دعا فيها المشاركين من المتكلّمين إلى المنصّة وشكر الحضور اللّافت من الوافدين إلى للمشاركة في هذه النّدوة الوطنيّة. وقد تطرّق في كلمته المقتضبة إلى مسيرة “الحجّار” الوطنيّة ونشاطه الكفاحيّ في خدمة قضيّة الشّعب الفلسطينيّ.
ومن ثمّ قدّم رئيس المجلس “عرّاف” كلمة ترحيبيّة شكر فيها الحضور وشكر مؤسّسة “محمود درويش” ومديرها على لفتتها الكريمة باختيار معليا أن تكون حضنًا لهذه الذّكرى العاطرة لإحياء مسيرة “الحجّار” العريضة، وأعرب عن استعداده لتقبّل أيّ اقتراح وتعاون مع المؤسّسة في فعاليّات ثقافيّة ووطنيّة مستقبليّة.
المحامي “جواد بولس” في كلمته تطرّق بطلب من الجمهور إلى تاريخ تأسيس مؤسّسة “درويش” وفعاليّاتها في حفظ الإرث الدّرويشيّ الأدبيّ والوطني وعن إنجازاتها في نشر الوعي الوطنيّ والإنسانيّ، ومن ثمّ تطرّق لمسيرة “الحجّار” وبخاصّة عشقه للتّعليم وبناء المدارس الّتي كانت صروحًا تعليميّة ووطنيّة على المستوى الفلسطينيّ وخدمة لقضيّته بكلّ طوائفه ومشاربه الفكريّة، ولذلك نوّه بدور تلك المدارس الأهليّة المسيحيّة الّتي كان “الحجّار” رائدًا من أشهر روّادها منذ بدايات القرن العشرين، ومنذ تولّى كرسيّ الأبرشيّة في عكّا، سنة 1901. ونبّه “بولس” إلى ضرورة الحفاظ على هذه المدارس المسيحيّة والّتي هي ملك وحقّ لكلّ إنسان عربيّ وفلسطينيّ، يحترم وطنيّته وانتماءه العربيّ ويحافظ على نسيجه الاجتماعيّ المتعدّد المشارب والاتّجاهات. وفي كلمته ذات الأبعاد الرّوحانيّة والدّينيّة والقوميّة العروبيّة والإنسانيّة محورَها المطران “عطا الله” حول ضرورة طرح السّؤال، ماذا يمكننا أن نقدّم لهذه الشّخصيّة الّتي قضت عمرها في العمل من أجل الوحدة الوطنيّة، ماذا نقدّم لها ونحن نعيش هذا التّشرذم والانقسام والعنف والتّطبيع، وقد وصف الحالة كأنّنا نعيش في ظلّ مؤامرة “سايكس بيكو” جديدة، وهو ما يريد تخليده أعداء هذه الأمّة من حالة تشتّت قوميّ وفلسطينيّ دائم، ولذلك دعا الحضور من المسلمين والمسيحيّين والدّروز، أن تمسّكوا بوحدتكم فهي السّلاح الأقوى الّذي يخافه أعداؤنا، وابتعدوا عن خطاب التّشرذم والإقصاء وابنوا جسور المحبّة والتّقارب إذا أردتم فعلًا الحفاظ على إرث مطران العرب “الحجّار”.
وفي كلمة مستفيضة للأب “إلياس العبد” تطرّق فيها إلى الكثير من مناقب “الحجّار” وأياديه البيضاء الّتي ما زالت تطوّق الأعناق، وقد تناول عددًا كبيرًا من القصص دلّت كلّها على علاقته بالنّاس من كافّة الطّوائف وبخاصّة بالنّاس البسطاء من فلّاحين وعمّال وفقراء، وتحدّث عن بنائه للكنائس والمدارس في معظم القرى، وعن دوره الوطنيّ في مكافحة الاحتلال منذ العهد العثمانيّ مرورًا بالانتداب البريطاني المتعاون مع الصّهيونيّة.
وللمؤرّخ الباحث د. “منصور” كانت مداخلة تاريخيّة عن مسيرة المطران، بناها على ثلاث دوائر، الأولى نشاطه في مرحلة مبكّرة في “دير المخلّص” وسفره إلى مصر وصعوبة تحديد الاتّجاه، ومن ثمّ عودته لدراسة اللّاهوت في “الدّير”، وفي الدّائرة الثّانية تناول “منصور” اهتمام المطران بأبرشيّته وتنظيمها ورعايتها وجمع التّبرّعات من الخارج والدّاخل لتوسيع تأثيرها الرّوحانيّ والوطنيّ، وكذلك اهتمّ المطران بإنشاء الأندية الّتي رعت الحياة الثّقافية وزادت من التّعاون الاجتماعيّ بين النّاس في كثير من القرى، وفي الدّائرة الثّالثة ركّز “منصور” على نشاطه خارج دائرة الكنيسة وإقامة العلاقات الأخويّة بين جميع الأديان والحركات السّياسيّة والوطنيّة لصدّ المشروع الصّهيونيّ والانتدابيّ، فأقام الجمعيّات الإسلاميّة المسيحيّة المشتركة، فكان لها دور إيجابيّ ومؤثّر في زيادة اللّحمة الاجتماعيّة والوطنيّة والسّياسيّة.
وبشكل غير مبرمج صعد إلى المنبر بدعوة من العريف “عصام خوري” المربّي الباحث “بسّام عرّاف” وأغنى اللّقاء بقصيدة قديمة ألقاها “عرّاف” أمام الجمهور في مدح المطران، كتبها مختار ترشيحا “فهد شريح” منذ سنة 1967. فلاقت هذه القصيدة/ الوثيقة المكتوبة بخطّ اليد إعجاب الحضور.
وكان الشّعر مسك ختام هذه الأمسية، فقد ألقى الشّاعر “علي هيبي” قصيدة لشاعر القطريْن “خليل مطران” وهو صديق للمطران في مدحه سنة 1925، ألقاها بمناسبة اليوبيل الفضّيّ لجلوس “الحجّار” على كرسيّ المطرانيّة في فلسطين. ومن ثمّ ألقى قصيدة من ديوانه الأخير بعنوان “السّيّد قام”. ويشار إلى أنّ موقع “جبلنا” وموقع “أهلًا” قد قاما بتغطية النّدوة منذ بدايتها حتّى نهايتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة