الكنيست ضياع للبوصلة الوطنية

تاريخ النشر: 25/02/20 | 13:02

الوطنية ليست مجرد شعار يُتغنى به ،بل مفهوم وممارسة يحمله أناس أدركوا حقيقة معنى الانتماء للوطن بكل معانيه، والوطنية لا تحمل معنى مجردًا أو ممارسة مفهومة مسبقًا وفق معيار ثابت، بل تخضع تلك الممارسة وفق الظروف والمعطيات الواقعية وتتغير مع تغير تلك الظروف. عبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم على سبيل المثال- عن وطنيته وانتمائه لبلده بكلمات سطرهاالتاريخ حين قال والله انك احب البلاد الي ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت قاصدًا بذلك بلده مكة المكرمة. وسطر لنا التاريخ التضحيات التي قدمتها شعوب كثيرة من أجل أوطانها وتمسكها بالقيم الوطنية من ڤيتنام مرورًا بالعالم العربي حتى دول أمريكا اللاتينية والمقال هنا لايتسع للتفاصيل.
ولكن للوطنية عندنا في الداخل الفلسطيني خاصة وعلى صعيد الشعب الفلسطيني عامة مفهوم مميز وخصوصية وقد لا يكون لنا نظير في العالم، فالوطنية عندنا تحتاج لإدراك وفهم ووعي وتعاطٍ بمسؤولية وتحمُّل هذا الشعار بأمانة وإخلاص ومصداقية وقراءة واقعية عميقة بعيدة عن الخيال والعواطف، فهي الحرص على التمسك بالأرض والمقدسات والهوية القومية والدينية وعدم السقوط في مستنقعات العمالة والتماهي مع المحتل والتحصن ضد محاولات محو هويتنا أو تحريف الخطاب السياسي بصورة تتناقض مع مبادئنا ومفاهيمنا الوطنية السياسية.
إن من استحقاق الوطنية الشريفة والانتماء الأصيل هو القراءة الصحيحة لموضوع انتخابات الكنيست لأن القراءة الخاطفة والممارسة الخاطئة تساهم في القضاء على ما تبقى من مفاهيم وطنية طاهرة لدى أبناء جيلنا والأجيال القادمة .
أفرزت الكنيست من على منابرها حكومات شاهد أبناء شعبنا بالبث الحي والمباشر سياستها العنصرية الظالمة التي تم من خلالها مصادرة الأراضي أو محاولة محو الهوية القومية الوطنية والتقليل من شأن لغتنا العربية وشن الحروب على أبناء شعبنا الأعزل وطمس معالمنا الدينية وهدم البيوت ومحو القيم الوطنية الشريفة الأصيلة من أبناء هذا الجيل في هذه المرحلة، ولطالما شهد منبرالكنيست على تغيير لغة الخطاب لدى أبناء شعبنا وتغير سلم الأولويات لتنزل الأرض والمقدسات وحق العودة والعيش بكرامة إلى أدنى السلم ليتصدر هذا السلم القضايا المعيشية اليومية، قاضية بذلك على الهيبة الوطنية والنضال العزيز والهوية الاصلية.
وجودنا في الكنيست يعني الشراكة في كل هذا والمساعدة في طعنة الخناجر في خاصرة شعبنا من حيث ندري أو لا ندري .
ومن هنا ، فان البراءة من الخوض في هذه المعادلة ، وتجنب التعاطي مع التصويت والترشح والابتعاد عن مصدر وبال شعبنا هو ليس مجرد موقف ، بل موقف وطني بامتياز.
بقلم الأستاذ يوسف كيال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة