عشية يوم العمال العالمي وضحية رقم…

تاريخ النشر: 25/04/19 | 11:34

بحسب المعطيات والإحصائيات فإن حوادث العمل تزداد بشكل يومي في السنوات الأخيرة؛ وبسببها؛ هناك من لقوا حتفهم، وهناك من أقعدتهم عن العمل وظلوا يقاسون العجز، أو يعانون من آلام إصاباتهم.
لا يهمني كم بلغ عدد الذين لقوا حتفهم في حوادث العمل منذ بداية سنة 2019 بشكل عام؛ او كم بلغ عددهم في المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل في هذه السنة تحديدا؛ لأن الأم التي فقدت فلذة كبدها والأخت التي خسرت أخاها، والزوجة التي فقدت شريك حياتها واب أولادها أو لنقل العائلة التي فقدت فردا من أفرادها في حوادث العمل، لا تقف عند العدد أو الرقم؛ وإنما ما يشغلها هو مصابها وفداحة الخسارة التي ألمت بها، ومدى حزنها وألمها على من فقدت. أما العدد 14، عدد الضحايا العرب في حوادث العمل خلال أقل من أربعة شهور (منذ بداية سنة 2019 وحتى ساعة كتابة هذه المقالة)؛ فجدير ان يُعرف بل وأن يُلوح به، لكي يُسلِّط أمام أعين المسؤولين وأمام أعيننا، كأفراد مجتمع، ضوءا احمر، ورجائي ان لا نكون مصابين بعمى الألوان.
ان الذين راحوا ضحية حوادث العمل من العرب ( وبالذات في فرع البناء)، ليس لأن ذلك قدرهم المحتوم، وانما لأن هناك عدة أسباب أخرى يُرجعها أصحاب العمل الى إهمال العمال وقلة انتباههم وتركيزهم أثناء العمل. حسنا؛ لنقل أن هناك اسباب تتعلق بالعامل نفسه مثل النقص بقدراته أو توازنه الانفعالي أو عدم ملاءمته للعمل أو عدم توفر الرغبة والدوافع النفسية لديه للعمل؛ لكن ماذا عن نقص قواعد السلامة المهنية في بيئة العمل التي يتواجد فيها العمال مثل: سلامة آلات ومعدات العمل، توفير ملابس آمنة للعمال والتشديد على ارتدائها اثناء العمل بل ومراقبة ذلك؟ ماذا عن عدد ساعات العمل؟ ماذا عن العمل في بيئة تحتوي على مواد سامة كانبعاث الغازات السامة مثلا؟ ماذا عن العمل في الحر أو في الليل أو في بيئة لا تتوفر فيها الإضاءة الكافية؟ أمر ملفت للانتباه هو ان معظم حوادث العمل الأخيرة والتي راح ضحيتها عمالا، وقعت قبل الغروب بقليل، أي مع اقتراب نهاية يوم العمل حيث يكون التعب قد نال من العامل، وأمست الإضاءة الطبيعية قليلة. ثم ماذا عن عدد ساعات السفر التي يسافرها العامل ليصل مكان عمله البعيد كيلومترات كثيرة عن مكان سكناه لقلة توفر أماكن العمل في بلده؟ ماذا عن ارباب العمل الذين يطالبون العمال بإنجاز العمل بأسرع وقت؟ ماذا عن عمل الفتيان قليلي الخبرة، وعن عمل الذين تعدوا جيل الستين وقد انهكهم العمل المضنى ونال من خفة حركتهم، وليونة أجسادهم؟
هذه الأسباب وغيرها كثير تتسبب بوقوع حوادث العمل التي تؤدي الى خسارة الأرواح أو الى الإصابات الخطيرة؛ من المسؤول عنها؟ لنقل ان هناك مسؤولية تقع على العامل نفسه، اذ وجب عليه أخذ الحيطة والانتباه لأمنه وسلامته ولكن ماذا عن الأسباب الأخرى؟ هل نلوم العامل الذي يبحث عن لقمة عيشه وقوت ابنائه عليها؟! ماذا عن تقاعس النقابات العمالية التي تعلن عن إضراب ليوم واحد على الأقل لتعبر عن استيائها ورفضها للحاصل في ساحات العمل؟ ماذا عن الجهات المسؤولة التي أقصى رد فعلها على حدوث حادث عمل قاتل بسبب اهما ما في ورشة عمل وبالذات في فرع البناء، هو إغلاق ورشة العمل ليوم او يومين فقط؟ ثم ماذا عن مديري العمل ارباب العمل الذين لا يزورون ورشات العمل ويراقبون ظروف الأمان والسلامة فيها الا نادرا؟ وماذا عن السلطة التشريعية التي لا تعطي الأهمية الكافية للعمل والعمال وسن القوانين ومناقشة حوادث العمل الآخذة بالازدياد؟ ثم ماذا عن الحكومة ومسؤوليتها في توفير أماكن عمل للأفراد؟ وماذا عن الجمعيات؟ وماذا عن الأحزاب التي كان العامل يوما من أهم اهتماماتها؟
عشية يوم العمال العالمي والذي يصادف الأول من شهر أيار، يجب أن توضع قضية العامل وسلامته وأمنه وكل ما يتعلق بعيشه بكرامة، على طاولة المسؤولين وأصحاب القرار لبحثها ومناقشتها واستنتاج النتائج، لا أن يطلوا علينا في وسائل الاعلام مهنئين العامل بيومه فقط. اما النقابات العمالية فمسؤوليتها المطالبة ثم المطالبة ثم المطالبة بتحسين ظروف عمل العمال وأجورهم ووو………………………
لأنه كما يقال : “ما بروح حق وراه مطالب”.
*************************
بقلم، جميلة شحادة ، كاتبة فلسطينية// الناصرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة