ثالثة الأثافيّ

تاريخ النشر: 30/11/17 | 4:26

الأُثْـفِـيـَة:
حجر يوضع تحت القدر عند الطهي، و”الثالثة” هي قطعة من الجبل ترافق الأثفـيتين اللتين على الجانبين، فتكون كأنها الأثفية الثالثة. ذلك لأن العرب عند نزولهم بإزاء جبل جعلوا للقدر حجرين، وجعلوا أصل الجبل المتَّكَأ الثالث.
الأُثفيتان لا تكفيان لاستواء القدر، والأربع تزيد عن الحاجة، فالأثافي الثلاث كافية تمامًا لكي يعتدل القدر فوق النار فلا ينقلب.
نحن نقول في الدارجة- “لدست لا يركب إلا على ثلاث”.

ورد في (لسان العرب):
قال خُفاف بن نُـدْبة :
وإن قصيدة شنعاء مني *** إذا حضرت كثالثة الأثافي

[بمعنى أنها تكون قاصمة كالداهية- ف.م].

“وقال أبو سعيد معنى قولهم:
“رماه الله بثالثة الأثافي”- أي رماه بالشر كله، فجعله أثفية بعد أثفية، حتى إذا رمي بالثالثة لم يترك منها غاية.
والدليل على ذلك قول عَلْقمة بن عَبَدة:
بل كل قوم وإن عزّوا وإن كرُموا *** عريفُهم بأثافيِّ الشر مرجومُ
ألا تراه قد جمعها له ؟
قال أبو منصور: والأثفية حجر مثل رأس الإنسان، وجمعها أثافي بالتشديد.
قال: ويجوز التخفيف.
وما كان من حديد ذي ثلاث قوائم فإنه يسمى المِنْصب، ولا يسمى أثفية.
ويقال أثفيت القدر وثفيتها إذا وضعتها على الأثافي”.

ورد في كتاب الميداني (مجمع الأمثال- رقم 1524):
رماه الله بثالثة الأثافي.
“قالوا: هي القطعة من الجبل يوضع إلى جنبها حجران وينصب عليها القدر.
يضرب لمن رُمي بداهية عظيمة، ويضرب لمن لا يبقي من الشر شيئًا، لأن الأثفية ثلاثة أحجار كل حجر مثل رأس الإنسان، فإذا رماه بالثالثة فقد بلغ النهاية، كذا قاله الأزهري، قال البديع الهمَذاني:
ولي جسمٌ كواحدة المثاني *** له كبِد كثالثة الأثافي.
يريد القطعة من الجبل”.

لا أدري لماذا تصر كتب التراث على تشبيه الأثفية برأس الإنسان؟!

أعود إلى بيت بديع الزمان الهمَذاني:

ولي جسد ….
فجسده في نحافته كأنه وتر من الأوتار، وكبده كأنها في داهية، وها هو يتابع القول:

هَلُمَّ إِلَى نحيف الْجِسْم مني *** لتنظر كَيفَ آثَار النحاف

وفنية البيت الأول هي في صياغته، فتبدو في التلاعب بالأعداد ضمن تأكيد المعنى.
وأخيرًا ونحن في أيام العنف، هل يصدق وصفي:
رأيت العنف يطغى في احتراف *** لعمريِ صار ثالثةَ الأثافي
أقتل ثم نهبٌ حيث نغدو *** جرائم كل يوم في اقتراف؟
ونلهج بالإخاء ولا إخاءٌ *** مضينا في متاهات الخلاف
فيا شعبي سقيتَ الزرعَ وعدًا *** فعاد الوعد يُردي في القطاف؟
ويا ربي سألتك مستغيثًا *** بأن ترعى عبادك أنت كافِ

ب. فاروق مواسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة