حظه يفلق الصخر

تاريخ النشر: 24/04/17 | 15:50

ما أعرفه أن هذا القول “حظ يفلق الصخر” أو “حظ يفلق الحجر” يدل على أن الظروف مهيّاة لصاحب هذا الحظ، رغم كل صعوبة، فحظه متحقق رغم كل المثبِّطات والمعوّقات.
لكني فوجئت أن هناك من يفهم التعبير بمعنى عكسي، فهذا منير كيّال في كتابه (معجم در الكلام في أمثال أهل الشام) يقول إن المثل هو للدلالة على سوء طالع المرء وعدم مواتاة الفرص له، وهو يعني “من يعاكسه الحظ ويلازمه سوء الطالع في كل عمل يقدم عليه، فيذهب جهده سدى وسعيه هباء”، ص 124.
لا أدري سببًا لما كتبه المؤلف، وهل أهل دمشق وبيروت يعرفون المثل بهذا المعنى؟
لكني أعرف أننا هنا في فلسطين، ونحن من أهل الشام، يُضرب المثل عندنا للمحظوظ جدًا، ولمن يلاقي توفيقًا رغم كل عسير.
هناك من يظنّ أن التعبير هو من اللهجة الدارجة، فإذا به فصيح فصيح.
بل فوجئت أن هذا القول ورد في الشعر العربي القديم بالمعنى الإيجابي.
يقول الشاعر:
وكانت قريش يفلِقُ الصخرَ جَدُّها *** إذا أوهنَ الناسَ الجدودُ العواثر
و(الجَدّ) كما لا يخفى هنا هو الحظ.
(في المُفضَّلِيّات- آخر بيت في المفضلية رقم 108، يذكر البيت أنه لعَوف بن الأحوص، ولكن الأغاني للأصفهاني يذكر أنه لخِداش بن زُهير: ج 22، ص 75- دار الفكر).
ثم إن مالك بن المُنْـتَـفِـق الضبّي، وكان فارسًا جوادًا خاطب رجلاً أسعفه جّدّه (حظّه)، فنجا، فقال:
نجّاك جَدٌّ يفلِق الصخرَ بعدما *** أظلّتك خيل الحارث بنِ شريكِ
(أبو تمام: الوحشيات “الحماسة الصغرى”، ص 7.)

ومن شعر ابن نُباتة السعدي (ت. 1014):
لِـيَهْـنِك جَدٌ يفلِقُ الصخرَ حدّه *** ويهتِكُ صدرَ الجحفلِ المتلاحمِ
..
التعبير (يفلق الصخر) وارد في الشعر القديم بمعنى القوي الحادّ، وليس شرطًا أن يرتبط المعنى بالجَدّ أو بالحظ.
يقول أشْجع السَّلمي (ت. 812 م):
له عزماتٌ يفلِق الصخرَ وقعُها *** وحِلمٌ أصيلٌ ليس حِلمٌ يعادلهْ

وقبل ذلك قال قَطَريّ بن الفُجاءة (ت. 697 م):
رمينا بشيخٍ يفلِق الصخرَ رأيُه *** يراه رجالٌ حول رايته أبـا

ب.فاروق مواسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة