المحررة أحلام التميمي متهمة أمريكيا باستخدام أسلحة دمار شامل.. فهل كانت تتزنر بقنبلة نووية ونحن لا نعلم؟

تاريخ النشر: 20/03/17 | 22:38

وسط انشغال الاوساط الأردنية، السياسية والأمنية خصوصا، بالتحضيرات للقمة العربية التي من المقرر ان تعقد نهاية هذا الشهر، حصل تطور لاف للنظر، ويتلخص في مصادقة محكمة التمييز في الاردن، اعلى سلطة قضائية في الدولة، اليوم (الاثنين) على قرار بعدم تسليم الاسيرة المحررة أحلام التميمي لمكتب التحقيقات الفيدرالي (اف بي أي).
الاسيرة أحلام التميمي من المناضلات الفلسطينيات الاردنيات البارزات، ومتهمة من قبل السلطات الامريكية “بنقل واستخدام أسلحة دمار شامل”، ضد مواطن امريكي والمشاركة في هجوم استشهادي عام 2001، استهدف مطعم بيتزا في القدس المحتلة، أوقع 15 قتيلا إسرائيليا بينهم امريكيان واصابة اكثر من مئة آخرين.
***
المملكة الأردنية والولايات المتحدة وقعتا اتفاقية بينهما عام 1995 بتبادل تسليم “المجرمين” الفارين، ولكن مجلس الامة الأردني لم يصادق رسميا عليها، الامر الذي جعلها غير سارية المفعول، ولكن لو كانت الحكومة الأردنية تريد تسليم هذه الاسيرة لوجدت بعض الثغرات التي تؤهلها لذلك، ولكنها لم تفعل حتى كتابة هذه السطور على الأقل، وهذا التصرف عين العقل والحكمة.
الحكومة الاردنية سلمت قبل عامين، وبالتحديد يوم 11 /5/2015 المواطن الأردني الذي يحمل الجنسية الامريكية ويدعى نادر خالد سعادة الى الولايات المتحدة بناء على طلب رسمي بهذا الخصوص، لاتهامه بمحاولة الالتحاق بجماعة إرهابية يعتقد انها “الدولة الإسلامية”، حسب ما جاء في الوثائق الامريكية، ولكن الظروف مختلفة، والغطاء القانوني لم يكن متوفرا لمنع التسليم، حسب فتوى قانونية.
الاسيرة التميمي وضعتها الإدارة الامريكية على قائمة “اخطر الإرهابيين المطلوبين”، وتواجه حكما بالاعدام او السجن المؤبد في حال تسليمها، وإصرار محكمة التمييز على رفض الطلب لعدم وجود ادلة أمريكية مقنعة، الى جانب عدم التصديق على المعاهدة المذكورة، يشكل انتصارا ليس فقط لنزاهة هذه المحكمة وقضاتها، وانما لوطنيتها أيضا، ونأمل ان تتشبت في موقفها هذا، فالامريكان لا يستسلمون بسهولة، والإرهاب الحكومي الإسرائيلي يستهدف الاسرى المحررين بالاغتيال او إعادة الاعتقال، الامر الذي يدفعنا للمطالبة بحماية امنية لها، وللاسير الدقامسة.
اتهام السيدة التميمي باستخدام أسلحة دمار شامل ضد مواطن امريكي، يوحي وكأنها كانت تتزنر بحزام ناسف يحتوي على قنبلة نووية، او غاز الاعصاب “السارين” الكيماوي الخطير في اضعف الأحوال، وهذا اتهام مضحك ومثير للسخرية في جميع الأحوال، ولا نعرف كيف لجأت اليه دولة عظمى مثل الولايات المتحدة، تدعي انها صاحبة مصداقية قضائية، وتتزعم العالم الحر.
الامر المؤكد ان هذا القرار القضائي المشرف بعدم تسليم هذه الاسيرة التي قضت عشرة أعوام في المعتقلات الإسرائيلية، قبل الافراج عنها في عام 2011، بموجب صفقة تبادل الاسرى بين حركة “حماس″ وحكومة الاحتلال (صفقة الجندي جلعاد شاليط)، سيفرح الكثيرين، وليس فقط الاسيرة أحلام، وانما زميلاتها وزملاؤها من المناضلين والمجاهدين في زنازين الاحتلال.
***
الشهيد احمد الجعبري القائد الأسبق لكتائب “القسام” الجناح العسكري لحركة “حماس″ الذي اشرف على مفاوضات صفقة شاليط، وحافظ على سريتها، واخفاء مكان الجندي الإسرائيلي الأسير في سابقة نادرة ومحكمة، اصر على ان تكون السيدة أحلام التميمي على قائمة المفرج عنهم، ورفض ان يتنازل عن هذا الشرط رغم الضغوط والتهديدات الإسرائيلية وقال كلمته الشهيرة “اما أحلام .. او لا صفقة”.
القضاة الأردنيون في محكمة التمييز، ومن قبلهم قضاة محكمة الاستئناف، الذين رفضوا كل الضغوط الامريكية، وتصدوا لها برجولة وانحازوا الى مهنيتهم وضميرهم الوطني، وحافظوا على نزاهة مؤسستهم القضائية، يستحقون منا كل الشكر والتقدير والاحترام والثناء، والأردن يظل منبت النشامى في العديد من المجالات.
بقلم عبد الباري عطوان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة