قراءه نقدية لديوان "شيفرة الألم والأمل " للشاعر زياد محاميد

تاريخ النشر: 08/09/13 | 9:00

أهداني مشكورا الصديق الشاعر الفحماوي د. زياد محاميد ديوان شعره المذكور، وهو اصداره الشعري الثالث.

هذا المقال هو قراءة سريعة في هذا الديوان بقدر المستطاع .

سنبحث في معاني قصائده وفي القيم الاجتماعية التي ينادى بها ويدعمها كما سنهتم قليلا بمبنى اللغة

والبلاغة والأسلوب .

بداية نبذه قصيره عن حياة الشاعر :هو من مواليد 1959 بأم الفحم ، مهنته طبيب عائله واطفال ،

انهى دراسة الطب في ليننغراد الروسية – الاتحاد السوفياتي سابقا ، اما دراستة الثانوية فكانت بأم الفحم ، هو ناشط سياسي شيوعي وشغل برهة من الزمن عضوا في اللجنة المركزيه للحزب الشيوعي الاسرائيلي،عضو مؤدلج وناشط معروف.

بالاضافة لقوله الشعر فهو يكتب أحيانا في المجال الاجتماعي والسياسي في جريدة الاتحاد والمسار الفحماوي ، ومواقع الانترنت وله ديوانين من الشعر صدرا سابقا.

ديوانه هذا يقع في 122 صفحه حجم متوسط برز على غلافه صوره لإنسان يصرخ وهي لوحة الالم لرسام دينماركي .

في قرائتي هذه سوف لا اتناول بعض من قصائده الغزليه حيث هن على نمط غيرهن من هذا النوع

ساتناوله . كما سوف كما سوف لا اتناول ما كتبه عما يحدث الان في سوريا بسبب الاختلاف

بالرأ ئ في شرائح مجتمعنا العربي في الداخل .

نبدء بتحليل القصائد :

قصيده " في ضيافة الوحدة " : " لوحه سيرياليه بلون الوحدة ".

يبدأ بالنص القرآني فيقول : الغروب .ما ادراك بالغروب..

الغروب يرمز للعتمة والشؤم والألم ويلي ذلك بأبيات عن الشمس وهنا يسهب وعنده الشمس رمز الحياة فيقول :

تطل الشمس تدفئ ببريق عينيها جلد الارض تزرع في رحم الحياة شيء ما يولد ضجيج المدن , وتصحو الشوارع وتنهض الدنيا سوا دنياك تعانق الوحدة هناك وهذه ترمز للألم, الوصف يدل على خيال واسع. والألفاظ جميلة وفيها ايقاع ونغمة موسيقية طالعة بقوة , القصيدة بليغة وفيها طباق.

قصيدة " كليب الخونة والماعز " :

يتحدث عن التطام العربي ويصفه بالماعز والتيس ومجرور تابع لأمريكا.

يقول : شرقنا الابي صار للمخصيين سريرا للبغاء جاهز , القصيدة فيها كتابة , ووصف وهجاء وبليغة … فيقول تركيب شحوبها كأنها عند الخصاب ماعز لعاب يسيل من لسانه وهو راكع كم كبيرة مصيبتنا … بمن يعتقد انه على مفاتيح الشرق حائز.

برأينا ان الشعوب العربية ليست بماعز وانما مغلوب على امرها والمصيبة ليست بهم وإنما بغيرهم كما وان الشرق كبيرة جدا عددا وقوة ولا ملك او رئيس او حتى امريكا تعتقد انها حائزة على مفاتيح الشرق فهناك روسيا والصين .

القصيدة رغم انها بليغة ولكن لا منطق وفلسفة بها .

قصيدة " خضوري خضوري " : يحاول تقليد عنترة بن شداد الذي تباهى بعائلته , ولكن الفرق شاسع فعنترة قال شعر جاهلي على وزن البحور الشعرية واما شاعرنا فيقول شعر المرسل المتحرر من اية قيود.

طبعا للشاعر الحريه ان يقول ما شاء عن عائلته وهذا شانه ولا نتدخل بذلك ولكني اعرف الشاعر عن قرب فهو ضد العائلية من الناحية السياسية

على كل حال هو يقول ان عائلته اهل الكرم والجود والوفاء وبانهم ابطال حاربوا الاتراك والانجليز والصهيونية مثل احمد الفارس وعلى الفارس وغيره..وهذا تخليدا لهم وبحق.

قصيدة : يا خاوي الامعاء :

اهديت لسجناء الحرية الفلسطينيون فيقول :

معركة الامعاء الخاوية من اجل حقوقهم

يا خاوي الامعاء

ان السجن زائل

لا القضبان باقية

ولا وجع السلاسل

القصيدة فيها وصف دقيق وجميل وبليغ ففيها الاجناس.

قصيدة "ميدان التحرير" : اهديت " لصانع الثوره والمجد الجديد

لكل الناس ثوار سهر" على حد تعبيره.

الوصف مبدع ،وكلها سجع ، والقصيدة طويلة بدآ وتدل على الحِس الوطني عند شاعرنا ،

كما انها تعبر عن الالم الشديد المصبوب بالامل.

قصيدة في مملكتي :

" سريالية بالوان الحب فقط " وهي غزلية ويكثر من هذا النوع ولذا لم اذكر الكل اختصارا – فكلهن من نفس الطينة.

في الغزل يعبر عن مشاعر متقدة ووهاجة بما يعتمل في اعماق نفسه وبانفعال . عنده الحب مقدس وكبير , اللملكة ترمز لذاته. برأينا شيئ ما يوقف ويكبح مشاعره في الحب المتدفقة من اعماق قلبه ووجدانه ,. وهذا لاحظته عند الكثير من شعراءنا وخصوصا الشاعرات امثال نائلة خطيب وعلية فاسمي هذا النوع من الغزل " الملتزم " .

يقول عن مملكته :..

فيها يولد الحب من اللاشيئ

والحب فيها كل شيئ

من الصرخة الاولى الى النفس الاخير .

هذه الابيات بليغة فيها الجناس الإيجاب ولكن ومع هذا صاحبنا يريد ان يطفئ الفلسفة على نصوصه ولكن لا يتوقف بهذا , ولا منطق بما يقول ذلك لانه برأينا الحب لا يولد من اللاشيء كما يقول الا انه يولد من شيء كبير وهي العاطفة.

والانجذاب وهذا شيء ما اما اقوله من الصرخة الاولى الى النفس الاخير فاعتبر هذا مجاز .

لشاعرنا ابيات وألفاظ جميلة فيها معان للحب والأمل, والأبيات بليغة ففيها جناس .

يقلد النص القرآني ويصيغ ذلك من جديد بشكل بلاغي فيقول :

والتين والزيتون متخمان

بالعسل والنار السعير

وينهي بالقول :-

ومع كل غروب تموت في مملكتي شمس

ومع كل صباح يصرخ وينتحر الضمير

رغم بلاغه القصيدة ففيها تناقض فهو يضيف مملكته بان شمسها حرير وفيها قمر منير فكيف اذا عندها يصرخ وينتحر الضمير عادة فقدان الضمير يكون عند الظالمين وكيف للتخمة بالعسل ان تكون ناره سعير الا اذا قصد الاحساس الكبير بالحب..

قصيدة " هذيان خريفي " : يقول انها لوحه شعرية بلون الخريف " .

القصيدة منزلية فهو يفرش لحبيبته الورد والرياحين والعطر ان شاءت , يناديها ان تكف عن معصيتها له ويقول لها تعالي نتفق ان تكوني مطيعة ورشيدة ليصنعوا حياة رغيدة, وكفاها لعبا معه.

تسميته القصيدة " بهذيان خريفي " غير ناجحة لأنه الذي يحب ويعشق ايامه لا يمكن ان تكون خريفا الا اذا قصد وصف الخروج من المزاج الخريفي للمزاج الربيعي مثلا.

من ناحية اللغة في القصيدة محاسن المعاني ففيها التمني والنداء بشكل بليغ .

قصيدة " لوحة المطر الاول " :

هي غزلية وفيها مشاعر نارية متوقدة ومتوهجة شوق الشاعر لحبيبته فهو عطشان لها كعطش الارض للمطر الاول , يفكر بها حين قيامه وقعوده وبكل تحركاته , فهو ملتهب المشاعر شوقا لها فيقول :

يسحبني المطر كورقة عنب

الى جداول جسدك المعقد

يجرني المطر كالحب

الى رائحة الانوثة .

يصف زخات المطر الاول بانها " سونتا قمرية " , فهذه قطعة موسيقية رائعة لبتهوفن.

القصيدة فيها وصف جميل ورائع على خيال واسع ومجاز وتدل على ثقافه واسعه لدى الشاعر.

قصيدة " علمني الموت فيك اكثر "

الموت فيك يرمز لكثرة الحب وليس للموت نفسه .

القصيدة غزلية فيقول :

وعلمتني صغار العصافير صبر الانتظار الطويل

والفراشات علمتني تقبيل الزهور

وعطرك يزين الريح

والنور من وجهك يجول ولا يستريح

وما أهرب منك الا اليك

وخذي لك الدنيا والفضاء الاثير

وخذي لك الحب والفرح المثير

الفراشات ترمز للحرية التي علمته ان يكون حرا ويطير الى عشيقته من كثر حبه لها , القصيدة بليغة فيها الجناس, ولكن فيها ابيات طويلة ويكثر فيها السجع وكأنها نثر .

قصيدة الكسوف :

مرة ثانية يعود للنص القراني بالفاظ جميلة وبليغة من عنده فيقول :

الكسوف

وما ادراك ما الكسوف

حيرة وقلق وضرب كفوف

وحديث على السنة الالوف

لا صدفة ولا قدر

بل امر من عيون حبيبتي صدر

وبإشارة من كفها الى ما خلق القمر

يقول فيها انه له عشيقة تأمره بمجرد اشارة فيطيعها , وهذا يدل على مشاعر فياضة بالحب والغرام , فهو لا يتالم ولا يأمل بعكس عنوان ديوانه , القصيدة لا يوجد فيها قصة حب خيالي او غير ذلك وهو لا يؤمن بالصدف وانما بالتخطيط ولا يؤمن بالقدر لما يدل على ضعف ايمانه الديني .. ينقص القصيدة الوصف ورغم ذلك فهي بليغة فيها الجناس.

قصيدة " فكرت بغيري " :

كلمات مهداه للشاعر الكبير محمود درويش على حد قوله فيقول :

القصيدة وطنية والنصوص والالفاظ جميلة كعادة شاعرنا يقول ابيات قصيرة ثم يليها بطويلة بذلك النغمة الموسيقي الطالعة بقوة في الابيات يقول :

فكرت بغيري طويلا

فكرت بغيري كثيرا

وتقاسمت خبز فطوري صباحا مع الحمام

والنكبة تتلوها نكسة

ويتلو النكسة اعصار

القيد في يدي الداميتين

موثوق ومشدود

السلاسل ترمي سيقاني

وعلى عنقي وثاق مفقود

مضمون ومعاني القصيدة فيها تقليد لشعر محمود درويش روح شاعرنا تتألم لفقدان الوطن , وقد مضى ستين عاما وعاما وما زال يتألم والأمل عنده بعيد وهو متجانس بهذا مع باقي قصائده فهو يأمل ولكنه لا يحدد موعدا للفرح القادم, وبهذا يكون صادقا مع نفسه والقارئ.

يذكر بقصيدته الزعتر والطيور والبرتقال والنعناع والزيتون والنرجس , واقواله هي كباقي اقوال شعراءنا درويش وزياد وراشد وهي ترمز لأرض فلسطين وما تنبت .

قصيدة "عزل انفرادي " :

" كلمات مهداة لابطال الصمود والكرمة اسرى الحرية الفلسطينية في سجون الاحتلال … ابطال حرب الامعاء الخاوية

قال شاعرنا قصيدة مشابهة وهي " يا خاوي الامعاء "يقول للسجين :

ينتظرك الصمت والألم والحرمان

عزل انفرادي

هناك ينتظرك الموت

فما معك الا " انت "

وما لك الا " انت "

وفي مكان اخر بالقصيدة يقول :

شبه لجلادي

انه اصطيادي

ما فهم السجان الغبي بعد

انني هنا

الوصف في القصيدة دقيق ورائع وفيها خيال واسع

يصف وضع السجين بانه لا يسمع الا ضجيج الحديد والإقفال والجدران الشاهقات وأصوات الابجدية العبرية وقهقهات سجانه سادية , ويقول للسجين لا النفط العربي ولا جيوش تفك اسر قيوده ولا ملوك تهزم المحتل ولا سلاح له الا جوعه ومعدته وامعائه, وبالنهاية له الحرية .

القصيدة فيها تناقض فهو يقول للسجين في عزل انفرادي ينتظرك الموت ولا لك من نصير , ومن الناحية الثانية يعطيه الامل بأنه سينتصر , فكيف يكون ذلك ؟ لأبيات الشعرية نغمة موسيقية وإيقاع ولكن يكسر ذلك بيت شعر طويل وهذا اصبح اسلوبا عند شاعرنا , والظاهر انه مقبول بالشعر المرسل حيث رأيته عند شعراء اشهر .

في القصيدة كما ذكرنا فيها وصف للالم وفيها امل

الامة العربية المتخاذلة عن نصرة الشعب الفلسطيني فشاعرنا لا يأمل بهم خيرا وهذا يتجانس مع قصيده رأيناها اعلاه حيث ذكرهم بأنهم ماعز .

قصيدة " لحلمك الاسطوري " :

مهداة للمرحوم د. احمد سعد , القصيدة من نوع جديد فيها المدح فيقول :

كنعاني جميل

اسمر من الجليل

شامخ كالنخيل

لاحمد المحاكي نسمات ربيع جليلية

بالبلابل تزينت وبهمس الخشوع

بدء بالسجع وإيقاعه الموسيقي ثم كسره بابيات" طويلة بدون ايقاع كعادته وأسلوبه.

الابيات التالية فيها كناية فيقول :

يا احمد السعد فينا ..

انت لا تنام

وحروفك رماح وسهام

وكلماتك رصاصات تصيب اعادينا

نرى مرة ثانية يكسر الايقاع الموسيقي بيت طويل بدون ايقاع

القصيدة فيها رثاء فيقول :

لاحمد السعد فينا

اكتب حزنا لرحيلك

قد لا تحمله الجبال

الابيات المذكورة فيها مجاز بدون تجانس وانسجام , فهو يقفز من حاله المدح الى الرثاء ثم يرجع للمدح وهكذا دواليك , برأينا كان عليه ترتيب الابيات في خانته من مدح او رثاء او غير ذلك .

قصيدة : الى الجورجي الجميل تمازي

القصيدة في رثاء صديقه , وابياتها والفاظها جميلة ويقولها بصدق وبدون تكلف ولا يحيد عن اسلوب كما في القصيدة السابقة .

القصيدة فيها مجاز كقوله :

فكر أممياً لا غنى فينا

كالنهر الهادر ابدا- كالواحات.

برآينا في القصيدة محسنات معنوية كالمقابلة فيقول :

يا احمد الجورجي يا تمازي

بدونك علقم .. طعم نبيذنا

ومر جدا تمرنا الحجازي

وينهي بقوله تمازي سيبقى في قلوب الرفاق وظله ابدي في ارض الجليل .

قصيدة " رسالة الى عزيزي بو عزيزي ":

مهداة للثائر محمد بو عزيزي الذي احرق جسده امام العسكري احتجاجا على الظلم

القصيدة فيها مدح فيقول

ببرق من نار احرفك

وأنت البست الشمس ثوبا

ومن وميض النار في اضلعك

وانت مكن القى في ليل المتاهات

في الابيات المذكورة الفاظ جميلة وبليغة فيها ثورية ومجاز

ينتقل بنا الى النص القراني فيقول :

يا نار كوني بردا وسلاما

على القامة التي لا تنحني

ويا نار كوني بردا وسلاما

على ثائر يمشي مشتعلا ولا يتعثر

يستعمل كثيرا كلمة النار وهذا يدل على ثوريته فيقول :

هي النار خجلت من حنان دموعك

هي النار احمر واصفر وجهها خجلا امام ابتسامتك

شاعرنا يدعم ثورات الربيع العربي فيقول :

وهناك اشتعال لجسد

ينير درب الثائرين في الساحات

هناك نار تحمل في رحمها الثورات

وثورات تحمل في رحمها توائم الثورات

اما البيت الاخير المذكور يرمز لباقي الثورات العربية الاخيرة باستعماله " تحمل في رحمها توائم الثورات ".

مضمون القصيدة مدح فهاجس قومي ممزوج بالأممية والإنسانية من حيث اللغة, الالفاظ جميلة وبليغة الجناس والمجاز طويلة جدا نسبة لباقي قصائده .

قصيدة " شهيدة المطر " :

اهديت الى الفتاة الشابة الفحماوية التي غرقت في احدى وديان ام الفحم بدون ان يتمكن احد من انقاذها , وكلنا نذكر سيلان المطر الغزير في البلاد سنة 2005 , غرقان هذه الفتاة اثر على شاعرنا فقال قصيدته التي تدل على واسع خياله وكانه كان موجودا وقت الغرق , ولم يقدر ان يسعف الفتاة, القصيدة نثرية مليئه بالالم والندم لكن فيها اتهام لمسؤولين عن الحال الصعب..فيها بلاغه موسيقيه .. وفيها ايقاع موسيقي خافت حزين رمز الحداد. .

القصيدة " السمراء " :

اهداها شاعرنا الى المرحوم الشاعر راشد حسين في امسية شعرية ببلده مصمص احياءا لذكراه .

القصيدة طويلة جدا . وعنوانها سمراء اقتبسها من بيت الشعر المشهور لراشد حسين وهو :

مهما صنعتم من النيران تخمدها

الم تروا اننا من لفحها سمر

يقول :

لفحتها النيران فاسمرت

وما احترقت ولكن شبه لهم

انها ماتت واندثرت

يريد ان يقول حرقوه ولكن بقي خالدا فينا وهذا صحيح .

يمدح راشد حسين ويقول :

يا راشد التكوين والتلوين

رافع الكف والجبين

يا راشد القلم والقوافي والقصيدة

يا حسين السمرة والأحلام الزهيدة

يريد ان يقول ان راشد كان وطنيا شجاعا وصاحب قلم وشاعر عظيم وهذا صحيح .

يسهب بقصيدته عن الوطن الذي سرقوه في عدة ايام وعن شعب نكبوه وصار اسمع شعب الخيام , يقول ان راشد يحكي عن تمرد الشيخ والعكاز والحجر ولكن هذه احلام لان الحكام عن الكفاح والتحرير صيام صيام .

برأينا من ناحية هذا كلام صحيح ولكن من الناحية الاخرى فقد تحققت نبوءة راشد حسين بانتفاضة اطفال الحجارة الفلسطينيين.

يستعير من ابيات غناء فيروز عن القدس القديمة ويقول :

وفي مصمص قلوب

اليك كل صباح ترحل …

اراد بذلك اضفاء القداسة الابدية لروح راشد لم يتساءل باي طريقة قتلوا راشد حسين , هل بالم ؟ اما رشوة بغاز اغبر اصفر واخضر ؟ ام رموه بسحر نار ؟ وينهي برجوع راشد في جنازة للوطن لينام على تلة يراقب منها نور الشمس , بذلك اراد ان يقول ان هناك امل للتحرير والعودة كما ارادها راشد ولكن يحيرني استعماله الالوان مع بعض اغبر اصفر واخضر برأينا لا يوجد انسجام بين هذه الالوان ( الا اذا قصد مزيج قاتل)؟؟؟. فالأغبر يشير للشؤم والموت وهذا يتناسب مع قاتل راشد ان صحت هذه الرواية.. , في القصيده تفاصيل دقيقه جميله جدا لمن يعرف روايه راشد وتاريخه ..القصيده بنظري وثسقه شعريه تضاف لتراث تحليد الشاعر راشد حسين.

قصيدة العراقيب :

" مهداه لأهل العَراقيب الصامدين في النقب الحبيب ".

القصيدة تروي قصة هدم العَراقيب اربعون مرة ورغم ذلك يبقى اهلها صامدون ، ويتساءل للذين يهدمون الم يعلمهم اسلافهم شيئا غير الدمار والتخريب ؟

برأينا كان على شاعرنا ان لا يتساءل بل يؤكد ذلك يبدء باسلوب النص القراني فيقول :

العراقيب وما العراقيب

وما ادراك ما العراقيب

براينا كان ابلغ وافصح لو قال : العراقيب وما ادراك ما العراقيب يتألم شاعرنا لدمار العراقيب لكنه ينهي بامل النصر ويقول :. هي القبور تصحو تقاوم ظلمكم

وينتفض التراب على الزمن الكئيب..

اوتاد بيوتك وان اقتلعوها عميقه..

في رحم الأرض تتعانق في العمق الرهيب..

وستنبت منها حبالا وعقدا واعوادا ..

ومن اطرافها الرايات تزهر بسحر.. فيها عجيب

وسيتعب الجرار والجنرال فوق حصاك..

وستصمت المحركات والدواليب..

وسيتراكم فولاذهم اكوما..

يلعب اولادكم بها..عند المغيب..

وستعلو هنا بوقار بيوت لكم

ويفوح عطرها في الحقل الخصيب..

وسكنتب التاريخ من جديد في العراقيب

عن اسطورة صمود لشعبنا الصابر العجيب

وسيزدان الحي برايات نصر..

على حاكم جائر خبيث ورهيب..

وسيسجل الوطن بالحبر الأبدي السكيب

اسم بلدة عامرة

بشيبها وشبابها زاهرة

هي للوطن الأم ضمير ولهيب

اسمها ""بلدة العراقيب"…

اسمها ""بلدة العراقيب"…

في القصيدة ابيات قوية معبرة صادقة فيها تحدى وأمل وانتماء وإحساس وطني كبير لكن فيها ابيات مبعثرة لكنها ذات لفظ جميل وإيقاع موسيقي ممتع ويغلب فيها السجع النثري .

قصيد " لا تهربي من فنجان قهوة " :

يستعير الشاعر كلمة القهوة وشربها من قصيدة " قهوة امي " للشاعر محمود درويش الذي يشرب القهوة مع امه . اما شاعرنا فعنده نداء وتمني لتشرب معه عشيقته القهوة , هذا النداء والتمني لم يصل لغويا لدرجة البلاغة .

القصيدة كلها وصف واسلوبه كعادته يقول ابيات ذات كلمة او اثنتين ويلي ذلك ابياتا مطولة ومركبة .

القصيدة غزلية رومانسيه وصفيه لحد تفاصيل حركه الاصابع وكف اليد المحيطه بفنجان القهوه وكانها تعانق القهوه..وهي غزليه بمزاج نزار قباني التفصيلي…واعتقد ان الشاعر نجح في نقل احاسيسه وحاجاته لحبيبته.

قصيدة " رسالة الى اجزم " :

تاريخيا هذه البلد مهدومة ومهجرة منذ سنة 1948 وتقع في منطقة اراضي الروحة المحاذية لأراضي وادي عارة . هجر اهلها فمنهم الى الاردن ومنهم انتقل الى ام الفحم .

شاعرنا يتألم لضياع اجزم فيقول :

العام ثمانية واربعون

كيف الحب صا مرا وعلقم

كيف الموت للناس صار ارحم

وكيف حاصروك

فانطفأ السراج والبيت اظلم وعتم

الابيات المذكورة بليغة فيها جناس ومجاز يستعير من الشاعر محمود درويش الكلمات , سجل , عنوان وعربي , ويحاول تقليده فيقول :

اذا سجل يا ابن اجزم

سجل للتاريخ

سجل بأبجدية عربية

سجل عنوانك هنا

وسجل تاريخك هناك

, كباقي شعراءنا المحليين يذكر الصبار والتين والرمان , هنا يذكر الرب ونادرا ما يذكره ولكنه يوازي بين الرب وإرادة الشعب والأرض وهذا ليس غريبا عنه فيقول :-

لي رب كبير وإرادة شعب

ومصيري فقط ارادتي ستحسم

واقسم بالله وبالارض

ان التاريخ سيأتي بشائر

لعودة ونصر اكيد محتم .. مكرم

الابيات فيها الم وأمل وتدل على وطنية الشاعر.

قصيدة " كن حرا " :

شاعرنا مجد قيمة الحرية ويدعو لها فيقول :

حرا كن

وفقط

حرا كن

واصنع من الحرية طعامك , انفاسك , بيتك , عنوانك

يدعو للثورة على الظلم فيقول :

وارسم بحريتك

كيانك واحلامك … ثوراتك , اوطانك

يحاول ان يتفلسف فيقول

هن ثلاث في الدني زينتها

حرية وحرية وحرية

ان انتفضت حريتك الاولى وسقطت

ثارت لاجلها الثانية

وخلدتهما حريتك الثالثة .

القصيدة قصيرة بدون بلاغة او ايقاع موسيقي الابيات مجرد كلام بدون منطق وفلسفة .

قصيدة " همس النوارس "

( والتقيا في طبريا في اول الشتاء همست لي فهمست لها فسمعتني وبفرح التقطت الخبز من كفي فكتبت لها )

يصف طير النوارس حر طليق في سماء طبريا , لا يعرف الحزن والالم والموت من قناص ولا الخوف فيقول :

هي لك السماء

فانثري الحزن

وحلقي يا نوارس

وسماءك بالازرق تكحلت

فلا حواجز ولا اسوار ولا حراس

ولا خوف ولا هاجس

اما هو فهو عاشق حزين ويتالم فيقول :

كعاشق ادمن الحزن والانتظار

مثل قبطان حائس.

القصيدة فيها بلاغة ويستعمل الكتابة والمجاز فيقول :

وحوريات البحرة تأتيك زرافات

قرابين لاعيادك

وتعتقك من قيد الحنين

وتفك اسرك من الوساوس

ويبدع في الوصف حيث قال :

حلقي يا نوارس

واعرف ان حزنك مثل حزني

لكن السماء الزرقاء

صاحت لك ..فقط لك دون منازع ومنافس

القصيدة تمتاز بالحزن والالم والتوق للحرية ولقاء العشيقة القصيدة اجمل وابدع ما قال شاعرنا , الابيات متناسقة وسلسة والفاظها جميلة , ويستعمل الجناس والكناية والوصف الجميل , وفيها نغمة موسيقية غير مصطنعة , يعبر الشاعر عن مشاعره الحزينة لأمر ما يعتصر في فؤاده لا ندري ما هو فيناجي ويحسد طير النوارس الحر الطليق الذي لا يعرف الحزن اما هو فينظر الى مياه طبريا فيتالم لامر في داخله بكاءه دائم يقطر دما بدون امل رغم الالم والحزن العميق .

قصيدة ام الزينات :

كلمات مهداه لقرية ام الزينات وشهدائها الحالمين بالعودة الى ربوعها

القصيدة وطنية فيقول :

ويدخل الحق في غيبوبة وتتعثر الانسانية جمعاء في ارجاع الحق لاهله ويغيب الضمير ويقوى والسياسة تصير بقاء ويصف المحتل بالشيطان الذي يعبث بكل شئ حتى بقصص الأنبياء فيصعق وينكب سنة 48 بأهل ام الزينات . يضيف اثار البلد ولكن رغم الالم فهناك امل حيث يقول : وحلم في كف يقبض على مفتاح

ومن حيث اللغة القصيدة بليغة فيها محاسن الالفاظ مثل جناس حيث يقول :

ولا اقتلاع ولا تقليع ولا تركيع

ولا ذاكرة تمحى

في بطنها مليون رحم

وفي ذهنها مليون اسم واسم

رغم الالم على ضياع ام الزينات فشاعرنا عنده امل بالعودة فيقول :

ولا الامل يتلاشى فينا

عائدون وعائدون

قصيدة العودة الاولى :

هذه اخر العنقود وهي اقصر ما جاء في الديوان وهي غزلية يكتنفها البهام والغموض مع ان جميع باقي القصائد واضحة وشفافة من حيث المعنى . مرة ثانية يستعمل كلمة الليلك وهي لون يدل على الحب والعشق ويقول :

تراقص ساقي انفعالا

لأسحل قطعة قطعة على تفاحتين

سقطا من عيون تكحلت بورد الابجدية

فيرقص بليلك الليلك

القصيدة بليغة ففيها كتابة وجناس ومجاز .

وبالنهاية :

نقول شعر الديوان مرسل واضح وشفاف ومفهوم سوى النادر القليل .

شاعرنا امتزج عنده القومية والاممية وهذا يعطيه رقعة واسعة لقول الشعر . يكتب بجميع الوان وأنواع الشعر , الوصف واسع ودقيق , شاعرنا يكتب بكل المناسبات الوطنية والفحماوية , الغزل عنده ملتزم .

ثقافة شاعرنا واسعة وهكذا يجب على الشاعر ان يكون , ولكن شيئ يحيرني لماذا يذكر في قصائده رموزا اممية ولا يذكر رموزا اسلامية تاريخية , سؤالنا هل هو غير متأثر بالحضارة الاسلامية.

شاعرنا يكتب بنصوص شعرية جميلة فيها الكثير من الذكاء وصفاء الذهن ويأتي بمصطلحات شعرية جديدة وجميلة تزيد النصوص روعة وتشويقا , كما وانه يحاول كشف ذاته في قصائده وخصوصا الغزلية وما يعتمل في داخله وفي نفسيته ولكن لا يدع لمشاعره ان تنساب للنهاية فهو يعرف متى يردعها ويوقفها لأمر ما بداخله لا يبوح به, كما وانه يذكر كلمات " الفراشات " " والنشوة " مرات عديدة بديوانه .. النشوة ترمز للذة وتجدد الحياة , والفراشات للحرية, ربما شاعرنا يريد التجديد بمفاهيم راسخة في مجتمعنا والله اعلم.

بالنسبة للقضايا التي تهم الانسان العربي وخصوصا الفلسطيني فهو ثائر ضد الظلم وهذا يدل على حسه الوطني والقومي كباقي شعراءنا المحليين.

يكتب باللغة الفصحى ولا ذكر للعامية وامثالها .

عادة وليس دائما الفكرة بالقصيدة منسجمة مع ما يكتب . يحاول احيانا اضفاء الفلسفة على البعض من ابياته الشعرية .

اسلوبه فيه نغمة موسيقية وقافية , ولكن ليس على وزن البحور الشعرية , واحيانا تكون خافتة .

عند شاعرنا اساليب بلاغية متعددة مثل جناس , وطباق وكناية ومجاز ويكثر من السجع النثري , كما عند شاعرنا طاقات وقدرات شعرية متعددة ومتنوعة , والظاهر لا تستغل لكثرة انشغاله, وان فعل عندها يشار اليه بالبنان , نتمنى له التوفيق والمزيد من الابداع والعطاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة