في تأبين المؤرخ عبد اللطيف الطيباوي

تاريخ النشر: 23/11/14 | 18:16

أحبت قارئتــي الممميزة عفاف عقال أن أعرض قصيدتي التي كتبتها في رثاء المؤرخ ابن الطيبة عبد اللطيف الطيباوي (1910- 1981)، وقد تابعت هي كتاباته، فتكتب لي:
” كان قد كتب دراسات في الاستشراق قبل أن يكتب عنه إدوارد سعيد بزمان طويل.
ولعل الكتاب الذي كتبه الطيباوي عن تاريخ القدس من أفضل ما كتب عن تاريخها.
والكاتبة تقصد كتابه المشهور: القدس ومكانتها في الإسلام وفي التاريخ العربي.
………………….******……..

فِي تَأْبينِ الْمُؤَرِّخِ عَبْدِ اللَّطيفِ الطِّيباوي

ماتَ المُؤرِّخُ في الجَسَدْ *** عاشَ اسمُهُ ذِكْرَ الأَبَدْ
وعُلومُهُ مِنْ نَبْعَةٍ *** رَيَّا، وَتَسْقـي مَنْ وَرَدْ
قد أنْجَبَتْ مِنْ طِيبِها *** غَرَّاءَ سامِقَةَ العَــمَدْ
قَدْ ظُلِّلَتْ في دَوْحَةٍ *** والشِّبْلُ مِن ذاكَ الأَسَدْ
(دَرويشُ) أُسْتاذٌ لَهُ ** أَنِسَ النَّباهَــةَ في وَلَدْ
قد كانَ أَفْقَرَ ما يُرى *** مَن ذا يُقيمُ لَهُ الأَوَدْ؟
إلاَّ إلهٌ واحِدٌ *** ما كانَ من كُفُــؤٍ أحَدْ
آوَّاهُ أَو أرضاهُ في *** أوْفى العَطاءِ لِما فَقَــدْ
فَمَضى لَيَدْرُسَ دَرْسَهُ ** والعِلْمُ كَنْزٌ ما نَفِدْ
بِذَكائِهِ وَمَضائِهِ *** مَن جَدَّ في الدُّنيا وَجَـدْ
يَرْقَى وَ يحْظى رُتْبَةً *** يَرْعَى المَعاهِدَ مُعْتَمَدْ
فاذا بِهِ مُتَنَبِّهٌ *** لِمُشَرَّدينَ بِلا عَـــدَدْ
في شعْبِهِ مُتَطَوِّعٌ *** ولِكُــلِّ مَظْلومٍ عضُدْ
……….
الرِّيحُ تَعْصِفُ مِنْ بَلا *** وبِلادُنا صاحَتْ: مَدَدْ!
وَبَلاءُ شَعْبي فُرْقَةٌ *** والدَّهْــرُ أَخْنى يا لُبَدْ
فَمَضى يُجاهِدُ وَسْعَهُ *** إنَّ المُجـاهِدَ في كَبَدْ

والعِلْمُ مَجْدٌ للأُلى *** وَهَبوا النُّفوسَ بِلا فَنَد
ولِذا تَراهُ نازِحًا *** مَرْحـــى لِفِكْرٍ مُعْتَقَدْ
في جامعاتٍ لا تَني *** تُعْطي فَيَنْجَحُ مَنْ جَهَدْ
(دكتورُ) يا نِعْمَ الفَتى ***(لندنْ) مَرابِطُ مُجْتَهِد
فالبَحْثُ عَنْ تاريخِنا *** درسٌ عميقٌ مُسْتَمَدّْ
وعنِ النَّصارَى ذِمَّةٌ *** إسْلامُنا عَدْلٌ رَشَدْ
وجوائِزٌ قد حازَها *** تَتْرى، وأيَّام الرَّغَدْ
(القُدْسُ) مِنْ تَأليفِهِ *** وإلى فلسطين اجتَهَدْ
فالقُدسُ في وِجْدانِهِ *** شَوْقًا سَيَبْقى ما وَجَدْ
………..
حتَّى إذا ما زارَنا *** ضَيْفًا عزيزًا مُرْتَفَدْ
أمْسى لِيَأْخُذَ لاهِفًا *** حَجَرًا لأُمٍّ مُقْتَعَدْ
ذِكْرى وحُبًّا شاقَهُ *** عَطْفٌ حَنينٌ مُتَّقِدْ
وذَكَرْتَ طِيباوِيَّنا *** شَعْبًا تَشَتَّتَ في بَدَدْ
بَيَّضْتَ مِنْ صَفحاتِهِ *** فَزَجَرْتَ فيها مَن حَقَدْ
أنْتَ الغَريبُ شَهيدُهُ *** بَـدْرٌ بِلَيْلٍ مُفْتَقَدْ
فَلأنْتَ في أيَّامِنا *** أَمَدـٌ تَساءَلَ عَن أَمَدْ
وَلأنْتَ في تاريِخنا *** ثَبـْت وَأَغْلى مُسْتَنَدْ

……………………
نشرت القصيدة في الأعمال الشعرية الكاملة- المجلد الأول. القاهرة: إصدار كل شيء- 2005، ص 274- 275، وقد ألقيتها في حفل تأبين الشاعر في بلدته مسقط رأسه- الطيبة (بني صعب)، لاحقًا، وكنت من المبادرين له- بعد وفاته.
في القصيدة إشارات إلى أنه قبيل وفاته زار الطيبة، ونقل معه إلى أمريكا الحجر الذي كانت أمه تقتعده.
وأما درويش فهو أستاذه في الطيبة (درويش المقدادي) وهو مؤلف كذلك، وكان قد تعهده بسبب ضعف حالته المادية.

ب.فاروق مواسي

faroq

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة