عزوق موسى قراءة في مسرحية زدام قبل الخامس عشر شعبان بقليل

تاريخ النشر: 30/03/21 | 10:39

 

وأنا أتابع مسرحية ” نستاو فـــ……الحيط ” إعداد و إخراج الصديق : حليم زدام عن نص: “في انتظار ڨودو” يوم السبت 27 مارس 2021 (اليوم العالمي للمسرح :27 مارس 1962) ببرج بوعريريج يوم واحد قبل منتصف شهر شعبان الموافق للاحد 28مارس 2021 (التصريح الرسمي في الجزائر الاثنين ) . وكان يدور في ذهني الموضوعين معا ؟
فكيف اكتب عن حبي للمسرح وهل الخشبة هجرت ؟ أم أنها أنكرتني ؟ ولماذا طغت عليه الموسيقى والأضواء فأذهبت الإبداع والخشوع ؟ صعدت المنصة فتذكرت “خباط كراعوا ” وصعد منها غبار فتذكرت كمال وهو يهز المصطبة فيصعد الغبار ويثير موجة من الرهبة لدى الجمهور فلا ينطق الكلمة ” وهو خائف مرعوب ” الا بعد تشجيع الجمهور الذي فهم رعبه فالتقى الرعب بالخوف فتغير الميزان ؟ ما كدت اصل الى الصديق حليم لالقاء التحية حتى شاهدت معظم المسرحيات كومضة انا فوق الخشبة….
وكيف اكتب عن حبي النصف من شعبان ؟ وهل اتناول الموضوع من جانب الموروث الثقافي دون الديني الذي يضطرك لمناقشة السنة والبدعة وقد تستحضر الشاطبي والتفاسير والاستدلالات , ام اكتفي بالاشارة فقط ام من الافضل الاشارة الى التاريخ ؟ ثم ارجح تقرير حال وصف كيف نحتفل بالنصف من شعبان هكذا ( العبها مهبول تشبع كسور )؟ ام من الاحسن ” الجمع بينهم جميعا ” ( خلطها تصفى ؟ شعبان في رمضان )

وكتبت فعلا حروفا عن المنشورين في نفس الوقت ؟ النصف من شعبان و المسرح , قبل ولادة المنشور تكون آلام ” الإلمام بالموضوع؟” وتكون المعلومة أصعب إن لم تكن موثقة ؟ أو سبق تداولها . الشيخ قوقل لا علم له بقسام لرزاق وهو الموروث الثقافي ” المسكوت عنه ” وقد تجد شعرا ملحونا  ( قسام لرزاق كل واحد و عطاه وشاكر لنعام بزيادة و ناكر بنقصان يارازق الساكنة في لجبال ولمياه تفرج على عبدك يا رحيم و رحمان تفرج على عبدك لا تخيبش رجاه ودنيا لفانية لاتجعلني فيها طمعان ) فيحيلك الى المسرح ؟ ومن هنا كانت الحكاية

حكاية المنشور :

(-1- ) الجزائري هل هو شيعي الهوى ام علوي بالسلوك ام سلفي بالفطرة ( ام هو كل ذلك)؟

ابحث مثلا عن سبب احتفاء الجزائري بمحرم والعاشر منه ؟ وبسبب تسمية الخامس عشر من شعبان بقسام لرزاق ؟ سيحيلك البحث مثلا ان الخامس عشر من شعبان هو يوم تعتقد الشيعة الاثنى عشرية انه يوم ولد فيه الامام الثاني عشر ( المهدي الحُجّة بن الحسن صاحب الزمان ويستحب زيارته في كل زمان ومكان والدعاء بتعجيل الفرج عند زيارته، وتتأكد زيارته بسرّ من رأى، وهو المتيقّن ظُهُورُهُ وتملكه، وأنّه يملأ الارض قسطا وعدلاً كما ملئت ظلما وجوراً. ) وهي كما ستلاحظ ما يعتقد اهل السنة والجماعة في ” المهدي المنتظر” والنصارى في “المخلص ” بتفاصيل تختلف عند الملل وتتفق في يقينية نزوله والتغيير الأخير ( -2-). اغرب ما في الامر ان المؤرخ عندما يريد تفسير ذلك بان الدولة الفاطمية الشيعية كانت هنا في الجزائر منشأ وتطورا وان قبيلة كتامة البربرية التي احتضنتهم حبا وكرامة في آل البيت ولدت ورسخت تلك التقاليد ؟ هذا الطرح يصطدم بان الخلافة الفاطمية او الدولة العبيدية من الشيعة الاسماعيلية ؟ التي لا تعتقد اصلا بوجود الامام 12؟ اعلاه .
وانها اميل الى إذكاء الجذوة الحُسينيَّة ودعوة الناس إلى القتال باسم الإمام المهديّ المُنتظر، ويرجع نسبهم إلى مُحمَّد بن إسماعيل بن جعفر الصَّادق، فهُم بهذا عَلَويّون، ومن سُلالة الرسول مُحمَّد صل الله عليه وسلم ( 300هـ – 358هـ).واكثر من ذلك فان احتفالاتهم المشهورة لا وجود فيها لليلة النصف من شعبان ؟ وهنا قد تتم الإحالة إلى ” العلوية “؟ وهي الطرق الصوفية المنتشرة بقوة والتي حافظت بشراسة على تواجدها وقوة انتشارها وان لم تؤسس “دولة ” ؟ لكنها كانت في كل دولة وكانت عبر التاريخ تًستغل وتُستغل حتى في ظل المستدمر الأجنبي لكن في العموم حافظت بقوة على الهوية والروح الدينية ومكانة رجال الدين الأتقياء وكانت الزاويا مؤسسات قائمة بذاتها ذات تمويل ذاتي وتسير دقيق ماتع مانع وكان طبعا يشوبها كثير البدع في ظل غياب رقابة ” مرجعية ” او مراجعة , فقد يفتي شيخ الزاوية او حتى المعلم الذي حفظ القران دون فقه بما لا تتجرأ عليه المجامع الفقهية , وهنا بالضبط نجد الترغيب الشديد في التقرب الى الله واستغلال المناسبات الدينية مع التحفيز على الانفاق والتوسعع على العيال خصوصا في ظل الجوائح والفقر المدقع ومن هنا اعتقد ان الخامس عشر من شعبان ولدت كيوم في العام قبل رمضان يقسم فيه الرزق فسمي للتقريب ” قسام الارزاق ” فجمع التحفيز على الطاعات مع الحث على الانفاق ( انفق ينفق عليك ؟: اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب ). ولم يجد المنتسبون الى السلف مانعا في تغير الحث على الطاعات في ظل استدمار يحفز على الإلحاد ويستهزأ بالدين وفقر مدقع وبوليتيك ممنهج , فكانت جهودهم محاولة لحفظ شخصية المسلم من الزوال المراد له. كان المد والجزر بين التيارات الثلاث من العهد الاموي والعباسي والاندلسي والعثماني زيادة ونقصا بل حتى انك قد تتفاجأ ان غير المتدين والتنويري بل الملحد الجزائري يحافظ على ذلك كتقليد” عادة ” وليس عبادة ؟ فيغدق على أسرته في النصف من شعبان ( الموسم ) كل انواع الرزق خصوصا اللحم الذي يعد كسكسا , اما الصائمون القائمون فمن أدعيتهم : ” اللّهُمَّ أَنْتَ الحَيُّ القَيُّومُ العَلِيُّ العَظِيمُ الخالِقُ الرَّازِقُ المُحْيِي المُمِيْتُ البَدِيُ البَدِيعُ، لَكَ الجَلالُ وَلَكَ الفَضْلُ وَلَكَ الحَمْدُ وَلَكَ المَنُّ وَلَكَ الجُودُ وَلَكَ الكَرَمُ وَلَكَ الاَمْرُ وَلَكَ المَجْدُ وَلَكَ الشُّكْرُ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ، ياواِحُد ياأَحَدُ ياصَمَدُ يامَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوا أَحَدٌ ؛ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاكْفِنِي ما أَهَمَّنِي وَاقْضِ دَيْنِي وَوَسِّعْ عَلَيَّ فِي رِزْقِي، فَإِنَّكَ فِي هذِهِ الليلة كُلَّ أَمْرٍ حَكِيمٍ تُفَرِّقُ وَمَنْ تَشأُ مِنْ خَلْقِكَ تَرْزُقُ فَارْزُقْنِي وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ، فَإِنَّكَ قُلْتَ وَأَنْتَ خَيْرُ القائِلِينَ النَّاِطِقينَ: وَاسْأَلُوا اللّهَ مِنْ فَضْلِهِ فَمِنْ فَضْلِكَ أَسْأَلُ وَإِيَّاكَ قَصَدْتُ وَابْنَ نَبِيِّكَ اعْتَمَدْتُ وَلَكَ رَجَوْتُ فَارْحَمْنِي ياأَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ”.

( -2-) الدجال والمهدي المنتظر والمخلص هل هو ” الحيط ” او “ڨودو” المنتظر ؟

كانت عدة افكار تدور في ذهني وأنا أتابع مسرحية ” نستاو فـــ……الحيط ” إعداد و إخراج : حليم زدام عن نص: “في انتظار ڨودو” لصامويل بيكيت إنتاج: جمعية نوميديا الثقافية برج بوعربريج 2018. والتي تزامن لي مشاهدتها مع اليوم العالمي للمسرح هذه السنة 2021 . بكل صدق لقد استمعت بالمسرحية وكان ذلك في يوم المسرح توحشناه
مستلهمة من مسرحية الايرلندي – صمويل باركلي بيكيت 1906/1989. بعنوانها الاصلي :” في انتظار غودو ” الذي قد يشير الى الله God. او الحذاء الضخم! (Godillot) انتاج عام 1947! ثم أنه نال جائزة نوبل للأدب 1969 والتي لم يستلمها ! واختفى عن الأضواء ! وهنا ستذكر زميله ومن فعل مثله في رفض استلام الجائزة ” سارتر !” ولا غرو فهو يجمع بين الفلسفة الوجودية له . والعبثية لكامو البير الحائز لنوبل أيضا ولكنه عكس زميليه استلمها بل وقال ما لا يجب ان يقال بانه لو خير بين العدالة وامه لاخترت امه ؟ ( والتي اعتبرت اشادة بالاستدمار الفرنسي الغاشم ) ، انه بحق كما وصف ” صعلوك العدم ” ففي ال 42 من عمره حول هذه الرواية الى مسرحية من فصلين وخمس شخصيات …في مجال المسرح الجديد او الطليعي او العبث واللامعقول : اختلاط الواقع بالحلم بالذكرى بالنسيان بالزمن المنفي ، بالتكرار الساكن ، اي باللازمن ……

كان اقتباس المسرحية من فرنسية 1947 الى جزائرية 2018 ” تناصا” مع اخذ جانب الخصوصية ” الجزائرية” فاستبدل العنوان بدارج الجزائر :«نستناو فـ…..الحيط » :” كنت قد فسرته قبل المشاهدة بقصد :” في انتظار الصدمة ! او قبل الارتطام ؟” وكأن الجزائر اليوم لا تنتظر الا صدمة واصطدام في سور او حائط حيث لا محالة والحالة هذه الا الدخول وجها لوجه في هذا الحاجز !( وقد يكون هذا الحاجز فقط في الرؤوس كما ذكر المخرج ) ومن هنا تجلت العبثية واللامعقول :
تبدأ المسرحية بموسيقى ” استعراضية” اقرب إلى السرك ! وتعرض شخوص المسرحية جملة مقسمين الى ثلاث فرق ؛ فريق في المقدمة يبدأ بالإشارة إلى ” الحذاء ” صعب النزع ولا ينزع إلا بعد وضع الرجل في مكان حساس ! يقوم الممثل بالتبول ! ويتكرر ذلك !( وهذا معيب في الحقيقة من عدة أوجه ولم يكن في حاجة إليه !) ، كان على المخرج بعد تغير العنوان أن يأخذ بعين الاعتبار خصوصية المشاهد , مع ضرورة ذكر الحائط أو السور أو ما يفهم منه اصطدام …ذلك ان الراجح ان بيكيت كان يقصد بجودو المنتظر ” الحذاء الضخم”(Godillot) ، وبدأ المسرحية بالحذاء.

بعد قراءة الجريدة من احد الممثلين يتبين انهما اللصان ! ولكن التركيز يكون في أن احدهما أنقذ الآخر من الموت ! ومنه يبدأ التكرار المتعمد ويحال على تكرار آخر رئيسي :” ننتظر ماذا ؟” ها ها …
يتعاقب الزمن ! بفريق في الخلف ” ثلاثي ” بألوان ” لم أجد لها تفسير !” احمر أصفر ابيض ” تصاحبه موسيقى السيرك يتناقش الأحمر والأبيض عبثا ! عن الريح ذاهبة أو قادمة ولا ينتهي الجدل إلا بتدخل صاحب الحذاء الأصفر الذي همه الأكل والشرب والنوم فقط ولا يناقش ..يقرأ أيضا نفس النص من الجريدة حول اللصان ! ويتكرر نفس الشيء التركيز على أن احدهما أنقذ الآخر من الموت !
فريق ثالث مكون من شخصين البهلوان وعلى عنقه حبل ويشترك ايضا في نفس العقدة ” عقدة انتظار المجهول” – كاش حاجة ؟- ويتكرر السؤال كلما ذكر الانتظار : من هو ؟ كان الفريق الأول هو من عرفنا بان الشجرة ( التي تتوسط الخشبة من الأعلى وهي كأنها بالمقلوب ” جذور !” جينسينغ لكن صاحبه يقول ان الورق فقط سقط ) هي المكان الموعود للالتقاء !
ينتهي العرض ” دون إجابة !” سماع دوي قطار ! وكأنه هو ” الحيط المنتظر !” لكنه لا يتوقف عند المحطة ولا ذكر للحائط ولا السور ؟ وكان الخيال قد جنح بي ماذا لو تم العرض دون سخب الموسيقى ( التي طغت هي والأضواء على المسرح فأذهبت روحه ؟). ثم ماذا لو استغل ما قيل عن: أن السور الذي ذكره الله في القرآن : فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب, هو السور الشرقي باطنه المسجد وما يليه،وظاهره وادي جهنم (من إسرائيليات ). والمراد على وجه الدقة : سور يضرب يوم القيامة ليحجز بين المؤمنين والمنافقين ، فإذا انتهى إليه المؤمنون دخلوه من بابه ، فإذا استكملوا دخولهم أغلق الباب وبقي المنافقون من ورائه في الحيرة والظلمة والعذاب ، كما كانوا في الدار الدنيا في كفر وجهل وشك وحيرة . وهنا يكون حسن التخلص والتمييز عن المسرحية الأصلية . التي كانت تدور حول انتظار ” المخلص ” ؟ بعبثية صامويل زميل الوجودي سارتر والعبثي كامو ليخلص إلى العدمية ؟ والاستهزاء باعتقادات الأديان التي تنتظر غيبا يستحيل في ذهنه تحققه من الميتفيزيقا… عكس معتقدنا في يقينية اليوم الاخر .
احيت المشاهدة في قلبي شجون والام للمسرح حيث قطعت السرة في الخشبة ” المسرح مقاومة ” وبوح ’قد يجهل الكثير ان مشهدا واحدا قد يتم تكراره مائة مرة قبل ان يصل الى المشاهد وان المخرج قد يتعذب وييأس الف مرة قبل ان يصل الى لقطة واحدة , قد تسمع صوتا في الخلف يقول :” ما هذا ؟ ” او ما شابه . لكن الممثل والمخرج والصائم القائم والمحب لا يسمع ذلك فعلا وتصم اذناه :’ إنَّ المُحِبَّ عَن العُذّالِ في صَمَمِ ‘
موسى عزوڨ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة