أحزاب في مهب الريح.. إستقيلوا يرحمكم الله بقلم: أحمد حازم

تاريخ النشر: 29/03/21 | 12:43

ذات يوم وخلال لقاء لي مع الصديق السياسي الفلسطيني ياسر عبد ربه في تونس، وأذكر في صيف العام 1992 قلت له مازحاً، “يا ريتني يا أبو بشار ما عرفت منظمة التحرير عن قرب”. فاستغرب وسألني ليش يا رفيق؟ فقلت له لأن اسم منظمة التحرير الفلسطينية كان كبيراً بالنسبة لي ويعني الكثير، ولكن كلما تعمقت معرفتي أكثر فأكثر بالقيادة عرفت مدى سخافتها. يا ريت ما عرفتكو يا أبو بشار. فابتسم “وبلعها”.

والتاريخ يعيد نفسه مع الأحزاب الأعضاء في نادي “المشتركة”، النادي الذي لا يريد أعضاء جدد. عندما عدت إلى الوطن واقتربت من قادة الأحزاب المشاركة في الكنيست، تبين لي أن ” ليس كل ما يلمع ذهباً” وأن الإسم أكبر بكثير من الحجم الحقيقي. وعادة أي نادي يتمنى أن يتوسع ويكبر إلا نادي المشتركة حصر نفسه في ثلاثة أحزاب وعلى طريقة (الدِست بركب على ثلاثة) واعتقدوا بأنهم الأحزاب القيادية للناخبين في البلاد. فجاءت نتيجة ال انتخابات لتكشف المستور وتفضح حجمهم الحقيقي رغم تبجحهم بأنهم أقوى الأحزاب في البلاد.

لو نظرنا إلى نتائج الانتخابات بواقعية عن الحالة العربية، لوجدنا ان الفوز الرئيس فيها كان من نصيب الذي رفعوا راية “ال مقاطع ة” والنتائج أثبتت ذلك. ومهما تباينت الآراء في التحليلات عن أسباب الفشل والنجاح، فالمشهد العام للنتائج مخيب للآمال من جهة، ومن جهة أخرى أسقط ورقة التوت عن حقيقة أحزاب “المثلث العلماني القومي” الذي يسمي نفسه “المشتركة.

الشيوعيون الذين تجسدوا في جسم أعطوه اسماً طويلاً: ” الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة” لم يتعلموا من أخطائهم في انتخابات بلدية الناصرة وأعادوها في انتخابات الكنيست، وأنا هنا لا أريد الخوض في التفاصيل بل في الإشارة فقط، لأن اللبيب من الإشارة يفهم. ولا يدري شعبنا وأنا واحد منهم عن أي سلام وعن أي مساواة يتحدثون ونحن في بلد عنصري شعاره قانون القومية العنصري، ونحن في دولة الوحيدة في العالم التي لا يوجد فيها دستور.

وكما كنت في منتهى الصراحة أمس في تحليلي لموقف الدكتور منصور عباس، أريد هنا أيضاً أن أناقش “الجبهة” بوضوح. قولوا لي بربكم ما فائدة وجود مرشح يهودي في قائمتكم الانتخابية؟ مجرد سؤال. يعني ماذا يفيد المواطن العربي من الناحية الفعلية، وكم صوت يهودي يجلب للقائمة؟ والتعاون العربي اليهودي لا يكون فقط من خلال وجود عضو يهودي في قائمة عربية. المرشح العربي مثلاً في قائمة ميرتس يجلب لها آلاف الأصوات، أنا أتفهم الأمر ولكن ماذا يجلب العضو اليهودي للجبهة؟
نقطة أخرى. الجبهة حصلت على العضو السادس بفارق 1500 صوت. بمعنى أن انضمام حزب “معا” إلى الجبهة في الساعات الأخيرة أنقذ العضو السادس. وهم لا يستطيعون نكران ذلك.

أما حزب “التجمع” فيبدو وكأن كوادره في حالة عزاء. النائبة السابقة عن “التجمع” هبة يزبك تحدثت في رسالة لها للشعب عما أسمته بـ ” نتائج صعبة للإنتخابات أدت لإنخفاض حاد في تمثيلنا العربي في الكنيست” وطالبت “بمراجعة جادة ونقدية وجوهرية وتقويم المسار والعمل والمضي قدماً من أجل تعزيز مكانة شعبنا، قوته ووحدته”. هنا لا أوافق هبة في موقفها لأن شعبنا قوي ومكانته معززة، وعليها أن تتحدث عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى هذا الانخفاض. وعلى قيادة التجمع أن تعمل على إعادة ثقة الشعب بها وبالتجمع، لأن ما وصل إليه الحزب أشبه بزلزال سياسي بقوة سبع درجات، وإعلان الامين العام لحزب التجمع مصطفى طه، يوم السبت الماضي، نيته تقديم استقالته من منصبه، هو من أحد عوارض هذا الزلزال.

والحديث عن “العربية للتغيير”يحتاج لوحده إلى دراسة وليس إلى إشارة فقط. المشكلة في هذه الحركة أن مؤسسها د.أحمد طيبي اجتهد طيلة الوقت في تلميع شخصه كسياسي ولم يهتم كباقي الأحزاب بتوسيع مساحة الحركة شعبياً في مناطق البلاد كحركة جماهيرية. ولذلك أصبحت الحركة مرتبطة باسمه وليس أسمه مرتبط بالحركة. والدليل على ذلك أن الحركة التي تأسست في العام 1996 أي منذ ربع قرن لم تستطع خوض انتخابات الكنيست لوحدها بدليل عدم وجود التفاف جماهيري واسع حولها. ولا يوجد في الحركة اسم بارز غير الطيبي سوى المحامي أسامة السعدي الذي برز مؤخراً على الساحة السياسية.

المشكلة تكمن في الطيبي نفسه الذي جعل من الحركة “حزب عائلة”. واختصر الحركة باسمه. قبل البدء بكل صلاة يقول الإمام للمصلين:” استقيموا يرحمكم الله” وأنا أقول لقادة الأحزاب الثلاثة في المشتركة “أستقيلوا يرحمكم الله”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة